زعيم الأمة مصطفى النحاس/ الفصل الحادي والعشرون
الباب السادس
النحاس والثورة
الفصل الحادي والعشرون
الوفد وفكرة خلع الملك فاروق
(1)
عاش النحاس في عصر كانت الملكيات الليبرالية في أوج إزدهارها، وكان أكثر تعامله بحكم ظروف عصره مع الدولة البريطانية وهي يومئذ ملكية ديمقراطية، ذات حدود واضحة مرسومة بدقة فيما بين مسئوليات الملك والوزارة والبرلمان.
ومع هذا فقد كان النحاس واعيًا لخصوصية الحالة المصرية التي تمثلت في ميل سلالة الأسرة العلوية إلي الطغيان والاستبداد والمشاركة في الحكم باعتبارهم ورثة لرأس الأسرة العلوية الذي أقام ملكه علي قدر كبير من ممارسة الحكم بشخصه، وشخصية خلفائه من بعده.
ومن ناحية أخري كان النحاس يخشي علي بلاده من مغبة الانسياق إلي الحكم العسكري والانقلابات العسكرية، ومع أنه كان في وسعه أن يستعين بوطنية رجال القوات المسلحة علي الملك والقصر فإنه لم يشأ إطلاقًا أن يسلك هذا السبيل، وسوف نري دلائل واضحة علي مدي وعيه وإيمانه.
لكن النحاس كان يدرك أن حكم فاروق علي النحو الذي آل إليه في مطلع الخمسينيات لا يمكن أن يستمر طويلًا. وكان يدرك أن فاروق يتآمر علي نفسه. لكنه لم يرحب في أن يشاركه في الخطوط التي تقود في تقاطعها إلي تعزيز هذا التآمر.
(2)
كان النحاس واعيًا كل الوعي لضرورة الكفاح من أجل إقرار مبدأ المسئولية الوزارية، وتأكيد فكرة أن الملك يملك ولا يحكم، وقد جاهد النحاس في هذا الصدد جهادًا كبيرًا، وقد تطورت هذه الفكرة بالطبع إلي التفكير في خلع الملك فاروق نفسه، وذلك في مقابل إصراره (أي إصرار فاروق) علي التدخل المستمر في شئون الحكم بما يفسد قضايا التنمية والنزاهة علي حد سواء.
وقد راج في المعتقد الشعبي أن النحاس باشا كان يخطط لخلع الملك. ومع أني لم أجد في المصادر المتداولة كثيرًا من هذه النصوص التي تلقي الضوء علي هذه الرؤية أو الفكرة بما يتناسب مع أهميتها، فإنها من حيث هي أمنية شعبية جديرة بالبحث والدراسة، وربما يحس كثيرون من القراء اليوم بالأسي والندم علي أن هذه الخطوة لم تتم في ذلك الوقت. لكن تصوري الشخصي لمجتمع قادة الحركة الوطنية قبل الثورة يهيئ لي أن مثل هذا التفكير كان بعيدا عن الإلحاح علي مخيلتهم لأنهم أناس ملتزمون محافظون، لكنه كان واردًا، وربما كان، في بعض اللحظات، يمثل ملجأ لا بديل له.
ومع هذا فإن رواية لمحمد علي علوبة (كانت قد أعلنت منذ العشرينيات) تنبئنا أن سعد زغلول كان يفكر في خلع السلطان (الملك فــؤاد فيما بعد)، وقد فسرت رواية علوبة باشا، وقتها، في إطار كراهيته لسعد زغلول ومحاولة الإيقاع بينه وبين الملك فــؤاد.
وهكذا فإن حسم هذه القضية التاريخية لا يزال بحاجة إلي الدرس والتمحيص.
(3)
ومع أن النجاح قد حالف النحاس في كثير من الجزئيات المتعلقة بحقوق الشعب الدستورية تجاه الشعب أو القصر فإن الإخفاق صادفه أكثر من مرة في إقرار الحق الدستوري المتعلق بتحديد سلطات القصر، وقد ظل الصراع سجالًا بين النحاس والقصر، فكما تجلي نجاح النحاس واضحا في بعض الأحيان فقد كسب الملك بعض الجولات هو الآخر في ظروف أخري، وعلي سبيل المثال من بين الجولات التي كسبها الملك رفض تعيين يوسف الجندي وزيرا، وفي المقابل فإن من الجولات التي كسبها النحاس تعيين طه حسين وزيرا (١٩٥٠)، ورفضه تعيين حيدر وزيرا للحربية (١٩٥٠)، وحصوله لعبد المجيد عبد الحق علي الباشوية (١٩٥١)، ونجاحه في إجبار أمين الخزينة الملكية جهلان علي تسليم نفسه لسلطات التحقيق (١٩٥٠).
وليس من الضروري أن نمضي في المقارنة بين النجاحات علي هذا الجانب أو ذاك.
