الرئيسية / المكتبة الصحفية / العلامة سليمان العبد أستاذ الشعراء والعلماء   

العلامة سليمان العبد أستاذ الشعراء والعلماء   

الشيخ سليمان العبد  (1841 ـ 1919) هو  واحد من  كبار علماء الأزهر في جيله ، وهو أستاذ عالي القدر في الفقه الشافعي، كان شيخ الشافعية في عصره، كما كان شيخ رواق بن معمر ، كما أنه من أبرز مَنْ اشتهروا بالأدب، ونظم الشعر من علماء جيله ، وقد كان من جيل العلماء المعاصرين للشيخ محمد عبده  الذين اشتهر منهم كثيرون من علماء  الحنفية بحكم مناصب  الحكومة .

نشأته و تكوينه العلمي

هو ابن الشيخ مصطفي  العبد بن الأمير القرة علي  المشهور بالعبد، والمهاجر من بلاد الأكراد في  ديار بكر. ولد الشيخ سليمان العبد سنة 1841 في  بلدة شبرا النملة، التي كانت موطنا لعائلته، ونشأ بها، وإليها ينسب فيقال سليمان العبد الشبراوي ، كذلك فإن عائلة العبد لايزال لها شأنها في  شبرا النملة حتي  الآن. ولما بلغ العاشرة من عمره التحق بالجامع الأحمدي  في  طنطا، وتلقي  العلوم العربية، كما تلقي  دروسا في  التجويد. وبعد أربع سنوات من الدراسة في  الجامع الأحمدي  سافر الشيخ سليمان العبد إلي  القاهرة، والتحق بالجامع الأزهر، وتلقي  العلم علي  الشيخ محمد الخضري  المتوفي 1870 و الشيخ إبراهيم السقا المتوفي 1880 ، و الشيخ الإنبابي  شيخ الأزهر 1824-1896، و الشيخ الأشموني 1803-1904  .

نال العالمية قبل عصر الامتحانات

ظهرت ملامح ذكاء الشيخ سليمان العبد وتفوقه فأجازه مشايخه للتدريس بالجامع الأزهر 1868 [ ترد في المصادر المتداولة على أنها 1867  من باب التقريب ]  وكان نواله الإجازة تبعا لقواعد النظام المتبع في  ذلك الوقت قبل أن تتقرر نظم امتحان الشهادة العالمية في  1872 عهد الشيخ المهدي  العباسي .

استاذيته و تلاميذه في الأزهر ودار العلوم

اشتغل الشيخ سليمان العبد بالتدريس بالأزهر منذ سنة 1868، أي قبل أن يبدأ نظام امتحان العالمية بأربع سنوات ، وعمل كذلك بالتدريس في  مدرسة دار العلوم. ومن تلاميذه :  الشيخ حسين والي  1869- 1936 ، و الشاعر محمد عبد المطلب 1870- 1930، و الشيخ دسوقي  العربي ( المتوفي 1937) ، والشيخ محمد الخضري  بك المؤرخ 1872- 1927 ، وشقيقه الشاعر عبد الله عفيفي  بك 1889- 1944، ، و محمد احمد جاد المولي  بك 1883- 1944 .

قصته مع تلميذه الشاعر محمد عبد المطلب

كان الشيخ سليمان العبد لا ينشئ قطعة  شعرية إلا عرضها على الشاعر محمد عبد المطلب  تلميذه في دار العلوم مستنيراً برأيه أمام زملائه، وكثيراً ما ينزل على إرادته فيحذف ويثبت كما يملي عليه تلميذه الناشئ،  وكان إذا ما نشر قصيدته قرأها على تلامذته ذاكرا فضل  عبد المطلب  فيها.

عضويته في اللجنة الخماسية في نهاية عهد الشيخ الإنبابي

في نهاية مشيخة الشيخ الانبابي انتدب الشيخ حسونة النواوي ليصبح وكيلاً للأزهر ، وشكلت  لجنة خماسية لمعاونته من الأستاذ الإمام محمد عبده، الشيخ عبد الكريم سلمان [وكلاهما حنفي] ، والشيخ سليمان العبد [الشافعي] ، والشيخ أحمد البسيوني [الحنبلي] والشيخ محمد أبو الفضل الجيزاوي [المالكي].

كتابه الأشهر: يانع الأزهار

من أشهر الكتب التي يعرف بها الشيخ سليمان العبد كتابه الذي ألفه و اشتهر بتدريسه والمسمى :”يانع الأزهار في اختصار طوالع الأنوار “للبيضاوي قاضي القضاة في زمنه وهو من أشهر كتب المنطق ، وقد نال هذا الكتاب استحسان العلماء فقد قرظه الشيخ حسونة النواوي، الشيخ سليم البشري، الشيخ بكري الصدفي، الشيخ الجيزاوي، العلامة محمد بخيت المطيعي والشيخ محمد راضي البحراوي.

