الدكتور محمد زكي شافعي (1922 ـ 1988) عالم اقتصادي كلاسيكي مبرز، وهو أبرز أساتذة الاقتصاد المصريين في جيله، بحكم ملازمته للجامعة كما أنه أول عميد لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية وقد نال الوزارة كما نال عضوية مجمع اللغة العربية وجائزة الدولة التقديرية. وعلى المستوى الشخصي فقد كان نموذجا يحتذى للشخصية الأكاديمية المحبوبة، وقد أجمع على حبه زملاؤه وتلاميذه وكل مَنْ عرفوه، وكانت له شخصية تتسم بالهدوء، واللطف، والأخوة، والتواضع، واحترام النفس، واحترام الآخرين، كما كان أقرب إلى التصوف والبعد عن الدنيا، متواضعاً، ولم يكن يزدهي بعلم أو منصب، وكان جلداً صبوراً، شجاع القلب، لا يشكو الحظ، ولا الزمان.
نشأته وتكوينه
ولد الدكتور محمد زكي شافعي في المنصورة في الثلاثين من أغسطس (1922)، وفيها عاش بشارع البحر، ثم درس في القاهرة والتحق بكلية الحقوق وحصل على ليسانس الحقوق (1942)، وعلى دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص (1944)، ثم على دبلوم الدراسات العليا في الاقتصاد السياسي (1945)، ثم كان من أوائل من استكملوا دراستهم العليا في الاقتصاد في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أوفد في بعثة إلى جامعة برنستون ونال درجة الماجستير في الاقتصاد (1948)، ودرجة دكتوراه الفلسفة في الاقتصاد (1950)، وكانت رسالته للدكتوراه عن «النقد والنظام المصرفي والعلاقات الاقتصادية الدولية وبحوث عن صندوق النقد الدولي والنظم المصرفية في الدول النامية».
وفي أثناء بعثته اختير الدكتور محمد زكي شافعي عضواً في وفد مصر في اجتماع الأمم المتحدة الخاص بصيانة الموارد الطبيعية واستغلالها (1949)، وعاد إلى وطنه ليعين مدرساً في كلية الحقوق جامعة القاهرة، وقد اختير في مطلع حياته الأكاديمية خبيراً بقسم الشؤون الاقتصادية بالأمانة العامة للأمم المتحدة (1953 ـ 1956). وارتقى في وظائف هيئة التدريس أستاذا مساعدا (1954) وشغل أستاذ كرسي الاقتصاد والمالية العامة في كلية الحقوق (1959)، وهو في السابعة والأربعين.
عمادته التأسيسية لكلية الاقتصاد
وعندما أنشئت كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة (1959) اختير الدكتور محمد زكي شافعي ليكون أول عميد لها (1960 ـ 1964)، وحمل عبء تكوينها، وتولى الإشراف على تنظيم شؤون التدريس بها، وتزويد المكتبة بالمراجع، كما تولى إرساء التقاليد الجامعية في هذه الكلية. وقد اعترف الجميع بفضله في تأسيس كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، التي تكونت هيئة تدريسها من كليتي الحقوق والتجارة بصفة أساسية، ولم يخل الأمر من صراعات طائفية أو معهدية استطاع زكي شافعي أن يسويها بحكمة وتوازن، وإليه يرجع الفضل في المكانة الرفيعة التي احتلتها هذه الكلية منذ مرحلة مبكرة من حياتها، وقد استطاع بحكم مكانته العلمية وفضله أن يجمع حوله أعضاء هيئة التدريس في هذه الكلية على الرغم من طموحاتهم المختلفة، بل ومذاهبهم المتباينة، وكان حريصاً على مستوى خريجي هذه الكلية إلى الحد الذي دفع به إلى إقناعهم بعدم المطالبة باستثنائهم من امتحان السلك الدبلوماسي، وأن يتقدموا له شأن أقرانهم من الكليات الأخرى، وأن يثبتوا أنفسهم في الامتحانات.
وفي ذلك العهد مثل الدكتور محمد زكي شافعي بلاده في عدد من المؤتمرات الدولية والاقتصادية المهمة، حيث اختير عضواً بوفد جمهورية مصر العربية لمؤتمر التجارة والتنمية بجنيف (1964)، وعضواً بوفد جمهورية مصر العربية لمؤتمر الجزائر لمجموعة السبعة والسبعين وانتخب مقررا لإحدى لجانه الرئيسية (1967)، وعضواً بوفد مصر لمؤتمر التجارة والتنمية بنيودلهي حيث انتخب مقررا لإحدى اللجان الرئيسية (1968).
