مكانته في التاريخ الازهري و نسب عائلته
الشيخ محمد الأمير الكبير 1742 ـ 1817 معاصر تماماً لشيخ الأزهر الثامن والعشرين الشيخ عبد الله الشرقاوي 1737 ـ 1812 فهو كما نرى قد ولد بعده بـخمس سنوات وتوفي بعده بخمس سنوات، أي أنه عاش مثل عمر الشيخ الشرقاوي. من الجدير بالذكر أن اسمه بالكامل : محمد بن محمد بن أحمد بن عبد القادر بن عبد العزيز بن محمد السنباوي المالكي الأزهري الشهير بالأمير، والأمير هو لقب جده الأدنى أحمد ، وسبب هذا اللقب أن جده أحمد وأباه عبد القادر كان لهما إمرة بالصعيد.
طبيعة شخصيته و تميز انتاجه
كان الشيخ الأمير الكبير على ما تناقلته الأدبيات في وصفه إنساناً رقيقا حساساً فلم يكن يستطيع أداء ما أداه الشيخ عبد الله الشرقاوي في مراحل الحياة السياسية المتعاقبة من أدوار مضطربة : مع المماليك ثم مع الفرنسيين ثم مع محمد علي ، ولهذا فإنه انصرف إلى العلم انصرافاً كاملا متراكزا ومتراكبا، ومعنى هذين اللفظين أنه كان يعامل العلم معاملة النحات ، وأنه كان يبني على ما بناه من قبل، وقد حفظ لنا التاريخ من خلال تراثه و سيرته نموذج العالم الذي ألف متنا ثم ألف شرحاً لمتنه هو نفسه ثم ألف حاشية على شرحه هو نفسه للمتن، وهي نعمة كبرى لا تتاح إلا لمن امتد بهم العمر، وأتيحت لهم في ذلك العمر فرصة واسعة للاشتغال بالعلم والبناء على ما أسسوا فيه، ونحن نعرف في علومنا الطبية المعاصرة المتجددة أن الأستاذ العالمي يؤلف كتابه المرجعي ثم يعود إليه ليجدده في طبعاته المتوالية مستغلاً ما أتاحه الزمن من التقدم والتكنولوجيا، لكن الشيخ الأمير الكبير فاق هذا ، فقد ألف في المستويات الثلاث : المتن والشرح والحاشية كذلك فإنه تفوق في أنه بدأ بالمتن وهو الحجم الأصغر، وهذا اصعب من أن يبدأ بالحجم الأكبر، لكنه أنجز هذا التراكب بنجاح كبير.
جمع بين التأليف وشرح أعمال السابقين
فضلا عن هذا فإن الشيخ الأمير أضاف إلى هذا النجاح إضافة لا يتمكن منها إلا العالم الثقة الواثق بنفسه فقد عمد إلى متن خليل وهو أشهر متون الفقه المالكي فشرحه، وكأنه ينافس نفسه على نحو ما نافس متن خليل من قبل بتأليفه متنه هو، ولهذا السبب فإننا نرى التأريخ للعلماء التالين له حريصاً على أن ينسبهم بطريقة أو أخرى إلى التلمذة على الشيخ الأمير الكبير، وكأنه ليس لمعاصر له أن يزعم أنه عالم إلا إذا كان قد تتلمذ له.
شهرته غطت على شهرة ابنه الشيخ الأمير الصغير
وقد غطت شهرته على شهرة ابنه الأمير الصغير رغم فضل ابنه، وقد قيل في رثائه كثير من الشعر يعبر عن مدى إجلال العلماء له ولمكانته العلمية، بل إن هذا التقدير دفع شاعرا من الشعراء أن يصور الأمر فيقول هذا البيت الطريف:
حلف الزمان ليأتين بمثله حنثت يمينك يا زمان فكفّر
أما قائمة مؤلفاته فتدل على مدى ما أحرز من علمٍ كان كفيلا بأن يصرفه عن كلّ متاع الدنيا، ومع هذا فإنه لقيّ من متاع الحياة الدنيا الكثير واستضافته دولة الخلافة العثمانية في عاصمتها، فاستمع إليه العلماء وحصلوا على الإجازات منه.
تلمذته للشيخ على الصعيدي أستاذ الدردير وأستاذه
أدرك الشيخ الأمير الكبير الشيخ علي [بن أحمد بن مكرم الله] الصعيدي العدوي المالكي 1700- 1775 و حضر عليه دروسه في الفقه و كتب المعقول ولازمه ، وأخذ عنه و تخرج على يديه ، و هو بهذا يشترك إلى حد مع الشيخ أحمد الدردير 1715- 1786 .
أساتذته
- ختم القرآن وجوده على الشيخ المنير بطريق الشاطبية والدرة.
- سمع صحيح البخاري وكتاب الشفاء على الشيخ علي بن العربي السفاط.
- تلقى على السيد البليدي : شرح السعد على عقائد النسفي ، والأربعين النووية.
- سمع الموطأ على العلامة الشيخ محمد التاودي بن سودة بالجامع الأزهر في سنة ذهابه للحج.
- لازم العلامة الشيخ حسن الجبرتي 1698-1774 ، وتلقى عنه الفقه الحنفي وبعض العلوم العقلية كالهيئة والهندسة والفلكيات والحكمة.
- تلمذ للشيخ محمد بن إسماعيل النفراوي المالكي.
- حضر على شيخ الازهر الرابع والعشرين الشيخ محمد الحفني 1688-1767 مجالس من الجامع الصغير والشمائل المحمدية ورسالة النجم الغيطي في المولد.