(4)
وقد ذكر الرئيس محمد نجيب نفسه في مذكراته أنه قابل النحاس باشا سنة 1929 (وهو يقصد 1928، أي في أعقاب الإقالة الأولي للنحاس)، وأنه سعي إليه ليقول له «إن الجيش وراءك» وذلك في حضور مكرم عبيد، وأن النحاس باشا قال له ردا علي هذا:
«أنا أفضل أن يكون الجيش بعيدًا عن السياسة، وأن تكون الأمة هي المصدر الوحيد للسلطات، وإن كنت في نفس الوقت أتمني أن يكون انتماء الضباط للوطن وللشعب أكثر من انتمائهم للملك».
(5)
وقد انفردت مذكرات حسن يوسف مبكرا بحديث صريح عن محاولة وفدية مبكرة لعزل الملك فاروق في بداية عهده، ومن الجدير بالإشارة أن حسن يوسف يروي ما عرفه عن المحاولة في هدوء ودون أن يظهر الجزع واللوم اللذين أظهرهما سكرتير الملك الدكتور حسين حسني في مذكراته التي تدارسناها في كتابنا «في كواليس الملكية»:
«… تأزم الموقف في الأسبوع الأخير من نوڤمبر سنة ١٩٣٧، فقد شكا رئيس الحكومة (أي النحاس باشا) من تأخير القصر في إمضاء المراسيم المقدمة من مجلس الوزراء، ومن تعطيل الأعمال، منها علي سبيل المثال تحديد موعد للنائب العام والمستشارين الجدد لحلف اليمين القانونية أمام الملك، قبل مباشرة أعمالهم، واجتمع النحاس باشا ومعه مكرم عبيد بالسفير البريطاني وأبلغاه أن الملك فاروق لا يمكن التعاون معه، وأنه يلجأ إلي تصرفات غير دستورية، وأن مصلحة البلاد تقتضي عزله، واقترح مكرم باشا تعيين الأمير محمد عبد المنعم ملكا».
…. …. …. …. …. …. …. …. …. …. ….
…. …. …. …. …. …. …. …. …. …. ….
ربما كان من حقنا ومن حق القارئ أن نسأل حسن يوسف عن الوقت الذي علم فيه بما دار في هذا الاجتماع المصري ـ البريطاني؟ وهل كان هذا الوقت في عهد الملكية أم فيما بعد عهد الثورة حين أتيح، بمضي الزمن، الاطلاع علي الوثائق البريطانية السرية؟
(6)
أما مذكرات النحاس باشا التي سجلها الأستاذ محمد كامل البنا فقد تضمنت تفصيلات دقيقة عن تفكير الوفد في خلع الملك فاروق بطريقة دستورية وقانونية دقيقة، وهذا هو ما تضمنته المذكرات حول هذه الجزئية في أحداث 1943:
«… طرأت فكرة جريئة خطيرة عليّ وتحدثت مع إخواني فيها فإذا بأكثر من واحد منهم ينبئني أن هذه الفكرة طرأت علي ذهنه كذلك، إذًا فلنبحثها قانونيًا ودستوريًا من جميع جهاتها.. هذه الفكرة هي أن البرلمان هو الذي يملك التشريع وهو الذي يملك إسقاط الحكومات بعدم الثقة فيها، ونحن تؤيدنا الأغلبية كلها والملك يقف حجر عثرة في سبيل النهوض بهذا البلد، ويعطل المشروعات التي ترسل إليه ولا يوقع منها إلا ما يروقه ويطرح الباقي أو يرده، فلماذا لا يعد رجال القانون وأساتذة التشريع قرارًا مسببًا تصحبه مذكرة تفسيرية مدعمة بالأسانيد والقوانين تبيح للبرلمان مجتمعًا في مجلسيه بعزل الملك من العرش، وإذا اقتضي الأمر تعديل الدستور فالنص الصريح فيه علي أنه لا يملك التعديل إلا البرلمان».
«وعهدنا إلي نخبة من أكبر المشرعين ليبحثوا هذا الموضوع ويوافونا بنتائج إيجابية حاسمة لأنه خطير وسيحدث ضجة كبري إذا نجح، لا في مصر وحدها ولكن سيصل تأثيره إلي جميع البلاد المغلوبة علي أمرها والتي تحكم بطريقة المتبعة في مصر».
«وجاءنا الرد مقنعًا شافيًا وبحثناه في مجلس الوزراء أكثر من مرة، وفي اجتماع للوفد بكامل هيئته، واجتمع مجلس الوزراء وعهدنا إلي محمود سليمان غنام سكرتير الوفد المساعد ووزير التجارة بتسجيل هذا القرار، واجتمع مجلس الوزراء وعرضت عليه البحوث القانونية والدستورية الخاصة بتنحية الملك فاروق الأول عن العرش، واطلع عليه واقتنع بما جاء فيها من الناحيتين القانونية والدستورية كما اقتنع أن من حق البرلمان مجتمعًا بمجلسيه أن ينحي الملك لأنه لم يتسلم سلطته الدستورية إلا بعد أن أقسم اليمين أمام البرلمان باحترام الدستور والقوانين، وقد حنث بيمينه».
