[استذكار المتشابهات القرآنية/ المقدمة ]
[استذكار المتشابهات القرآنية/ المقدمة ]
مقدمة المتن
1 | قَــالَ السَّخَــاوِيُّ عَلِيٌّ نَاظِمًــا | كَانَ لَهُ اللهُ الرَّحِيمُ رَاحِمَا | |
2 | الْحَمْدُ للهِ الَحَمِيـــدِ الصّـــــَمَدِ | مُنَزِّلِ الذِّكْـــرِ عَـــلى مُحَمَّــــدِ | |
3 | فِيهِ هُدًى لِلْمُهْتَدِي وَنُورُ | وَحِكْمَةٌ تُشْفَى بِهَا الصُّدورُ | |
4 | تَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلا | بِهِ عَلَيْهِ الرُّوحُ مِنْ رَبِّ الْعُلا | |
5 | صَلَّى عَلَيْهِ اللهُ مِنْ رَسُولِ | أَيَّدَهُ بِمُعْجِزِ التَّنْزِيلِ | |
6 | ثُمَّ عَلى أَصْحَابِهِ وَأَهْلِهِ | الْمُؤمِنِينَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ | |
7 | وَبَعْدُ فَالْقُرآنُ نُورٌ مُشْرِقُ | حَامِلُهُ مُسَدَّدٌ مُوَفَّقُ | |
8 | وَجَاءَ عَنْ سَيِّدِنَا مُحَمَّدِ | ذِي الْفَضْلِ وَالْفَخْرِ الرَّسُولِ الْمُرْشِدِ | |
9 | فِي فَضْلِ حُفَاظِ الْقُرَانِ الْمَهَرَةْ | أَنَهُمُ مَعَ الْكِرَامِ السَّفَرَةْ | |
10 | لأنَّهُ فِي صُحُفٍ مُطَهَّرَةْ | وَهْيَ بِأَيْدِهِمْ كَمَا قَدْ ذَكَرَهْ | |
11 | فَالْحَافِظُ الْمُتْقِنُ قَدْ سَاوى الْمَلَكْ | فَاسْتَعْمِلِ الْجِدَّ فَمَنْ جَدَّ مَلَكْ | |
12 | وَقَدْ نَظَمْتُ فِي اشْتِبَاهِ الْكَلِمِ | أُرْجُوزَةً كَاللُّؤلُؤِ الْمُنَظَّمِ | |
13 | لَقَّبْتُهَا: هِدَايَةَ الْمُرْتَابِ | وَغَايَةَ الْحُفَاظِ وَالطُّلابِ | |
14 | أَوْدَعْتُهَا مَوَاضِعًا تَخْفَى عَلى | تَالِي الْكِتَابِ وَتُرِيحُ مَنْ تَلا | |
15 | رَتَّبْتُهَا عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ | فَأَفْصَحَتْ عَنْ كُلِّ أَمْرٍ مُبْهَمِ | |
16 | فَإِنْ أَرَدْتَ عِلْمَ لَفْظٍ مُشْكِلِ | فَانْظُرْ إِلَى الْحَرْفِ الَّذِي فِي الأوَّلِ | |
17 | فَإِنَّهُ بَابٌ مِنَ الأبْوَابِ | وَفِيهِ مَا رُمْتَ بِلا ارْتِيَابِ | |
18 | وَلا تَعُدَّ أَوَّلاً مَزِيدَا | إِلا إِذَا كَانَ هُوَ الْمَقْصُودَا | |
19 | وَإِنْ أَرَدْتَ عِلْمَ حَرْفٍ أَشْكَلا | أَلْفَيْتَهُ فِي بَابِهِ مُحَصَّلا | |
20 | وَإِنْ تَوَالَتْ كَلِمَاتٌ مُشْكِلَةْ | جَمَعْتُهَا فِي بَابِ حَرْفِ الأوَّلَةْ | |
21 | إِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ وَإِلا انْفَرَدَتْ | فَوَقَعَتْ فِي بَابِهَا وَوَرَدَتْ | |
22 | وَرُبَّمَا أَغْنَى عَنِ الْقَرِينِ | قَرِينُهُ بِوَاضِحِ التَّبْيينِ | |
23 | وَرُبَّمَا جَاءَا مَعًا فَكَانَا | كَالشَّاهِدَيْنِ أَوْضَحَا الْبَيَانَا | |
24 | وَكُلُّ مَا قَيَّدَهُ الإِعْرَابُ لَمْ | آتِ بِهِ لأنَّ الاعْرَابَ عَلَمْ | |
25 | وَاللهُ حَسْبِي وَعَلَيْهِ أَعْتَمِدْ | بِهِ أَعُوذُ لاجِئًا وَأَعْتَضِدْ |
يبدأ الناظم، رحمه الله، بالتعريف بنفسه، ذاكراً اسمه ولقبه فحسب، داعيا الله الرحيم أن يشمله برحمته.
