أبدأ بأن أذكر لهذا العالم الجليل فضله في تحقيق كتاب الموجز في الطب لابن النفيس، وقد كان لتحقيقه هذا الكتاب وإخراجه فضل كبير على تاريخ وفلسفة العلم. عبد الكريم العزباوي (1912 ـ 1998) واحد من كبار أساتذة الجيل الثاني من علماء متن اللغة ومن كبار رجال الجيل الثاني من محققي التراث، وهو نموذج لهذا الجيل الذي أنجز كثيرًا ولم يحظ في عصره بما يوازي إنجازه، وهو واحد من المجمعيين المصريين القلائل الذين مارسوا العمل المجمعي، ثم توجوا حياتهم باختيارهم هم لعضوية مجمع اللغة العربية، شأنه شأن الأستاذ إسماعيل مظهر وشأن سلفيه الأستاذين عبد الفتاح الصعيدي، ومحمد شوقي أمين، وشأن الأستاذ مصطفى حجازي، والأستاذ إبراهيم الترزي لكنه فيما بينهم يتميز بأنه بدأ العمل في المجمع منذ تخرجه وحتى بلوغه السن القانونية للتقاعد (الستين).
ولد الأستاذ عبد الكريم العزباوي في المنوفية (1912)، وتلقى تعليمًا دينيًا تقليديًا، حيث حفظ القرآن الكريم ودرس في الكتاب في بدء حياته، ثم نال شهادة تجهيزية دار العلوم والتحق بها وتخرج فيها (1937) في الدفعة التي ضمت الأديبين الشهيرين الأستاذ محمد عبد الحليم عبد الله، والأستاذ العوضي الوكيل، والكاتب الإسلامي الأستاذ عبد الكريم الخطيب، كما ضمت الدكتور عبد الرازق محيي الدين وزير التربية والتعليم العراقي وعضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة.
كان الأستاذ عبد الكريم العزباوي من أوائل الذين تم اختيارهم للعمل في مجمع اللغة العربية بالقاهرة (شأنه في هذا شأن الدكتور شوقي ضيف)، حيث فاز في مسابقة لشغل الوظائف به، وقد عين محررا بالمجمع، ثم تدرج في وظائف المجمع محررا، فمحررا أول، فرئيسا للتحرير، فمراقبا، ثم مراقبا عاما، فمديرا عاما للمجمع، فمستشارا فنيا له (1972)، ثم اختير خبيرا بالمجمع في لجنة المعجم الكبير (1973)، وهكذا أمضى حياته الوظيفية كلها في المجمع على مدى ستة وثلاثين عاما. عمل الأستاذ عبد الكريم العزباوي مراقبا عاما لإدارة المعجمات وإحياء التراث (1972)، حيث أشرف على إخراج المعجمات اللغوية الثلاثة: معجم ألفاظ القرآن، والمعجم الوسيط، والمعجم الكبير، كما أشرف على النشاط المتعلق بإحياء التراث اللغوي بالمجمع. وكان الأستاذ عبد الكريم العزباوي كذلك من المحررين البارزين في كل من المعجم الوسيط والمعجم الكبير، وقد تولى جمع المواد اللغوية لهذين المعجمين. وبعد بلوغ الأستاذ عبد الكريم العزباوي سن التقاعد، دعته جامعة أم القرى بمكة المكرمة ليشارك في تأسيس مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي، الذي أنشئ (1976)، وفى هذا المركز تجلت مواهبه في التحقيق، وخبرته العريضة بالتراث، وقدراته الفائقة على التحرير والمراجعة.
نال الأستاذ عبد الكريم العزباوي بعض التقدير الذي يستحقه، وتوج حياته بانتخابه عضوًا في المجمع (1989) في الكرسي الرابع عشر، الذي خلا بوفاة الدكتور عبد العزيز السيد، الذي كان يشغل كرسي الأستاذ عباس العقاد.
بدأ الأستاذ عبد الكريم العزباوي منذ كان يعمل في المجمع نشاطًا بارزًا في مجال التحقيق، حيث حقق:
– «غريب الحديث» للإمام أبى سليمان الخطابي».
– «المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث»، للحافظ الإمام أبي موسى المديني الأصفهاني (في ثلاثة أجزاء).
– «الناسخ والمنسوخ من الحديث» لابن الجوزي.
– «فعل وأفعل» للأصمعي.
كما حقق بعض الأجزاء من أعمال موسوعية كبرى بدأها غيره، وفي هذا المجال حقق:
– الجزء الرابع من كتاب «تهذيب اللغة» للأزهري (1967).
– الجزء الثالث من كتاب «الجيم» لأبي عمرو الشيباني، الذي أخرجه مجمع اللغة العربية بالقاهرة (1975).
– كذلك حقق الأجزاء: 3 و11 و18 و20 و26 و32 و36 من كتاب «تاج العروس» للزبيدي، الكويت (1975 ـ 1983).
– الأجزاء: 18 و19 و21 من كتاب «الأغاني» لأبي فرج الأصبهاني، (1970 ـ 1974).
وحقق بالاشتراك مع بعض زملائه:
– الجزء الخامس عشر من كتاب «تاج العروس» للزبيدي (1975).
– الجزء الرابع من كتاب «سبل الهدى والرشاد» للصالحي (1979).
– «الموجز في الطب» لعلاء الدين بن الحزم القرشي، (ابن النفيس) (1986).
كما اشترك في مراجعة وتحقيق:
– الجزأين 20 و23 من كتاب «الأغاني» لأبي فرج الأصبهاني (1972، 1974).
وفي مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي في جامعة أم القرى بالمملكة العربية السعودية تولى مراجعة عدد من الكتب التي قام بتحقيقها عدد من الأساتذة في ميادين اللغة، والنحو، والبلاغة، والحديث.
ومن أهم هذه الكتب:
– «تحقيقات وتنبيهات في معجم لسان العرب» الذي حققه الأستاذ عبد السلام هارون.
– «المختصر في تفسير أبيات المعاني من شعر أبي الطيب المتنبي» للإمام أبي المرشد سليمان بن علي المصري، الذي حققه الدكتوران محسن فياض ومجاهد الصواف.
– «المساعد على تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد» للإمام ابن عقيل، الذي حققه الدكتور محمد كامل بركات.
– «تبصرة المبتدي وتذكرة المنتهي» لأبي محمد عبد الله بن إسحاق الصيمري، الذي حققه الدكتور فتحي أحمد مصطفى.
– «منال الطالب في شرح طوال الغرائب» لابن كثير، الذي حققه الدكتور محمود الطناحي.
ومن البحوث والمقالات التي راجعها الأستاذ عبد الكريم العزباوي وأجازها للنشر في مجلة مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي بمكة المكرمة:
– «توثيق الشواهد المرسلة في أساس البلاغة» للزمخشري، للدكتور محمد نبيه حجاب.
– «جمهرة اللغة» لابن دريد، للدكتور محمد كامل بركات.
– «التنبيه على خطأ الغربيين» للحافظ أبي الفضل بن ناصر، للدكتور محمود الطناحي.
– «نظرية النحو القرآني» للدكتور أحمد مكي الأنصاري.