«ولما كان قد حنث بيمينه أكثر من مرة، ولما كان الذي يملك التولية يملك التنحية، ولما كانت جميع الوسائل لم تجد في أن تثنيه عن الطريق التي يسير فيها ضد مصلحة البلاد، ولما كان يخشي علي الوطن من بقائه في تصرفاته غير الدستورية».
لـذلـك
«يحيل المجلس هذا القرار إلي البرلمان مجتمعًا بمجلسيه ليتخذ فيه قراره وإذا رأي تنحية الملك عن عرشه فله تولية من يختاره ويراه صالحًا لتولي عرش البلاد طبقًا لنص الدستور».
«واتفقنا علي أن يظل هذا القرار سريًا للغاية حتي يصل إلي البرلمان بطريقة سرية أيضًا، علي أن يعقد المجلسان جلسة مغلقة للنظر في هذا القرار».
«وظننا أن الأمر سيظل مكتومًا، ولكن المثل القائل «كل سر تجاوز اثنين ذاع»، تحقق في هذا الأمر، ذلك أننا بعدأن قررناه وأخذنا في إعداده لإرساله إلي البرلمان اتصل بي السفير البريطاني وطلب مقابلة عاجلة جدًا فحددت له الساعة العاشرة من صباح المساء الذي انتهينا فيه من القرار وحضر وبدأني بقوله: علمت الحكومة البريطانية أنكم أعددتم قرارًا لعرضه علي البرلمان بتنحية الملك عن العرش، وقلت له في هدوء: وهبنا فعلنا هذا فما دخلكم وماذا يضيركم؟ قال: لا تنس أن الحرب لم تنته بعد ولا تزال في ضمير الغيب ويهم حكومتي أن تكون الأمور مستقرة في مصر، وقرار كهذا سيحدث ضجة كبري قد تسيء إلي الحالة الداخلية عندكم، وتؤثر علي غير مصر من البلاد الأخري ونحن نريد أن تظل الأمور في مجراها الطبيعي».
«قلت له هذا قرارنا قررناه بمحض إرادتنا ولدينا برلمان سينظر فيه فإما أن يقبله وإما أن يرفضه وهو لا يزال مجرد اقتراح، قال: لا باسم الحكومة البريطانية أحذركم من السير فيه، فابتسمت ـ وشر البلية ما يضحك ـ وأجبت: إذًا فالملك الذي يعتمد علي حراب الإنجليز لا مصطفي النحاس، فرد السفير قائلًا: لو كانت الحكومة البريطانية تضمن أن يكون الشخص الذي يخلف فاروق مواليًا لها في هذه الحالة يمكن أن أراجعها وأحاول إقناعها بأن تترككم وشأنكم».
(7)
ويزيد النحاس هذه الفكرة إيضاحًا، وهو في النص المنسوب إليه، وكأنه يتحدث إلي نفسه بصوت عال حيث يقول:
«قلت إن البرلمان هو الذي يملك الفصل لا الحكومة وهو يوم أن يوافق علي هذا الاقتراح سيقرر الخلف، وإذا أراد أن يجعل نظام الحكم جمهوريًا مثلًا فلا بد من تعديل الدستور، وهو وحده يملك تعديل الدستور، قال: ولماذا لا يكون ولي العهد هو الذي يتولي الأمر في هذه الحالة، قلت: هذا يرجع إلي البرلمان ولا سلطان لأحد عليه، فسكت برهة ثم قال: أنا لم أثر هذا الموضوع من تلقاء نفسي ولكن أحب أن أصارحك بأن الملك علم الخبر وأرسل إليّ حسنين باشا يلح عليّ بشدة في أن أخاطبك فيه ولن يكتفي بهذا بل إنه استعان ببعض البارزين في لندن ووكلهم عنه للسعي لدي الحكومة في التدخل بشدة لمنع هذا القرار، قلت: ومن أعلمه وهو لا يزال في طور التحضير الأولي، قال: يظهر أن بعض الذين اشتركوا في الإعداد بلغوا القصر منذ أيام، ثم أعاد أن الحكومة ليست متمسكة بفاروق ولكننا نخشي أن يأتي شخص لا يمكن التفاهم معه ولو ضمنت أن يكون الأمير محمد علي ولي العهد هو الخلف لاستطعت أن أعاود الحديث في هذا، أما وأنك مصر علي رأيك فإني أرجو أن تطوي هذا المشروع حتي لا نضطر إلي التدخل السافر، واستأذن في الانصراف».
