الرئيسية / المكتبة الصحفية / أعظم مرافعة في القرن العشرين مرافعة النحاس باشا عن ماهر والنقراشي في قضية الاغتيالات الكبرى(3 من 6)

أعظم مرافعة في القرن العشرين مرافعة النحاس باشا عن ماهر والنقراشي في قضية الاغتيالات الكبرى(3 من 6)

النحاس يوظف شهادة سليم زكي في اثبات تورط وزير الداخلية

(24) فلما جاءت اعترافات شفيق منصور في التحقيق في يومي 28و 29 مارس سنة 1925 صريحة فيما ينفي التهمة عن السعديين وأنه يعتقد أنها دبرت بواسطة أشخاص يكرهون سعد باشا وتوصوا لمحمود إسماعيل. وأنه أخبر أولاد عنايت أنه يجوز أن تكون هناك يد أخرى تعمل لحضهم على ارتكاب الجريمة وأنه لا يستبعد أن يكون محمود إسماعيل تحت تأثير أشخاص آخرين لأنه متحمس لهذه الحادثة ، وأنه ذات يوم بعد ارتكاب الحادثة كان متهيجا ضد محمود إسماعيل بسببها وأنه اليد الفعالة فيها وأخبره أنه لابد من أن يكون لشخص كبير تأثير عليه حتى ارتكبت هذه الحادثة ضد سعد باشا لأنه يود عدم بقاء سعد باشا في الحكم. ولما فشل السعي في تدبير الاتهام الوارد في تقرير 13 أبريل 1925 على ما سبق بيانه. ولما نظرت القضية أمام قاضي الإحالة في 6 مايو 1925 وأحيل المتهمون إلى محكمة الجنايات وتسلم المحامون نسخا من أوراق التحقيق ونشرت بعض الصحف بعض هذه الاعترافات أحدثت تأثيرا كبيرا في الأفكار.

علاقة محمود إسماعيل و نشأت باشا

ولما كان صدقي باشا يعمل ضد السعديين ويتوعدهم بالويل والثبور وعظائم الأمور في أحاديثه وفي خطبه وفي اجتماعاته صدر الأمر للصحف بالكف عن نشر أوراق التحقيق وصدر بلاغ رسمي بتكذيب ما قيل عن  وجود أي علاقة بين محمود إسماعيل وبين نشأت باشا.

واتجه صدقي باشا ومن معه إلى المحامين عن شفيق منصور للتأثير عليه بواسطتهم بطريق وعده بتخفيف العقاب عنه إذا ما اتبع نصيحتهم وهذا ما كان يتمناه شفيق منصور لإطالة حياته.

فقد شهد سليم أفندي زكي أمام النائب العمومي في 22 نوفمبر سنة 1925 بأن شفيق قال له بعد الحكم عليه: إن المحامين عنه قابله اثنان منهم أولا وأخبراه بأن يعترف بكل الحقيقة وما يعلم عن السعديين وألا يذكر أسماء الآخرين وأن الثالث قابله مرة أخرى وقال له إن نشأت باشا سيساعدك إن اعترفت بكل شيء على السعديين ومفهوم أن عبارة ما يعلم عن السعديين : معناها أن يتهم السعديين.

النحاس يعتمد على شهادة المحامين في اثبات ضغوط وزير الداخلية

وقرر وهيب بك دوس في يوم 21 ديسمبر سنة 1925 أنه قابل شفيق أثناء نظر القضية أمام قاضي الإحالة فطلب منه شفيق أن يسعى له لدى النائب العمومي ليحصل منه على وعد بالسعي لدى الجهات المختصة لاستبدال عقوبة الإعدام إذا أعطى معلومات صريحة بشأن كل قضايا الاغتيال وأن يعترف اعترافا صريحا فذهب إلى النائب العمومي وسأله في ذلك فرفض ولما رأى أن مركز شفيق لا يمكن أن يتحسن بأي اعتراف يأتيه وكانت مأمورية الدفاع لا يدخل فيها تحقيق ضد أشخاص آخرين عدل عن زيارته في السجن.

وقرر الهلباوي بك في 15 ديسمبر سنة 1925 أن شفيق كان قلقا وغير مستقر على راي خصوصا بعد أن بلغ النائب العمومي بعد تقرير أبريل سنة 1925 بأنه يرغب في سحبه فنصحه هو بأن يقرر الحقيقة فيما يخصه ويخص الآخرين إذا كان لديه ما يقرب إلى الظن بصحة الوقائع المسندة إليهم أما الذي لا يجد من نفسه قدرة على تقديم ما يؤيد أقواله ولو بطريق الشبهة فليس ذلك في مصلحته.

