زعيم الأمة مصطفى النحاس/ الفصل الخامس عشر
الفصل الخامس عشر
إدارة التنمية والدولة المدنية
(1)
نجح النحاس في زعامته من حيث تمكن بتفوق مجمع عليه من تحقيق طموحات الجماهير المعنوية والمادية معا.
وبقدر ما سعي النحاس من أجل اكتمال استقلال الوطن، والبناء الديمقراطي، فإنه نجح أيضًا في تحقيق وإنجاز خطط طموحة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما نجح في بناء هياكل بيروقراطية كفيلة بخدمة مصالح الجماهير، وتحقيق المنفعة لهم، وفضلا عن هذا وذاك فإنه وجه عناية قصوي لبناء قوات مسلحة قادرة علي الذود عن الوطن وحدوده ومصالحه، كما أنه نجح في تحقيق متطلبات أساسية لكل ميدان من ميادين العمل العام، فنجح في اختيار القيادات هنا وهناك، وفي بث الفكر المستنير والدفاع عنه، وفي فرض الشفافية والالتزام بها.
والحق أن هذا كله لم يأت من فراغ وإنما كان نتيجة طبيعية لنهج متميز في تناول القضايا وتداول الآراء.
وسنحاول في هذا الفصل أن نتأمل أساليب النحاس في مقاربة قضية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما نتناول في نهايته موقفه الناصع من فكرة الدولة المدنية.
(2)
لعل القراء الذين يعرفون عني اهتمامي الحثيث بالبنيان الحكومي والإداري والوزاري ومدي قدرة هذه الأبنية علي أداء الوظائف الكفيلة بنهضة الأمم والقوميات، وبالأداء الأمثل للحقوق وأنظمة الحكم، لعل هؤلاء يتوقعون مني تقييما لسياسات النحاس في هذا المجال، والحقيقة أنني بعد كل ما كتبت وكل ما درست لا أجد من بين السياسيين المصريين في العصر الحديث مَنْ هو أفضل من مصطفي النحاس باشا في قدرته علي استيعاب النظم الجيدة، وربما يأتي بعده (بعد خطوات) إسماعيل صدقي باشا، لكن يظل النحاس العظيم واعيا إلي أبعد حدود الوعي بأهمية النظم والمنظومات، وبوضع نظم كفيلة بالنجاح الإداري والتنظيمي بعيدا عن الاعتماد علي الأشخاص أو الظروف الوقتية، وبعيدا عن الاعتقاد في أهمية وجوده هو شخصيا، وأنا أقصد بالجملة الأخيرة ما شاب أداء الرئيس جمال عبد الناصر من مأساة، فقد كان هو الآخر يؤمن بالنظم ولكن شبابه وصحته أعطياه إيمانا بقدرته علي أن يتولي بنفسه تربيط النظم، وكانت النتيجة نظاما مركزيا يبدو في الظاهر وكأنه نظام ممتاز لا بأس به، لكن هذا النظام انحل تماما بمرضه ثم بغيابه وكان انحلاله بأقصي سرعة.
ونحن نتشدق الآن علي سبيل المثال بدولة المؤسسات التي تحمس لها الرئيس السادات ورفع من شأن وجودها، لكننا قد ننسي أن مصطفي النحاس باشا نفسه كان أول مَنْ انتبه إلي هذا المعني حتي بدون المصطلح، وهو علي سبيل المثال الذي أسس ديوان المحاسبات (الجهاز المركزي للمحاسبات فيما بعد)، وقد استصدر القانون الخاص بإنشائه سنة ١٩٤٢ لمراقبة إيرادات ومصروفات الدولة.
كما أنه هو الذي أسس محكمة النقض والإبرام.
وهو الذي أنشأ البنك المركزي وقد أسند مهمة هذا البنك إلي أكبر البنوك التجارية القائمة كمرحلة أولي.
وهو الذي وضع أساس كثير من المؤسسات الكفيلة بضبط إيقاع حركة الحكومة وتصحيح خطواتها.. وهكذا.. وهكذا.
وعلي مستوي الفروق الدقيقة جدا في الأداء البيروقراطي فقد كان النحاس باشا هو الذي أسس وزارة للاقتصاد الوطني (والمعني في التسمية واضح) ونقل إليها مصالح تابعة لوزارة المالية ولوزارتي التجارة والصناعة، ثم أصدر قانون إنشائها (مارس 1950). كذلك فإن النحاس هو الذي أسس وزارة الشئون البلدية والقروية التي شهدت فيما بعد سنوات قليلة نشاطا بارزًا علي يد أحد قادة الثورة وهو عبد اللطيف البغدادي.
كما أنه هو الذي أصدر مرسوم إنشاء مجلس للسياحة والمصايف والمشاتي برئاسة وزير الاقتصاد، وقد كان هذا المجلس بمثابة نواة مبكرة لما سمي بعد ذلك وزارة السياحة.. وهكذا.. وهكذا مما سوف نتناوله بالتفصيل بعد قليل.
(3)
وإذا كنا نعرف عن أنفسنا أننا شعب يهوي الأبنية الفخمة الضخمة حتي يقال إن هذا الوزير هو الذي بني هذا وبني ذاك، فإننا نعرف أن الحكمة الحضارية والحنكة الإدارية (اللتين نراهما أو نحس بوجودهما في العالم المتقدم حين نخرج إليه، ونري فيه مظاهر التخطيط طويل الأمد والنظرة التنموية الثاقبة) تقتضي بالإضافة إلي البناء الجديد اتباع سياسة أخري قد تكون في بعض الأحيان أجدي وأبدع من استحداث أبنية جديدة، وذلك باختيار الأبنية الصالحة لأداء الوظيفة بدون تضييع نفقات كبيرة سواء من المال أو الوقت.
وفي هذا الصدد يكفيني أن أشير إلي ما يروي من أن الوفد هو الذي شجع شراء أبنية جاهزة لأداء مهام لا بد لها من مبان، ولعل المثل البارز علي هذا من هذه الحقبة هو مقر مجلس الوزراء الحالي بكل فخامته وروعته وموقعه المتميز في مواجهة البرلمان، وفي وسط البلد والوزارات وحي الدواوين، كما كان يسمي. وقد كان هذا القصر مملوكا لإحدي الأميرات، وهي الأميرة شيوكار، لكن الوعي والذكاء مكن من شرائه ليكون مقرا للسلطة التنفيذية في مواجهة مقر السلطة التشريعية مباشرة، وقد كان من الممكن بمنتهي السهولة أن يتحول في الزمن التالي مباشرة إلي مجموعة عمارات من شبيهات علب الكبريت تكون كفيلة أيضًا بجرح مجلس الشعب كله (!!) وربما إحراجه (!!) حين يري الناس من شرفات بيوتهم الأعضاء وهم نائمون!!
(4)
أما من ناحية إنشاء المباني الجديدة، أو الصروح التي تدل علي عقلية صاحبها ونفسيته، فإن النحاس يقف في مقدمة الزعماء والحكام جميعا، ويكفي أن نتأمل في المباني التي تأسست في عهده وعبرت عن أمانيه لهذا العهد، ولست أمل من الحديث عن الإنجاز المشترك للنحاس والملك فــؤاد وساسة ذلك العصر (بمن فيهم محمد محمود باشا خليفة النحاس في رئاسة الوزارة) في إنشاء أكبر مستشفي تعليمي وجامعي أصبح قلعة للطب في المنطقة كلها، وهو «مستشفي قصر العيني» الذي تعلمنا فيه، وتأهلنا، وإلي وزارته الأولي يرجع الفضل في إنشاء مستشفي قصر العيني الجديد في جزيرة المنيل، وقد اعتمد لإنشاء هذا الصرح العظيم 800 ألف جنيه في موازنة الدولة في أثناء وزارته الأولي، وكان هذا يوازي أكثر من ربع قيمة الموازنة السنوية كلها.
ولست أمل أيضًا من الحديث عن فكرته في إنشاء مجمع التحرير علي نحو ما نراه، وقد كانت فكرته أن يكون المبني قريبا من الجماهير يسهل الوصول إليه من كل مكان لقضاء المصالح، وأن يعتمد في تهويته وإضاءته علي المصادر الطبيعية حتي لا تتأثر مصالح الناس بأي عطل طارئ في الأجهزة المسئولة عن التهوية أو الإنارة.
ومثل هذا يقال عن المبنيين العظيمين التوءم المجاورين لمجلس الوزراء، واللذين تشغلهما الآن إدارات وزارة الصحة، ومصلحة الضرائب.
أما التخطيط الحضاري الذي أصابته القاهرة في عهد النحاس ووزارات الوفد بفضل روح النحاس، وعثمان محرم، فأمر يطول شرحه، وقد تناولته بالتفصيل في كتابي عن «عثمان محرم مهندس الحقبة الليبرالية».
(5)
وقد أثبت الدكتور عبد العظيم رمضان بذكاء ومهارة أن برنامج ثورة ١٩٥٢ الحقيقي لم يكن إلا تطويرا لسياسة وبرنامج مصطفي النحاس الذي نشره باسم الوفد يوم ٢٣ سبتمبر ١٩٥٢ في جريدة «المصري»، وإن كان قد صدر قبل ذلك بأسبوع تقريبا، كما نبه إلي أن هذا البرنامج الوفدي كان متقدما جدا علي برنامج «هيئة التحرير» التي أنشأتها الثورة في أواخر عام 1952، والذي كان في حقيقة الأمر برنامجا متواضعا لحد بعيد.
وقد كان من أهم عناصر نجاح النحاس في بناء الدولة هو تمسكه بالحق الدستوري للوزارات في تسيير أمور الحياة، وهو ما تعرضت له في الفصل الثامن عشر «النحاس وقضية الديمقراطية».
(6)
وعلي صعيد العلم والمعرفة فقد تمتع النحاس بقدر كبير من المجد الذي لا يدانيه فيه أحد من الزعماء المعاصرين له، ومع أن العمل في تأسيس جامعة الإسكندرية كان قد بدأ قبل وزارة الوفد علي هيئة فروع لكليات جامعة فواد الأول (القاهرة)، فإن النحاس هو الذي أعطي الدفعة الكبيرة لإنشاء تلك الجامعة، في صورة جامعة لا فروع كليات، وقد توج هذا بإصدار قانون نشأتها في عهده (١٩٤٢).
وكان النحاس يولي قضايا التعليم العناية الكفيلة بتحقيق التقدم الدءوب، وسوف نري بعد قليل كيف اهتمت وزاراته واحدة بعد أخري بالتشريع الجيد لقضايا التعليم، وبإعادة النظر في هذه التشريعات لتعديلها بما يواكب مصالح الجماهير ويتدارك ما قد يعتري التشريع عند وضعه من قصور، ومنذ عهد وزارته الأولي (١٩٢٨) صدر قانون رياض الأطفال، وقانون آخر لتنظيم المدارس الابتدائية وامتحاناتها، وقانون ثالث لتنظيم المدارس الثانوية وامتحاناتها.
كما صدر قانون بتعديل بعض أحكام قانون الجامعات لتشجيع الطلاب علي الحصول علي الشهادات النهائية ومواصلة الدراسة.
وفي عهد النحاس صدر، علي سبيل المثال، القانون الخاص بتنظيم مزاولة مهنة الطب وجراحة الأسنان.
(7)
وقد كان النحاس باشا معنيًا أشد العناية بإصلاح أحوال الموظفين، ولا يزال الذين عاشوا عهده يترحمون علي سلوكه المتعاطف معهم، وعلي عنايته الدائبة بهم وبإصلاح أحوالهم، وقد وجدنا في مذكراته التي رواها الأستاذ محمد كامل البنا فقرة تبلور رؤيته بذكاء وإنصاف:
«رأيت أن طائفة الموظفين مغبونون وأن رواتب صغارهم لا تفي بحاجاتهم والمبالغ التي يحصل عليها صغارهم وحملة المؤهلات المتوسطة والعالية لا تتناسب مع الظروف التي نحن فيها، فطلبت إلي وزير المالية أن يعد كادرًا جديدًا يرفع الدرجات يحس فيه الموظفون أنهم فئة مقدرة وشهاداتهم محترمة وإنتاجهم ينظر إليه بارتياح، وشددت في أن يبدأ بصغارهم فيوضع لهم درجات ترفع مستواهم، وتألفت لجنة من المتخصصين في الشئون المالية برياسة وزير المالية واقترحت كادرًا يضاعف من راتب أصغر طبقة إلي مائتين في المائة وظل يتدرج حتي تكون الرواتب متقاربة فأصبح مدرسو التعليم الإلزامي بثمانية جنيهات بعد ثلاثة، والحاصل علي البكالوريا بعشرة جنيهات بدل أربعة، وحامل الشهادات العليا والأزهر ومعاهده باثني عشر جنيهًا بدل ستة وهكذا ظلت الدرجات تتدرج وتزيد وأضيف إليها إعانات غلاء وصلت للصغار إلي أكثر من ثلاثة أضعاف، ثم رفعنا أجور العمال الزراعيين فارتفع أجر العامل إلي عشرة قروش يوميًا بدل قرشين يضاف إليها إعانة الغلاء كذلك، كما وضعنا قوانين للعمال حددنا ساعات العمل فيها ورفعنا الأجور وأمنَّا العامل ضد صاحب العمل وجعلنا لهم عطلة أسبوعية بالأجر أسبوعيًا واجازة سنوية بالأجر كذلك، وانتعشت حالة الطوائف جميعًا وتقدم كل وزير بإصلاحات عديدة في وزارته كلها لصالح الموظفين وأقررناها جميعًا، وكنا نرسل القوانين إلي السراي لتوقيعها واتصل برئيس الديوان قبلها فأشرح له أهميتها والحاجة إلي الاستعجال فيها.
(8)
وقد كان النحاس واعيًا كل الوعي لمسئولية الوزارات والحكومات عن توفير الحياة الكريمة للإنسان.. ولم يكن وعيه هذا فطريًا فحسب لكنه كان وعيًا عصريًا بكل ما تحتمله مصطلحات التنمية في عصره، وليس أدل علي هذا من هذه العبارة الجميلة التي صدرت عنه في 20 أبريل1950 حين قال لمندوب وكالة «أسوشيتدبرس»:
«إن رفع المستوي الاجتماعي للشعب عن طريق الإصلاحات الاقتصادية من أهم ما في برنامجنا، ولاشك أن هذه المهمة تتطلب وقتا طويلا، ولا بد من مراحل عدة، علي أننا سنبذل نحن ومَنْ يخلفوننا قصاري جهدنا لنكفل لكل فرد الحد الأدني الحيوي الذي له الحق فيه حتي يحيا حياة جديرة بأن يحياها الإنسان».