«أخذت أعيد علي فكري وعقلي ما سمعته من السفير وما فعله جماعة غير أمناء علي السر فذهبوا وأخبروا القصر واستعان فاروق بالإنجليز وقوتهم وجاءوا بدورهم يهددون، ودعوت مجلس الوزراء للاجتماع وعرضت عليهم التطورات التي جرت ونقلت إليهم حديث السفير حرفيًا، وأخذوا يتناقشون ويتجادلون وأخيرًا انتهي الرأي إلي العدول عن إرسال هذا المشروع إلي البرلمان بل والعدول عنه نهائيًا ما دمنا لا نزال محكومين من الخارج وإرادتنا مقيدة وخاضعة لإرادة الإنجليز».
«وطبيعي أن هذا الحديث زاد فاروق وشيعته حقدًا علينا إن كان قد بقي في قلوبهم مكان لأكثر مما فعلوا فنشطت أبواقهم تطعن في الوفد ورئيس الوفد وتتهمهم بأنهم خارجون علي العرش، ويريدون أن يقلبوا النظام الملكي إلي نظام جمهودي حتي يتولوا. هم الأمر ويتحكموا في البلاد كما يشاءون بواسطة أعوانهم الإنجليز. أليس هذا من سخرية القدر».
(8)
ويتصل بهذا ما رواه الأستاذ محمد كامل البنا فيما سجله من مذكراته عما كان النحاس يفكر فيه مع وزرائه عند وصول كتاب إقالة الوزارة في أكتوبر 1944:
«تسلمت الكتاب وأنا مسرور كل السرور إذ أخرجت ميثاق جامعة الدول العربية قبل أن يفعل فاروق فعلته الصبيانية، ودعوت الوزراء وسكرتير مجلس الوزراء ومدير الصحافة للحضور في الحال إلي الفندق وحضروا علي جناح السرعة وعقدنا أخر اجتماع لمجلس الوزراء وعرضت علي المجلس فكرة لبحثها.. قلت لهم إن دستورنا مقتبس من الدساتير الأخري مثل بلجيكا وإنجلترا وفرنسا وفيه أن من حق الملك إقالة الوزارة، هكذا لكن جرت التقاليد الدستورية في جميع البلاد التي في دساتيرها هذا النص كما جري النظام غير المكتوب أن هذا النص جيء به لغرض واحد فقط هو أن تكون الحكومة البرلمانية فقدت ثقة البرلمان ولم تقدم استقالتها طبقًا لنص الدستور بل تمسكت بمنصبها، ففي هذه الحالة وحدها يستعمل الملك أو رئيس الجمهورية حقه في إقالتها، ولم يحصل في أي بلد من بلاد العالم التي تحكم دستوريًا وتخضع للنظام الديمقراطي أن أقيلت وزارة حائزة علي ثقة البرلمان».
«وأمامنا دساتير إنجلترا وفرنسا وبلجيكا وغيرها وأمامنا السوابق التاريخية كلها فلم نسمع أن وزارة موثوق بها من برلمانها أقيلت أبدًا ومن أجل هذا اقترح أن نرفض هذهالإقالة، لكن الدستور وجميع القوانين لا يمكن تطبيقها وتنفيذها عمليًا إلا إذا سندتها قوة، وشعب مصر ليس مسلحًا حتي يحمي حكومته فليس أمامنا إلا قوتان مسلحتان، البوليس والجيش فهل يضمن وزير الداخلية ووزير الحربية أننا إذا رفضنا الإقالة ومزقناها في وجه مرسلها وأعلنا العصيان أن يسندنا البوليس ويقف في صفنا الجيش، وهما كما قلت الهيئتان المسلحتان».
«أما وزير الداخلية فؤاد سراج الدين فقد قال: أنا أضمن البوليس في صفنا إن لم يكن كله فالأغلبية العظمي فيه، أما وزير الحربية حمدي سيف النصر فقال أنا لا أضمن الجيش، الجيش كله مع الملك، ويطيع أوامره طاعة عمياء وأخشي لو رفضنا الإقالة أن تقع حرب أهلية، وليس في الشعب من يقاومها».
«فناديت علي مدير الصحافة وأمرته أن يبلغ الصحف نبأ الإقالة حتي لا تتعرض أرواح البوليس وأبناء الشعب للصدام بالجيش، وتعيد ماسأة عرابي وتوفيق مرة أخري علي أوسع وأخطر».
