بدأ بخطأ طريف وشائع يزعم الكثيرون أنهم يضطرون إليه حين يجدون الاسم الأول محمداً والاسم الثاني معبدا أي من الأسماء التي تتكون من كلمتين اولاهما كلمة عبد فيحذفون الاسم الأول محمد ويكتفون بالاسم الثاني على اعتبار أن الاسم مركب بينما هو غير مركب، والمثل البارز على هذا المثال في حال العلماء هو الشيخ محمد عبد الخالق عضيمة الذي كان ينبه على كلّ تلاميذه وعلى كل من ينقلون عن كتبه أن اسمه محمد وأن عبد الخالق هو والده.. ومع هذا فإن كثيرين لا يستجيبون له، فلا أحد يخاف من العلماء، وهذا طبيعي! لكن ما بالك إذا كانت هذه المشكلة تحدث مع اسم المشير الجمسي نفسه بكل مهابته فإن اسمه هو نفسه محمد أما عبد الغني فهو والده، وقد كان ذلك المشير المهيب ينبه كل من يتعاملون معه إلى هذه الحقيقة، وقد نبهني أنا شخصيا والتزمت بما نبهني إليه، لكن هذا التنبيه لم يكن يمنع أصحاب السطوة من سكرتيري التحرير ومديري التحرير ورؤساء التحرير والناشرين من أن يفرضوا سلطتهم على النص المنضبط فيحذفون محمد من العناوين مثلاً، ووصل الأمر بالمشير الجمسي أن قال لي إنه يقترح علىّ أن يسموه محمد الجمسي إذا كانوا مضطرين إلى هذا الاختصار.. فضحكت في سري وقلت لنفسي: فات الأوان.. وإذا كان الشيء بالشيء يُذكر فقد حدث العكس في اسم الفريق الشاذلي الذي اسمه سعد وليس سعد الدين وطبعا فإن الاسم العربي الأكثر شيوعا في فترة مولد الفريق سعد الشاذلي وتسميته كان هو سعد ولم يكن هناك ما يجعل الاسم سعد الدين، اما اسم سعد الدين فقد اصبح شائعا قبل شهرة الشاذلي بقليل وليس في أيام ميلاده، وكان الفريق الشاذلي أيضا حريصا على أن ينبه من يتعاملون معه على أن اسمه سعد وليس سعد الدين وأنهم لو أرادوا اسما ثلاثيا فاسمه سعد الحسيني الشاذلي كما هو موجود في وثائق وكتابات كثيرة، لكن أحداً لم يستجب لهذا التصحيح، ولم يستمع إلى كلام رئيس الأركان المهيب.
وحدث معي موقف طريف اجتمع فيه هذان التجاوزان في حق الرجلين ذلك أن نبهت المشرف الفني إلى هذا فيما يتعلق بكتاب من كتبي الشهيرة، فإذا بالمسئول عن الجمع التصويري يحول النص أوتوماتيكيا في البروفة الأخيرة من برنامج الناشر الصحفي من سعد الشاذلي إلى سعد الدين الشاذلي، وإذا به يطلب من الخطاط أن يكتب الاسمين بالطريقة الشائعة في الاسمين، فيكتب عبد الغني الجمسي وسعد الدين الشاذلي وبحيث يكون الاسمان متوازنيين، فلما حاولت أن أعاتبه وأن أذكّره أنني كررت على ه التنبيه ضحك وابتسم وضحك وابتسم وقال إن من حقك يا دكتور أن تحتفظ بالصواب والتصويب لنفسك لكن ألف باء الإنتاج أن الاسمين لا بد ان يكونا متزنين، وبخاصة أنهما سيأخذان نفس المساحة من الغلاف، ولهذا فإن الحل الوحيد هو أن نخطئ في الاسمين معا وفي الرجلين معا، والمساواة في الظلم عدل كما يقولون.
قصة فخري عبد المنعم
أبدأ بلقطة طريفة وهي أني وجدت أحد الكتب المصرية تدرج المادة التي كتبت عن القائد العظيم عبد المنعم واصل في حرف الفاء فتعجبت لكني وجدتها تجعل اسمه فخري عبد المنعم واصل، فقضيت الليل متعجبا من أن يكون مثل هذا الاسم لمثل هذا الرجل كان موجوداً ولم يمر علي ولم أمر به، لكني استيقظت وقد اقترحت على ذاكرتي الحل الصائب وهو أن المؤلف أخذ الاسم من قائمة ذات القاب، ووجد فيها الفريق فخري عبد المنعم واصل فظن أن فخري تتعلق بالاسم وأنها ليست بقية الرتبة، التي منحت للفريق عبد المنعم واصل بطريقة فخرية.. وهكذا جعله فخري عبد المنعم واصل، وجعله في حرف الفاء.