وفي إحدي خطبه قال النحاس باشا بكل وضوح:
«وإنكم لترون أن إنجازات الوفد من وحي إيمان عميق من الوفد ورئيسه بوجوب إنصاف المظلوم، وتقريب الشقة بين الطبقات، وتوفير حياة كريمة لكل مواطن، وبالجملة تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية، والاشتراكية الوطنية التي يجب أن تكون قاعدة حكم عادل رشيد».
(9)
ومن الإنصاف أن نشير إلي حجم المكاسب العمالية التي تحققت في عهد الوفد، وقد وضع الأستاذ محمد فهيم أمين دراسة ممتازة عن دور الوفد في دعم الحركة العمالية والنقابية، وفي وسع الدارسين أن يعودوا إليها، لكننا نري من واجبنا أن نلخص بعض ما أشارت إليه هذه الدراسة، ويكفي علي سبيل المثال الإشارة إلي السماح بإنشاء النقابات العمالية، وإلي دعم الوفد لها، وإلي قانون عقد العمل الفردي.
ويذكر التاريخ للنحاس أنه هو الذي قاد سياسة الوفد في دعم الحركة العمالية بدأب وإخلاص وتراكم:
في عهد وزارة النحاس الأولي تحققت محاولة جادة لتكوين اتحاد عام للعمال تزعمها عزيز ميرهم، وأحمد محمود أغا الذي كان رئيسا للنقابة العامة لنقابات العمال، وتمكنت نقابات العمال، بمؤازرة المحامين الوفديين المستشارين للنقابات، من تكوين الاتحاد العام لنقابات العمال بالقطر المصري، واختير أحمد محمود أغا رئيسا له، وأحمد إسماعيل سكرتيرا عاما.
ومع إصدار قانون العقوبات (1937) تم تعديل القانون رقم 24 لسنة 1923 بشأن المشردين والمشتبه فيهم، وهو القانون الذي كان يقضي باعتبار الشخص الذي ليست له وسائل عيش متشردا يحق للسلطة وضعه في قائمة المشبوهين وسجنه، وكان هذا القانون بمثابة مصيدة محكمة للعمال النقابيين وأشباههم، لا سيما عند وقوع إضرابات، أو التقدم بمطالب عمالية إلي أصحاب الأعمال، فكان هؤلاء يفصلون العمال فيجد العمال هذا القانون أمامهم وأبواب السجون مفتوحة لهم بحجة أن ليس لهم وسائل للعيش، وبموجب التعديل الوفدي للقانون أصبح الاشتباه قاصرا علي الأشقياء الخطرين الذين يكون خطرهم محققا علي الأمن العام.
في ٢٠ يونيو ١٩٣٦ قررت وزارة النحاس الانضمام لعضوية هيئة العمل الدولية وما يترتب علي هذا من الالتزام بالاتفاقيات والتوصيات الدولية التي يصدرها مكتب العمل، ورفعت الوزارة المستوي الحكومي لمكتب العمل إلي مستوي المصلحة، وألحقته بوزارة التجارة والصناعة بعيدا عن وزارة الداخلية.
دعيت مصر إلي مؤتمر فيلادلفيا لحضور مؤتمر النقابات الدولي فاستجابت الوزارة للدعوة وأرسلت ممثليها الذين حضروا المؤتمر واشتركوا في محادثاته ووضع قراراته، وهو الأمر الذي جعل العمال المصريين يقدرون لوزارتهم الوفدية هذه العناية بشئون العمال رغم أن هذا المؤتمر عقد في أثناء الحرب العالمية الثانية.
في عام ١٩٥٠ وبعد عودة الوفد للحكم عاودت النقابات العمالية نشاطها، وأسفرت جهود العمال عن تأسيس «اللجنة التحضيرية للاتحاد العام لنقابات العمال بالقطر المصري»، التي شكلت عام ١٩٥٠ واتسعت اللجنة التحضيرية بين العمال ونجحت في أن تضم أكثر من مائة نقابة.
وفي عهد النحاس صدر القانون 85 لسنة ١٩٤٢، وهو أول قانون في شأن نقابات العمال وقد اعترف بشرعيتها وبشخصيتها الاعتبارية.
(10)
وعلي مستوي المهن والوظائف المختلفة تذكر كثير من الفئات (إن لم يكن جميعها) للنحاس إنصافا منظما لكوادرها وأدائها، ويكفي في هذا الصدد الإشارة إلي أن ضباط الشرطة لا يزالون يذكرون إلي اليوم أن الوفد تحت قيادة النحاس هو الذي هيأ لهم الاستقرار والاطمئنان إلي الحد الذي لا يزال يجعل بعض أدبيات التاريخ تشير إلي أن رجال الشرطة كانوا متعاطفين تماما مع الوفد في انتخابات 1950، بسبب امتنانهم لسياسة الوفد تجاههم، ولا ننسي في هذا المقام أن نشير إلي أن ما أشرنا إليه في كتابين سابقين من كتبنا هما (الأمن القومي لمصر، وقادة الشرطة في السياسة المصرية) إلي إضراب ضباط الشرطة الذي وقع في عهد السعديين!!
ولعل أبرز مثال علي قدرة الوزارات الوفدية علي تقديم الحلول أن الوفد استطاع استيعاب خمسين ألف عامل في الحكومة بدلًا من عملهم في المستعمرات البريطانية (١٩٥١)، وذلك بعد أن أصدرت حكومته قرارا بتحريم اشتغال العمال المصريين في قاعدة القنال، وهو نموذج بارز للقدرة الحكومية الفذة التي لا تتاح إلا بالإخلاص في تحقيق الهدف.
(11)
والحق أن اهتمام النحاس باشا بخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية كان اهتماما غير مسبوق، وربما غير ملحوق أيضًا، وقد صادفني نص من أبدع ما يمكن يروي فيه كاتبه تفصيلات رائعة عن عظمة الممارسة السياسية للوفد في منتصف الثلاثينيات، ومن حسن حظ النحاس والوفد أن صاحب هذا النص البديع هو عالم الاجتماع المتميز الذي يلقي قبول (بل وإعجاب) اليساريين المصريين جميعا، وشرائح كثيرة من اليمينيين كذلك، ولهذا فإني أفضل أن أطلع القارئ علي هذا النص الذي كتبه الدكتور سيد عويس في كتاب سيرة حياته «التاريخ الذي أحمله علي ظهري» حيث يقول:
«… أذكر الآن أنني في أوائل عام ١٩٣٥، أي في شهر يناير، أو بالتحديد في يومي ٩ و10 من شهر يناير عام ١٩٣٥، عندما دعا حزب الوفد المصري في أواخر عام 1934 لجانه وأنصاره إلي عقد مؤتمر عام للنظر في شئون البلاد من شتي نواحيها، ولم تتضمن هذه النواحي السياسية فحسب، بل شملت بعض النواحي الاجتماعية والاقتصادية والتشريعية كذلك، أنني حرصت الحرص كله علي حضور هذا المؤتمر الذي عقد بمدينة رمسيس بالزمالك (مدينة الأوقاف الآن)، وكان هذا المؤتمر أول مؤتمر عام للوفد المصري، وقد حضره حوالي خمسة وعشرين ألفا من حملة تذاكر الدعوة، وجاءوا من جميع نواحي العاصمة (القاهرة) ومن مختلف المدن والثغور والأقاليم. وكان من أعظم المؤتمرات الوطنية شأنا ونظاما، وكان له صدي في طول البلاد وعرضها، وبخاصة في محيط أعضاء المجتمع المتعلمين، والشباب منهم علي رأس القائمة».
«وقد وقف الحاضرون ساعات يسمعون للخطب التي ألقيت في هذا المؤتمر، ومنهم من حظي بالجلوس نفس الفترة ولنفس الغرض».
«وقد عالج الخطباء في المؤتمر مسائل وموضوعات ذات أهمية في شئون البلاد السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وفضلا عن الموضوعات التي ألقيت عن الموقف السياسي والدستوري وعن الوفد المصري: نظامه وأغراضه، وعن القضاء في مصر والامتيازات الأجنبية، والمحاماة وحقوقها وأنظمتها، والصحافة وحريتها. فقد تضمنت موضوعات هذا المؤتمر أيضًا الأزمة الاقتصادية ووسائل علاجها، ومشروعات الري والصرف، وشئون التعليم والجامعة والأزهر، وعلاقتنا الاجتماعية والاقتصادية بالنزلاء الأجانب، وشئون الفلاح وإصلاح القرية، والمحاصيل الزراعية ووسائل تحصينها وتصريفها والتعاون في مصر ووسائل تشجيعه، والشئون الصحية العامة وأمراض المناطق الحارة، والصناعة المصرية: تشجيعها وترويجها، وتنظيم شئون العمال في مصر ورفع مستواهم، فضلا عن بعض الموضوعات الأخري مثل شئون الأوقاف وإصلاحها، وإصلاح الإدارة والأمن العام، وعلاقات مصر بأمم الشرق، والمرأة المصرية ونصيبها في النهضة القومية».
«ولن أنسي ما حييت يومي ٩ و10 يناير من شهر يناير عام ١٩٣٥، فقد استمعت لمشاكل المجتمع المصري في ذلك الحين لأول مرة بطريقة منتظمة ومباشرة من بعض زعماء البلاد والمتخصصين، وأذكر أنني خرجت من هذا المؤتمر، كما فعل الكثيرون غيري، وبخاصة الشباب منهم، والإحساس بالمسئولية الضخمة نحو مصرنا الخالدة، ونحو الإسهام في مواجهة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، فضلا عن السياسة التي كان يعاني منها المجتمع المصري في تلك الفترة، يملأ نفوسنا وكياننا».
«وقد تأكد لنا جميعا عبء هذه المسئولية وعمقها وبخاصة ما تعلق منها بالمشاكل الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، وأحسست ـ كما أحس غيري ـ بأن الطريقة إلي الحياة الأفضل لا بد أن تكون غير الطريقة الحالية التي يتبعها العديد من زعماء مصر في ذلك الحين، وأن الحاجة إلي تغيير الطريقة الحالية أصبحت ضرورة».
«ولم أتحدث عن هذا المؤتمر مع أحد من المحيطين بي في حتتنا، ولم أتحدث أيضًا عن الحوادث الأخري التي واجهتها البلاد في خلال عام ١٩٣٥ وبخاصة ما تعلق منها بعودة دستور عام ١٩٢٣ كاملا غير منقوص، وما أعقب ذلك من مظاهرات وسقوط الشهداء الأبرار، لكن عبد المنعم ابن عمي شقيق أبي لم يتركني وحدي أعيش أفكاري التي انبثقت عن هذه الأمور الحاسمة، كان يتحدث معي وكان يتناقش معي في كل ما حدث أو ما يتوقع أن يحدث، فاهتمامه بالسياسة علي الرغم من تراكم السنين منذ عام ١٩١٩، عام الثورة التي شارك فيها، لم يفتر، ومع ذلك فإنني أود أن أذكر ها هنا أن الناس، أهل الحتة وغيرهم ومنهم أمي وزوجتي، وإن كانوا لا يعلمون تفاصيل ما يحدث من أمور في المجتمع المصري، فإن الإحساس بهذه الأمور عندهم كان موجودا. إن المناخ الثقافي الاجتماعي في ذلك الحين كان مشحونا بكل ما يحدث من حوادث تمت إلي القضية المصرية بصلة. لقد انتهي الأمر عند المصريين كافة إلي أن الإنجليز المستعمرين هم الأعداء الألداء واستقرت في النفوس هذه الحقيقة علي الرغم من صروف الدهر المواتية التي كانوا يواجهونها في ذلك الحين، أو بسبب هذه الظروف غير المواتية».
(12)
ولا شك عندي في أن كلمات النحاس باشا والزعماء الوفديين في مؤتمر الوفد التاريخي الذي عقد في يومي ٩ و10 يناير سنة ١٩٣٥، والمؤتمر الذي عقد في نوڤمبر ١٩٤٣ تمثل، عن صدق وواقعية، مجموعة من أهم المصادر الأساسية في دراسة برامج الوفد في السياسة الخارجية والداخلية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والمحلية.
وسوف يأتي وقت يعني فيه الباحثون بما تضمنته برامج الوفد وعكسته من روح وطنية قادرة علي الإصلاح والتنمية بعيدًا عن الأطر الأيديولوجية للحديث عن طبقة كبار الملاك (!!) وما إلي ذلك من شقشقة قديمة لا تزال تفرض نفسها علي مناهج البحث في تاريخنا الحديث.
(13)
وقد أثبت الأستاذ عبد الرحمن الرافعي (وغيره) قائمة بأهم الخطب التي ألقيت في مؤتمر الوفد الأول (1935):
الموقف السياسي والدستوري لمصطفي النحاس باشا.
الوفد المصري: نظامه وأغراضه للأستاذ مكرم عبيد باشا.
القضاء في مصر والامتيازات الأجنبية للأستاذ محمد صبري أبو علم باشا.
الأزمة الاقتصادية ووسائل علاجها للدكتور أحمد ماهر باشا
مشروعات الري والصرف لعثمان محرم باشا.
شؤون التعليم والجامعة والأزهر لمحمد نصار بك.
المحاماة وحقوقها وأنظمتها لكامل صدقي بك.
علاقاتنا الاقتصادية والاجتماعية بالنزلاء الأجانب للأستاذ ممدوح رياض.
شؤون الفلاح وإصلاح القرية للأستاذ محمود بسيوني.
المحاصيل الزراعية ووسائل تحسينها وتصريفها للأستاذ عبد السلام جمعة بك (باشا).
شئون الأقاف وإصلاحها للأستاذ يوسف الجندي.
إصلاح الإدارة والأمن العام لمحمد صفوت باشا.
التعاون في مصر ووسائل تشجيعه للأستاذ علي أيوب.
الصحافة وحريتها للأستاذ محمد توفيق دياب.
الشؤون الصحية العامة وأمراض المناطق الحارة للدكتور أحمد ثابت موافي.
الصناعة المصرية ـ تشجيعها وترويجها للأستاذ إبراهيم عبد الهادي باشا.
علاقات مصر بأمم الشرق للأستاذ عباس محمود العقاد.
تنظيم شؤون العمال في مصر ورفع مستواهم للأستاذ عزيز ميرهم.
ومن الجدير بالذكر أن العنصر النسائي قد مثل في ذلك المؤتمر تمثيلا موفقا، حيث تحدث عدد من السيدات (كان منهن السيدة إستر فهمي ويصا، والسيدة نور حسن) عن المرأة المصرية ونصيبها في النهضة القومية، كما حضر المؤتمر عدد كبير من السيدات والآنسات.
وكانت هذه المشاركة النسائية استمرارًا لما بدأ في ثورة 1919 حين شاركت المرأة المصرية في العمل السياسي النشط تحت ظلال الوفد، كما تواكب هذا مع إيمان النحاس بدور المرأة وبنشاط لجنة السيدات الوفديات، ثم كان هذا إرهاصًا للدور الفاعل الذي لعبته زوجه السيدة زينب الوكيل وغيرها من عقيلات رجال الوفد، وهو ما شجع بعض سيدات الأسرة المالكة نفسها علي الانطلاق إلي المشاركة في قضايا التنمية بالإضافة إلي ما كان من مشاركتهم الرمزية أو البروتوكولية.