(9)
وربما يتمثل أخطر ما في ذكريات إبراهيم فرج في اعترافه أو بالأحري افتخاره بما يرويه عن تفكير الوفد في خلع الملك فاروق قبيل قيام الثورة، وقد جاء هذا النص ردا علي استنكار حسنين كروم علي الوفد ألا يفكر في خلع الملك الذي كان يطيح بالوفد باستمرار، وعندئذ رد إبراهيم فرج بقوله :
«حدث هذا.. ويمكنك أن تأخذ التفاصيل عن فــؤاد سراج الدين باشا. وكان هناك محضر ربما يرضيك لو قرأت تفاصيله وسلم إلي محمود سليمان غنام باشا ليحتفظ به حتي لا يكون في منزل النحاس باشا لأنه كان معروفا. ويمكنك أن تتحدث مع أسرة غنام ليسلموك أو يطلعوك علي هذه الوثيقة الخطيرة. إننا لم نكن في غفلة عن هذا. كنا نعلم أن العدو الأول هو الملك».
«متي عقد الاجتماع الذي تقرر فيه عزل الملك؟».
إبراهيم فرج: «أنا لم أحضر هذا الاجتماع.. لأنه كان مقصورا علي أعضاء الوفد.. وأنا كنت عضوا بالهيئة الوفدية فقط».
«هل كان قبل حريق القاهرة أم بعده؟».
إبراهيم فرج: «أعتقد قبله».
«لماذا لم ينفذوا قرار عزل الملك؟».
إبراهيم فرج: «الثورة سبقتنا.. وتحقق الهدف ولكن اختلفت النتائج وتباينت الأغراض».
(10)
وقد أشرنا في كتابنا «في كواليس الملكية» إلي ما رواه صلاح الشاهد من علمه بتفكير الوفد الجاد في عزل الملك فاروق، وإن كان يرجح عنصر المناورة في هذه الخطوه وقد ذكر أن أوراق مثل هذا المشروع كانت معدة، وأنها كلها صادفت مصيرا سيئا:
«… ورأي كبار الوفديين عزل الملك عن العرش، وعُرض الأمر علي مجلس الوزراء فأقر هذا الاتجاه وعهد إلي المرحوم أحمد نجيب الهلالي باشا بأن يصوغ بأسلوبه الدقيق العميق مبررات خلع الملك، فأعد بيانا وسلمه إلي الأستاذ محمود سليمان غنام باشا وزير التجارة، الذي ذهب إلي مكتبه فأغلقه عليه وحده وأخذ في تبييض مسودة نجيب باشا الهلالي».
«ولما انتهي من ذلك ذهب إلي منزل النحاس حيث كان الوزراء لا يزالون موجودين، وتم توقيعهم جميعا علي البيان كقرار صادر من مجلس الوزراء بخلع الملك فاروق وإعلان الجمهورية».
…. …. …. …. …. …. …. …. …. …. ….
«ويبدو أن هذا القرار كانت فيه جوانب من المناورة، فقد كان الشائع وقتذاك (1943) أن فرقا خاصة من ضباط الجيش قد نظمت للاعتداء علي النحاس باشا ووزرائه انتقاما من قبوله رئاسة الوزارة في 4 فبراير، وأن حسنين باشا كان وراء هذه التنظيمات، وكان الملك يرتاح لهذا الأسلوب من السياسة».
«علي أنه بعد أيام توجه المرحوم عبد الحميد عبد الحق باشا إلي منزل النحاس باشا وأبلغه أن قرار عزل الملك فاروق قد نمي إلي علم السفارة البريطانية، وأنها تشجع هذا الاتجاه، وأن عبد الحق باشا علم بذلك من أمين عثمان باشا».
«عندئذ طلب النحاس باشا مسودة القرار التي كتبها الهلالي باشا وأشرف علي حرقها في دورة المياه».
«أما قرار مجلس الوزراء المكتوب بخط غنام باشا فقد أخذه عنده».
…. …. …. …. …. …. …. …. …. …. ….
وقد أردف الشاهد بالحديث عن دور له هو نفسه في البحث عن هذا المشروع أو هذا القرار(!!):
«… وقد بذلت جهدا في البحث عن هذا القرار وعلمت أنه لم يكن ضمن الأوراق التي تركها النحاس باشا، ومنها بعض مذكراته ومذكرات المغفور له الزعيم سعد زغلول، وأنه قد جري مثل هذا البحث بوساطة فؤاد سراج الدين باشا، وأحمد حمزة باشا، وغنام باشا، وإبراهيم فرج باشا، والدكتور محمد محفوظ بك طبيب العيون، والأستاذ محمود شوقي ابن شقيقة النحاس باشا.. ولم يعثر أحد علي القرار»
(11)
وقد تدارسنا في كتابنا «نحكم حكم الفرد» ما رواه جمال منصور في مذكراته من أن الضباط الشبان (الذين كان منهم الضباط الأحرار بالطبع) أرادوا الالتقاء بالنحاس باشا عقب حريق القاهرة في يناير 1952، كي يعبروا له عن رغبتهم في مساندة الوفد بأي عمل يكون الجيش أو شبابه طرفا فيه، وأنهم أوفدوا إليه اليوزباشي محمد محمد النحاس ابن شقيقه، ولكن النحاس باشا لم يكن ـ حسب رأي جمال منصور ـ قد تفاعل مع الأحداث ولم يكن ـ لديه الاستعداد للقيام بأي عمل ثوري أو انقلابي، حتي لو ضمن دعم هذا العمل بتأييد من الجيش:
«… كانت الجماعة الأساسية لسلاح الفرسان موجودة ضمن قوات الطوارئ التي نزلت إلي المدينة وتجمعت في حديقة الأزبكية، وكنا نتحدث معًا عما يمكن عمله في ظل الظروف الحرجة التي تتعرض لها مصر، واتجه الرأي إلي الاتصال بحزب الأغلبية (الوفد) للوقوف علي مدي استعداده للقيام بعمل ما، وما هو مطلوب من الجيش لتأييد هذا العمل من أجل مصر».
