محمد حسنين مخلوف (1861-1936) واحد من كبار علماء الأزهر في جيله، يمكن مقارنته إلى حد ما بالشيخ محمد شاكر (1866-1939) الذي سبقه إلى منصب وكالة الأزهر، ثم كان اثنان من أبنائهما متناظرين في سلك القضاء الشرعي، وهما الشيخ أحمد شاكر (عميد المحدثين والمحققين) (1892-1958) والشيخ حسنين محمد مخلوف (المفتي) (1890-1990)، كما يمكن مقارنته باثنين من أبناء جيله من العائلات العلمية، هما وكيل الأزهر الشيخ أحمد هارون (1872-1930) وشقيقه الأكبر الشيخ محمد هارون قاضي قضاة السودان (1866-1922)، ووالد الأستاذ عبد السلام هارون. ومن الجدير بالذكر أنه هو والشيخ محمد شاكر كانا من الأعضاء المؤسسين في كبار العلماء مع الشيخ هارون عبد الرازق (1833-1918) شيخ العلماء ووالد هذين العلمين الجليلين .
تذكر بعض المراجع أنه ولد عام 1860، وهذا خطأ يعود إلى الاعتماد على ما كان متبعا من باب التقريب في تحويل التاريخ الهجري إلى ميلادي، لكنه مع توافر المعلومات والحساب وُلد في 15 رمضان 1277، وهو ما يوازي الرابع من مارس/آذار 1861.
زمالته للشيخ أحمد نصر
بدأ الشيخ محمد حسنين مخلوف تلقي العلم في بلده التي كانت معقلا من معاقل العلماء، وزامل الشيخ محمد حسنين مخلوف في بداية حياته العلمية عالما آخر من بني عدي، موطن العلماء، وهو الشيخ أحمد نصر المتوفى عام 1940، الذي وصل مع الشيخ محمد حسنين مخلوف إلى عضوية هيئة كبار العلماء عند تأسيسها في 1911، ضمن 9 من المالكية، وكان منهم شيخا الأزهر سليم البشري ومحمد أبو الفضل الجيزاوي، كما كان منهم الشيخ هارون عبد الرازق والشيخ دسوقي العربي.
فضل الشيخ الإنبايي
يروى أن الشيخ شمس الدين الإنبابي (1824-1896) (شيخ الأزهر 22) هو الذي اختاره ليمنحه العالمية بعد 12 عاما من الدراسة المنتظمة في الأزهر، وأنه كلفه بأن يضع رسالته للعالمية عن موضوع في الأصول، ومنذ ذلك الحين ذاعت شهرته في علم الأصول ومرجعه الأكثر شهرة “جمع الجوامع”.
امتحان العالمية في بيت شيخ الأزهر
يروى كذلك أن الشيخ مخلوف أدى امتحان العالمية في بيت الشيخ الإنبابي في يوم محدد للامتحان، وأنه رأس لجنة امتحانه التي ضمت الشيخ سليم البشري (1832-1916) والشيخ أحمد الرفاعي الفيومي (1834-1907)، ومنحته اللجنة شهادة العالمية من الدرجة الأولى عام 1887، وهو من الأعوام المبكرة لمنح هذه الشهادة التي بدأ الأزهر منحها عام 1882.
دروسه في مسجد أبو الدهب
بدأ الشيخ محمد حسنين مخلوف وظائفه بالأستاذية، فأقبل على التدريس بحب وهمة، وكانت دروسه كل يوم في مسجد محمد بك أبو الدهب حافلة بالتدقيق والتحرير، وقراءة الكتب الدقيقة، يحضرها العلماء وكبار طلاب الأزهر وغيرهم من طلاب العلم في عصر كان أبناؤه يبحثون عن العلم في موارده.
فضله في تأسيس مكتبة الأزهر
يذكر للشيخ محمد حسنين مخلوف فضله السابق في تأسيس مكتبة الأزهر على نحو منهجي متميز، وهو الذي جمع مكوناتها ورتبها وأعدها لخدمة العلم والاطلاع والبحث العلمي كما أعدها لحفظ تراث الأزهر، ومن الإنصاف أن نذكر أنه أفاد في إنجازه مما كان علي مبارك باشا (1823-1893) سبق إليه في تأسيس دار الكتب الخديوية.