(14)
ونأتي إلي إنجاز لم يلحق فيه النحاس حتي الآن فقد تميز أداء الوفد تحت قيادة النحاس بإفساح المجال واسعا أمام الرأي والرأي الآخر في قضية التنمية، دون حظر علي رأي أو علي حق المخالفة، وعلي سبيل المثال لا الحصر فقد استمرت المساجلات التي دارت بين محمود غالب باشا، ومكرم عبيد باشا، تنشر علي صفحات الصحف، حول مسألة توليد الكهرباء من خزان أسوان إلي 26 أغسطس ١٩٣٧.
وقل مثل هذا في كثير من هذه القضايا التنموية التي وجد النحاس بذكائه أن فتح الباب لمناقشتها علي نطاق واسع أولي من المضي فيها علي النحو الذي خططته الأجهزة البيروقراطية.
وهكذا تحققت للنحاس وزعامته وجماهيريته (وجماهيره أيضًا) درجات لا من الإيجابية الجماهيرية فحسب، ولكن من التربية السياسية، والقدرة علي التفكير التنموي، فضلًا عن المصارحة والشفافية وبناء الثقة.. وكانت هذه عناصر حاسمة في النجاح الذي حققه الوفد علي أرض الواقع وفي الوجدان الشعبي علي حد سواء، كما أنها ظلت عناصر نجاح أضافت إلي الصورة الذهنية لإدارة الوفد التي أحبتها الجماهير وآمنت بها وانحازت لها ودافعت عنها.
(15)
والواقع أن إنجاز الخطوط التنموية علي يد النحاس لم يكن أمرًا سهلًا، وإنما نحن نراه وقد عاني معاناة شديدة من أجل هذا الإنجاز، وليس أدل علي هذا مما حدث مع مشروع تعلية خزان أسوان الذي دارت حوله مناقشات كثيرة واتخذه ثلاثة من الوزراء الوفديين ذريعة للاستقالة من وزارة الوفد في 1937.
وسنكتفي في كتابنا هذا بحكم طبيعته وموضوعه أن ننقل للقارئ عددًا من الفقرات المتناثرة في مذكرات النحاس باشا، وهي الفقرات التي سجلت ذكرياته أو انطباعاته الآنية عما لقيه هذا المشروع من عنت في المناقشة.
هذه هي الفقرة الأولي:
«تحدث معي وزير الأشغال (عثمان محرم باشا) بشأن مشروع تعلية خزان أسوان وقال إن الفنيين في وزارة الأشغال أعدوا مذكرات إضافية بفوائد هذا المشروع علي الصرف والري لجميع الأطيان الزراعية فكلفته بأنه عند الانتهاء من إعداده يعرضه علي المجلس، فقال إن وزير الحقانية ووزير الأوقاف سمعا به فخاطباني بأنهما يعارضان المشروع ويريان فيه ضررًا بالغًا فأفهمتهما بأن المختصين وأنا معهم درسنا الموضوع من جميع نواحيه واقتنعنا فعلًا بفوائده، وقد علمت أن النقراشي باشا يؤيدهما وأخشي إذا أنا عرضته أن يثير زوبعة ويكون سببًا في إحياء الخلاف المستكن بين النفوس، فقلت له إذا كانت مصلحة البلاد في عرض هذا المشروع فلا تؤخره ولا يهمك أي معارضة».
وهذه هي الفقرة الثانية:
«… عرض مشروع تعلية خزان أسوان علي مجلس الوزراء فأعلن غالب وصفوت (وزيرا الحقانية والأوقاف) معارضتهما العنيفة له، ولما بدأ عثمان محرم يناقشهما ثار النقراشي وأيد الوزيرين تأييدًا مطلقًا وتدخلت في الأمر، وقلت له نحن لسنا فنيين في هذا الموضوع وتقرير المختصين يؤكد فوائده فلماذا المعارضة والتشبث برأي خاطئ، واحتج غالب وصفوت علي كلمتي وعدها إهانة لهما، واحتد النقراشي، وقال إنك تهين الوزراء ولنا كرامتنا، وكانت مناقشة صاخبة رأيت حسم الموضوع بأن أجلته إلي جلسة أخري».
وهذه هي الفقرة الثالثة:
«.. اجتمع مجلس الوزراء وفوجئت عند الاجتماع بأن وزيري الحقانية والأوقاف أثارا مرة أخري مسألة تعلية خزان أسوان فطلبت من عثمان محرم استحضار الوثائق وأخذنا في بحثها وقد انبري أحمد راغب أحد المختصين ومعه عبد العزيز أحمد المهندس وشرعا في شرح فوائد التعلية وما يعود علي البلاد وصرفها وريها من الفوائد وقدما الأدلة المقنعة واستمعنا طويلًا إليهما وبعد مضي عدة ساعات وانتهاء المهندسين من الحديث، عرضت الأمر علي المجلس فوافق الوزراء ما عدا الوزيرين وانضم النقراشي إليهما، ولما هممنا بالخروج قدم غالب بك وبعده صفوت استقالتهما إلي سكرتير مجلس الوزراء ليرفعهما إليّ، فعجبت من أمر هذين الزميلين اللذين كانا معي منذ دقائق ولم يفاتحاني في أمر الاستقالة وطويت الأوراق وانصرفت».
(16)
ويتصل بإنجازات وزارات النحاس الاقتصادية توصلها إلي عقد اتفاق الأرصدة الأسترلينية في مارس 1951 وهو ما لخصه الأستاذ الرافعي بقوله:
«أذاعت وزارة المالية في شهر مارس سنة 1951 بيانا بنتيجة المفاوضات بين الحكومتين المصرية والبريطانية في شأن الأرصدة الأسترلينية، وقد أسفرت عن عقد اتفاق جديد لتسويتها علي الأسس الآتية:
أن يفرج عن 150 مليون جنيه من أرصدة مصر الأسترلينية وفقا للتدابير التي اتفق عليها، فيتم الإفراج من هذا المبلغ عن 25 مليون جنيه استرليني بمجرد التوقيع علي الاتفاق، ومن ذلك 14 مليون جنيه ستحول إلي دولارات، وسيفرج بعد ذلك عن عشرة ملايين كل سنة لمدة تسع سنوات ابتداءا من أول يناير سنة 1952، كما سيفرج بالإضافة إلي ذلك عن خمسة ملايين جنيه كل سنة اعتبارًا من سنة 1951 وذلك (في حدود 35 مليون جنيه) كلما هبطت جملة الأرصدة الباقية في الحسابات رقم 1 عن 45 مليون جنيه، وستسهل الحكومة البريطانية توريد المنتجات البترولية (باستثناء زيوت التشحيم الدولارية) لمصر مقابل الدفع الاسترليني ـ من الحساب رقم 1 ـ في حدد 11 مليون جنيه كل سنة تسليم المواني المصرية لمدة عشر سنوات تبتدئ من 1951».
(17)
كان النحاس واعيا كل الوعي لدور التشريع في التنمية، وكانت لديه قدرة فائقة علي الإسراع بوضع التشريعات الكفيلة بدعم مسارات التنمية، أو تعديل هذه المسارات حتي لا تخنقها آثار جانبية لتشريعات سابقة، وهكذا فإنه كان دائب التشريع، ودائب التعديل أيضًا، ويكفي أن نلقي نظرة علي بعض التشريعات والتوجهات التشريعية التي أقرتها وزارات النحاس في سبيل تحقيق خطط التنمية وبرامجها:
في وزارته الأولي (١٩٢٨)
القانون 17 لسنة ١٩٢٨ في ١٤ أبريل ١٩٢٨ وهو القانون الذي ينظم انتخاب أعضاء مجالس المديريات، ويقضي بانتخاب عضوين لمجلس المديرية عن كل دائرة انتخابية من دوائر مجلس النواب، وذلك لمدة خمس سنوات.
القانون 21 لسنة ١٩٢٨ بوضع نظام للاتجار بالمخدرات واستعمالها، وهو القانون الذي فرض عقوبة علي مخالفة أحكامه وحيازة المخدرات أو استعمالها.
القانون 22 لسنة ١٩٢٨ في ٢٦ أبريل ١٩٢٨ وهو قانون تنظيم التعليم برياض الأطفال، وقد كان أول قانون يصدر بشأن رياض الأطفال، وقد منع العقوبات البدنية منعا باتا علي أن يكون تهذيب أطفال هذه المدارس بالقدوة الحسنة والإرشاد.
القانون 23 لسنة ١٩٢٨ وهو القانون الذي وصف عن حق بأنه قانون حماية الفلاحين وتخفيف الأعباء عنهم، وذلك لما تضمنه من إلغاء الأوامر الثلاثة العالية الصادر أولها في 7 سبتمبر ١٨٨٤ بتوقيع الحجز الامتيازي لأصحاب الأطيان علي محصولات المستأجرين لحصولهم علي الإيجارات المستحقة، وثانيها الصادر في ٢٦ أغسطس ١٨٨٥ ببعض الأحكام التي تتعلق بمشايخ البلدان بشأن الحجوزات، وثالثها الصادر في 24 أبريل 1888 بأخذ رسوم نسبية علي الصافي من أثمان ما يباع من المحصولات والأثمار المحجوز عليها.
القانون 25 لسنة ١٩٢٨ في 21 مايو ١٩٢٨وهو قانون بشأن تنظيم التعليم بالمدارس الابتدائية، ويسمح هذا القانون بدور ثان للتلاميذ الذين يرسبون في الدور الأول، سواء في امتحانات النقل، أو السنة النهائية.. إلخ، وقد أجاز هذا القانون لوزير المعارف أن يقبل كل عام بالمجان، أو يعفي من المصروفات المدرسية عددا من التلاميذ ممن لا تسمح الحالة المالية لهم أو لوالديهم بدفع المصروفات، أو بسبب تفوقهم، وهكذا وضع القانون اللبنة الأولي لمجانية التعليم الابتدائي، وقد منع هذا القانون العقوبات البدنية منعا قطعيا، وأجاز القانون توقيع عقوبة التوبيخ والطرد لمدة أسبوع، أما عقوبة الفصل أو الحرمان من المجانية أو الحرمان من دخول الامتحان فقصرها القانون علي قرار من وزير المعارف بناء علي طلب ناظر المدرسة.
القانون ٢٦ لسنة ١٩٢٨ في 7 يونيو ١٩٢٨ بشأن تنظيم المدارس، وقد سمح هذا القانون أيضا بدور ثان، وعبر عن وعي الوفد بأهمية التربية الدينية، وأهمية تدريس علم الأخلاق والتربية الوطنية في مختلف مراحل التعليم، كما نظم الاهتمام بالألعاب الرياضية في أثناء الدراسة.
(18)
في وزارة النحاس الثانية (١٩٣٠)
القانون 2 لسنة ١٩٣٠ وهو قانون التعريفة الجمركية لحماية المنتجات المحلية من منافسات الصناعات الأجنبية وذلك بفرض ضرائب عالية نسبيا علي المصنوعات الأجنبية لحماية الصناعة المحلية، فضلا عن زيادات إيرادات الجمارك.
تم إنشاء مصلحة التجارة والصناعة وألحقت بوزارة المالية (أصبحت وزارة التجارة والصناعة بعد ذلك).
تم وضع مشروع قانون بإنشاء محكمة النقض، ومشروع قانون بإنشاء بنك التسليف الزراعي.
تقرر إلغاء بدل التمثيل الذي كان يصرف للوزراء بواقع ٥٠٠ جنيه في السنة من ميزانية الوزراء، و٣٠٠ جنيه من ميزانية كل وزارة.
تم رفع بداية تعيين خريجي الجامعة ليكون 15 جنيها مع صرف مكافأة شهرية إضافية قدرها 5 جنيهات لخريجي كلية الطب في حالة عدم فتح عيادات لهم.
(19)
في وزارة النحاس الثالثة (١٩٣٦)
القانون 53 لسنة ١٩٣٦ في 16 يونيو ١٩٣٦، وهو القانون الذي نص علي نقل رفات المغفور له الزعيم سعد زغلول إلي ضريح سعد، وذلك إنهاء لمحاولة صدقي باشا (العابثة) تخصيص ضريح سعد لمومياوات الفراعنة بدلًا من أن يكون ضريحا لسعد علي نحو ما بني له.
القانون 58 لسنة ١٩٣٦ في ١٠ أغسطس ١٩٣٦ وهو قانون بإباحة دخول امتحان الدور الثاني لجميع الطلبة الراسبين في العام الدراسي ١٩٣٥/ ١٩٣٦.
القانون 59 لسنة ١٩٣٦ في ١٠ أغسطس ١٩٣٦ بالعفو الشامل عن الجرائم التي وقعت في المدة من ١٩ يونيو ١٩٣٠ إلي 8 مايو 1936.
القانون 63 لسنة ١٩٣٦ في 12 سبتمبر ١٩٣٦ وهو قانون التعدادات (الإحصاءات) العامة.
القانون 64 لسنة ١٩٣٦ في ١٤ سبتمبر ١٩٣٦وهو أول قانون للعمال وإصابات العمل.
القانون ٧٠ لسنة ١٩٣٦ في ٢٩ سبتمبر ١٩٣٦ بإلغاء ضريبة الخفراء في المدن والقري غير المفروضة فيها عوائد الأملاك المبنية.
القانون 15 لسنة ١٩٣٧ في ٢٩ مارس ١٩٣٧ وهو القانون الذي أوقف البيوع الجبرية عن بعض الأطيان الزراعية وما يتصل بها من مبان وأرض معدة للبناء حماية للملكيات الصغيرة، وفقراء الفلاحين.
القانون 16 لسنة ١٩٣٧ بتقسيط المتأخرات علي الممولين حتي ديسمبر ١٩٣٥ علي خمسة أقساط سنوية، وتنازلت الوزارة لمديني البنوك العقارية التي حلت محلها عن أرباحها من هذا الحلول مع تخفيض سعر الفائدة، كما تنازلت عن ٢٠% من أصل الدين تخفيفا علي المدينين من الفلاحين وغيرهم.
القانون 49 لسنة ١٩٣٧ في 24 يوليو ١٩٣٧ بلائحة النظام القضائي للمحاكم المختلطة.
القانون 57 لسنة ١٩٣٧ في 31 يوليو ١٩٣٧ وهو القانون الخاص بتحقيق الجنايات أمام المحاكم المختلطة.
القانون 58 لسنة ١٩٣٧ وهو قانون العقوبات.
القانون 59 لسنة ١٩٣٧ بإلحاق بعض المناطق التابعة لأقسام الحدود بالقضاء العادي.