«وفي تلك الليلة ـ في حديقة الأزبكية ـ قابلت زميلي اليوزباشي محمد محمد النحاس (وهو ابن شقيق النحاس باشا زعيم حزب الوفد) وقلت له: إن البلاد تحترق وإن الأمور تسير بسرعة فائقة ولا ندري إلي أين المصير، فهناك «القصر» عدو الشعب، وهناك الإنجليز المحتلون لأرض الوطن، وهناك حزب الأغلبية (الوفد) خارج الحكم، فما رأيك أن نذهب سويا إلي عمك مصطفي النحاس ونسأله عن موقفه إزاء ما هو حادث في البلاد وما أعده في تلك الظروف».
«وخرجنا معًا وتوجهنا مشيا علي الأقدام إلي منزل عمه النحاس باشا في جاردن سيتي، وكانت القاهرة غارقة في الظلام بسبب حظر التجول، و دخلنا إلي قصر النحاس باشا وصعد محمد النحاس إلي الدور الثاني للقاء عمه وبقيت في حجرة الانتظار في الدور الأول علي أن ألحق بالزميل محمد النحاس حينما يستدعيني، وانتظرت فترة من الوقت وجاءني الخادم بقدح من القهوة».
«ومرت حوالي نصف ساعة ونزل محمد النحاس من الدور الثاني واصطحبني إلي خارج القصر وسألته عما تم مع عمه ولماذا لم يرسل إليَّ لمقابلة الرجل للتعرف علي ما في فكره إزاء الأحداث الجارية، فأجابني أن رسالة عمه إلينا نحن الضباط أن نحافظ علي أمن البلاد، وهذا هو كل المطلوب منا. وأيقنت أن «الوفد» لم يكن قد تفاعل مع الأحداث وأنه ليس لديه الاستعداد للقيام بأي عمل حتي بتأييد من الجيش».
«وعدت إلي زملائي في حديقة الأزبكية لأقص عليهم ما حدث، وأدركنا جميعًا أن الثورة إن جاءت فلن تأت إلا علي يد الضباط دون انتظار لأي عون من أي حزب، حتي وإن كان حزب الأغلبية».
…. …. …. …. …. …. …. …. …. …. ….
هكذا يري واحد من الضباط الثوريين ويروي بكل وضوح أن زعيم الأغلبية لم يكن يرحب بأي تدخل من الجيش.
(12)
علي أن للقضية جانبًا آخر مهمًا ربما جعل فكرة خلع الملك فاروق تُمثل فكرة أقل عملية وأقل ضرورة، ذلك أن النحاس باشا والوفد كانا يلقيان كثيرًا من التعاون من داخل القصر الملكي نفسه، والأمثلة علي هذا كثيرة، وقد أشرنا في كتابنا «في رحاب العدالة» إلي ما رواه عبد الفتاح حسن من أن عبد اللطيف طلعت بدافع من وطنيته تولي إبلاغ الوفد والنحاس باشا بأنباء تنسيق مع الإنجليز كان الملك فاروق قد بدأه في محاولة لتعويق إقدام الوفد علي إلغاء معاهدة 1936، بعدما أعلن الوفد عن نيته المضي في هذه الخطوة.
