الشيخ عبد الرحمن عليش صديق الأمير عبد القادر الجزائري والمستشرقين

مكانته التاريخية

الشيخ عبد الرحمن محمد عليش (الكبير)  1840 – 1928 هو ابن العلامة الشيخ محمد محمد عليش الكبير 1802 ـ 1882الذي  تناولنا سيرة حياته في الفصل الأول من كتابنا “الفتوى في فضاء الازهر”  وهو من أبرز أبناء جيله من العلماء ، و قد جمع في شهرته بين الداخل و الخارج ، و كان عالما مؤثرا كما كان رجل مجتمع بارزا ،  وفضلا عن هذا و ذاك فهو من رجال الثورة العرابية الذين ضحوا من اجلها ، واوذوا و ضربوا المثل في العمل من أجل وطنهم ودينهم .

التمييز بينه وبين ابن أخته ، وفضل عائلتهم

كان للشيخ محمد عليش سبط (كان والداه من عائلة عليش )  هو الشيخ عبد الرحمن محمد عليش المولود  1866 وكان عالما حنفيا من رجال القضاء الشرعي، ولهذا يختلط الحديث عنه بالحديث عن خاله،  ولهذا يسمى عبد الرحمن ابن الشيخ عليش بعبد الرحمن عليش الكبير.

على أن العائلة حافلة بالعلماء و الأفاضل في مجالات متعددة ، ومع ما يتمتع به علماؤها من الفضل فإن أجيالهم توقر ذكرى شيخهم الكبير الثائر الشهيد .

نشأته

نشأ الشيخ عبد الرحمن عليش ( و يكنى بأبي زيد) في رعاية والده الشيخ محمد عليش  ، وتلقى عليه العلم وعلى أنداده من العلماء  : الشيخ محمد الأشموني 1803 ـ 1906 والشيخ حسن العدوي 1806 ـ 1885 والشيخ عبد الهادي نجا الابياري 1821-1888 والشيخ شمس الدين الإنبابي 1824- 1896

مشاركته في ثورة عرابي

كان الشيخ عبد الرحمن عليش مثل والده ممن انضموا إلى الثوار في أثناء ثورة عرابي ، و ما تطورت اليه تلك الثورة من مقاومة الاحتلال الإنجليزي ،  وكان من المتوقع أن يعاقب على بطولته و وطنيته ، شأنه في هذا شأن كل من شاركوا في الثورة ، ومن المعروف أن  والده العلامة الشيخ محمد عليش مات في السجن، أما هو فقد حكم عليه بالسجن الانفرادي عامين ثم حكم عليه بالنفي مع الشيخ محمد عبده والشيخين محمد  وأحمد عبد الجواد القاياتي ، فعاشوا في بلاد الشام على نحو ما صور الشيخ محمد  عبد الجواد القاياتي 1838- 1902 حياتهم في كتابه عن رحلة الشام .

صداقته للأمير عبد القادر وعنايته به في وفاته

في دمشق التقى الشيخ عبد الرحمن عليش بالأمير عبد القادر الجزائري 1808 ـ 1883 ونشأت بينهما صداقة ، وقد كان هو من تولى تكفيّن الأمير عبد القادر الجزائري، وأمّ المصلين عليه 26 مايو 1883 ودفنه في مدفنه بالصالحية بجوار مقبرة الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي.

بيروت والأستانة و رودس

في أثناء نفيه تنقل الشيخ عبد الرحمن عليش  ما بين  بيروت و الآستانة، وجزيرة رودس، وترك في كل منها من الذكر الحسن ما بقى أثره في انطباعات من عرفوه و عاشروه و انتفعوا بعلمه فقد كان عالما معلما ، و كان قدوة في الفهم و الفرز وتمييز الخبيث من الطيب  .

عفو الملكة فكتوريا

لما أصدرت الملكة فكتوريا 1819-1901عفوا عمن بقي من الثوار الذين دافعوا عن مصر ضد الاحتلال البريطاني 1882 عاد الشيخ عبد الرحمن عليش إلى القاهرة.

علاقاته بثلاثة من أهم المستشرقين

كانت للشيخ عبد الرحمن عليش صلات قوية بعلماء من الغرب اتصلوا بالبلاد الإسلامية وانتهى بهم الامر الى اعلان اسلامهم  ومن هؤلاء نذكر ثلاثة من مشاهير المستشرقين .

علاقته بالمستشرق عبد الهادي ( جان جوستاف آجلي)  

يذكر التاريخ أن المفكر والرسام السويدي جان جوستاف آجلي الذي عُرف باسم [إيفان أجلي] 1869 ـ 1917 أسلم على يدي الشيخ عليش في 1887 وتسمّى باسم عبد الهادي ، وهذا الفنان الذي يحجب الحديث عنه عمداً هو من أسس للدراسات الأكبرية في باريس (نسبة إلى محيي الدين ابن عربي الشيخ الأكبر) وقد كرّمته السويد في ذكراه المئوية 1969 وأصدرت ستة طوابع بريد تحمل صور ست من لوحاته، كما عرضت السويد بعض  لوحاته الفنية في المتحف الوطني السويدي للفنون الجميلة، ونقل جثمانه 1981 من اسبانيا ، ودفن تبعاً للتعاليم الإسلامية في مسقط رأسه.

صداقته بالمفكر الفرنسي عبد الواحد يحيى (رينييه جينو)

كان الشيخ عبد الرحمن عليش ممن اتصل بهم المستشرق و المفكر الفرنسي الفيلسوف المسلم الشيخ عبد الواحد يحيى (رينييه جينو) 1886 ـ 1951 قبل إسلامه ، و فيما يبدو فقد كان للشيخ عليش تأثير كبير في فهم المستشرق الفرنسي لحقائق الدين الإسلامي مما ساعده على اشهار إسلامه ، و لعبه الدور الفكري المتميز في الحديث عن فلسفة الإسلام وفلاسفته .

عبد الواحد يحيى يُهديه كتابه بعد وفاته

أهدى المفكر الفرنسي عبد الواحد يحيى كتابا من كتبه إلى الشيخ عليش في العام التالي لوفاته، وكتب في هذا الاهداء بحروف المطبعة أنه يهديه إلى الذكرى المقدسة : ذكرى الشيخ عبد الرحمن عليش الكبير المالكي المغربي.

صداقته  بالصحفي الإيطالي إنريكو أنساباتو

 ارتبط  الشيخ عبد الرحمن عليش  بصداقة مع  الصحفي الإيطالي إنريكو أنساباتو 1878 ـ 1963 الذي اعتنق الإسلام ، وأسس مجلة النادي الإيطالية التي صدرت في القاهرة ما بين 1904 ـ و1913.

مؤلفاته

• رسالة في مبادئ العلوم.
• الجواهر النقية على شرح السيد الشريف للسراجية.

وفاته

توفي الشيخ عبد الرحمن عليش  في القاهرة 1928