القانون 62 لسنة ١٩٣٧ في 31 يوليو ١٩٣٧ وهو تعديل للقانون رقم 22 لسنة ١٩٢٨ بشأن التعليم لرياض الأطفال.
القانون 63 لسنة ١٩٣٧ بوضع نظام جديد لامتحانات الدور الثاني في بعض المدارس.
القانون 64 لسنة ١٩٣٧ وهو تعديل للقانون رقم ٢٦ لسنة ١٩٢٨ بشأن تنظيم المدارس الثانوية وامتحان شهادة الدراسة الثانوية لعلاج التعديلات المتعسفة التي أدخلتها عليه وزارتا إسماعيل صدقي في سنة ١٩٣١، ومحمد توفيق نسيم في 5سنة ١٩٣٥.
القانون 65 لسنة ١٩٣٧ بتعديل لائحة مدارس التجارة المتوسطة.
القانون 66 لسنة ١٩٣٧ بتعديل للقانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٢٨بشأن تظيم المدارس الابتدائية للبنين وإمتحان شهادة إتمام الدراسة الابتدائية لعلاج التعديلات التي أقحمت في عهدي إسماعيل صدقي، ومحمد توفيق نسيم.
القانون 67 لسنة ١٩٣٧ وهو القانون الذي تضمن الترخيص للطلبة المفصولين من كليات الجامعة بدخول الامتحان من الخارج حتي لا يحرموا من استكمال دراستهم الجامعية.
القانون 68 لسنة ١٩٣٧ وهو القانون الذي تضمن تعديلا لنسبة الدرجات الواجب الحصول عليها للنجاح (الحد الأدني) وتنظيم دخول امتحان الدور الثاني في كليات الجامعة المصرية.
القانون 69 لسنة ١٩٣٧ بإعادة تنظيم دار الكتب.
القانون ٧٠ لسنة ١٩٣٧ بوضع لائحة أساسية لمدرسة الفنون الجميلة العليا.
القانون 73 لسنة ١٩٣٧ في 31 يوليو ١٩٣٧ بالموافقة علي الاتفاقية المبرمة مع الشركة العالمية لقناة السويس البحرية، وتضمنت الاتفاقية السماح بإلحاق نسبة من الموظفين المصريين تصل إلي 33% من مجموع العاملين بالشركة، بالإضافة إلي تسديد مبلغ ٣٠٠ ألف جنيه سنويا للحكومة المصرية.
القانون 82 لسنة ١٩٣٧ بعمل دور ثان لطلبة العالمية النظامية وغير النظامية بالأزهر ولطلبة شهادة الدراسة العالمية الراسبين في امتحان التعيين.
في 11 سبتمبر ١٩٣٧ صدر مرسوم بإنشاء معهد ديني بمدينة شبين الكوم.
وفي عهد هذه الوزارة صدر قانون بإلغاء سخرة النيل التي كانت قد أعيدت في عهد وزارة إسماعيل صدقي ووزارات الأقلية.
وفي عهد هذه الوزارة بدء العمل في مشروع خزان أسوان حيث قامت الوزارة الوفدية بتعلية خزان أسوان من أجل زيادة الفائدة منه.
صدر مرسوم بإصدار المعاهدة الدولية لسلامة الأرواح في البحار، والمعاهدة الدولية الموقع عليهما بلندن سنتي ١٩٢٩ و١٩٣٠.
(20)
في عهد وزارة النحاس الرابعة (١٩٣٧)
القانون 72 لسنة ١٩٣٧ بإنشاء مجلس الدفاع الأعلي، وهيئة أركان حرب الجيش، وهو القانون الذي نص علي إلغاء منصب القائد الأعلي للقوات المسلحة الذي كان يشغله الملك فاروق، وهو الموضوع الذي ناقشناه بالتفصيل في الفصل الخاص بالقوات المسلحة والجيش المصري.
القانون 88 لسنة ١٩٣٧ في 11 أكتوبر ١٩٣٧ بتوسيع اختصاص المحاكم المختلطة بالنسبة لرعايا بعض الدول.
القانون 89 لسنة ١٩٣٧ بالتشريعات الذي تطبقها المحاكم المختلطة.
القانون 91 لسنة ١٩٣٧ باختصاص محاكم الأحوال الشخصية المصرية.
القانون 92 لسنة ١٩٣٧ بالإجراءات المقررة بشأن عقوبة السجن عند الامتناع عن تنفيذ حكم النفقة.
القانون 95 لسنة ١٩٣٧ بالرسوم المقررة بواسطة المجالس البلدية والمحلية والقروية.
(21)
في عهد وزارتي النحاس الخامسة والسادسة (١٩٤٢ – ١٩٤٤)
القانون 7 لسنة ١٩٤٢ في 12 أبريل ١٩٤٢ وهو قانون مجانية التعليم الابتدائي، وقد واصلت الوزارة عملها الداعم للمجانية الحقيقية حتي تحققت تغذية الأطفال بالمدارس الأولية والابتدائية مجانا.
القانون 8 لسنة ١٩٤٢ بتعديل قانون تنظيم المدارس الثانوية الصادر سنة ١٩٢٨ لعلاج مشاكل التطبيق.
القانون 9 لسنة ١٩٤٢ بتنظيم امتحانات الدور الثاني في معاهد التعليم للتيسير علي الطلبة وتمكينهم من فرص النجاح.
القانون ١٠ لسنة ١٩٤٢ بتعديل لائحة مدارس التجارة المتوسطة (وذلك استكمالا لما تم في القانون 65 لسنة 1937)
القانون 11 لسنة ١٩٤٢ بتعديل نسب الدرجات الواجب الحصول عليها للنجاح، وتنظيم دخول الدور الثاني في جامعة القاهرة.
القانون 12 لسنة ١٩٤٢ في 12 أبريل 1942 وهو قانون بتسوية الديون العقارية مع إلغاء القانونين رقم 3 لسنة ١٩٣٩ بتسوية الديون العقارية، ورقم 35 لسنة ١٩٣٩، والترخيص للحكومة بأن تضمن السندات التي يصدرها البنك العقاري المصري.
القانون ١٤ لسنة ١٩٤٢ في ١٤ أبريل ١٩٤٢ وهو قانون بالعفو الشامل عن الجنايات والجنح (التي وقعت في المدة من 31 ديسمبر ١٩٣٧ وحتي 6 فبراير سنة ١٩٤٢) والتي ارتكبت لأغراض سياسية، والعفو عن جميع الطلبة الذين فصلوا تأديبيا، والإذن لمن حرموا من الامتحانات بدخولها.
القانون ٢٩ لسنة ١٩٤٢ في ٢٠ يوليو ١٩٤٢ وهو أول قانون بعمل إحصاء عن العمال المشتغلين في الصناعة.
القانون 32 لسنة ١٩٤٢ في 2 أغسطس ١٩٤٢ وهو قانون إنشاء جامعة فاروق الأول (الإسكندرية).
القانون 52 لسنة ١٩٤٢ في ١٧ أغسطس ١٩٤٢ بإنشاء ديوان المحاسبة، علي أن يكون هذا الديوان هيئة مستقلة تختص بمراقبة إيرادات الدولة ومصروفاتها، وقد عهد إليه بالإشراف علي تحصيل إيرادات الدولة وإنفاق أموالها في الأغراض المخصصة لها.
القانون 60 لسنة ١٩٤٢ في ٣٠ أغسطس ١٩٤٢ وهو القانون القاضي بعدم جواز الحجز أو النزول عما يخص المستحقين في الأوقاف الأهلية إلا في حدود معينة.
القانون 62 لسنة ١٩٤٢ في ٣٠ أغسطس ١٩٤٢ وهو أول قانون بإيجاب استعمال اللغة العربية في علاقات الأفراد بالهيئات الحكومية ومصالحها.
القانون 63 لسنة ١٩٤٢ في ٣٠ أغسطس 1942 بفرض رسم إضافي للأعمال الخيرية.
القانون 71 لسنة ١٩٤٢ في 6 أغسطس ١٩٤٢ وهو قانون ينظم اختصاص المحاكم الأهلية بالحكم في الدعاوي المرفوعة علي الحكومة.
القانون ٨٠ لسنة ١٩٤٢ في 6 سبتمبر ١٩٤٢ وهو أول قانون لإعانة العمال وأسرهم في حالة العجز والوفاة.. إلخ.
القانون 85 لسنة ١٩٤٢ وهو أول قانون في شأن نقابات العمال وقد اعترف بشرعيتها وبشخصيتها الاعتبارية.
القانون 86 لسنة ١٩٤٢ بشأن التأمين الإجباري عن حوادث العمل.
القانون 88 لسنة ١٩٤٢ في 8 سبتمبر ١٩٤٢ بالتعويض عن التلف الذي يصيب المباني والمصانع والمعامل والآلات الثابتة بسبب الحرب.
القانون 91 لسنة ١٩٤٢ في 16 سبتمبر ١٩٤٢ وهو القانون الذي فرض إتاوة خاصة علي الربح الناتج عن عمليات القطن من محصول سنة ١٩٤٣ وقد قضي بأن كل مَنْ يحصل من تجارة القطن الناتج عن محصول سنة ١٩٤٢ علي ربح يجاوز 12% محتسبة علي ثمن الشراء والمصاريف تفرض عليه إتاوة خاصة تعادل نصف ما يزيد علي الربح المتقدم بيانه.
القانون 52 لسنة ١٩٤٣ في ٣٠ مايو ١٩٤٣ بتنظيم تربية وبيع نباتات الفاكهة.
القانون 58 لسنة ١٩٤٣ بالترخيص للحكومة بأخذ مبلغ من الاحتياطي لبناء صوامع لتخزين الغلال لحماية المحصول من التلف والنقصان.
القانون 36 لسنة ١٩٤٣ في ١٠ يوليو ١٩٤٣ وهو قانون استقلال القضاء، وقد قضي بعدم قابلية القضاة للعزل، ووضع قواعد ثابتة لتنظيم نقل القضاة ومدة الإقامة في مختلف المناطق لضمان اطمئنان القضاة، فضلا عن الضمانات في الترقية ورفع المرتبات.. إلخ، وأن يشرف علي شئون القضاة مجلس للقضاء الأعلي يؤلف من رئيس محكمة النقض رئيسا، والوكيل الدائم لوزارة العدل، ورئيس محكمة استئناف مصر، والنائب العام، ومستشار بمحكمة النقض تنتخبه الجمعية العمومية لمدة سنتين، ومستشار بمحكمة الاستئناف تنتخبه الجمعية العمومية لمدة سنتين، وقد تناولنا هذا الموضوع بالتفصيل في فصل خاص باستقلال القضاء.
القانون 67 لسنة ١٩٤٣ في 13 يوليو ١٩٤٣ بشروط النجاح في الامتحانات وتنظيم دخول الدور الثاني في جامعتي فؤاد الأول وفاروق الأول لتيسير النجاح علي الطلاب.
القانون 68 لسنة ١٩٤٣ في 6 أغسطس ١٩٤٣ وهو القانون الذي نص علي إلحاق إدارة قضايا الحكومة برئاسة مجلس الوزراء.
القانون 69 لسنة ١٩٤٣ في 6 أغسطس ١٩٤٣ بمنع خلط أصناف القطن، وذلك حفاظا علي سمعة القطن المصري، وعدم الإضرار بالمحصول الوطني حتي لا يتأثر دخل مصر وثروتها القومية نتيجة التلاعب في درجات القطن وأصنافه.
القانون 72 لسنة ١٩٤٣ بتنظيم تجارة المخصبات الزراعية.
القانون 77 لسنة ١٩٤٣ بشأن المواريث، وقد تضمن، كما نعرف، تعديلات تشريعية ذكية مستمدة من المذاهب الإسلامية.
القانون 79 لسنة ١٩٤٣ بإنشاء محكمتين شرعيتين في شبين الكوم والمنيا.
القانون 94 لسنة ١٩٤٣ في 6 أغسطس ١٩٤٣ وهو القانون الذي فرض رسم انتقال علي شراء الأوراق المالية.
القانون 99 لسنة ١٩٤٣ في 7 سبتمبر ١٩٤٣ وهو مرسوم بقانون بإعفاء السندات الصادرة بشأن تمصير الدين وفوائد هذه السندات من كل ضريبة مباشرة أو غير مباشرة (حاليا أو مستقبلا) بما في ذلك ضريبة الأيلولة علي التركات.
القانون 21 لسنة ١٩٤٤ في فبراير ١٩٤٤ بشأن المحامين المقبولين أمام المحاكم المختلطة.
القانون 22 لسنة ١٩٤٤ في 24 مارس ١٩٤٤ وهو القانون الخاص بتنظيم إحصاء الإنتاج الصناعي في جميع البلاد علي أن يجري الإحصاء مرة كل ثلاث سنوات وأن يتناول كافة البيانات التي تعطي تقييما كاملا للنشاط الصناعي في مصر.
القانون ٢٥ لسنة ١٩٤٤ في مارس ١٩٤٤ ببيان القواعد الواجب التطبيق في مسائل المواريث والوصايا.
القانون ٢٩ لسنة ١٩٤٤ في ٢٧ مارس ١٩٤٤ بتعويض أطقم السفن التجارية ضد أخطار الحرب.
القانون ٣٠ لسنة ١٩٤٤ في مارس ١٩٤٤ بشأن الإصلاح الزراعي القروي.
القانون 41 لسنة ١٩٤٤ في 32 أبريل ١٩٤٤ بشأن عقل العمل الفردي.
القانون 58 لسنة ١٩٤٤ في مايو ١٩٤٤ بشأن الجمعيات التعاونية المصرية.
القانون ٨٠ لسنة ١٩٤٤ في يونيو ١٩٤٤ بشأن صندوق المعاشات والمرتبات للمحامين في المحاكم المختلطة.
القانون 81 لسنة ١٩٤٤ بتعديل قانون الأحكام العرفية بأن يتولي رئاسة المحاكم العسكرية قاض أو ثلاثة مستشارين حسب الأحوال، وكان يتولي الرئاسة ضابط (أو ضباط) عسكريون.
القانون ٩٠ لسنة ١٩٤٤ في يوليو ١٩٤٤ بشأن تحديد الرسوم القضائية في المواد المدنية.
القانون 91 لسنة ١٩٤٤ بشأن تحديد الرسوم أمام المحاكم الشرعية.
القانون 92 لسنة ١٩٤٤ بشأن تحديد رسوم التسجيل والحفظ.
القانون 93 لسنة ١٩٤٤ بشأن تحديد الرسوم في المواد الجنائية.
القانون 98 لسنة ١٩٤٤ في أغسطس ١٩٤٤ وهو قانون المحاماة أمام المحاكم الوطنية.
القانون 101 لسنة ١٩٤٤ وهو قانون المحاماة أمام المحاكم الشرعية.