يقول عبد الفتاح حسن:
«… ومن الإنصاف أن أسجل لعبد اللطيف طلعت كبير الأمناء بالقصر الملكي موقفا يقتضي الأمر قبل ذكره الإشارة إلي أنه لم تكن تربطني به صلة قبل تعييني وزيرا، ولكنني التقيت به غير مرة في مسكنه في صيف 1951 بالإسكندرية، حين كان يعمل رئيسا للديوان الملكي بالإنابة، ولمست أنه يتحلي بصفات كريمة، وأخلاق نبيلة، وأنه مع قيامه بواجبه في القصر الملكي كان في الحقيقة لا يكن توقيرا للملك، ونقل إلي أنه تلقي في أثناء وجود الملك في الخارج (صيف 1951) أمرا لكي يتصل برئيس الوزراء ويبلغه بعدم اتخاذ إجراءات بشأن إلغاء المعاهدة قبل عودة الملك من الخارج، وكانت الأنباء ترددت أن الملك قد نسق خطته مع الإنجليز، وقال عبد اللطيف طلعت: إنه قام فعلا بإبلاغ ذلك إلي رئيس الوزراء. كما نقل إلي أنه سيعمل علي تحسس ما يعتزمه الإنجليز، وقال: إنه فكر في أن يترك بطاقة لقنصل بريطانيا بالسفارة البريطانية بمناسبة تعيين القنصل، وقدر أن السفير إذا علم بوصوله إلي السفارة فإنه سيعمل علي مقابلته. وفعلا تم ذلك وقابله السفير وأعلن (أي السفير البريطاني) إليه (أي إلي عبد اللطيف طلعت الذي كان في ذلك الوقت يتولي رئاسة الديوان بالإنابة) سخطه الشديد علي النحاس وروي له ما كنت أجهله تماما من أنه (أي السفير) طلب مقابلة رئيس الوزراء علي انفراد، وفي الموعد المحدد وجد السفير أن إبراهيم فرج وزير الخارجية بالإنابة موجود مع النحاس، فقال السفير لرئيس الوزراء ما يفهم منه أنه طلب مقابلة خاصة لا يحضرها أحد، فرد عليه النحاس بأنه عند وعده، وأضاف أن إبراهيم فرج يحضر بوصفه سكرتيرا خاصا للاجتماع ليدون ما يجري في أثنائه من حديث، وبقي إبراهيم فرج».
…. …. …. …. …. …. …. …. …. …. ….
ربما نتوقف هنا لنشير إلي أن نقلنا ما يؤيد هذه الرواية عن إبراهيم فرج نفسه.
…. …. …. …. …. …. …. …. …. …. ….
«وأشار السفير البريطاني إلي أن مجلس وزراء مصر ينقسم علي نفسه بشأن فكرة إلغاء المعاهدة، ولم تكن هذه المسألة قد أثيرت مطلقا في مجلس الوزراء بعد، وعلي أية صورة… وأكد له النحاس أن المسألة لم تبحث لأنها لم تعرض، وذكر النحاس للسفير أن المعلومات التي وردت إليهم غير صحيحة، وأنهم يبنون علي مثل تلك الأنباء نتائج تكون بطبيعة الحال غير صحيحة».
«ولما سمعت ذلك من عبد اللطيف طلعت استأذنته في أن أنقل فحواها إلي النحاس الذي قابلته ورويت له ما دار بينه وبين السفير، فظن أن إبراهيم فرج أفشي لي الحديث، فأكدت له أن إبراهيم فرج لم ينقل إلي شيئا، وما كان من الممكن أن يفعل ذلك دون إذنه وعلمه، وسردت عليه ما كان من تطوع عبد اللطيف طلعت لإعطائنا صورة لم يكن الإنجليز في ذلك الوقت يعتقدون أن مثله (باعتباره من رجال القصر) يقف منهم ومنا هذا الموقف».
(13)
كذلك فقد نقلنا أيضًا في كتابنا «في رحاب العدالة» عن عبد الفتاح حسن مارواه من موقف نبيل للفريق محمد حيدر الذي ظل علي الدوام منظورًا إليه علي أنه رجل الملك القوي، وإذا بنا هنا نراه (أي حيدر) ميالًا للحركة الوطنية وللوفد وحريصا علي ألا يساعد الملك علي التحرش بالوفد ووزارته، وإذا صح ما يرويه عبد الفتاح حسن، وليس هناك ما يتعارض مع صحته، فإنه يؤكد ما نذهب إليه من أنه كانت في شخصية حيدر وغيره من رجال القصر وأدائهم جوانب إيجابية ووطنية لا ينبغي التقصير في الإشارة إليها:
«… حدث بعد عودة الملك من الخارج في نهاية صيف 1951 أنه جاء ليبتدع أزمة مع الوزارة سعيا للتخلص منها قبل إقدامها علي إلغاء المعاهدة، وقابله الفريق حيدر ولم يخالج الملك أدني شك في أنه لن يفضي إلي أحد بما يدور بينهما، وصارحه الملك بأنه سيؤجل مقابلة النحاس بضعة أيام، ثم عين له اليوم والساعة لتلك المقابلة، وبأنه سيعمل علي إثارة النحاس بطلب إخراج بعض الوزراء».
«ونقل إليّ الفريق حيدر كل ذلك، وبكافة تفاصيله، وقلت له: هل هذا لعلمي فقط؟ وما جدواه إذًا ؟ أم الأفضل أن ينقل ذلك إلي النحاس، وعاهدته أن أطوي عن النحاس أنه هو الذي ذكره لي فوافق، وكنت عند وعدي».