وظائفه المرموقة
عُين الشيخ محمد حسنين مخلوف شيخا للجامع الأحمدي عام 1908، حين أصبح هذا المنصب من مناصب الأزهر الكبرى، والعمل على تهيئته ليكون بمثابة جامعة ثالثة بعد القاهرة والإسكندرية، وذلك اقتداء بتجربة الشيخ محمد شاكر في معهد الإسكندرية التي كانت قد بدأت منذ 1904-1905.
اختياره وكيلا للأزهر
عين الشيخ محمد حسنين مخلوف عضوا في المجلس الأعلى للأزهر، بالإضافة إلى توليه منصب وكيل الأزهر عام 1911، خلفا للشيخ محمد شاكر الذي آثر عضوية الجمعية التشريعية على المناصب الأزهرية والحكومية.
تفرغه للتدريس
بعد 5 سنوات من توليه وكالة الأزهر آثر الشيخ التفرغ للأستاذية.
تلاميذه
من أبرز تلاميذه: الشيخ محمد مصطفى المراغي (1881-1945)، والشيخ عبد المجيد سليم (1882-1954)، والشيخ عبد الله دراز (1875-1932)، والشيخ مأمون الشناوي (1878-1950). ومن العدويين (أي المنسوبين إلى بلده العدوة): الشيخ عبد الهادي مخلوف (1872-1936)، والشيخ طه سلطان فرغل العدوي وحسن محمد فرغلي العدوي وحسن أحمد فرغل العدوي وعبد الرحيم العطعوط العدوي ومحمد أبو المجد العدوي والشيخ صالح موسى شرف العدوي.
رحلاته العلمية
كان للشيخ محمد حسنين مخلوف حضور رسمي وخارجي، ويذكر له أنه زار الحجاز وأزمير والأستانة.
تكريمه
نال الشيخ محمد حسنين مخلوف كسوة التشريف العلمي من الدرجة الأولى التي كانت تمنح لمن وصل الى ما وصل إليه من المناصب.
علاقته بأسرة محمد علي
كان الشيخ محمد حسنين مخلوف على علاقة جيدة بالخديوي عباس حلمي، لكنه اختلف مع السلطان حسين كامل، وعاد إلى الحضور الإداري في عهد الملك فؤاد.
طبيعته المحافظة
كان الشيخ محمد حسنين مخلوف من العلماء المتحفظين المحافظين، وكان مع الشيخ محمد شاكر من الذين وقفوا موقف المعارضة للشيخ المراغي في قضية ترجمة القرآن الكريم التي تطورت بفضل المناقشة العلمية فأصبحت ترجمة معاني القرآن الكريم.
مؤلفاته وإنتاجه الفكري
كان الشيخ محمد حسنين مخلوف من أكثر من عرفوا بالتأليف بين علماء جيله، فقد كان له 30 كتابًا ورسالة، منها:
- التبيان في حكم زكاة في الأثمان.
- الجواهر المنتظمات في عقود المقولات (حاشية على شرح السجاعي على مقولاته).
- الرسائل الحكمية.
- القول الجامع في الكشف عن شرح مقدمة جمع الجوامع
- القول الوثيق في الرد على أدعياء الطريق.
- المدخل المنير في مقدمة التفسير.
- المطالب القدسية في أحكام الروح وآثارها الكونية.
- المنهج القويم في أن الصلاة الفتحية ليست من الكلام القديم.
- أوراد السادة الخلوتية، المأثورة عن الحضرة الأحمدية، في أوراد شيخه الإمام أحمد بن شرقاوي
- بلوغ السول، في مدخل علم الأصول.
- حاشية على رسالة بهاء الدين العاملي.
- حول رسالة الشيخ بخيت المطيعي في الرد على ابن عابدين، مخطوط في مكتبة الأزهر.
- دليل الحاج.
- رسالة في حكم التوسل بالأنبياء.
- رسالة في حكم ترجمة القرآن الكريم وقراءته وكتابته بغير اللغة العربية.
- رسالة في مبادئ العلوم.
- شرح على حديثين هما: “مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع”، و”لن يُدخل أحداً عمله الجنة”
- عنوان البيان في علوم التبيان.
- كلمة حول ترجمة القرآن.
- كلمة في إصلاح الأزهر.
- منهج اليقين في بيان أن الوقف الأهلي من الدين.
وفاته
توفي الشيخ محمد حسنين مخلوف في الرابع من أبريل/نيسان 1936.