القانون 109 لسنة ١٩٤٤ في 24 أغسطس ١٩٤٤ بإنشاء قسم للمغتربين والوافدين (الغرباء) بالجامع الأزهر لتيسير التعليم الإسلامي للأجانب والشعوب العربية الإسلامي، وهو ما كان نواة لمدينة البعوث الإسلامية.
القانون 110 لسنة ١٩٤٤ في 24 أغسطس ١٩٤٤ بمكافحة الأمية ونشر الثقافة الشعبية.
القانون 123 لسنة ١٩٤٤ وهو أول قانون للبطاقات الشخصية.
القانون 124 لسنة ١٩٤٤ في أكتوبر ١٩٤٤ بفرض رسم أيلولة علي التركات.
القانون 140 لسنة ١٩٤٤ في أكتوبر ١٩٤٤ بنظام هيئات البوليس واختصاصاته، وكان أول قانون ينظم شئون ضباط البوليس ويحميهم من العزل ويرفع مرتباتهم.
القانون 145 لسنة ١٩٤٤ في أكتوبر ١٩٤٤ وكان أول قانون ينظم المجالس البلدية القائمة (عدا بلدية الإسكندرية بالطبع)، والمجالس المحلية القروية واختصاصاتها، وطريقة تشكيلها ومواردها وميزانيتها وسير العمل فيها وفي لجانها، وطريقة انتخاب أعضاء المجالس فيها.
7 سبتمبر ١٩٤٣ صدر مرسوم بقانون أذن لوزير المالية بأن يتخذ ما يراه من الإجراءات لتحويل الدين العام كله إلي دين أخف حملا، كما أذن له أن يعقد قروضا لاستهلاك (سداد) الدين العام، وتم طرح قروض للاكتتاب العام، وتمت تغطية الاكتتاب فيها خلال أيام قلائل، وهو ما عرف في تاريخنا الاقتصادي علي أنه تمصير الدين العام. ويذكر في هذا الصدد أنه تم تحويل الدين الممتاز والدين الموحد إلي دين محدد الأجل بـ٣٠ سنة يستهلك بعد ٢٠ سنة بالعملة المصرية.
وقد صدرت في عهد هاتين الوزارتين عدة أوامر عسكرية استعان بها النحاس باشا علي إنفاذ ما رآه بحاجة إلي الأوامر العسكرية، وما تضمنته هذه الأوامر من مزايا تشريعية في الإنقاذ السريع الحاسم وغير القابل للطعن:
أمر عسكري 239 لسنة ١٩٤٢ في 23 مارس ١٩٤٢ صدر أول أمر عسكري بشأن لجان التوفيق بين العمال وأصحاب الأعمال.
أمر عسكري 358 لسنة ١٩٤٢ في 9 ديسمبر ١٩٤٢ صدر أول أمر عسكري بصرف إعانة غلاء المعيشة للعمال.
أمر عسكري 468 لسنة ١٩٤٤ في ٢٨ فبراير ١٩٤٤ صدر أول أمر عسكري بتحديد حد أدني لأجور العمال الزراعيين.
أمر عسكري 469 لسنة ١٩٤٤ وهو أول أمر عسكري بإيجاب تقديم وجبات غذائية للعمال.
أمر عسكري 99 لسنة 1950 في 10 مارس 1950 بزيادة إعادة غلاء المعيشة للعمال والمستخدمين.
(22)
وفي عهد وزارة النحاس السابعة (١٩٥٠ – ١٩٥٢)
القانون 5 لسنة ١٩٥٠ في ٢٧ فبراير ١٩٥٠ وهو قانون بنقل الإشراف علي المجالس البلدية والقروية إلي وزير الشئون البلدية والقروية.
القانون 23 لسنة ١٩٥٠ في 1 أبريل 1950 في شأن مجلس الغنائم وإلحاقه برئاسة مجلس الوزراء بعد إلغاء سلطة الحاكم العسكري استعدادا لرفع الأحكام العرفية، وقد نص علي تطبيق قواعد القانون الدولي علي الدعاوي التي ترفع بشأن ضبط الغنائم، واستثني السفن الحربية المملوكة لإسرائيل من عرض أمرها علي مجلس الغنائم وتصبح ملكا للدولة بدون حاجة إلي عرض أمرها علي المجلس.
القانون 28 لسنة 1950 في 1 أبريل 1950 بفتح اعتماد إضافي بميزانية السنة المالية 1950/ 1951 لتكملة الاحتياجات التي تتطلبها سياسة إنصاف العمال باليومية، ولصرف الفروق المترتبة علي ذلك.
القانون 33 لسنة 1950 في 1 أبريل 1950 بزيادة حد الإعفاء وتخفيف الضريبة عن صغار مالكي الأراضي الزراعية.
القانون ٥٠ لسنة ١٩٥٠ في ٢٨ أبريل سنة ١٩٥٠ بإلغاء الأحكام العرفية في جميع أنحاء المملكة المصرية، فيما عدا محافظتي سيناء والبحر الأحمر، وأحال القانون الجرائم العسكرية إلي المحاكم العادية.
القانون 59 لسنة ١٩٥٠ في ٢٥ مايو ١٩٥٠ بمزاولة مهنة الطب وجراحة الأسنان وتضمن تعديل القانون الصادر سنة ١٩٢٨.
القانون 68 لسنة ١٩٥٠ في ٢٨ أبريل سنة ١٩٥٠ بزيادة مرتبات رجال القضاء والنيابة عما كانت عليه في قانون استقلال القضاء.
القانون 72 لسنة ١٩٥٠ بتعديل أحكام لائحة ترتيب المحاكم الشرعية.
القانون 87 لسنة ١٩٥٠ في ٢٦ مايو ١٩٥٠ برفع مرتبات أعضاء مجلس الدولة.
القانون 89 لسنة 1950 في 5 يوليو 1950 بشأن إصابات العمل لعلاج عيوب القانون السابق إصداره في هذا الشأن.
القانون ٩٠ لسنة ١٩٥٠ في 5 يوليو ١٩٥٠ بتقرير المجانية في رياض الأطفال والتعليم الثانوي والتعليم الفني، ويهذا كان الوفد أول مَنْ قرر مجانية التعليم الابتدائي عام ١٩٤٢، أول مَنْ قرر مجانية التعليم الثانوي والفني ورياض الأطفال عام ١٩٥٠، أما في الجامعات فإن واقع الأمر أن كثيرين من الطلبة بالجامعات كانوا يتعلمون بالمجان، وكانوا لا يسددون سوي رسوم القيد في أول كل عام، وكانت 3.5 جنيه (ثلاثة جنيهات ونصف جنيه) سنويا، ومن المعروف أنه لم يفصل طالب واحد بسبب عدم سداد المصروفات المدرسية أو الجامعية أو غيرها في عهد الوفد، وفي نهاية كل عام كانت تصدر قرارات من الجامعات والمعاهد بإعفاء الطلاب الذين لم يسددوا المصروفات الجامعية منها، والسماح لهم بدخول الامتحانات، وكانت نسبة هؤلاء تصل إلي حوالي 60%، وهكذا كان التعليم كله والتعليم الجامعي المصري المتميز والممتاز أقرب ما يكون إلي المجانية، فضلا عن الإتاحة!!
القانون 93 لسنة ١٩٥٠ في ١٠ يوليو ١٩٥٠ بإنشاء وتنظيم جامعة إبراهيم باشا الكبير.
القانون 96 لسنة 1950 في ١٩ يوليو 1950 وهو قانون بشأن صرف مياه المباني والمواد المختلفة في المجاري.
القانون 97 لسنة 1950 في 24 يوليو 1950 وهو قانون بشأن عقد العمل المشترك بين العمال وأصحاب الأعمال.
القانون 98 لسنة 1950 في 24 يوليو 1950 وهو قانون بشأن المجلس البلدي بالإسكندرية.
القانون 106 لسنة 1950 في 3 أغسطس 1950 بتنظيم النقل العام للركاب بالسيارات.
القانون 111 لسنة ١٩٥٠ في أغسطس ١٩٥٠ باللائحة الأساسية للمعهد الملكي لعلوم البحار بجامعة فؤاد الأول.
القانون 112 لسنة ١٩٥٠ باللائحة الأساسية للمعهد الملكي للأرصاد بجامعة فؤاد الأول.
القانون 113 لسنة ١٩٥٠ باللائحة الأساسية لمعهد الدراسات السودانية (معهد الدراسات الإفريقية حاليا) بجامعة فؤاد الأول.
القانون 114 لسنة ١٩٥٠ في 7 أغسطس بوجوب احتساب مدد الاشتغال بالمحاماة في معاش الموظف الفني، وذلك عند تعيين المحامي في وظائف القضاء أو النيابة العامة، أو وظائف مجلس الدولة، أو وظائف إدارة قضايا الحكومة (هيئة قضايا الدولة).. إلخ، وذلك لتشجيع قبول الأكفاء من المحامين للعمل بسلك القضاة.
القانون 116 لسنة 1950 في 9 أغسطس 1950 بالضمان الاجتماعي.
القانون 118 لسنة 1950 في 9 أغسطس 1950 وهو القانون الذي فرض علي ملاك الأراضي الزراعية تقديم خدمات اجتماعية وصحية في العزب التي يقومون بإنشائها، وقد أوجب هذا القانون علي ملاك العزب عند إنشائها أن يتم توفير المياه النقية الصالحة لسكان العزبة، وإنشاء حوض مياه لشرب المواشي، وتخصيص مكان يضع فيه السكان السماد العضوي، وتخصيص مكان آخر للأحطاب، وإنشاء صندوق للإسعافات الأولية، وإنشاء قاعة للاجتماعات، وزاوية للصلاة.. إلخ، كما وضع شروطا صحية لمباني العزب من حيث الارتفاع والمساحة والتهوية.. إلخ، وأن يتعهد مالك العزبة مساكنها ومنشآتها بالإصلاح والترميم المستمر، ويقع عليه وحده جميع مصاريف الإنشاء والتكاليف، وأنه لا يجوز تحميل سكانها أي مصاريف في هذا الشأن.
القانون 131 لسنة ١٩٥٠ في ١٧ أغسطس ١٩٥٠، وهو القانون الذي ربط درجات أعضاء هيئة التدريس بكليات الجامعات المصرية بدرجات رجال القضاء والنيابة، وساوي بينهم في المرتبات.
القانون 132 لسنة 1950 في ١٧ أغسطس 1950 بشأن الألبان ومنتجاتها.
القانون 148 لسنة 1950 في 13 أغسطس 1950 وهو قانون إنشاء مجلس بلدي لمدينة بورسعيد وذلك أملا في أن تنهض بورسعيد نهضة موازية للنهضة التي حدثت في الإسكندرية علي يد مجلسها البلدي الشهير.
القانون 149 لسنة ١٩٥٠ في 3 سبتمبر ١٩٥٠ بإعادة تنظيم الجامعة بما يضمن تحقيق استقلال الجامعة وحريتها في إدارة أمورها.
القانون 150 لسنة ١٩٥٠ في 3 سبتمبر ١٩٥٠ بفرض ضريبة إضافية علي الأرباح التجارية والصناعية لمصلحة المجالس البلدية والقروية بنسبة ١٠% علي ضريبة الأرباح التجارية والصناعية وحدها، وتحصل مع الضريبة الأصلية وذلك لتمويل اعتماد المجالس البلدية والقروية.
القانون 155 لسنة ١٩٥٠ في 13 سبتمبر ١٩٥٠ بالأسماء التجارية.
القانون 156 لسنة ١٩٥٠ في 13 سبتمبر ١٩٥٠ بالإشراف والرقابة علي هيئات التأمين وتكوين الأموال.
القانون 158 لسنة ١٩٥٠ في 13 سبتمبر ١٩٥٠ بمكافحة الأمراض الزهرية والمعدية وبعلاج هذه الأمراض علي نفقة الدولة، وقد أوجب هذا القانون الكشف علي المرضعات.
القانون 160 لسنة ١٩٥٠ في 13 سبتمبر ١٩٥٠ وهو قانون لأحكام الجنسية المصرية.
القانون 163 لسنة ١٩٥٠ في 13 سبتمبر 1950 وهو قانون بشأن التسعير الجبري وتحديد الأرباح.
القانون 189 لسنة ١٩٥٠ في 15 أكتوبر ١٩٥٠ بوقف التقادم المسقط لحق الحكومة في المطالبة بالضريبة علي رءوس الأموال المنقولة، وعلي الأرباح التجارية والصناعية، وعلي الأرباح الاستثنائية.
القانون 198 لسنة ١٩٥٠ في 22 أكتوبر ١٩٥٠ بشأن الغرف التجارية وقد تضمن النص علي اعتبار الغرف التجارية من المؤسسات العامة، وأن يكون إنشاء الغرف التجارية مطابقا للاحتياجات التجارية والصناعية لمناطق القطر دون التقيد بالتقسيم الإداري.
القانون 9 لسنة ١٩٥١ في ١٧ يناير ١٩٥١ بإنشاء معهد الوثائق والمكتبات في جامعة فؤاد الأول واللائحة الأساسية للمعهد.
القانون 23 لسنة ١٩٥١ في 8 فبراير ١٩٥١ بتنظيم مهنة وكلاء البراءات والاختراع.
القانون 35 لسنة 1951 في 6 مارس 1951 وهو القانون المنظم لحقوق الامتياز والرهون البحرية.
القانون 37 لسنة 1951 في 10 مارس 1951 بمنع غير المصريين من تملك الأراضي الزراعية في مصر، وقد حظر هذا القانون علي غير المصريين، سواء كانوا أشخاصا طبيعيين أو اعتباريين، اكتساب ملكية الأراضي الزراعية، والأراضي القابلة للزراعة، والأراضي الصحراوية في مصر، ويشمل هذا الحظر الملكية التامة، كما يشمل ملكية الرقبة، أو حق الانتفاع، ورتب البطلان لكل تصرف يصدر لغير المصريين مخالفا لأحكام هذا القانون، وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.
القانون 42 لسنة ١٩٥١ في 12 مارس ١٩٥١ وهو قانون لإنشاء معهد العلوم السياسية واللائحة الأساسية له.
القانون 56 لسنة ١٩٥١ في ٢٦ مارس ١٩٥١ وهو تعديل للقانون الصادر سنة 1946 بوقاية المزروعات من الآفات الواردة من الخارج، ويقضي بأن الرسائل الممنوع دخولها أو المستوردة بالمخالفة لأحكام القانون يعاد تصديرها بواسطة مَنْ أدخلها أو استوردها وعلي نفقته في مدي عشرة أيام من تاريخ وصولها.
