الشيخ مصطفى العروسي (1798ـ1876) هو الشيخ الـ36 بين مشايخ الأزهر، تولى المشيخة بين 1864و1870، كان شافعي المذهب مثل جده ووالده، وجده هو الشيخ الـ27 للأزهر الشيخ أحمد موسى العروسي بين 1778ـ1793، ووالده هو الشيخ محمد العروسي (1750ـ 1829) هو الشيخ الـ30 بين مشايخ الأزهر. والشيخ مصطفى هو الـ14 والأخير من سلسلة متصلة من علماء الشافعية بدأت بالشيخ عبد الله الشبراوي ووصلت إليه، وشملت من الزمن 146 عاما ما بين عامي 1724 و1870 حيث خلفه شيخ حنفي المذهب.
الخطأ في القول إنه أول شيخ للأزهر يعزل من منصبه
يكثر ترداد القول المنقول إن الشيخ مصطفى العروسي هو أول من عزل من منصبه بين مشايخ الأزهر، لكن هذا غير صحيح فقد سبقه إلى العزل شيخان على الأقل هما صاحبا الولايتين السابعة (الشيخ عبد الجواد الشبراملسي المتوفي 1634) والعاشرة الشيخ محمد شمس الدين (المتوفي 1656)، فضلا عما حدث بين الشيخين الـ19 والـ20 من نزاع، فإذاً لم يكن الشيخ مصطفى العروسي أول شيخ يعزل من مشيخة الأزهر.
الحيرة في سبب عزله
لم ينقل عن أحد سبب حاسم أو سبب واضح، وإن أرجعه بعضهم إلى شدته المتناهية، أو إلى ما شاع عن هذه الشدة والجدية، وما أثارته عند الخديوي إسماعيل نفسه من الخوف من شخصيته، وقد كان الخديوي إسماعيل 1831-1895 معروفا بتقلب قرارته التي كانت تتأثر بعوامل غير ظاهرة من الشكوك أو التقديرات المخابراتية في بداية عصر سيطرة المخابرات في سياسات الدول.
بداية لعهد من لا يستمرون حتى وفاتهم
كان عزل الشيخ مصطفى العروسي بداية لعهد من يتركون المنصب وهم أحياء وفاتحة عهد التقلبات في المشيخة فهو صاحب الولاية الـ36، وقد تعاقبت بعده 25 ولاية على مدى قرن من الزمان، وقد تولى هذه الولايات الـ25، 19 شيخا كانت مدد أغلبهم قصيرة وتعرضت مدد معظمهم للانتهاء قبل وفاتهم، حيث لم يتوف منهم وهو في منصب المشيخة إلا 6 أي بنسبة 24% فقط ممن خلفوه.
فقد آلت المشيخة بعده ومنذ 1870 إلى من ولدوا في القرن الـ19 الميلادي مع اختلاف سنوات ميلادهم، وظل مواليد القرن الـ19 الميلادي يتولون المشيخة حتى 1973 حين تولاها أول من ولدوا في القرن الـ20 وهو الشيخ عبد الحليم محمود في 1973. أما المشايخ الـ19 المولودون في القرن الـ19 الميلادي ف تولوا 25 ولاية على مدى أكثر من قرن بقليل (1870-1973) لكن الفرق بين أسبقهم مولدا وآخرهم مولدا ينحصر في 72 عاما ما بين مولد الشيخ الأبابي في 1824 والدكتور عبد الرحمن تاج في 1896.
تأهله
ولد الشيخ مصطفى بن محمد بن أحمد العروسي سنة 1798، بعد وفاة جده الشيخ أحمد العروسي بـ5 سنوات، وقد درس في الأزهر، وتلقى العلم على يد والده وأنداد والده وتفوق في دراسته.
توليه المسؤولية في عهد سلفه
كان الشيخ إبراهيم الباجوري قد عهد إلى الشيخ مصطفى العروسي ومجموعة من زملائه بتولي أمور المشيخة حين اشتد عليه المرض في سنواته الأربع الأخيرة (1860-1864).
توليه المشيخة وشدته في النظام
تولى الشيخ مصطفى العروسي المشيخة عام 1864، ولبث فيها مدة كانت كافية لإقرار صورته وتوجهاته، وقد شهدت فترته في المشيخة تولية الخديوي إسماعيل وكثيراً من أحوال مصر الحافلة بالتحولات والتقلبات في عهد حكام أسرة محمد علي، وكان الأزهر في عهده بمثابة معقل من معاقل الاستقرار، كما كان بمثابة حصن العلم ومستودعه الكبير الذي حفظ لمصر ريادتها العلمية، بعد الانحطاط الذي شهدته معاهد التعليم الأخرى بعد وفاة محمد على وقبل نهضة إسماعيل.
نجح في إبطال الاستجداء بالقرآن في الطرق
كان الشيخ مصطفى العروسي ميالاً إلى الإصلاح الاجتماعي والتربوي، وميالاً إلى إبطال البدع، وقد نجح في إبطال الاستجداء بالقرآن في الطرقات العامة.
إرهاصات نظام الشهادات والاعتماد والتقييم التربوي
مارس الشيخ مصطفى العروسي امتحان المدرسين في الأزهر، وهو ما تطور على يد خلفه الشيخ المهدي العباسي إلى بدء نظام الشهادات والاعتماد والتقييم التربوي، وكانت له رهبة في المحيط الأزهري، وقد وصلت هذه الرهبة إلى حد الخوف الشديد، وقد عرف بالعلم والتقوى والحزم والحرص على النظام، فهابه العلماء، والطلاب، فمضى في طريق الإصلاح، وتحقق على يده كثير من الإنجازات العلمية الحكيمة.
حبه للإمام الشافعي
كان الشيخ مصطفى العروسي من المفرطين في حب الإمام الشافعي ومذهبه، والتعصب له حتى أنه وضع في هذا المعنى كتابه الشهير “الأنوار البهية في بيان أحقية مذهب الشافعية”.
من آثاره العلمية
- “نتائج الأفكار القدسية” وهو حاشية على شرح زكريا الأنصاري للرسالة القشيرية. في التصوف.
- “كشف الغمة وتقييد معاني أدعية سيد الأمة”.
- “العقود الفرائد في بيان معاني العقائد”.
وفاته
توفي الشيخ مصطفى العروسي عام 1876 وهو مريض محطم بسبب ما عاناه من عزله من دون ذنب جناه.