غنيّ عن البيان أن هذا يحدث مع اسم السيد حين يظن البعض أنه من ألقاب الأشراف مثل السيد احمد البدوي أو من الألقاب الشائعة منذ الستينات السيد على صبري بينما أن له حالاً ثالثا وهو أن يكون اسما أطلقه الأب على ابنه، مثل حالة العلامة السيد أحمد صقر وفي وقت من الأوقات كان يقال إن بعض الناس يسمى سيد وبعضهم يسمى السيد، وكذلك الأمر في سعيد والسعيد.. وقد كان هذا من الأسباب التي دفعتني ولا تزال تدفعني إلى أن أصمم على عدم حذف الألف لام في ترتيب الموسوعات وذلك لأن هناك شخصيات كثيرة حريصة على أن يكون اسمها سيد أو سعيد وليس السيد او السعيد والعكس.
إهاب ولويز
أنتقل إلى قصة من أطرف ما يمكن وهي أنني كتبت ذات مرة أسماء أعضاء مندوبي اتحاد الطلاب في اجتماع من اجتماعات اتحاد طلاب جامعة القاهرة فإذا بي أفاجأ بالصديق الكريم إهاب سلامة أبرز أعضاء اتحاد كلية العلوم وهو الذي صار بعد أسابيع من الواقعة رئيسا لاتحاد طلاب الجامعة ينظر إلى القائمة ويبتسم بحب، وهو يقول لي إنني كتبت اسمه خطأ فتعجبت، فزادت ابتسامته وهو يقول انني لو عرفت السبب لما سامحت نفسي، وحكي لي مباشرة أن والدي على ه رحمة الله كان أول وأكثر من نبهه إلى هذا الخطأ في كتابة إيهاب بالياء بينما هو إهاب بغير الياء، ولم يكن عندي في تلك اللحظة أي خط للربط بينه وبين والدي ولا مدينتي، لكنه أردف بأنه سعيد جدا وقد كان كذلك بالمصادفة الطريفة، وأن المصادفة تضاعفت بأني أكتب الاسم بالطريقة الخاطئة فقلت له هل تعرف أن التحويل من إيهاب إلى إهاب يتطلب منك إلى رفع قضية والذهاب إلى الشهر العقاري لتصحيح الاسم إن أردت، قال أعرف .
من الجدير بالذكر هنا أن الدكتور إهاب إسماعيل رئيس جامعة المنيا وأستاذ القانون المشهور كان حريصا على كتابة اسمه بدون الياء على حين ظل النجم السينمائي إيهاب نافع يكتب اسمه بالياء، ويتراوح الامر في حالة اللواء إهاب علوني رئيس الجهاز المركزي للإحصاء، حدث مثل هذا مع الدكتور لويس عوض حيث كتبوا أوراقه تبعا لشهادة ميلاده لويز بدلا من لويس وساومه موظف البعثات وهو في طريقه إلى السفر لأول مرة هل يسافر بالاسم الخطأ أم يبقى ليصحح الاسم فاختار أن يسافر وهو لويز.
مروة ومروى وثناء وسناء
يعطي الاختلاف في كتابة بعض الأسماء الفرصة للتأويل لكنك لا بد أن تعرف التأويل قبل أن تحكم بالصواب والخطأ والمثل على ذلك مروة ومروى فالأولى نسبة إلى مشاعر الحج والثانية تعني الري فإذا قالت لك سيدة إن اسمها مروة فلا بد أن تسألها هل هي بالياء أو التاء المربوطة؟ فإن أردت نوعا من التحرش الذكي الشقي سألتها: هل جبل أم نبع للارتواء.. ومثل هذا في ثناء وسناء وبخاصة أن المصريين لا يفرقون في نطقهم بين الثاء والسين فالأولى تعني المديح والثانية تعني الضياء، وكثيرا ما نقف في اثناء المهمات التي تقتضي تدقيق الأوراق الرسمية لنسأل بنات خالاتنا أو عماتنا هل اسمهن من باب المديح أم من باب الضياء.