…. …. …. …. …. …. …. …. …. …. ….
(14)
ثم يشير عبد الفتاح حسن إلي الفائدة التي جناها الوفد وحكومته من اطلاعهم المبكر علي نوايا الملك، وتجهيز الردود الذكية (أو المراوغة) علي مثل هذه المعلومات:
«وقابلت النحاس، وقلت له: إن الملك تعمد أن تتراخي المقابلة حتي يتأول الناس التأخير، وسيثير في أثناء المقابلة طلبا بالاستغناء عن مصطفي نصرت، وعبد الفتاح الطويل إلي آخر ما سمعت من حيدر، واقترحت علي النحاس أن يسوق للملك عند الإشارة إلي مصطفي نصرت أن وزير الحربية يقوم برحلة في الخارج يطوف فيها ببعض دول أوربا لعقد صفقات أسلحة لازمة للجيش ومعه لجنة من الضباط، ووكيل المالية، ومستشار من مجلس الدولة، وأنه إذا خرج من الوزارة فإن الجيش سوف يفسر الأمر علي صورة وحيدة هي عدم الرغبة في تزويد الجيش بما يحتاجه من أسلحة وستكون عاقبة ذلك وخيمة».
…. …. …. …. …. …. …. …. …. …. ….
«ثم حل الميعاد الذي قابل النحاس فيه الملك وكنت بالقاهرة، وفي نحو الساعة الرابعة من بعد الظهر يوم 24 سبتمبر 1951 اتصل بي النحاس تليفونيا بمنزل صهري وقال لي: «كله مضبوط»، وفهمت من هذه العبارة معناها، وأضاف أن الوزارة سيدخلها اثنان هما وكيل الشيوخ حسين الجندي، ووكيل النواب عبد المجيد عبد الحق».
(15)
وننتقل من الجوهر إلي المظهر لنختتم به هذا الفصل، ذلك أننا أشرنا في كتابنا «في كواليس الملكية» إلي أن مذكرات صلاح الشاهد تحدثت عن إجراء فكاهي المظهر والمخبر ربما لا نصدق حدوثه ونحن نعيش عصرنا الحاضر، ويتمثل هذا الإجراء فيما رواه صلاح الشاهد عن تصرف قام به النحاس باشا، وكان أقرب إلي الوصف بأنه «تحديد إقامة الملك» في مكتبه في رئاسة الوزراء، وذلك في أثناء الأجواء المواكبة لإعلان إلغاء معاهدة 1936:
«وفي يوم الأحد 7 أكتوبر سنة 1951 عاد حضرة صاحب المقام الرفيع المغفور له مصطفي النحاس باشا ـ طيب الله ثراه ـ من الإسكندرية إلي القاهرة بقطار الساعة الخامسة والنصف مساء».
«وفي يوم الاثنين 8 أكتوبر طلب مني رفعة النحاس باشا العمل فورا في توصيل «ميكروفون» من قاعة مجلس النواب إلي مكتبه برئاسة مجلس الوزراء علي أن يتم هذا التوصيل في أقل من نصف ساعة، وكلفت المهندس وتم ما أراد الزعيم».
«ثم استدعاني رفعته وقال: أخل المجلس من الموظفين وادعهم جميعا لحضور الاجتماع بمجلس النواب».
«ثم أضاف: إن جلالة الملك سوف يحضر، وبمجرد وصوله يدخل فورا إلي مكتبه».
«وقد تم ذلك في دقائق دون علم أحد».
«كما طلب مني مصطفي النحاس أن أغلق باب المكتب بالمفتاح وألا أسمح للملك بالخروج من المكتب».
«وسألته مستفسرا: كيف يتم كل هذا يا رفعة الباشا؟! إنه الملك.. لا أجرؤ أن أفعل هذا، ولكن النحاس صمم علي ما قال».
«وعند دخول الملك إلي مكتب رئيس الوزراء بالرئاسة قال له: عن إذن مولانا، لما أروح البرلمان، جلالتك سوف تسمع ما أقول والجهاز موجود أمامك علي المكتب».
«وخرج وأغلق بيده باب الغرفة وأخذ المفتاح ثم قال لي: تعال معي».
«وذهبنا معا إلي مجلس النواب واستقبل النحاس باشا استقبالا حارا ووقف علي منبر مجلس النواب ليعلن للأمة أنه من أجل مصر وقعت معاهدة 1936، ومن أجل مصر أطالبكم اليوم بإلغائها.. وعاد فورا إلي مجلس الوزراء وفتح باب المكتب».
…. …. …. …. …. …. …. …. …. …. ….
لست أستطيع أن أنفي حدوث مثل هذه الواقعة علي هذا النحو الطريف، مع أني أيضا لا أستطيع تقبلها علي هذا النحو، فأين كان أمين الملك؟ وأين كان ياوره؟ وأين كان حارسه؟..