استقالته من مجلس إدارة الأزهر

لما ازداد  تعنت الخديو عباس ضد الحركة الإصلاحية داخل الأزهر تقدم الشيخ سليمان العبد والشيخ محمد أبو الفضل  الجيزاوي باستقالتهما من مجلس إدارة الأزهر فأصدر الخديو عباس حلمي الثاني في 21 يناير 1905 قراراً بتعيين الشيخ محمد حسنين البولاقي والشيخ محمد حسنين مخلوف العدوي بدلاً منهما.

موقفه من الخديو يوم وفاة الشيخ محمد عبده

كان الشيخ سليمان العبد  مصابا بالحمى من قبل وفاة الشيخ محمد عبده ،  وفي يوم وفاة الأستاذ الامام أرسل الخديو أحد رجاله إلى الشيخ فاستقبله في فراشه بسبب المرض، ونقل المندوب سؤال الخديو على صحته ،  ثم قال له  إن الخديو يرجوك ألا تسير في جنازة الإمام، فنزل الشيخ من فراشه وهو يقول: وضح الأمر فكم مرضت قبل اليوم فما سأل الخديو عني ، وإني مريض كما تري ، ولم أكن انوي أن اشيع الإمام، أما وقد جئت فإني ذاهب، و نزل الشيخ من فوره إلى بغلته وركبها ، وهو لا يكاد يستوي في جلسته ،  وأرسل إلى من استطاع من المشايخ أن يصحبوه إلى جنازة الإمام ، وكان الشيخ سليمان يسكن في الحلمية الجديدة بجوار السيدة زينب وكانت جنازة الإمام محمد عبده في عين شمس.

عضوية هيئة كبار العلماء

كان الشيخ سليمان العبد  من الأعضاء المؤسسين لهيئة كبار العلماء وهو ابرز علماء الشافعية التسعة الذين اختيروا لهذه العضوية في 1911 ، وكان ثاني من توفي منهم بعد الشيخ سعيد الموجي (المتوفي 1913) وكان معهما من العلماء الشافعية المشايخ محمد إبراهيم القاياتي ، وعبد الحميد زيد ، ، ومحمد الرفاعي المحلاوي ، ومحمد قنديل الهلالي ، ومحمد نجدي ، ويونس العطافي ، وعبد المعطي الشرشيمي المولود 1852 و الذي بقي على قيد الحياة حتى 1956.

التكريم والتقدير

نال الشيخ سليمان العبد  كسوة التشريف العلمية من الدرجة الأولي.

وفاته

توفي  الشيخ سليمان العبد في  20 أغسطس سنة 1919، ودفن في  قرافة العباسية بالقرب من حوش الخديو توفيق.

من قصيدته  دموع الأسف في رثاء عبد الله فكري باشا  

نضى ثوب الحياة وسار «فكري»

 

وكدّر بالفراق صفاء فكري

تكبّدتِ القلوب ضرامَ حزنٍ

 

عليه يذيب وجدًا كل صخر

ومصر بموته ارتعدت وضجّت

 

وقد شقّت عليه دروع صبر

وصار دمُ الدموع لها خضابًا

 

على كفّ الأسى يا ويحَ مصر

وألبسها الحدادُ عليه وجدًا

 

ثيابَ الحزن سُودًا بعد خُضر

فكم غرس المكارم يانعات

 

فأثمرتِ المكارم حُسْن شكر

لقد كان الملاذَ لكل راجٍ

 

وذخرًا للأنام وأيّ ذخر

وبدرًا تستضيء به الدياجي

 

إذا ليلُ الخطوب دحا بأمر

هو العلم الشهير بكل علمٍ

 

وبحرٌ في المعارف أيّ بحر

وللأقلام حظٌّ في يديه

 

بتنظيم العقود ونثر دُرّ

إلى رتب السياسة قد تسامى

 

فنال من الوزارة كل فخر

مضى عنا وخلَّف فرْطَ حزنٍ

 

يدوم عليه فينا طول دهر

مضى وله التُّقى والبرّ زادٌ

 

وأنوار الهدى بحلاه تسري

أقام على حدود الله يبغي

 

رضاءً عاملاً أعمال بَرّ

أيا بدرًا وان غُيِّبْتَ عنا

 

وخلَّفتَ الأسى في كل صدر

على العلياء بعدك خيرُ نجلٍ

 

«أمينٌ» قد سما برفيع قدر

شارك هذا المحتوى مع أصدقائك عبر :
x

‎قد يُعجبك أيضاً

حماس على طريق النصر

لما ظهرت حركة حماس إلى الوجود دارت مناقشات متعددة حول جدواها ومستقبلها، ...

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com