قصة الدي الفرنسية
أنتقل إلى ما هو أصعب وهو أن الفرنسيين حتى الآن لا يحبون أن يصلوا كلمة دي بما بعدها فهم يكتبون ديجول بالطريقة التي تفصل بين دي وجول حتى إن الاسم المختصر لمطار شارل ديجول مثلا هو CDG لأن دي كلمة مثلها مثل شارل بالضبط.. وربما يسهل هذا على المتعاملين مع الأسماء على حسب ما يجدونها لكن الأمر يمثل صعوبة بالغة في حالة إطلاع الباحثين العرب على المراجع الأجنبية، وقد فوجئت ذات مرة بأحد أساتذة التاريخ وهو متعجب من أن مرجعا تاريخيا لأعلام الحقبة التي حفرت فيها قناة السويس لم يذكر اسم ديليبس ووجدته يحاول أن يفسر الأمر تفسيراً تاريخيا بأن يقول ان الاهتمام العلمي ليس بمن حفر ولا من قاول وإنما بالتأثير السياسي..الخ قلت لأستاذنا إن ديليبس لا بد أن يكون موجودا في كل الأحوال، ولا بد انه سيجده في موضعه الصحيح في المرجع الذي رجع إليه، فغضب وقال إنه بحث فأجبته بأنه بحث في حرف الدال فنظر إلى بتعجب واستنكار وهو يقول وهل أبحث عنه في حرف الفاء هذا خواجة يا دكتور فالبحث عنه باسم العائلة وليس باسمه .. فأجبته بل تبحث في حرف اللام لأن الدي لا تدخل في الترتيب، ومن العجيب أن هذا الأستاذ الكريم كان يقص هذه القصة دون حرج، لأنه كان عالما من طراز رفيع يعرف حدود العلم، وإمكانية الخطأ. يمكن هنا أن نضيف أن هذا ينطبق على عدد من الألقاب الفرنسية المعروفة .
ميكلانجلو
وعلى عكس هذا الحرص الفرنسي في فصل دي في اسم ديجول وديليبس وغيرهما فإن الايطاليين لا يحبذون كتابة مايكل انجلو بالطريقة التي نكتبها بها، وإنما يكتبونها كلمة واحدة ويحذفون أيضا الألف الأولى رغم شهرتهم بمد الحروف، فيصبح ميكلانجلو، وعلى هذا النهج صمم الدكتور ثروت عكاشة والتزم في كتابه وفي كتاباته، وبالطبع فإنه كان يرى من أن العيب أن يكتب اسم ميكلانجلو بالطريقة التي لا يحبها الايطاليون بينما عمل هو نفسه سفيراً لمصر في إيطاليا. وإذا كان هذا هو حال الفرنسيين والايطاليين فمن فضل الله على نا أن الأمريكيين المولعين بالمخالفة لم يفعلوا شيئا شبيها في ماكدونالد وبخاصة مع انتشار سلسلة مطاعم ماكدونالد فقد كان في وسع الأمريكيين أن يقولوا إن اسمها ماك دونالد لكنهم وجدوا أن هذا لا يسبب ربحا من أي طريق.
فكرة حذف الاب والابن من الألقاب عند الترتيب
ولو اننا فعلنا فعل الفرنسيين لجعلنا أبو الوفا في حرف الفاء وأبو العزم في حرف العين.. وهكذا، ولا أنكر أنه كان هناك من يطالب بهذا بل وهناك من نظم أمور بعض الوسوعات على هذا النحو لكنني والحمد لله نجحت في أغلب ما شاركت فيه من أعمال أن أنجي الأجيال القادمة من هذه الاضطرابات وكنت احتج بما كان يوافق على ه اساتذتنا من ان العرب المعاصرين وعلى عكس ما هو شائع عنهم ليسوا مغرمين بالتلغيز.
العائلات التي تختلف بالألف واللام
يبدو الأمر أشد إلحاحاً في تأييد وجهة نظري في أسماء العائلات، فإن هناك عائلات كثيرة تختلف في وجود الألف لام أو عدم وجودها، ومنها عائلة والدتي على ها رحمة الله وهي عائلة هلالي بينما هناك عائلات كثيرة تحمل لقب الهلالي ومنها عائلة رئيس الوزراء أحمد نجيب الهلالي باشا. ويقول المصريون المخضرمون إن العائلات المنسوبة إلى مهن مثل صباغ مسيحية اما مثل الصباغ بالتعريف فمسلمة.. وكذلك نحاس والنحاس، ونجار والنجار، ودباغ والدباغ، وخياط والخياط، وترزي والترزي، وفحام والفحام، وبياضي والبياضي وحلو والحلو ويذهب بعضهم إلى القول بأن العائلات المسيحية هاجرت أصولها من الشام الكبير.. وهو قول يبدو منطقيا وإن لم يكن صوابا تماماً. لكن العجيب في الأمر أن شيخ الأزهر وهو المراغي يحمل لقب عائلة مسلمة، وأن هناك عائلة مسيحية كبيرة ومنتشرة بنفس اللقب. وأن هناك عائلة مسيحية كبيرة أيضا منتشرة بنفس اللقب.