مكانته بين إخوانه
من بين علماء عائلة المراغي الإخوة ( محمد وأحمد و عبد العزيز وعبد الله و أبو الوفا) فقد كان الشيخ عبد العزيز المراغي هو التالي في أهميته الازهرية للشيخ محمد مصطفي المراغي فقد وصل الي عضوية كبار العلماء ، و كان مرشحا لمنصب المفتي ، وبالطبع فإن فضل أخيه الشيخ أحمد يسبقه في آثاره و تأثيره لكنه كان قد اختص دار العلوم بعمله وأستاذيته وكتبه و معظم وقته ونشاطه أما الشيخ عبد العزيز وأخواه التاليان فاختصوا الأزهر بنشاطهم ، ومن الجدير بالذكر أن الإمام الأكبر محمد 1881 ـ 1945 كان أكبر إخوانه ثم العلامة صاحب تفسير القرآن الكريم أحمد 1883 ـ 1952 ثم العلامة عبد العزيز 1901 ـ 1950 عضو هيئة كبار العلماء ثم الشيخ عبد الله 1903 ـ 1965 ثم الشيخ أبو الوفا 1905 ـ 1971.
نشأته
ولد الشيخ عبد العزيز المراغي في المراغة وحفظ القرآن الكريم ، وصحب أخاه الإمام الأكبر إلى الخرطوم فدرس في كلية غوردون ، وعاد إلى مصر ، فلما أصبح مؤهلاً للالتحاق بالأزهر في القاهرة انتظم في الدراسة 1915 فلما أنشئ معهد أسيوط وطلب إلي الطلاب من أبناء الصعيد أن يتحولوا للدراسة فيه حوّل إليه في 1922 ثم حصل علي الشهادة العالمية 1926 في الدفعة التي تخرج فيها الشيخ محمد على السايس 1899- 1976 وواصل دراسته العليا فنال درجة التخصص في القضاء الشرعي 1929 .
وظائفه المبكرة
عين الشيخ عبد العزيز المراغي مدرساً للفقه الحنفي في معهد الإسكندرية 1930 وشيخا لمعهد الزقازيق الديني 1933 في عهد الشيخ الظواهري.
بعثته الى لندن
نال الشيخ عبد العزيز المراغي بعثة إلي لندن من بعثات الأزهر في 1936 فقضى أربع سنوات ونال الماجستير في الآداب والتاريخ مع مرتبة الشرف الثالثة 1940 وعاد فانضم لهيئة التدريس في كلية الشريعة ثم انتدب إلي كلية أصول الدين.
إماما للحضرة الملكية ونيله البكوية
وبعد وفاة الشيخ المراغي انتدب في 1946 إماماً للحضرة الملكية ومنح كسوة التشريفة العلمية من الدرجة الثانية، ونال رتبة البكوية 1949.
عضويته في جماعة هيئة كبار العلماء
كان الشيخ عبد العزيز المراغي واحداً من العلماء السبعة الذين نالوا عضوية جماعة الكبار في عهد الشيخ مأمون الشناوي، في المرة الوحيدة التي ضمت هذه الجماعة أعضاء جدد في عهد ذلك الشيخ الذي استمر في المشيخة من 1948 وحتي 1950 ومن الجدير بالذكر أن هؤلاء السبعة ضموا وكيلاً للأزهر هو الشيخ عبد الرحمن حسن 1883 ـ 1966 و و كيلين لاحقين للأزهر ظلا علي قيد الحياة حتي عهد الرئيس أنور السادات وهما الشيخان محمد نور الحسن 1896 ـ 1971 والحسيني سلطان 1890 ـ 1972، ومع هؤلاء المفتي الشيخ حسنين مخلوف 1890 ـ 1990 الذي ظل علي قيد الحياة حتي عهد الرئيس حسني مبارك أما الشيخ عبد العزيز المراغي فتوفي في العالم التالي لعضويته في كبار العلماء، والسابع هو الشيخ محمود أحمد الغمراوي.
