الرئيسية / المكتبة الصحفية / الشيخ إبراهيم الدسوقي أول وآخر إمام مسجد يتولى الوزارة

الشيخ إبراهيم الدسوقي أول وآخر إمام مسجد يتولى الوزارة

كان الشيخ إبراهيم الدسوقي مرعي (1915 ـ 2001) أول وآخر وزير من طائفة الدعاة وأئمة المساجد العاملين في وزارة الأوقاف، وهو ما لم يكن ليحدث إلا في عهد مستقر كعهد الرئيس حسني مبارك، ومن الطريف أنه ثاني وزير للأوقاف يحمل اسم القطب الصوفي إبراهيم الدسوقي بعد الباشا الأباظي إبراهيم دسوقي أباظة.

اسمه بالكامل إبراهيم الدسوقي عبد الحميد مرعي، ولد الشيخ إبراهيم الدسوقي في القليوبية في الثلاثين من يناير عام خمسة عشر (1915) وحفظ القرآن الكريم في قرية كفر النخلة مركز طوخ قليوبية، وهو لا يزال في الثانية عشرة من عمره، والتحق بالأزهر وتخرج في كلية أصول الدين (1941)، ثم حصل علي الشهادة العالمية مع الإجازة في الوعظ والإرشاد من كلية أصول الدين ( 1943 )، وبهذا كان موازيا في تخرجه لسلفه في منصب الوزير الذي هو الشيخ جاد الحق على جاد الحق الذي نال الشهادتين العالية والعالمية من كلية الشريعة ١٩٤١ و١٩٤٣ وكان كلاهما موازيا للشيخ الشعراوي الذي نال الشهادتين العالية والعالمية من كلية اللغة العربية في ذلك الوقت نفسه، وذلك مع اختلاف سنوات مولدهم تبعا لما كان النظام التعليمي الأزهري يتمتع به من مرونة وسعة أفق وذكاء.

بيد أن الشيخ إبراهيم الدسوقي مرعي في مرحلة لاحقة واصل الاتصال بالعلم فاستطاع الحصول أيضا علي الشهادة العالمية مع الإجازة في التدريس أيضا ( 1952 ) من كلية اللغة العربية، وبهذا كان واحدا من الأزهريين الحريصين علي ترجمة سعة الأفق بالدرس والتحصيل، الذين استطاعوا الحصول علي عالميتين.


انتظم الشيخ إبراهيم الدسوقي في سلك العاملين بالدعوة الإسلامية بوزارة الأوقاف، ونال نصيبه الطبيعي من عنت النظام الناصري مع علماء الدين والدعاة، وقد عمل إماما، فمفتشا للمساجد، ثم مفتشا للشئون الدينية في التفتيش العام، ثم كبيرا للمفتشين، ثم وكيلا لإدارة الأوقاف والمحاسبة، ثم مديرا للأوقاف بالسويس، فوكيلا لإدارة المساجد، ثم مديرا للمساجد، فوكيلا للإدارة العامة للدعوة، فمديرا عاما للدعوة، فوكيلا للوزارة لشئون الدعوة وهو المنصب الذي شغله حتي أدرك سن التقاعد (1980) حيث أحيل للمعاش وعين مستشارا للدعوة في الوزارة!

وقد اختير الشيخ إبراهيم الدسوقي وزيرا للأوقاف في الثامن والعشرين من مارس 1982 خلفا للشيخ جاد الحق علي جاد الحق الذي عين شيخا للأزهر، وبقي الشيخ إبراهيم الدسوقي وزيرا للأوقاف حتى خلفه الدكتور محمد الأحمدي أبو النور عند تشكيل وزارة كمال حسن علي (أغسطس 1984).

ظل الشيخ إبراهيم الدسوقي حتى الآن بمثابة عالم الدين الوحيد الذي وصل إلي منصب الوزارة من بين علماء الدين العاملين في مجال الدعوة الإسلامية بوزارة الأوقاف، فقد درجت الثورة علي اختيار كبار علماء الأزهر وأساتذة كلياته لهذا المنصب، أو اختيار أساتذة الشريعة في كليات الحقوق، أو إسناد المنصب إلي وزراء سياسيين، لكن إبراهيم الدسوقي قضي حياته كلها إماماً في المساجد، وترقي في وظائف الإمامة والإشراف علي المساجد حتي أصبح وزيراً للأوقاف.

وفي أثناء هذا المسار الوظيفي الطويل للشيخ إبراهيم الدسوقي كانت له مواقف دينية وفقهية مشهودة، وقد نجح في أن يعبر بقوة عن الاتجاه الديني المحافظ أو المتحفظ، واختلف في كثير من الأحيان مع بعض وزراء الأوقاف المتعاقبين، وكان علي رأس هؤلاء الذين اختلف معهم الشيخ أحمد حسن الباقوري، من دون أن يضطر نفسه إلي التوافق أو القبول بالحلول الوسطي.

انتخب الشيخ إبراهيم الدسوقي عضواً في مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة، وظل بالطبع محتفظاً بعضويته فيه، وشارك في نشاط أكثر من لجنة من لجان المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، كما اشترك في المؤتمرات السنوية لعلماء المسلمين، وفي أنشطة كثير من المؤسسات الإسلامية في مصر وخارجها.

وقد عاش الشيخ إبراهيم الدسوقي حياته قبل الوزارة وبعدها كنموذج لعالم الدين المتواضع، البعيد عن الأضواء، القادر علي ضرب المثل في الاستقامة والزهد، والتمسك بأهداب الدين، وركز الشيخ إبراهيم الدسوقي في خطابه الديني منذ ما قبل الوزارة علي بناء الأسرة ومسئوليتها تجاه أبنائها، وعلي أهمية العناية بمناهج التربية والتعليم والثقافة الدينية، وكان خطابه السياسي تقليدياً أيضاً، وظل حريصاً علي البعد عن مناطق المزايدة علي علماء الدين ورجال الأزهر.

توفي الشيخ إبراهيم الدسوقي في القاهرة في هدوء على نحو ما عاش في هدوء، وكانت وفاته في السادسة والثمانين من عمره في 21 فبراير 2001، وترك ذرية مباركة العدد.

 

 

 

 

 

 

تم النشر نقلا عن موقع مدونات الجزيرة
لقراءة المقال من مدونات الجزيرة إضغط هنا
للعودة إلى بداية المقال إضغط هنا

شارك هذا المحتوى مع أصدقائك عبر :
x

‎قد يُعجبك أيضاً

حماس على طريق النصر

لما ظهرت حركة حماس إلى الوجود دارت مناقشات متعددة حول جدواها ومستقبلها، ...

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com