كانت مؤلفات الشيخ محمد علي السايس هي أول نافذة لي على المؤلفات الفقهية الحديثة المكتوبة بأسلوب عصري مختلف عن الأساليب التي كتبت بها المستويات الكلاسيكية الخمسة من المتون والشروح والحواشي والتعليقات والتقارير، وقد كان السبب في هذا أن والدي عليه رحمة الله احتفظ بمؤلفات هذا الشيخ الجليل جنبا مع جنب مع المراجع الفقهية الكبيرة التي كان منها حاشية الشبراملسي، وقد كان رحمه الله معتزا بأنه نالها، كهدية من الكلية حين أحرز الامتياز في تقدير تلك المادة، فضلا عن مراجع الفقه الشافعي الأساسية في هذا المستوى من دراسة الشريعة في كلية الشريعة، وهكذا كان لمؤلفات الشيح السايس في الميادين الثلاثة التي ألف فيها مذاق مختلف في تلك المكتبة . وكانت هذه نعمة من نعم الله رزقتها على يد والدي من قبل أن أرى الحياة. الشيخ محمد علي السايس 1899 ـ 1976 هو أبرز مؤرخي الفقه الإسلامي في جامعة الأزهر، كما أنه مع الشيخ محمود شلتوت أبرز أساتذة الفقه المقارن، وقد بنى كل اللاحقين على جهده في كتابة تاريخ التشريع، وكان واعيا لمعنى التاريخ في كتابته فلا تجد فيما ألفه قفزا ولا اضطرابا في تسلسل الأحداث ولا ميلا إلى تغليب فكرة استيفاء الموضوع الواحد على حساب تعاقب التاريخ، ومن تم فقد رزق سلامة الاستنتاجات والأحكام .
نشأته وتكوينه
ولد الشيخ محمد علي السايس 1899 في مركز مطوبس محافظة كفر الشيخ والتحق بالأزهر الشريف بعد أن حفظ القرآن الكريم ونال شهادة العالمية النظامية القديمة سنة 1926 أي في العام التالي للعام الذي نالها فيه الشيخ محمد يوسف موسى المولود مثله في 1899، ثم حصل على شهادة التخصص 1928 وهي أعلى شهادات الأزهر في ذلك الوقت.
كلية الشريعة
وعند نشأة الكليات الأزهرية اختير الشيخ محمد علي السايس مبكرا ليكون مدرسا في كلية الشريعة وأصبح من أركان هذه الكلية على مدى السنوات المتعاقبة بفضل قدراته التنظيمية والتوجيهية الفذة ثم أصبح وكيلاً للكلية وعميداً لها. وبالإضافة إلى استاذيته فقد اختير عضوا في المجلس الأعلى للأزهر وعضواً في هيئة كبار العلماء، ونال كثيراً من التقدير والتكريم على مدى حياته.
أصبح السايس مع الزمن بمثابة الأستاذ المنهجي الأول في الأزهر حتى لو لم يُعرف بهذا على النحو الوظيفي لكنه كان معروفا بهذا في ضمير الأزهريين وهو ما كان يتضح في رجواتهم له قبل غيره لمناقشة الرسائل الجامعية الكبيرة
تفسير آيات الأحكام
كان الشيخ محمد علي السايس مفطورا على حب العلم والتاريخ معا، وقد ساعده على الإجادة في كتابة التاريخ أنه عُني بتفسير آيات الأحكام، وهو التفسير الذي يكشف عن تضافر المدارس الفقهية والفكرية معاً، ويجعل الأستاذ المسؤول عن إلقاء محاضرات هذا التفسير أو التأليف على صلة عميقة بأسباب النزول وأصول التفسير الكلامي للنص القرآني وبالطبع فإن هذه الممارسة الطويلة تقود تلقائيا إلى قدرة رفيعة في فهم أصول الفقه المقارن وهو ما استقام للشيخ السايس أيضا حتى أصبح قادراً على الجمع بين هذه الميادين الثلاث المتكاملة: تفسير آيات الأحكام، وتاريخ التشريع، والفقه المقارن.
ومن الجدير بالذكر أن كل ميدان من هذه الميادين الثلاث يمثل حلقة متوسطة (وبلغة حديثة يمثل علما بينيا) بين أكثر من علم من علوم الأزهر، فتفسير آيات الأحكام هو الحلقة التي تمثل التقاطع بين علوم التفسير والفقه واللغة، والفقه المقارن هو الحلقة التي تمثل التقاطع بين الفقه والمذهبية وعلم الكلام والأصول، أما تاريخ التشريع فيمثل الحلقة المتقاطعة بين فلسفة العلم وتاريخه، والتاريخ السياسي والاجتماعي بل والاجتماع نفسه .اعلان
وهكذا أصبح السايس مع الزمن بمثابة الأستاذ المنهجي الأول في الأزهر حتى لو لم يُعرف بهذا على النحو الوظيفي لكنه كان معروفا بهذا في ضمير الأزهريين وهو ما كان يتضح في رجواتهم له قبل غيره لمناقشة الرسائل الجامعية الكبيرة. ومن هذه الرسائل على سبيل المثال رسالة الشيخ الذهبي “التفسير والمفسرون”.
آثاره:
– نشأة الفقه الاجتهادي
– تاريخ التشريع الإسلامي
– مقارنة المذاهب في الفقه بالاشتراك مع الأستاذ محمود شلتوت
– تحديد أول الشهور العربية
– تفسير آيات الأحكام بالاشتراك مع الشيخ عبد اللطيف السبكي والشيخ محمد إبراهيم كرسون.
وفاته:
توفي الشيخ محمد علي السايس 1976 عقب مناقشته لإحدى رسائل الدكتوراه.
تم النشر نقلا عن موقع الجزيرة مباشر
لقراءة المقال من موقع الجزيرة إضغط هنا
للعودة إلى بداية المقال إضغط هنا