الدكتور أحمد محمود الساداتي (1908-1992) واحد من أبرز أساتذة اللغات الشرقية في الجامعة المصرية، امتدت نشاطاته العلمية إلى آفاق التاريخ والثقافة السياسية على نحو ما نتمنى من كل أساتذة الآداب الأجنبية في جامعاتنا العربية، وجمع بين الكتابة في التاريخ والأدب بتفوق واقتدار، وقد كان يجيد اللغات: العربية، والفارسية، والإنجليزية، والألمانية، والفرنسية، والأوردية، وقد اقتحم ميدان الأستاذية الجامعية في كهولته.
رافد الثقافة الألمانية في تكوينه المبكر
ولد الدكتور أحمد الساداتي في القاهرة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 1908، وتلقى تعليما مدنيا ثم سافر إلى النمسا، وعاش بها وقضى أوقاتا طويلة في مكتباتها، وتزوج من سيدة نمساوية. وعاد إلى مصر فحصل على ليسانس الآداب في سن كبيرة (1947)، وهي الدفعة التي تخرج فيها أيضا الأستاذ أنيس منصور، والدكتور ناصر الدين الأسد، والدكتور مراد وهبة، والبابا شنودة.
دراساته العليا وتدرجه في الوظائف الجامعية
حصل الدكتور أحمد الساداتي على دبلوم معهد اللغات الشرقية (1950)، ثم على الدكتوراه في اللغة الفارسية (1954). وعمل في هيئة التدريس بكلية آداب القاهرة مدرسا (مارس/آذار 1955)، فأستاذا مساعدا (يوليو/تموز 1960)، فأستاذا للغات الشرقية (سبتمبر/أيلول 1967)، وتقاعد في يناير/كانون الثاني 1968، ثم عين أستاذا غير متفرغ (أكتوبر/تشرين الأول 1970)، ثم عين أستاذا متفرغا (مايو/أيار 1986).
كتاباه عن هتلر وعن شاه إيران
يمثل هذان الكتابان أول مرجعين عن موضوعهما في المكتبة العربية، وقد كانا فتحا في ميدانهما.
- «أدولف هتلر زعيم الاشتراكية الوطنية مع بيان المسألة اليهودية» (1943)
- «رضا شاه بهلوي.. نهضة إيران الحديثة» (1939)
أهم مؤلفاته
- «تاريخ المسلمين في شبه القارة الهندية وحضارتهم» في جزأين: الأول «من الفتح العربي حتى قيام الدولة المغولية» مع مقدمة عن الهند القديمة (1957)، والثاني «الدولة المغولية» وقد أعيد طبعه ليحمل اسم «تاريخ المسلين في شبه القارة الهندوباكساتية»
- «تاريخ الدول الإسلامية في آسيا»
- «أفغانستان منذ الفتح العربي »
ترجماته
- «تاريخ بخارى» لأرمانيوس فامبري
- «فصول من كتاب تراث فارس»
- «فارس والهند بعد محمود»
- «الحدائق الفارسية»
- «فصول من كتاب تاريخ العالم»
- «الهند وإمبراطورياتها الإسلامية» لولسلي هايج
- «مملكة فارس في الخيال»
- «المغول وبلاط قبلاي» لديمتريوس بولجر
وقد كان الكتابان الأخيران من منشورات إدارة الترجمة بوزارة التربية والتعليم في عهد ازدهار نشاط الترجمة في أجهزتها (1958).
المحور البارز في مقالاته وبحوثه
تناولت مقالات الدكتور أحمد الساداتي وبحوثه تاريخ المغول والهند على نحو ما تناولت تاريخ الفرس وإيران، وكما كتب كتابا قيما عن ظهير الدين محمد بابر مؤسس دولة المغول في الهند، وبحثا عن تحقيق “ما للهند من مقولة”، و”تاريخ جهان كشاي” للجويني، فإن له أيضا عددا من المقالات والأبحاث القيمة:
- «النور.. الهائمون في صحاري الحياة»
- «دور الكتب عند العرب: بغداد، قرطبة، شيراز» (1939)
- « مع الكتاب والمؤلفين المصريين» (1940)
- «إيران بين مطامع الاستعمار» (1946)
- «صفحة في السياسة الدولية، أو الاستعمار في الشرق» (1946)
- «ظهير الدين محمد بابر» (1958)
رؤيته التقدمية للتاريخ الإيراني
كان الدكتور أحمد الساداتي من الذين أجادوا تصوير كفاح إيران في مواجهة المطامع الغربية والتحديات التي واجهتها في السياسة الدولية.
حرصه على التعاون مع الأساتذة والباحثين
كان الدكتور أحمد الساداتي يحرص كل الحرص على التعاون مع الباحثين في ميدان الدراسات الشرقية ويتبادل معهم الآراء والأفكار والتوجيه والإرشاد والمناقشة، سواء كان هؤلاء من خريجي أقسام اللغات الشرقية، أو من خريجي أقسام التاريخ بالجامعات المصرية، وكان حريصا على إحياء الاهتمام بهذه المناطق الإسلامية، وذلك على الرغم من فتور الاهتمام الرسمي بهذا الميدان بسبب توترات علاقات نظام يوليو/تموز 1952 (أو برود هذه العلاقات على الأقل) مع إيران وتركيا، بل مع كل الدول الإسلامية الشرقية.
من مديح تلميذه الدكتور السباعي محمد السباعي
كتب عنه تلميذه الدكتور السباعي محمد السباعي، فقال “كان له الفضل الأكبر عليّ وعلي الملحقين بقسم الدراسات الشرقية حتى وفاته، أستاذا ومعلما وأبا رحيما، وموجها كبيرا ندين له بالفضل والولاء، فلم يكن يخلو الجدول الدراسي يوما من الالتقاء به، وكانت دروسه في التاريخ الإسلامي في شبه القارة الهندوباكستانية مما يختلف إليه الدارسون وطلاب العلم، سواء من دخل الجامعة أو من خارجها، وبخاصة في مرحلة الدراسات العليا، ولم يكن ذلك غريبا، فقد كان رائدا من رواد الكتابة العلمية الحقة التي تعتمد على المصادر الأصلية للتاريخ لتلك الفترة، وتعتبر كتبه في هذا الشأن مصدرا لا غنى عنه لأي باحث عربي في هذا المجال”.
وفاته
- توفي الدكتور أحمد الساداتي عام 1992 بعد مرض قصير.