وعلى المستوى الدولي اختير الدكتور محمد زكي شافعي نائباً لرئيس مجموعة الخبراء التي شكلها مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية لدراسة التدابير الخاصة التي ينبغي اتخاذها لصالح البلاد الأقل تقدما في جملة البلاد النامية (1969)، واختير أيضا عضواً بمجموعة الخبراء التي شكلها مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة الإنسانية، وأعدت تقريرا عن التنمية والبيئة (1971). وعمل أستاذاً زائراً بجامعة جراتس بالنمسا (1969).
اعتذاره المبكر عن الوزارة وعمله في الجامعة العربية
كان الدكتور محمد زكي شافعي قد رُشِّح وزيراً للتعليم العالي في الستينيات فاعتذر، لكنه أقبل على العمل العام والعمل السياسي في عهد الرئيس السادات واختير أميناً مساعداً لجامعة الدول العربية للشؤون الاقتصادية (1973 ـ 1975)، ثم عمل وزيراً للاقتصاد والتعاون الاقتصادي في وزاراتي ممدوح سالم الأوليين (أبريل 1975 ـ نوفمبر 1976)، ثم آثر العودة إلى الجامعة حيث بقي إلى آخر أيامه. وبعد عودته للجامعة عاد فرأس قسم الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية (أكتوبر 1978)، وتوج حياته الأكاديمية بنواله جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية (1979)، وكان قد حصل قبلها على جائزة الدولة التشجيعية (1960).
واختير الدكتور محمد زكي شافعي رئيساً للجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع (1983). كما كان له دوره البارز في الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع، وقد ظل رئيسها المنتخب حتى وفاته في 1988.
إنتاجه العلمي
كان للدكتور محمد زكي شافعي نشاط علمي واسع، وقد اشتهر اسمه بمؤلفاته وبحوثه ومدرسته، وقد نشر عدة كتب عدها معاصروه مراجع اقتصادية وطبعت مرات عديدة منها:
- «تثبيت مستوى الأسعار عن طريق رقابة البنك المركزي على عرض النقود (1950)
- «مقدمة في النقود والبنوك» وقد طبع مرات عديدة
- «مقدمة في العلاقات الاقتصادية الدولية» (1957)
- «التعاون النقدي الدولي العالمي والإقليمي» (1962)
- «التنمية الاقتصادية» ط 3 (1968)
- «التنمية الاقتصادية» جزءان
- «ثلاث محاضرات في التنمية الاقتصادية باللغة الإنجليزية» جامعة بيروت (1970).
بحوثه المهمة
- «صندوق النقد الدولي الإطار التاريخي والفكري لاتفاقية بريتون وودز»، مجلة القانون والاقتصاد (1952)،
- «صندوق النقد الدولي (2) تحليل أسس اتفاقية بريتون وودز وتقدير إمكانيات نجاحها» مجلة القانون والاقتصاد، (1953)
- «الخصائص الأساسية للنظم النقدية بالبلاد المتخلفة اقتصاديا» مجلة القانون والاقتصاد (1956)
- «النظم المصرفية للبلاد المتخلفة اقتصاديا» لجنة التخطيط القومي (يونيو 1957)
- «القيود السعرية على الصرف الأجنبي» (1959)
- «قابلية العملة للتحويل والبلاد المتخلفة اقتصادياً» (1960)
- «الاتفاقات الإقليمية للمدفوعات في عالم ما بين الحربين» (1960
- «العلاقات الاقتصادية الدولية للبلاد المتخلفة اقتصادياً» (1962)
- «دور الاستثمار الأجنبي في التنمية الاقتصادية» (1963)
- «مشكلات التجارة الدولية المنتجة للمنتجات الأولية» (1964
- «مؤتمر جنيف للتجارة والتنمية» (1965)
- «خصائص النظم المصرفية في البلاد المخططة مركزيا» (1967)
- «مكان الاستهلاك في التنمية الاقتصادية» (1967)
- «مؤتمر الجزائر لمجموعة السبعة والسبعين» (1968)
- «الإنماء الاقتصادي بالجمهورية العربية المتحدة» (1968)
- «المؤتمر الثاني للتجارة والتنمية» (1969)،
- «دور الجامعات في التنمية الاقتصادية والاجتماعية» (1969)، و«الجهد الإنمائي في العالم الثالث (آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية») (1970).
انتخابه عضواً بمجمع اللغة العربية
في أخريات حياته انتخب عضواً بمجمع اللغة العربية (1986) في الكرسي الثاني والثلاثين الذي كان يشغله الأستاذ بدر الدين أبوغازي 1920- 1982
وفاته
توفي الدكتور محمد زكي شافعي عام 1988.