القانون 57 لسنة 1951 في 27 مارس 1951 وهو قانون بإنشاء بنك مركزي للدولة، وبمقتضي هذا القانون تم تحويل البنك الأهلي المصري إلي بنك مركزي مع تمصيره، وزيادة إشراف الحكومة عليه، وأصبح البنك ملكا للدولة، وأصبح للبنك المركزي حق الإشراف علي البنوك الأخري التي عليها إيداع نسبة معينة من ودائعها بالبنك المركزي للعمل علي ثبات قيمة النقد، وتنظيم الائتمان، فضلا عن قيام البنك بإصدار أوراق النقد والأعمال المصرفية الحكومية، واشترط القانون أن يكون محافظ البنك وأعضاء مجلس الإدارة جميعا من المصريين.
القانون 61 لسنة ١٩٥١ في 9 أبريل ١٩٥١ بإنشاء صندوق معاشات وإعانات للصحفيين.
القانون 63 لسنة 1951 في ١٧ أبريل 1951 وهو قانون بإنشاء المنشأة الاقتصادية للقوات المسلحة (المؤسسة الاقتصادية للقوات المسلحة).
القانون 64 لسنة ١٩٥١ في 22 أبريل ١٩٥١ وهو قانون بإنشاء كلية طب طنطا تابعة لجامعة فؤاد الأول.
القانون 66 لسنة 1951 في ٢٦ أبريل 1951 وهو قانون الجمعيات.
القانون 86 لسنة ١٩٥١ في 31 مايو ١٩٥١ وهو قانون في شأن المدد التي تحتسب في المعاش، وقد عالج هذا القانون مشكلة معاشات الموظفين التي صدرت بها قرارات مجلس الوزراء مخالفة لقوانين المعاشات.
القانون 89 لسنة ١٩٥١ في 3 يونيو ١٩٥١ صدر قانون بشأن الاتجار في مبيدات الحشرات الضارة والحشائش والأمراض النباتية وصناعاتها.
القانون 102 لسنة 1951 في 4 يوليو 1951 وهو قانون خاص برعاية الحيوانات، وبالاحتياطات التي تتخذ لمقاومة الأمراض المعدية والوبائية في الحيوانات والطيور المستأنسة.
القانون 111 لسنة ١٩٥١ في ٢٥ يوليو ١٩٥١ وهو القانون الذي نص علي عدم جواز الحجز علي مرتبات الموظفين والمستخدمين بما يجاوز الربع إلا في الحالات التي تقتضيها الظروف المعيشية للموظفين كأسقاط المشتريات وغيرها.
القانون 126 لسنة ١٩٥١ في 15 أغسطس ١٩٥١ بإضافة كتاب رابع إلي قانون المرافعات المدنية والتجارية في الإجراءات المتعلقة بالأحوال الشخصية.
القانون 130 لسنة ١٩٥١ في ١٨ أغسطس ١٩٥١ بإنشاء ديوان الموظفين (الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة حاليا).
القانون 132 لسنة ١٩٥١ في 15 سبتمبر ١٩٥١ بشأن الإجراءات في القضايا الخاصة بالجرائم التي تقع بواسطة الصحف لسرعة الفصل في هذه القضايا في جلسة تعقد في ظرف أسبوعين من تاريخ إحالتها إلي المحكمة.
القانون 140 لسنة 1951 في سبتمبر 1951 بإنشاء مجلس أعلي لمصانع وزارة الحربية والبحرية.
القانون 142 لسنة ١٩٥١ في سبتمبر ١٩٥١ وهو قانون تنظيم التعليم الثانوي.
القانون 143 لسنة ١٩٥١ وهو قانون تنظيم مرحلة التعليم الابتدائي.
القانون 152 لسنة ١٩٥١ في 23 سبتمبر ١٩٥١ بتحريم الحبس الاحتياطي في الجرائم التي تقع بواسطة الصحف إلا إذا كانت الجريمة من جرائم أمن الدولة، أو تتضمن طعنا في الأعراض، أو تحريضا علي إفساد الأخلاق.
القانون 163 لسنة ١٩٥١ في ٣٠ سبتمبر ١٩٥١ وهو القانون الخاص بتنظيم مهنة المحاسبة والمراجعة، وقد نص القانون علي أنه لا يجوز أن يزاول مهنة المحاسبة والمراجعة إلا من كان اسمه مقيدا في السجل العام للمحاسبين والمراجعين.
القانون 171 لسنة 1951 في 1 أكتوبر 1951 وهو قانون خاص بالفصل في صحة نيابة أعضاء مجلس البرلمان، وقد أعطي لمحكمة النقض اختصاص الفصل في صحة أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب الذين قدمت طعون في صحة نيابتهم، وتقضي المحكمة ببطلان الانتخاب والتعيين إذا توافر سبب من الأسباب التي ينص عليها الدستور أو قانون الانتخاب.
القانون 172 لسنة 1951 في 6 أكتوبر 1951 وهو القانون الخاص بإنشاء مديرية جديدة هي مديرية الفاروقية (التي أصبحت فيما بعد: كفر الشيخ).
القانون 177 لسنة 1951 وهو أول قانون بشأن التعويض عن أمراض المهنة.
القانون 193 لسنة ١٩٥١ في ٢٥ أكتوبر ١٩٥١ وهو قانون بشأن الكسب غير المشروع، وذلك للرقابة علي استغلال الوظيفة في الكسب غير المشروع.
القانون 204 لسنة ١٩٥١ في ٢٥ أكتوبر ١٩٥١ وهو قانون بوضع نظام لتسجيل مبيعات القطن المحلوج للتصدير وذلك حماية لسمعة مصر في الخارج من التلاعب.
القانون 205 لسنة ١٩٥١ في 26 أكتوبر ١٩٥١ وهو قانون في شأن السمسرة ببورصة العقود وقد حدد هذا القانون نسبة السمسرة المستحقة عن كل عملية بجدول مرافق للقانون.
القانون 206 لسنة 1951 في ٢٧ أكتوبر 1951 وهو قانون بشأن المساكن الشعبية، وقد أعفي هذا القانون كل مسكن شعبي من عوائد الأملاك المبنية لمدة خمس سنوات من بدء الانتفاع، كما أعفي من الضرائب بجميع أنواعها رءوس الأموال التي تستثمر في إنشاء المساكن الشعبية.
القانون 210 لسنة ١٩٥١ في 2٨ أكتوبر ١٩٥١ وهو قانون بشأن نظام موظفي الدولة (قانون العاملين)، وكان من مزاياه أنه ينظم شئون الموظفين ويرسي قواعد التوظف بالحكومة علي قواعد ثابتة وموضوعية، وينظم شئون الموظفين تنظيما وافيا موحدا في التعيين وتحديد المرتب والعلاوات والترقيات والتقارير السنوية والنقل والإجازات الاعتيادية والعرضية والمرضية، والواجبات المفروضة عليهم، وألحق بالقانون جداول بالدرجات والمرتبات (الكادر)، واستحدث هذا القانون نظام الامتحانات كشرط للتعيين، وأوجب هذا القانون تشكيل لجنة شئون الموظفين لها اختصاصات في الترقية والنقل.. إلخ، وأصبحت العلاوة حقًّا للموظف لا منحة، وعلي أساس التقارير السنوية… إلخ.
القانون 211 لسنة 1951 في ٢٨ أكتوبر 1951 وهو قانون برفع مرتبات ضباط الجيش.
القانون 212 لسنة 1951 وهو قانون برفع مرتبات الضباط والكونستبلات في البوليس والمصالح الأخري.
القانون 214 لسنة ١٩٥١ في 31 أكتوبر ١٩٥١ وهو قانون بإنشاء صندوق ادخار للنظار وناظرات ومدرسي ومدرسات المدارس الابتدائية الأصليين والمنقولين.
القانون 215 لسنة 1951 في 31 أكتوبر 1951 وهو قانون لحماية الآثار، وقد اعتبر أن الأثر هو كل عقار أو منقول ينتمي إلي عصر ما قبل التاريخ أو العصور التالية، أو يكشف في مصر لحضارة أجنبية لها اتصال بمصر.. أو تقرر السلطة المختصة اعتباره في حكم الآثار، وأن تكون جميعها من أملاك الدولة، ولا تكون محلا للملكية الخاصة أو التصرفات، وحرم الاتجار فيها أو نقلها أو تصديرها للخارج إلا بترخيص ورتب عقوبات علي مخالفة ذلك، كما رتب عقوبات بالمصادرة ورد الشيء إلي أصله علي حساب المخالف.
القانون 218 لسنة ١٩٥١ في 2 نوڤمبر ١٩٥١ بتعديل أحكام قانون فرض ضريبة عامة علي الإيراد، ويقضي بزيادة الضريبة علي الإيراد العام، وبلغت هذه الضريبة ٧٠% من الدخل إذا زاد علي ٥٠ ألف جنيه في السنة.
القانون 219 لسنة ١٩٥١ في 3 نوفمبر ١٩٥١ بإنشاء نقابة للمهن التعليمية للعمل علي رفع مستوي المدرسين والمهن التعليمية ونشر الثقافة ورعاية مصالح أعضائها الأدبية والمادية.
القانون 221 لسنة ١٩٥١ في 9 نوفمبر ١٩٥١ بزيادة الضريبة علي المسارح والملاهي والسينما والسيرك وسباق الخيل وغيرها.
القانون 224 لسنة ١٩٥١ بتقرير رسم التمغة لزيادة موارد الدولة.
القانون 225 لسنة ١٩٥١ بتقدير الإيجار السنوي للأراضي الزراعية المتخذ أساسا لتعديل ضريبة الأطيان كل عشر سنوات بدلًا من سبع سنوات.
القانون 226 لسنة ١٩٥١ في 9 نوفمبر ١٩٥١ وهو قانون بحظر استخدام أحد من بين سن الثانية عشرة والثلاثين إلا بعد تقديم شهادة المعاملة، وأن يحتفظ للمجندين من الموظفين أو العمال بوظائفهم عند تجنيدهم.
القانون 229 لسنة ١٩٥١ في 12 نوفمبر ١٩٥١ وهو قانون بشأن الموازين والمقاييس والمكاييل.
القانون 5 لسنة ١٩٥٢ في يناير ١٩٥٢ وهو القانون الذي تضمن زيادة الإعفاء وتخفيف الضريبة عن صغار مالكي الأراضي الزراعية.
وفي عهد هذه الوزارة
في 15 أبريل ١٩٥٠ صدر مرسوم بإعفاء أبناء رجال التعليم الحاليين والسابقين من رسوم القيد والامتحان بجامعتي فؤاد الأول وفاروق الأول، وتقرر منح مكافآت للطلاب المتفوقين الذين يحضرون لدرجة الليسانس أو البكالوريوس بواقع ٣٠ جنيها مكافأة في السنة علي أقساط طوال مدة الدراسة، ويشترط لمنح المكافآت النجاح في امتحان المسابقة الذي يعقد لهذا الغرض، ومنح الطلاب الحاصلين علي الليسانس أو البكالوريوس بتفوق مكافأة 120 جنيها، علي أن يتعهد الطالب بمواصلة الدراسة في الدراسات العليا.
في 11 يونيو 1950 و21 نوفمبر 1950 وافق مجلس الوزراء علي إنصاف عمال اليومية ومَنْ في حكمهم، وكان كادر عمال الحكومة الصادر في نوفمبر 1944 لا يسري علي العمال الذين عينوا بعد أول مايو 1945، فضلا عن رد نسب الـ 12% التي خصمت من أجورهم عند تسوية حالتهم بكادر العمال.
في ١٩ أكتوبر ١٩٥٠ صدر مرسوم بإنشاء مصلحة الملكية الصناعية للرقابة علي الصناعات وتدعيمها.
في ١٩ أكتوبر ١٩٥٠ صدر مرسوم باعتماد لائحة النظام الدراسي والتأديبي لطلاب الجامعة.
في 6 نوفمبر ١٩٥١ صدر مرسوم باللائحة التنفيذية لتنظيم المباني.
في ١٨ ديسمبر ١٩٥١ صدر مرسوم بإنشاء المجلس الاقتصادي الاستشاري الأعلي.
وفي عهد هذه الوزارة صدر مرسوم بإنشاء المجلس الاستشاري للمصايد.
في 8 مارس 1951 صدر أول قانون بإنشاء كلية الطيران الحربي الملكية (الكلية الجوية).
في ٢٩ مارس 1951 صدر مرسوم بشأن إنشاء مجلس أعلي للنقل البحري.
في 9 أبريل ١٩٥١ صدر مرسوم باعتماد نظام جمعية فؤاد الأول للهلال الأحمر المصري (جمعية الهلال الأحمر).
في 12 أغسطس ١٩٥١ وافق مجلس الوزراء علي إنصاف العمال مرة أخري بتعديل ورفع درجات وظائف كادر العمال لجميع الطوائف، وحدد القرار مدد الترقية لكل وظيفة.
في ١٨ نوفمبر ١٩٥١ قرر مجلس الوزراء إيقاف التعيين بتاتا لتعيين عمال القنال بالوظائف الخالية بالوزارات والمصالح، وتشكيل لجنة لإعادة توزيع عمال الجيش البريطاني وتقدير أجورهم.
في ٣٠ ديسمبر ١٩٥١ صدر عن مجلس الوزراء كادر عمال النقل المشترك، وتقرر تطبيقه علي عمال النقل بالإسكندرية، ومنح الدرجات المعدلة للعاملين بالنقل بمدينة الإسكندرية اعتبارا من 12 أغسطس ١٩٥١.
في 12 يناير ١٩٥٢ صدر عن وزير المالية قرار بشأن كادر عمال القنال يتضمن قواعد تقدير أجور الكتبة والمخزنجية والعمال علي اختلاف حرفهم وسن التقاعد.
في 8 فبراير ١٩٥٠ صدر مرسوم بإنشاء وزارة للشئون البلدية والقروية.
في 6 مارس ١٩٥٠ صدر مرسوم بإنشاء وزارة الاقتصاد الوطني.
في 11 فبراير ١٩٥٠ وافق مجلس الوزراء علي إعادة الطلاب الذين فصلوا من جامعتي فؤاد الأول وفاروق الأول والمعاهد الأخري خلال المدة من أكتوبر ١٩٤٤ وحتي 8 فبراير ١٩٥٠ والسماح لهم بدخول الامتحانات.
في ٢٧ مارس ١٩٥٠ صدر مرسوم بإنشاء معهد ديني في مدينة سمنود.
في ٢٠ أبريل 1950 صدر مرسوم بإنشاء مجلس للسياحة والمصايف والمشاتي برئاسة وزير الاقتصاد.
في ١٧ مارس ١٩٥١ صدر مرسوم باعتماد لائحة النظام الأساسي لمؤسسة فاروق الأول لمكافحة الحفاء.
