[حوارات الدين والطب و السياسة/ 24]
[حوارات الدين والطب و السياسة/ 24]
القصة الثانية: ذهبنا لحضور اجتماع مشترك بين بعض الأقسام في الكلية من أجل توزيع المهام الدراسية، وإذا ببعض الأساتذة يدلون ببيانات غير صحيحة، وأنا أغلى من هذا الباطل الذي يقال، وأميل على أستاذي وأقول له: إن هذا الذي يتحدثون به باطل، فيقول لي: بل هو ظاهر البطلان، فلما جاء علينا الدور تركني أتكلم، وبعد دقائق قاطعني أحد الأساتذة فعمدت إلى الصمت حتى إذا ما انتهى من كلامه بدأت كلامي مرة ثانية دون أن أعلق بأي شيء على مقاطعته وكأنها لم تكن شيئا مذكورا، ثم بدأ رئيس الجلسة يسألني فيما قاطع به الأستاذ الآخر وأنا أجيب رئيس الجلسة دون أن أنظر ناحية الأستاذ المقاطع.
فلما انتهى الاجتماع قال أستاذي: الآن أستطيع أن أموت وأنا مطمئن عليك.
قلت: ولكن هذا كلفني من أعصابي وكظم غيظي وإقفال فمي على لساني.
ضحك أستاذي وقال: يبدو أن عندك ميلا إلى الانتكاس بعد الشفاء.
قلت: لا ولكنني من أجل السلوك المهذب استعنت بوجودك بجانبي وكنت أكز على أسناني.
قال: نعم كنت أراك، وإذا أردتني معك في كل اجتماع قادم حتى تتخلق بالتهذيب الكامل على نحو ما فعلت اليوم فأنا على استعداد.
قلت: أفتراني كنت عند حسن ظنك؟
قال: وأكثر.
ثم أردف يقول: وبصراحة إنني نفسي لو كنت بمفردي لكنت قد تجاوزت في كلامي مع هؤلاء.
قلت: إذًا فأنا معذور لو تجاوزت.
قال: لا يسمح لك وضعك المتميز بهذا وأنت علم واعد!!
قلت: ربما سمح سني فأنا لازلت غرا.
قال: ولكنك أديب ومَنْ منا أديب؟ ولن يسامحك أحد لو نبا لفظك.
قلت: أهم واعون إلى هذا الحد؟
قال: إذا كنا لن نعول على وعيهم.. فهل نعول على انعدامه؟