ونلاحظ على ذلك أن كل ما قال عنهم شفيق منصور في تقرير 13 أبريل سنة 1925 مركزهم في الاتهام سواء ، لأنه لم يكن له عليهم أدلة ما.

النحاس باشا يفسر ما تم في  مقابلة شفيق منصور بالمحامين

وقرر عبد الملك بك حمزة في 19 ديسمبر سنة 1925 أنه بعد أن اختلى هو ووهيب بك دوس بشفيق منصور أمام قاضي الإحالة استدعاه صدقي باشا وزير الداخلية إذ ذاك وسأله عما أفضى إليه به شفيق فأخبره به مما لم يخرج عما هو مدون بتقرير أبريل سنة 1925 ، فطلب منه أن ينصح لشفيق بإبلاغ ذلك إلى النائب العمومي لأنه كان قد عدل عن ذلك فقابل شفيق مرارا ، وسأله شفيق عن رأيه في طريق الدفاع الذي يسلكه ، فتردد في إعطاء الرأي لأنه كان يخشى أن يتهم شفيق الأبرياء خصوصا بعد أن ترجح لديه أن إفضاءه بالأسرار التي يعلمها من شأنه أن يمنع عنه عقوبة الإعدام ، وأخيرا نصحه بالاعتراف ، فطلب منه شفيق أن يكون واسطه في التأكد من أن هذا الاعتراف سينجيه فأخبره بأن الهلباوي بك أخذ وعدا بذلك ، وأنه يستطيع الاعتماد على وعده لأنه لا يمكن أن يخدعه،  وكان شفيق كثير التردد في اعترافاته حتى في المجلس الواحد ، وكان يخيل لي في بعض الأحيان أنه غير واثق في هذه الوعود.

وقرر أيضا أن شفيق سأله عن مدى اعترافاته فكان يجيبه بأنه يعترف على الأشخاص الذي اشتركوا في جريمة السردار وتدبيرها ، وفي قضايا القتل السابقة لأن الوعد الذي أعطى له لا سبيل لتحقيقه إلا بهذا.

النحاس يكشف سر قبول الهلباوي الدفاع عن شفيق منصور بعد امتناع

” ومن هنا ظهر السر في أن الهلباوي بك الذي كان قد امتنع عن قبول الدفاع عن شفيق منصور أمام قاضي الإحالة، قبل بعد ذلك أن يدافع عنه أمام محكمة الجنايات ، وقابله في السجن في يوم 20 مايو ثم خرج من عنده إلى وزارة الداخلية ، فقابل إسماعيل صدقي باشا .

ثم طلب شفيق منصور مقابلة النائب العمومي، فحضر أمامه في اليوم التالي وهو يوم 21 مايو سنة 1925 ومعه الهلباوي بك ، وطلب أن تسمع أقواله بحضوره ، فسمح سعادة النائب العمومي له بذلك ، وهي المرة الوحيدة في تاريخ القضايا السياسية التي سُمح للمحامي بالحضور مع المتهم أمام المحقق ، ولم يكن موقف شفيق في هذا التحقق موقف المدافع عن نفسه ، بل موقف من يتهم غيره ، ويلح في الاتهام ، ويذكر وقائع يدلل بها على هذا الاتهام، على نحو ما جاء في نصيحة الهلباوي له ولذلك اشترط حضوره معه أمام النائب العمومي، ليكون شهيدا على ما يقوله ليحقق الوعد الذي وعد به ، وأكده له عبد الملك بك حمزة.

النحاس باشا يستشهد بما رواه احمد رشدي المحامي 

وقرر الأستاذ أحمد رشدي المحامي الذي تولى الدفاع عن محمود إسماعيل في قضية السردار أنه بعد يوم 21 مايو سنة 1925 وقبل جلسة المحاكمة قال له نشأت باشا بمناسبة الشبهة التي كانت ضده في القضية إن شفيق منصور رجع عن قوله ، ويخيل لي أنه قال كلمه [أمبارح] وكان في ذلك الوقت وعند ذكر هذه العبارة ظاهرة عليه علامة الاطمئنان أن يكون هذا الحديث بناء على ذلك قد دار بينهما في يوم 22 مايو سنة 1925 بعد أن أبدى شفيق للنائب العمومي في 21 مايو أقواله المتفق عليها بحضور هلباوي بك.

النحاس باشا يبلور نوايا المؤثرات الفاضحة

أليس هذا كافيا لإظهار خبايا هذه المؤثرات الفاضحة وهل يكون لأقوال شفيق منصور التي تصدر منه تحت هذه المؤثرات أية قيمة في اتهام الآخرين؟ إنا نربأ بالقضاء النزيه العادل أن ينساق وراء الأغراض.