(23)
هكذا كان النحاس باشا حريصا كل الحرص علي دعم توجهاته التنموية والاقتصادية بسياسات تشريعية متينة و صائبة، وكان بحكم ممارسته السابقة لمهنة القضاء يري التشريع صمام أمن يضمن للتنمية أن تمضي في سبيلها، كما كان يري فيه أدأة مؤثرة في توفير التمويل، ورفع المعاناة في الوقت ذاته.. وهكذا.. وهكذا.. وعلي سبيل المثال فقد رأينا النحاس باشا في وزارته الثانية (١٩٣٠) وقد استصدر قانونًا بوضع تعريفة جديدة للرسوم الجمركية، كما استصدر قانونًا بفرض رسم إنتاج علي حاصلات الأرض المصرية، وعلي منتجات الصناعة المحلية…إلخ.
وقد رأينا أنه في عهده تم إلغاء ضريبة الخفراء، والموافقة علي مشروع قانون بتسوية الديون العقارية. ورأينا أنه في عهده تمت الموافقة علي تحسين حالة عمال اليومية في مختلف المصالح الحكومية. وإلي عهد النحاس باشا يرجع الفضل في إتمام المراحل الأخيرة من تشريعات إلغاء السخرة بكل ما تعنيه هذه التشريعات.
(24)
وقد سجل إبراهيم فرج في أكثر من موضع من مذكراته مدي وعي النحاس للبعد الاجتماعي في سياسته الداخلية والاقتصادية، ومع أنه لا يستخدم هذا التعبير الذي نستخدمه فإنه كان واعيا بما فيه الكفاية للتوجهات الاشتراكية وهو يصف سياسات الوفد بالاشتراكية، ويحرص في ذات الوقت علي نفي الصفة الشيوعية عنها.
(25)
وقد لفت إبراهيم فرج النظر في مذكراته، الي حقيقة أن وزارة الوفد الأخيرة كانت أول مَنْ مارس سياسة تأميم الشركات، لكن القراءة المستوعبة لتاريخ النحاس تدلنا علي أن التمصير أو التأميم كان سياسة مبكرة بدأها النحاس باشا منذ ١٤ مايو ١٩٢٨ حين تم استرداد خط ترام الإسكندرية من الشركة المالكة بعد تعويضها، وأسندت إدارته إلي مجلس بلدي الإسكندرية، وكان هذا في الواقع أول تأميم أو تمصير لإحدي الشركات الأجنبية في مصر.
وسنري في القصة التي يرويها إبراهيم فرج (عن عهد وزارة الوفد الأخيرة) نموذجا رائدا لدور الدولة القوية في الاقتصاد الحر حين تستطيع الدولة حماية مصالح المواطنين والشعب بسلطات قانونية قادرة علي التفريق بين ما هو مشروع وما هو مفترض.
وبوسعنا أن نضيف إلي هذه القصة قصتين أخريين يرويهما كل من صليب سامي وعبد الرحمن الرافعي في مذكراتيهما اللتين تتناولان نفس الفترة (وقد تدارسناهما في كتابنا علي مشارف الثورة)، وتتعلق القصتان بقدرة وزيري التموين (الرافعي وصليب سامي) علي إيقاف الشركات الكبري عند حدها بالقانون إذا ما مست سياستها مصالح الجماهير أو سياسة الدولة القوية التي لا بد لها ومنها من أجل إحكام السيطرة علي الأسواق ومواجهة الاحتكار والإغراق… إلخ.
ومن خلال هذه الروايات لوزراء ثلاثة مختلفي الانتماءات نستطيع أن نفهم بوضوح أن دور الدولة في ذلك الوقت كان قد تبلور وتجسد إلي الحد الجميل والفاعل الذي أصبحنا نتحرق إلي وجوده اليوم في ظل اقتصاديات السوق التي عدنا إلي الأخذ بها.
وربما تدلنا هذه الروايات الثلاث علي مدي ما كانت الدولة قد وصلت إليه من خلال مختلف الأحزاب (لا من خلال الوفد فحسب) من إحكام لسيطرتها علي الحياة الاقتصادية من خلال التشريع الجيد، والتطبيق الأمين لهذا التشريع.
(26)
بل نري إبراهيم فرج وهو يتحدث عن قبول النحاس لمبدأ التأميم، بل وأخذه به رغم العلاقات الوثيقة التي كانت تربط رجال الشركة المؤممة ومحاميها بالوفد:
«… أيد النحاس باشا تأميم الصناعات الكبيرة والمرافق الرئيسية.. ولم يكن ليعارض إجراءات تستفيد منها غالبية الشعب. وأنا سأذكر لك واقعة حدثت في وزارة الوفد عام ١٩٥٠ وكنت وزيرا للشئون البلدية والقروية، وهي أن شركة الكهرباء أو المياه ـ لا أذكر ـ التي كان لها حق الامتياز في مدينة أسيوط انتهت مدة عقدها وأرادت تجديده واكتشفنا وجود بعض المخالفات المالية فأعطاني أمرا بصفتي الوزير المختص بتأميمها فورا، وفعلا أصدرت قرار تأميمها، وحاولت الشركة بكل السبل تجديد العقد، ووكلت عددا من كبار المحامين لا داعي لذكر أسمائهم، ليساعدوها في تجديد العقد، ومعظمهم كان علي علاقة طيبة معنا.. والشركة أرادت أن تستغل صلاتهم بنا وبالقصر اعتقادا منها أن ذلك سيسهل لها الأمر.. بل وقامت بتوسيط سفراء أجانب».
«ورغم ذلك فقد رفضنا تماما التراجع عن التأميم واستولينا علي الشركة».
…. …. …. …. …. …. …. …. …. …. ….
…. …. …. …. …. …. …. …. …. …. ….
«فالوفد بحكم مبادئه ديمقراطي، والنحاس باشا نفسه كان يؤمن بذلك.. ولكن الاشتراكية لا تعني الماركسية.. إنما هي اشتراكية وطنية وفدية.. وكثير من هذه القوانين الاشتراكية كان يصدرها الرجل الذي يتهمونه بأنه إقطاعي وهو فــؤاد سراج الدين.. وهو الذي وقع قانون إنشاء النقابات العمالية عندما كان وزيرا للشئون الاجتماعية.. هذه هي ميزة الوفد».
(27)
والشاهد أن إبراهيم فرج فيما يرويه بسلاسة وصدق يجعل القارئ يتعجب لكل هذه الطنطنة التي أحيطت بها بعض إنجازات الثورة، ولا تزال تحاط بها علي غير استحياء من حقائق التاريخ وحقائق التحول الاجتماعي نفسه، ويجد الإنسان نفسه في حيرة هل كان ضروريًا لسياسات التحول الاجتماعي أن تتشدق بكل هذه الأيديولوجيات حتي تجد لنفسها مكانًا تحت ضوء الشمس؟
ولست أجد حرجًا في أن أكرر أن دراسة التقدم الاجتماعي والاقتصادي لمصر المعاصرة لا يمكن أن يتم علي نحو أمين بينما نحن نهمل استقصاء جهود النحاس علي الصعيدين التنفيذي والتشريعي في الفترات التي أتيح له فيها أن يمارس الحكم.
(28)
وفي غضون حديث إبراهيم فرج عن موقف النحاس والوفد من قانون الإصلاح الزراعي في بداية عهد الثورة، استطرد إبراهيم فرج إلي الحديث عن فكر النحاس فيما يتعلق بالإصلاح الزراعي:
«وعلي كل حال.. فالنحاس باشا لم يكن ليرفض أي مشروع أو قانون يحقق مصلحة شعبية لأنه زعيم شعبي.. وموقفه من الإصلاح الزراعي ليس جديدا.. إذ كان له موقف منه قبل ذلك عندما قدم محمد خطاب عضو مجلس الشيوخ مشروعا بتحديد الملكية فأحيل إلي لجنة الشئون الاجتماعية في مارس سنة ١٩٤٤».
«وأعلم أن النحاس أوصي بقبوله من حيث المبدأ وبالفعل درست اللجنة هذا القانون وقدمت تقريرها بالموافقة عليه مع رفع حد الملكية إلي مائة فدان بدلًا من خمسين كما جاء بالمشروع. وطبعا هذا التصرف من جانب النحاس ينبئ عن ميله لتحديد الملكية وسعيه إليها، ثم أقيلت الوزارة في ٨ أكتوبر سنة ١٩٤٤ قبل أن يناقش المجلس هذا القانون، وظل رابضا في أضابير المجلس حتي تقرر رفضه في سنة ١٩٤٧ في عهد الحكومة التي كان ينتمي إليها مقدم المشروع».
يقصد إبراهيم فرج وزارة النقراشي باشا زعيم حزب السعديين الذي كان محمد خطاب ينتمي إليه! والمعني المقصود واضح وهو أن الوفد رحب وشكل لجنة وافقت علي الوصول إلي حل وسط، وهو تحديد الملكية بمائة فدان، أي بأقل مما حددت به الثورة الملكية، ولكن التي رفضته كانت حكومة غير وفدية.
(29)
وكما كانت هناك إنجازات قانونية وإدارية وتنظيمية وتنموية شرع فيها الوفد ونجح في إقرارها وتنفيذها فقد كانت هناك محاولات أخري توقفت في منتصف الطريق لسبب أو لآخر (وهذه هي طبيعة الأمور في مثل هذه التشريعات والإجراءات الهادفة إلي تحقيق التطور الاجتماعي)، وربما نضرب المثل علي هذه المحاولات بما رواه عبد الفتاح حسن عن إحدي محاولاته الإصلاحية، التي لم يقدر لها النجاح في الفترة التي عمل فيها كوزير دولة مكلفا بوزارة الداخلية بالإنابة، ومن قبل كوكيل برلماني لوزارة الداخلية، وهي محاولته إلغاء نظام العمد، وقد حرص هو نفسه كما أشرنا في كتابنا «في رحاب العدالة» علي الإشارة إلي أن نواب الوفد (وكانوا هم الأغلبية) قد وأدوا اقتراحه علي الرغم من أنه كان وزيرًا وفديا (!!) وعلي الرغم من أن عضو البرلمان الذي قدم هذا المشروع باسمه كان وكيل البرلمان الوفدي، بل كان أيضًا وزيرًا وفديا فيما بعد:
يقول عبد الفتاح حسن:
«كتبت بنفسي مشروع قانون جديد للعمد، وحررت مذكرة إيضاحية وسلمتهما إلي عبد المجيد عبد الحق ـ وكيل مجلس النواب في ذلك الوقت، وقدم المشروع باسمه، وكنت أستهدف من ذلك سرعة نظر القانون بدلًا من اتخاذ الإجراءات الأخري التي ربما تطول، وحضرت اللجنة التشريعية بوصفي وزيرا للداخلية بالإنابة، ووافقت علي المشروع، وطلبت نظره علي وجه الاستعجال، وعند طرح المشروع علي مجلس النواب في 31 يوليو 1951 النواب، وكان للوفد أغلبية في المجلس، وأفلحوا في إعادته إلي اللجنة لاستكمال بحثه وتم بذلك وأده».
وقد أورد عبد الفتاح حسن في مذكراته نص المشروع:
«مادة 1: اعتبارا من تاريخ صدور هذا القانون يمتنع شغل مناصب العمد الخالية والتي تخلو من شاغلها بالرفت والاستقالة والوفاة، وذلك مع عدم الإخلال بحكم المادة الثانية».
«مادة 2: تخلي خلال السنوات الخمس التالية لتاريخ صدور هذا القانون مناصب العمد التي تقع في دائرة قطرها ثمانية كيلومترات من قاعدة المركز أو البندر أو مقر نقطة بوليس دائمة».
«مادة 3: يلغي ما يخالف تلك الأحكام الواردة بالقانون رقم 141 لسنة 1974».
«مادة 4: علي الوزراء كل فيما يخصه تنفيذ هذا القانون، ويعمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، ولوزيرالداخلية أن يصدر القرارات اللازمة لتنفيذه».
(30)
وقد أردف عبد الفتاح حسن هذا المشروع بنشر «المذكرة التفسيرية» للقانون، ومن الإنصاف أن نشير إلي أن هذا المشروع علي نحو ما قدمه عبد الفتاح حسن لا يزال بمثابة مشروع تقدمي عن النظم العتيقة التي لا نزال نحتفظ بها حتي يومنا هذا، وهو ما يتضح من قراءة نص المذكرة التفسيرية:
«أصبح نظام العمد في مصر غير متفق والتطورات الحالية، ونظرا لما يقوم في البلاد من تنافس بين العائلات وبين أفراد العائلة الواحدة من جراء انتخاب العمدة، ونظرا لما أسفرت عنه التجارب الطويلة من أن نظام العمد كان عاملا مهما من عوامل الإخلال بالأمن العام، فقد رئي أنه من المستحسن إلغاء نظام العمد في جميع بلاد القطر المصري».
«وليس من شك في أن إلغاء نظام العمد سيكفل القضاء علي المنافسات علي تلك المناصب وما تجرها من متاعب تلحق في النهاية بالأمن وتسيء إليه».
«كما يكفل عدم استغلال الأحزاب السياسية لنصرة مؤيديها دون غيرها لتوليها الحكم».
«وتضمنت المادة الأولي عدم شغل المناصب الخالية والتي تخلو، وتضمنت المادة الثانية أن يكون إخلاء مناصب العمد علي مرحلة تسمح بتدبير عدد كاف من ضباط البوليس الذين تزود بهم مراكز البوليس ونقطها، وقد حددت المنطقة التي تخلي فيها مناصب العمد بثمانية كيلومترات حتي لا تتسع أكثر من اللازم فلا تتوافر بذلك للمركز أو البندر أو النقطة الدائمة مُكنة (أي إمكانية علي نحو ما نقول الآن) صيانة الأمن العام».
(31)
وأخيرًا.. فقد كان النحاس بخبرته وذكائه قادرًا علي تقديم حلول موفقة وسريعة وفي الوقت المناسب، وكان يستند في هذا إلي إمكانات لا نهائية من حب الشعب واستعداده لتصديقه ومعاونته وتقبل اختياراته. ولعلي أضرب مثلًا علي عقلية النحاس القادرة علي صياغة الحلول الآنية بمثل بسيط جدًا وشكلي جدًا، رواه هو نفسه عن التصويب الذي أحدثه في خطاب العرش لإحدي الدورات البرلمانية:
«… وقرب موعد افتتاح الدورة البرلمانية استعجلت الوزارات لإرسال ما أعدته من مشروعات حتي نعد خطاب العرش الذي سنفتتح به الدورة، وجاءت البيانات كلها وعهدت إلي سكرتير عام المجلس ومدير الصحافة بإعداد الخطاب وأعداه وعرضاه عليّ فأقررته وأرسلته إلي القصر علي العادة لينسخ ثم يرد إليّ قبل الجلسة لألقيه أمام البرلمان نيابة عن الملك وفي حضرته كالعادة، وانتظرت فلم يصلني الخطاب فاستعجلته».