رسالته لعضوية جماعة كبار العلماء
كان موضوع الرسالة هو “طرق استيفاء الحقوق في الشريعة الإسلامية” وضمت لجنة الترشيح التي أجازته للعضوية الإمام الأكبر الشيخ مأمون الشناوي والمفتي السابق الشيخ عبد المجيد سليم والشيخ إبراهيم حمروش والشيخ إبراهيم الجبالي والشيخ محمد عبد الفتاح العناني ، والشيخ عيسي منون 1889 ـ 1957 والشيخ محمود شلتوت 1893 ـ 1963 (أي أنها ضمت شيخ الازهر وثلاثة من مشايخ الأزهر التالين) والشيخ محمد أبو شوشة والشيخ محمد الشربيني والشيخ محمد عرفة.
بروزه في عضوية لجنة الفتوى
وصف صديقه محمود رزق سليم مكانته في لجنة الفتوى بالأزهر وبروزه فيها فقال : ” ….. وأهم خصوصيات العالم الأزهري ، فضلا عن معرفة الشريعة الغراء ، حبه الجدل والمناقشة، وقدرته على سوق الحجة والدليل، وعدم تسليمه لخصمه في سهولة ويسر. وقد كان عبد العزيز في ذلك، من الطراز الأول، لا يكاد المرء يدخل معه في نقاش حتى يفيض بالاعتراض والاستشهاد، وبالتدليل والتعليل، والموازنة والترجيح، حتى يصل إلى قرار الحق يشهد بذلك تلاميذه الكثيرون في كليات الأزهر، وأصدقائه. وأعتقد أن أعضاء لجنة الفتوى، قد لمسوا فيه هذه الخصوصية، خلال عضويته بها. وكان ضليعا في معرفة الشريعة السمحة وأحكامها، خبيرا بمذاهب أئمتها على اختلافهم، بصيرا بمذاهب الكلاميين …”.
ترشيحه لتولي منصب المفتي
كان الشيخ عبد العزيز المراغي مرشحا لخلافة الشيخ حسنين مخلوف في منصب المفتي عند بلوغه الستين لكنه مرض وتوفي بعد مرضه بوقت قصير.
كتابه عن ابن تيمية
نشر الشيخ عبد العزيز المراغي كتابا عن حياة ابن تيمية كان من أوائل الكتب التي الفت عن هذا الإمام الجليل وقد قال بصريح العبارة تعبيرا جميلا هو أن عقيدة ابن تيمية هي عقيدة السلف، لكنها بعيدة عن مزالق المبتدعة من متطرفي الحنابلة.
تحقيقه كتاب أخبار القضاء لوكيع و عنايته بتطور الفقه الإسلامي
أشار صديقه إلى جهده في تحقيق كتاب من أهم كتب الحديث والفقه والقضاء الإسلامي، وهو كتاب (أخبار القضاء) لمحمد بن خلف بن حيان، المشهور بوكيع. وتفرغ لهذا الجهد ، و أنجزت المطبعة جزأين وبقى جزآن، وقد عنى في الكتاب بالتصحيح والتعليق وشرح الغامض وتخريج الأحاديث، بما يشعرك بعلمه الغزير وأدبه الجم وإحاطته بمسائل الفقه ومواضع الحديث ومظان الأدب. و يتصل بهذا ما روي من عنايته بتطور الفقه الإسلامي متأثرا بأحوال الدول الإسلامية.
رثاء الأستاذ محمود رزق سليم له
كتب الأستاذ الشيخ محمود رزق سليم مدرس الأدب في كلية اللغة العربية رثاءً وافيا مؤثرا في مجلة الرسالة ( 4 ديسمبر 1950 ) : ” …. خبا بوفاته نجم لامع، وتوارت ومضات أمل ضاحك. وقد لاقى ربه بعد مرض لم يمهله، ولم يشفق عليه، وهو شاب القلب، فتى الفؤاد، يقظ الرأي، متوثب الرجاء، يعد نفسه إعدادا ممتازا لمستقبل سعيد ….. وقد نعاه الناعون ما بدا لهم النعي، ورثته الصحف ما عن لها الرثاء. وذكروا طرفا من أخبار حياته الحافة وبقى منها الشيء الكثير. وقد كان عبد العزيز واسع الأفق في نواح من الحياة كثيرة. فقد هيأت له ملابساته ، مع ذكائه وفطنته ، أن تكشف له كثيرا من حقائقها، كما دفعته إلى تجربة الأمور وملاحظتها. فاكتسب من وراء ذلك مرانه وخبرة، وحنكة وحسن بصر بالأمور ومعالجتها” .
