موقع الدكتور محمد الجوادي | أبو التاريخ
[استذكار المتشابهات القرآنية/ حرف الباء 1]
[استذكار المتشابهات القرآنية/ حرف الباء 3]
حرف الباء
قال رب بما أغويتني # قال فبما أغويتني
| 95 | (رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي) تَقْرَاهُ | فِي سُورَةِ الْحِجْرِ فَلا تَنْسَاهُ |
يُفرق الناظم، رحمه الله، بهذا البيت بين آيتين: فآية الحجر تتضمن “رب” التي لا تتضمنها آية سورة الأعراف و آية الأعراف تتضمن الفاء التي لا تتضمنها آية سورة الحجر:
- قوله سبحانه وتعالى في سورة الحجر: ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ (سورة الحجر: 39).
- قوله عزّ وجل في سورة الأعراف: ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ (سورة الأعراف: 16).
ثم لَا تَجِدُ لك به علينا وكيلا # ثم لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا
| 96 | (بِهِ عَلَيْنَا) بَعْدَهُ (وَكِيلا) | جَاءَ فِي الاسْرَا ثَانِيًا مَنْقُولا |
| 97 وَقَبْلَهُ (لَكُمْ عَلَيْنَا) قُدِّمَا (بِهِ تَبِيعًا) فَاقْرَهُ مُسلِّمَلا |
وردت نهاية البيت الثاني في مخطوطة بين أيدينا: بصيغة “فاقرأه”.
يُشير الناظم، غفر الله له، إلى الموضع الوحيد الذي جاء فيه النص القرآني “ثم لا تجد لك به علينا وكيلا” في سورة الإسراء، والآية التي يعنيها الناظم، رحمه الله، هي قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا﴾ (سورة الإسراء: 86). أما في باقي الآيات القرآنية المتشابهة، فقد جاء النص بدون “به علينا”.
و يُشير الناظم، رضي الله عنه، إلى آية كريمة تسبق الآية التي تناولها في البيت السابق، وهي قوله سبحانه وتعالى في سورة الإسراء: ﴿أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَىٰ فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِّنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ۙ ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا﴾ (سورة الإسراء: 69). ففي هذه الآية ورد النص “لكم علينا به” في مقابل “به علينا” الذي جاء في الآية التي أشار إليها في البيت السابق.
ويرى القارئ، بوضوح، كيف استغل الناظم التقديم والتأخير في الحفاظ على الوزن الشعري، فهو يقول “وقبله” يقصد قبل الموضع الذي سبقت الإشارة إليه في البيت السابق ثم يقول “لكم علينا” وهو بهذا يقسم النص القرآني الذي هو “لكم علينا به” ليضع في وسطه الفعل المبني للمجهول “قُدما” لا لضرورة النظم فحسب، ولكن ليلفت النظر إلى أن “علينا” قدمت على “به” على عكس الآية التالية التي أشار إليها في البيت السابق، حيث ترتيب النص فيها “به علينا”…. وهكذا يرينا الناظم قدرته على التفريق والنظم المحكم في ذات الوقت.
آتيكم منها بقبس # آتيكم منها بخبر
| 98 | (آتِيْكُمُ بِقَبَــــــسٍ) فِي طَـــه | (بِخَبَرٍ) جَاءَكَ فِي سِوَاهَا |
آثرنا صيغة البيت كما أوردها الأستاذ الحسني “جاءك” وفي المخطوطة 214 قراءات ورد النص “جاء له”. و يُشير الناظم، غفر الله له، في هذا البيت إلى الموضع الوحيد الذي جاء فيه النص القرآني (آتيكم بقبس)، وهو:
- قوله تبارك وتعالى في سورة طه: ﴿إِذْ رَأَىٰ نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى﴾ (سورة طه: 10).
أما بقية النصوص القرآنية “آتيكم ب “، فقد اقترنت بخبر، وهو ما يُشير إليه الناظم، رحمه الله، بقول “بخبر جاءك سواها”، وهي:
- قوله سبحانه وتعالى مُصوراً نفس القصة: ﴿إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ﴾ (سورة النمل: 7).
- وقوله سبحانه : ﴿فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ النَّارِ ﴾ ( القصص: 29).
ويمكن لنا أن نضيف إلى ما أورده الناظم، رضي الله عنه، تفريقاً آخر يتضمن التفريق بين الآيتين التي نقلناهما لتونا ، و يتعلق هذا التعليق بالتفريق على المعطوف على “بخبر” ففي آية النمل هي “أو آتيكم بشهاب قبس” وفي آية القصص فإن المعطوف هو :”أو جذوة من النار” وهو ما لم يُشر إليه الناظم عليه رحمة الله.
و يجدُر بنا هنا أيضا أن نشير إلى أن الناظم رضي الله عنه قد فرق في البيت ١٧٣ بين سآتيكم منها بخبر و لعلي آتيكم منها بخبر وكان نص بيته : وَقُلْ سَآتِيكُمْ أَتَى فِي النَّمْلِ : مَوْضِعَهُ فِي غَيْرِهَا لَعَلَّي.
بيني وبينكم شهيداً # شهيداً بيني وبينكم
| 99 | (بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيـــدًا) وَرَدَا | فِي الْعَنْكَبُوتِ قَدِّمُوهُ مُفْرَدَا |
يفرق الناظم، رضي الله عنه، بهذا البيت بين:
- قوله سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا ۖ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ (سورة العنكبوت: 52).
- وقوله تباركت أسماؤه في سورة الرعد: ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا ۚ قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾ (سورة الرعد 43).
- وقوله جلّ جلاله في سورة الإسراء: ﴿قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا﴾﴾ (سورة الإسراء: 96).
ويُمكن لنا أن نضيف إلى ما أشار إليه الناظم، غفر الله له، في هذا البيت:
- قوله تنزّهت صفاته في سورة الأحقاف: ﴿ هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ ۖ كَفَىٰ بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ۖ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ (سورة الأحقاف: 8). حيث قدّم “شهيداً” في آية سورة العنكبوت ومن دون أن يرد لفظ الجلالة وأشير إليه بالضمير المتصل.