«وفي ليلة الافتتاح وفي ساعة متأخرة من الليل جاء وكيل الديوان الملكي «عبد الوهاب طلعت باشا» ومعه الخطاب وقد أضافوا إليه دون علمي فقرة خاصة بمرض الملك، وطلبت اللذين أعدا الخطاب فلم أجدهما وأخيرًا عثرت علي مدير الصحافة بعد بحث طويل وحضر وقرأت عليه الفقرة، ونصها: «وما كانت جراحي، التي لولا لطف الله لأودت بي، لتعوقني عن التفكير في شعبي والاهتمام بأموره».
«واعترض مدير الصحافة علي كلمة [جراحي] بأنها خطأ لغوي ولا يليق أن يُلقي خطاب رسمي تنقله الصحف والإذاعات وفيه أخطاء، وكانت مناقشة بينه وبين وكيل الديوان الذي قال إنه هو الذي أضاف هذه الفقرة بعد إذن جلالته وأنه متأكد منها، ورد عليه مدير الصحافة بحجة دامغة من اللغة العربية، واقتنعت بأنه لا بد من تصحيح الخطأ، فكيف السبيل والخطاب قد أعد نهائيًا وأصبح غير ممكن إصلاحه، وفكرت قليلًا ثم سألت: وما صحة الكلمة إذًا، فقال: [جروحي] فتناولت مطواة سلاحها حاد وكشطت حرف الألف وكتبت بخطي مكانه حرف واو فأصبحت جروحي».
«وقلت لطلعت باشا: انتهت المشكلة ولم يُمس الخطاب بسوء، ووافانا صلاح (أي محمد صلاح الدين سكرتير عام مجلس الوزراء) في أخر الجلسة فسره هذا الحل، وأسرع فأصلح النسخ التي أعدت للتوزيع علي الصحف».
(32)
ونأتي إلي موقف النحاس من الوحدة الوطنية والدولة المدنية..
منذ أن انتخب النحاس لزعامة الوفد أوضح توجهاته الحاسمة في قضية الوحدة الوطنية والدولة المدنية، وفي ذلك الوقت أشار كاتب الوفد الكبير الأستاذ عباس محمود العقاد إشارات حاسمة ومبكرة أنهي بها كثيرًا من الجدل حول طبيعة توجهات النحاس في هذه القضية، وكان مما قاله:
«… لقد ذهب أوان الإيقاع باسم الإسلام والمسيحية، وباسم الباشوات وأصحاب الجلاليب الزرقاء، وباسم الأحزاب والزعماء، ووصلنا الآن إلي دور الإيقاع باسم التطرف والاعتدال في هيئة واحدة هي علي الجملة هيئة المتطرفين الغلاة في عرف السياسة البريطانية».
(33)
وقد حرص إبراهيم فرج في مواضع كثيرة من ذكرياته علي أن يشير إلي أن النحاس كان واعيًا جدًا لأهمية فكرة الحكومة المدنية. وقد أشار إبراهيم فرج إلي حوار بين النحاس ونهرو عند زيارة نهرو لمصر:
«وتصادف أن الجمهورية أعلنت في مصر في هذا اليوم، فالنحاس باشا قال لنهرو: «أنا سعيد جدا أني أعيش حتي أري بعيني رأسي إعلان الجمهورية في مصر، لأننا كنا دائما متهمين لدي الملك فــؤاد ثم الملك فاروق من بعده بأننا غير موالين للعرش، وأننا نسعي لإقامة جمهورية مصرية صميمة والتخلص من هذه الأسرة، فأراد الله أن أعيش لأري أن هذه الأسرة زحزحت من مصر وانتهي حكمها للأبد».
«الآن نشأت الجمهورية التي أرجو الله أن يوفق رجال الجيش في أن تكون جمهورية علمانية، وأنا أعرف أنك صديقهم فأرجوك أن تقول لهم إن الضمان لما يريدون من إصلاح هو أن تكون الجمهورية علمانية ديمقراطية لأنني أكره الحكم الدكتاتوري العسكري».
(34)
وتورد مذكرات إبراهيم فرج أيضًا تفصيلات مهمة في إطار تأكيد وعي النحاس باشا (والوفد بالطبع) العميق للوحدة الوطنية والقوي الشائنة لها المتربصة بها، ولنقرأ علي سبيل المثال هذه القصة المهمة:
«وحدث في وزارة الوفد من ١٩٥٠ ـ ١٩٥٢ أن عملاء المخابرات الإنجليزية من أعضاء جماعة أنصار الحرية، أوهموا المتظاهرين في مدينة السويس أن الجواسيس الذين يعملون لحساب المخابرات البريطانية يختبئون في كنيسة المدينة، وكانت فرية دنيئة.. وقد اتضح أن الذين يهرعون للاختباء فيها كانوا الفدائيين الذين يحاربون الإنجليز».
«وفي موجة من الانفعال العصبي انقض عملاء المخابرات البريطانية علي الكنيسة وأحرقوها.. ونسبوا حرقها إلي الإخوان المسلمين.. وجاءت المعلومة مشوهة إلي رجال الكنيسة المرقسية في القاهرة بأن المسلمين هم الذين أحرقوا الكنيسة.. لكن الحكومة بأجهزتها استطاعت أن تعرف أن المخابرات البريطانية دبرت الحادث بواسطة أنصار الحرية».
«وقام النحاس باشا ـ وكنت أصحبه ـ بزيارة الكنيسة المرقسية بالقاهرة.. وشرح لهم الموقف وعرض عليهم أن تقوم الحكومة ببناء الكنيسة علي نفقتها.. لكنهم رفضوا.. وقالوا إنهم يعتبرون بناء الكنيسة علي حسابهم جزءا من التكاليف التي يجب أن يدفعوها للوطن.. ووصل الأمر إلي أنهم قبل أن ننصرف أشاروا بإنشاء فرقة فدائية تحارب الإنجليز أطلقوا عليها اسم «كتيبة الشهيد مار جرجس» ردا علي ما أسيء فهمه وتكذيبا للمحاولة القذرة التي قام بها الإنجليز. كما أن أحد المطارنة قال في كلمة له أمامنا:
«إنه لا بد أن يكون الرد عمليا.. وأنه يوجد فدائيون من كل طائفة يحاربون الإنجليز.. هناك فدائيون من الإخوان المسلمين.. وينبغي أن يكون هناك فدائيون مسيحيون يحاربون الإنجليز يتبعون الكنيسة مباشرة ونسمي كتائبهم أو فرقهم بأسماء شهداء الكنيسة».
«وفعلا شكلت كتيبة مارجرجس.. وسافرت إلي منطقة القناة وحاربت الإنجليز.. واستشهد منها من استشهد كما حدث دائما في جميع مراحل الكفاح الوطني منذ ثورة سنة ١٩١٩ إلي حرب التحرير سنة ١٩٧٣».
(35)
تدلل مذكرات إبراهيم فرج علي مدي تغلغل روح الوحدة الوطنية في تصرفات النحاس وقيادات الوفد:
«في الانتخابات الأولي سنة ١٩٢٣ كان مصطفي النحاس بك ـ وقتها ـ مرشحا في دائرة سمنود، وكان عائدا لتوه من المنفي في جزيرة سيشيل، وكانت الانتخابات تجري علي درجتين: كشوف انتخابية فيها ثلاثون عضوا ينتخبون من بينهم واحدًا اسمه المندوب الثلاثيني.. ومجموعة المندوبين ينتخبون عضو مجلس النواب. فحدث في سمنود أن قسيس البندر كان في الكشف الثلاثيني وهو القبطي الوحيد، والباقون مسلمون.. ومن بينهم كبير العلماء في سمنود الشيخ مصطفي البكري.. فطلب النحاس باشا من الأعضاء اختيار القسيس.. ففعلوا ذلك.. وانتخب القسيس بالإجماع مندوبا ثلاثينيا.. وكان اسمه عبد المسيح».
(36)
ويروي إبراهيم فرج أيضًا بالتفصيل ما حدث في سنة ١٩٢٨ في وزارة النحاس الأولي قبل سفر بعثة المحمل إلي مكة المكرمة، وهي قصة طريفة بكل المقاييس:
«كان العرف يجري بإقامة الاحتفال في ميدان الجيش بالعباسية، حيث يسلم أقدم لواء بالجيش المصري مقود الجمل إلي أمير الحج.. وفي تلك السنة ـ أي سنة ١٩٢٨ ـ كان أقدم لواء في الجيش هو نجيب مليكة باشا ـ رحمة الله عليه ـ وكان قبطيا.. فقيل للنحاس باشا يومئذ إن مليكة باشا القبطي سيتسلم مقود الجمل ليسلمه إلي أمير الحج».
فلم يجد النحاس باشا غضاضة في ذلك وقال:
«ما دام مليكة باشا أقدم لواء وتنطبق عليه القاعدة فهو الذي يتسلم مقود الجمل ويسلمه إلي رئيس بعثة الحج».
«وإذا بجرائد الأحرار الدستوريين تنطلق معلنة كفر الوفد ورئيسه لأنه يسلم مقود الجمل إلي لواء قبطي ليسلمه إلي أمير الحج المسلم.. وأن هذا لا يتفق مع احترام الكسوة الشريفة».
«فما كان من النحاس باشا إلا أن أصر علي رأيه وقال:
«هو فيه جمل نصراني وجمل مسلم؟ كلام فارغ.. هذه مسألة تقليدية لا أكثر ولا أقل.. وسيسلم المقود إلي أمير الحج وينتهي الأمر.. هو إحنا اخترنا أمير الحج قبطي؟».
«وأصر علي رأيه وانتهي الأمر إلي أن اللواء نجيب مليكة سلم مقود الجمل إلي أمير الحج وانتهت الأزمة».
(37)
كما يروي إبراهيم فرج أن النحاس العظيم لم يتقبل علي الإطلاق منطق مدير البلديات الذي كان يأخذ الأمور بطريق المواءمة المظهرية بين المسلمين والأقباط التي درج عليها المصريون فيما بعد:
«وحدث أيضًا سنة ١٩٢٨ أن إدارة البلديات في ذلك الحين كانت تابعة لوزارة الداخلية وأعلنت عن مسابقة لوظائف مجالس البلديات عددها 17 وظيفة أرادت أن يجري فيها امتحان حتي يمكن اختيار أفضل العناصر».
«وتمت المسابقة وانتهت بنجاح حوالي أربعين متسابقا.. كان مطلوبا اختيار السبعة عشر الأوائل من بينهم بالترتيب».
«ولسبب غير معروف لم تعلن النتيجة.. فكتب أحد المتسابقين في الصحف يقول إنه مر شهر ولم تظهر النتيجة.. فطلب مني النحاس باشا استدعاء مدير البلديات.. فحضر إلي رئاسة مجلس الوزراء وسأله النحاس باشا عن سبب تأخر إعلان النتيجة فقال له:
«يا دولة الباشا.. الذين نجحوا فيهم عيب.. فقال له:
«يعني اللي نجحوا لم ينجحوا؟ يعني إيه فيهم عيب؟».
«فقال:
«اتضح أن السبعة عشر الأوائل من بينهم اثنا عشر قبطيا».
فاستشاط النحاس باشا غضبا وقال له:
«كيف تقول هذا؟ الذين نجحوا مصريون ومستوفون للشروط.. كيف يقال هذا في عهد وزارة الوفد؟».
«وأمره أن يرسل الكشف وبه أسماء السبعة عشر الأول بالترتيب حتي يوقع قرار تعيينهم.. وفعلا تم هذا في نفس اللحظة».
«حدث هذا.. وكاد النحاس باشا أن يفصله كما كان عنيفا في مؤاخذة هذا الموظف الكبير.. فاعتذر الرجل وانتهي الأمر بتعيين السبعة عشر الأوائل».
(38)
علي أننا نظلم الوحدة الوطنية نفسها إذا لم ننتبه إلي ضرورة حمايتها مما قد يرتكب باسمها من آثام، ومن حسن حظنا أن النحاس باشا كان واعيًا لمثل هذا المنزلق وواجهه بشجاعة بالغة في منتصف الأربعينيات حين تصدي بحسم وسرعة لما عرفه وثبت لديه من تعصب كامل باشا صدقي وهو وزير المالية، وقد تحدثت مذكرات النحاس باشا بقدر معقول من التفصيل عن هذه الواقعة:
«… ولم تمض عدة أشهر علي اختيار كامل صدقي باشا وزيرًا للمالية حتي توالت عليّ الشكاوي من موظفي الوزارة المسلمين بأنه يعاملهم بقسوة ويقرب إليه الأقباط ويرقيهم ويترك المسلمين الذين يستحقون الترقية. نغمة تعصب قديمة قضي عليها سعد واقتفينا أثرها في وأدها في المهد، وكلفت بعض الموثوق بهم بتحري هذه الوقائع فأجمعوا علي أن وزير المالية متعصب فعلًا وقدموا لي دليلًا ماديًا هو أن أحد الشبان تقدم بطلب وظيفة في الدرجة الثامنة ضمن عدد من طالبي الوظائف الخليط من المسلمين والأقباط فقبلت طلبات الأقباط جميعًا ورفضت طلبات المسلمين، واشتبه في اسم ذلك الشاب فطلبه الوزير وسأله عن دينه فأجابه كذبًا أنه مسيحي فعينه، وعند تقديم أوراق التعيين تبين أنه مسلم ففصله، رأيت هذه الواقعة فهالتني ووقفت بين أمرين، كامل صدقي عضو قديم في الوفد وله ماض في الوطنية وقدم تضحيات كثيرة فإن فصلته قويت المعارضة وغضب الأقباط لأنه له شعبية كبيرة منهم، وإن أبقيته وزيرًا للمالية لا أستطيع أن أتحمل تصرفاته الحمقاء، واهتديت إلي حل وسط استدعيته وكلمته بصراحة فأنكر وأقسم أنه يسير ضمن المصلحة العامة، ولكني لم استرح كثيرًا إلي بقائه في المالية، فعرضت علي مجلس الوزراء نقله رئيسًا لديوان المحاسبة، وعينت مدير ديوان المحاسبة أمين عثمان وزيرًا للمالية مكانه، وانتهت المسألة وسكتت الشكاوي والشاكون».
(39)
علي هذا النحو كان النحاس العظيم واعيًا لكل جوانب الصورة من دون أن يستغرقه العمل في أحد جوانبها، ومن دون أن تطغي علي أدائه فكرة واحدة ينحاز إليها ويحرص عليها فيدمرها في النهاية، كما هو الحال عند قصيري النظر الذين تملأ الحماسة صدورهم دون أن تتفتح عقولهم للحفاظ علي ما آمنوا به.
والحق أن النحاس كان يتمتع بالقدرتين النفسية والعقلية علي الإنجاز، وعلي الحفاظ علي الإنجاز، وقد دفعه النجاح إلي النجاح، كما دفعه المجد إلي المجد، وكان علي الدوام مخلصًا لما آمن به وأعلنه من قيم ومبادئ.
ولهذا ظلت سريرته عامرة بالإيمان والحب والإخلاص، وظلت صورته لامعة مضيئة، وظلت صفحته بيضاء ناصعة.