- حضر على الشيخ يوسف الحفني في آداب البحث وشرح قصيدة: “بانت سعاد”.
- حضر على الشيخ أحمد الجوهري شرح جوهرة التوحيد للشيخ عبد السلام اللقاني ، وسمع منه المسلسل بالأولية، وتلقى عنه طريق الشاذلية من سلسلة مولاي عبد الله الشريف.
- أخذ عن الشيخ محمد بن موسى الجناجي المعروف بالشافعي ( المتوفى 1786)
- تلقى عن الشيخ الملوي مسائل في أواخر أيام انقطاعه بالمنزل.
تلاميذه
- ولده الشيخ محمد الأمير، وصار بعده أحد الشيوخ.
- الشيخ مصطفى العقباوي (المتوفى 1806).
- الشيخ محمد عبد الفتاح المالكي (المتوفى 1808).
- الشيخ أحمد بن محمد بن إسماعيل الطهطاوي شيخ الحنفية المتوفى 1816
- السيد محمد بن عثمان بن محمد بن عبد الرحيم بن مصطفى ابن القطب الكبير محمد الدمرداش الخلوتي (المتوفى 1780)
- الشيخ الصالح عيسى جلبي بن محمود بن عثمان بن مرتضى القفطانجي الحنفي المصري (المتوفى 1783) أخذ عنه العربية والكلام.
- الشيخ محمد بن حسن الجزايرلي الحنفي (المتوفى 1783).
آثاره في التفسير
- تفسير سورة القدر.
في التوحيد
- حاشية على إتحاف المريد شرح جوهرة التوحيد: وهي حاشية على شرح الشيخ عبد السلام اللقاني [ابن ناظم الجوهرة ]على متن جوهرة التوحيد للشيخ إبراهيم اللقاني، وقد طبعت بمطبعة بولاق بالقاهرة سنة 1866 ، ثم بالمطبعة الأزهرية سنة 1882 ، ثم 1891، ثم تكرر طبعها.
التمييز بين مؤلفاته الثلاثة في الفقه
- المجموع: مصنف في الفقه المالكي نافس به مختصر خليل الشهير ، جمع فيه الراجح في المذهب، وقد صار مقبولًا مذ ألفه في حياة شيخه الصعيدي حتى إن الشيخ الصعيدي كان إذا توقف في موضع يقول: “هاتوا مختصر الأمير”.
- شرح المجموع: وهو شرح نفيس على مصنفه السابق طبع بمطبعة شاهين سنة 1865 ثم سنة 1886 .
- ضوء الشموع على شرح المجموع: وهو الحاشية التي الفها على شرحه السابق طبع بمصر سنة 1886 .
وقد اشتهرت هذه الكتب الثلاثة للشيخ الأمير الكبير ، و عرفت فرادى كما عرفت مجموعة (المجموع وشرحه وحاشيته) ، وأثنى عليها العلماء وفضلوها على سواها من كتب رجال المذهب المالكي المحدثين .
مؤلفاته الأخرى في الفقه
- الإكليل شرح مختصر خليل: وصف هذا الشرح وصفا جميلا تناقه الخلف عن السلف ، وهو ” أنه شرح مختصر لطيف ممتزج بالمتن امتزاج الروح بالجسد، عني مؤلفه ببيان الراجح من الخلاف، والمعتمد من الأقوال، والظاهر من التأويلات ، وقد طبع هذا الشرح بتصحيح وتعليق العلامة الشيخ عبد الله بن الصديق الغماري 1910-1993.
- حاشية على شرح العشماوية لابن تركي (مخطوط).
- حاشية على شرح الشيخ عبد الباقي على مختصر خليل.
- المناسك: طبع باسم مناسك الأمير طبعة حجرية بمطبعة حسن الرشيدي سنة 1865.
- حاشية على الفوائد الشنشورية شرح الرجبية: في الفرائض فرغ من تأليفها سنة 1770، وقيل: بل سنة 1776 وأولها: “سبحان من يرث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين”. (مخطوط بالأزهرية).
في النحو واللغة والبلاغة
- حاشية على مغني اللبيب لابن هشام: طبع بمطبعة شرف سنة 1881
- حاشية على شرح شذور الذهب لابن هشام: طبع طبعة حجرية بمصر سنة 1867
- إتحاف الأنس في الفرق بين اسم الجنس وعلم الجنس: طبع باسم إتحاف الأنس في العلمية واسم الجنس بدمشق سنة 1866
- حاشية على شرح الملوي على السمرقندية : في البلاغة، طبع طبعة حجرية بمصر سنة 1865 ثم 1883 ثم طبع بالمطبعة الأزهرية سنة 1890.
- حاشية على شرح الشيخ خالد على الأزهرية في علم العربية.
وله أيضا
- مطلع النيرين فيما يتعلق بالقدرتين: مصر 1896 .
- بهجة الانس والائتناس في شرح زارني المحبوب في رياض الآس: طبع بمصر طبعة حجرية.
- ثمر الثمام في شرح آداب الفهم والإفهام.
- الوظيفة الشاذلية: طبع بمدينة مراد آباد بالهند سنة 1887 ، كما طبع بدمشق
- حواش على المعراج.
قال الشاعر في مدح شرح الشيخ الأمير على شرح الشيخ خالد للأزهرية
لنا منه أزهرت الأزهرية كلام الأمير أمير الكلام
ولكنها من بنات الروية فتلك عروس جلاها لنا
وفاته
توفي الشيخ محمد الأمير الكبير في 1817 في عصر محمد علي باشا الكبير .