وبدءاً من البيت الثاني من المنظومة، يدخل إلى حمد الله سبحانه وتعالى، ذاكراً بعض صفاته الحسنى، لكنه يسارع إلى ذكر فضل الله في تنزيل الذكر الحكيم على النبي صلى الله عليه وسلم باعتباره موضوع منظومته، وهو يبدأ في الحديث عن القرآن الكريم ببعض الصفات المجملة المعروفة من قبيل احتوائه على الهدى والنور وشفاء الصدور.
وينتقل الناظم، غفر الله له، في رشاقة في البيت الخامس من منظومته ليُصلّي على النبي محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، مُشيراً إلى قيمة القرآن في حياة النبي ﷺ من حيث هو معجزة مؤيدة للرسالة.
وفي البيت السادس، يردف الناظم، رحمه الله، بالصلاة على أصحاب النبي وآله من المؤمنين بكتاب الله العزيز، وهكذا نجد القرآن حاضراً دوماً في حمد الله والصلاة على النبي وعلى أصحابه.
ويُصبح من الطبيعي أن يلج الناظم، رحمه الله، إلى الحديث عن هذا التنزيل الذي تحدث عنه على النحو المتتابع في حمد الله وصلاته على النبي وآله، وها هو بدءاً من البيت السابع في منظومته يبدأ في الحديث عن قيمة القرآن وفضله وما يمتاز به حامله من الصفات النورانية، وهو يُعلل الثناء بثناء آخر، فيُشير إلى الصحف المطهرة التي تحوي القرآن الكريم، لكنه قبل الصحف المطهرة، يتحدث عن الصحبة المتميزة من الكرام السفرة الذين تُمسك أيديهم بالصحف المطهرة.
وفي البيت الحادي عشر، يتحدث الناظم، غفر الله له، عن عقيدته في أن الحافظ المُتقن للحفظ يساوي الملك، وهو يُعلل هذا تعليلاً فلسفيا يعتمد على حكمة يصوغها في قوله إن من جد ومن اجتهد فقد ملك ما اجتهد فيه من الموهبة.
وفي البيت الثاني عشر، يتحدث الناظم، رضي الله عنه، عن مشروعه فيذكر أنه نظم أرجوزة يصفها في افتخار بأنها تُشبه اللؤلؤ المنتظم، وجعل هدفها التفريق بين اشتباه الألفاظ القرآنية، وهو يتحدث عن محتوى المنظومة وهدفه فيها حديثا مُقترنا ببعضه، فيُشير إلى أنها تضم المواضع التي قد تخفى على من يتلو الكتاب، فتوفر له الراحة، لأنه يعرف مواضع الاشتباه، فلا يخطئ بسبب ما هو مُتوقع من خلط الذاكرة بين المتشابهات بسبب تشابُهِها، وهو يذكر اسم مخطوطته على سبيل الإجمال والذكر السريع.
وسرعان ما يقفز الناظم، رحمه الله، على عادة أضرابه من علماء ذلك العصر إلى الحديث عن منهجه في ترتيب المنظومة، قبل أن يتحدث عن منهجه في تأليفها، وهو لهذا يقول إنه رتّب منظومته حسب حروف المعجم، ومرة أخرى يُسرع إلى ذكر طريقة التعامل مع منظومته فيُخاطب القارئ في البيت السادس عشر أنه إذا أراد معرفة علم مشكل، فعليه أن ينظر إليه في الحرف الأول، ومع أن هذه القاعدة ليست سائدة تماماً في المنظومة، فإنه التزم بها بقدر ما يُمكن لناظم أو عالم مُجتهد ملتزم بتحرير العلم والعرض معاً، ويستتبع هذا أن يشير على القارئ بأن يجرد موطن الظن أو البحث من الحروف الزائدة مع حالة مهمة من الاستثناء، هي أن يكون التشابه في الحرف الزائد نفسه.
ويواصل الناظم، رضي الله عنه، الحديث عمّا يفخرُ به من مهارته الملحوظة في منهجه العلمي، فيُشير إلى أن الاشتباه قد يحدث بين كلمات من جذور مختلفة، ولهذا السبب فإنه في هذه الحالة يعمد إلى الحرف الأول من المتشابهات، وإلى أن هذه القاعدة ستُطبق حتى يكون الجمع بين المتشابهات ممكنا في نظم واحد.
وهكذا ينتقل الناظم، رضي الله عنه، من حديثه عن منهجه إلى الحديث عن القرائن (في البيت الثاني والعشرين) والشواهد (في البيت الثالث والعشرين) والاشتراك في الإعراب (البيت الرابع والعشرين)، وهو حديث جميل يشي برغبة شريفة في الالتزام بالمنهج وتطبيقه مع الحرص على التوافق مع نصوص القرآن الكريم.
وأحيرا فإن الناظم، رضي الله عنه ، يرى أنه قام بواجبه نحو تقديم عمله، فيختم مقدمته بالدعاء في البيت الخامس والعشرين مُقراً باعتماده على الله جل جلاله، واستعاذته ولوْذه به.