جمعت الحياة بينه وبن أخيه بأكثر مما تجمع بين شقيقين
“… كان منذ صغره مشغوفا بأخيه الأكبر الأستاذ الإمام المراغي، ويرى فيه نموذجا ساميا يقتدي به. وقد جمعت بينهما ظروف الحياة، أكثر مما تجمع بين شقيقين. فرحل معه إلى السودان، وتعلم بكلية غوردون. ثم عاد إلى مصر فاندمج في سلك طلاب الأزهر، مبرزا بينهم حتى تخرج به بأرقى شهاداته حينذاك”
كان من أقرب مستشاري شقيقه
“…. ولما بلغ أخوه الأكبر مرتبة المشيخة الجليلة، للمرة الثانية، كان عبد العزيز ، وبخاصة بعد عودته من إنجلترا ، أشد سواعده القوية، ومن أقرب مستشاريه إلى نفسه. فحمل معه شيئا من العبء، على مقدار طاقته وجهده. وطبيعي أن يصبح في ذلك الحين، موضعا للأمل والآملين، كما كان محطا للنقد والناقدين. وقد استطاع عبد العزيز في هذه الحقبة ، وهو على كثب من أمور الأزهر ، أن يدرس ظاهرها وباطنها، صريحها ومؤولها، وأن تتكشف له منها مواضع الداء، ويقدر الدواء. ولا أغلو حينما أذكر أن حدب عبد العزيز على الأزهر، وشغفه به، وأمله القوي في أن يسمق بنيانه، وترتفع أركانه، كان شيئا فوق مكنة الطالب الذي يعشق معهده، ويتعصب له وقد عرف فيه إخوانه دماثة الخلق، والمرح، وبشاشة الوجه، وابتسامة الثغر، ….. “
كان يخطو نحو الصفوف الأولى في الوطن
“….. ولما اختير إماماً للحضرة العلية الملكية تفتحت له من الحياة سبل جديدة، ازداد بها مرانه ومعرفة، وأخذ يخطو ويبرز نحو الصفوف الأولى بين رجالات الوطن. وكان إذ ذاك حركة دائبة. فيؤدي واجبه أمام مليكه، ويلقي دروسه وخطبه، ويذيع في المذياع، ويكتب في المجلات، في الأمور الدينية والاجتماعية والتاريخية”.
حبه العميق للأزهر
“….. كان عبد العزيز عالما أزهريا، بالمعنى الذي يفهمه التاريخ والعرف. ومرجع ذلك – فيما اعتقد – إلى حبه العميق للأزهر، وما في الأزهر من علم، وما له من تقاليد. فهو وإن بدا مترفا في بعض حياته، جانحا إلى الأخذ بأساليب العيش الحديثة. كان شديد الحنين إلى الحياة القروية الساذجة الهادئة التي تفضل البساطة في كل شئ من ملبس ومأكل ونحوهما، وهو سريع الجنوح إليها ما واتته الفرصة، ولهذا كان أحب الأيام إليه ما قضاه في بلده بالصعيد، والمراغة بين عشيرته.
قيمته التاريخية والأدبية
“….. كان مؤرخا راعيا لتطورات التاريخ الإسلامي وتقلب دولته، منقبا عن ذلك في كتب التاريخ الإسلامي العربي منها وغير العربي وكان أديبا بكل ما تحمله هذه الكلمة من المعاني. فقد أوتي حافظة قوية كنت أغبطه عليها، ملمة بشتى عصور الأدب وتقلباتها وحوادثها إلماماً محموداً…… وكان كثير البحث في مظان اللغة، يحفظ من ألفاظها عددا تكتنز فيه المعني، أو يعبر عن المعاني الغريبة أو المستحدثة، ويعنى بالألفاظ الطوافة في اللغات، وما كسبته في كل لغة من المعاني….. كان كاتبا حسن الكتابة، وخطيبا رائع الخطابة.
مقالاته الصحفية و خطبه المنبرية
كانت للشيخ عبد العزيز المراغي مقالات صحفية كثيرة من أهمها مقالاته في مجلة (رسالة الإسلام) . أما خطبه المنبرية فكانت ذات طبيعة ثقافية وعصرية و لاندري هل جمع بعضها ام لم يجمع .
وفاته
توفي الشيخ عبد العزيز المراغي في 16 نوفمبر 1950.