بل قولوا : لماذا يتهمون ماهر والنقراشي

(25) تسألون حضراتكم لماذا يتهم شفيق منصور ماهر والنقراشي بل قولوا لماذا يتهمون ماهر والنقراشي ويعملون على اتهامها والرد على ذلك أن الحوادث المراد اتهامهما فيها واقعة في سنة 1919 وسنة 1922 وقد قال ماهر بحق في أول استجواب له في 22 مايو سنة 1925 عقب القبض عليه كما قال لحضرتكم بالأمس أنه لم يكن أمامهم من السعديين الظاهرين في هذه المدة إلا ماهر والنقراشي.

والواقع أنه في سنة 1919 وسنة 1920 كان أعضاء الوفد المصري برياسة سعد باشا زغلول في أوربا وفي سنة 1922 كان أعضاء الوفد بعضهم منفى في عدن وفي سيشل وبعضهم مسجونين بحكم المحكمة العسكرية وبعضهم معتقل في قصر النيل. فلهذا لم يجدوا أمامهم من السعديين الظاهرين الذين لهم معرفة بشفيق منصور من يصلح لاتهامه سوى ماهر والنقراشي بالنسبة للمركزين اللذين كانا يشغلانهما في الوزارة السعدية فعملوا على اتهامها بالباطل واستعملوا الوسائل السابقة بيانها للوصول إلى غايتهم.

ومع ذلك فقد قبض علي ماهر والنقراشي في ذلك اليوم وحققت الوقائع التي نسبها إليهما شفيق منصور في أقواله المذكورة فظهر كذبها جميعا فيما يختص بهما كما سنبينه بعد ولم يثبت عليهما اشتراك في حادثة السردار فلم يتهما فيها ونظرت القضية أمام محكمة الجنايات في 26 مايو والأيام التالية له ثم حكم فيها بالإعدام.

استبقاء ماهر والنقراشي في السجن إلى أن تُصنع أدلة

(26) بقي ماهر والنقراشي في السجن وقيل: إنهما باقيان فيه على ذمة حوادث الاغتيال الأخرى ، ومع عدم وجود أي دليل عليهما يسوغ بقاءهما في السجن بقيا فيه حتى القوي التي كانت تشتغل دلائل عليهما ، وكان شفيق لا يزال عالقا بالحياة وكان باب الأمل في تخفيف العقاب عنه من طريق الأمر الكريم لا يزال مفتوحا أمامه فحصل استغلال هذا الظرف ووقع التأثير عليه في السجن لتقديم تقرير مطول في تفصيل حوادث الاغتيال فكتب تقريره الرقيم 18 يونية سنة 1925 وأردفه بملحقين في 19و 20 منه حمل فيها جميعها على ماهر والنقراشي على الخصوص وأرسل هذا التقرير إلى سعادة النائب العمومي بخطاب من حكمدار بوليس مصر في 20 يونيو  1925 والظروف التي تحيط بهذا التقرير أدخل في باب الغرابة.

(27) فقد قرر سليم أفندي زكي أنه كان يتردد على شفيق منصور في السجن أثناء ما كان يكتب تقريره الأخير عن الجمعيات السياسية في 20 يونيو  1925 للوقوف على معلومات تفيد التحقيق. وقرر محمد نجيب الهلباوي الذي كان يشتغل لحساب البوليس السري أنه أطلع على تقرير شفيق منصور الخاص باعترافاته الأخيرة. وقرر عبد الحميد عنايت أمام النائب العمومي في تحقيق 27 يونيو  1925 ما يأتي: لما كنا في المحكمة في قفص الاتهام قال لي شفيق بأنه سيقدم تقريرا وأطلب منك أن توافقني على كل ما سيذكر به لأنه من مصلحتنا ، فقلت له طيب ولكن كان في نيتي أني لا  أوافقه إلا على ما أعرفه فقط.

النحاس باشا يستغل ذكاءه في اثبات تورط النيابة

ومن المدهش أن هذا التقرير الذي كتب في 18 يونيو  سنة 1925 ولم يرسل للنائب العمومي إلا في 20 يونيو  كما سبق بيانه يطلع عليه حضرة سيد بك مصطفى وكيل النيابة ويثبت في محضر حرره في 15 يونيو  1925 أنه أطلع عليه بل وينقل منه حرفيا الجزء الخاص بحادثة قتل المرحومين حسن باشا عبد الرازق واسماعيل بك زهدي فكيف أطلع حضرته على هذا التقرير قبل وجوده وقبل وصوله إلى سعادة النائب العمومي.

وهنا دارت المناقشة التالية

  • القاضي: ربما يكون التاريخ غلطا
  • النحاس باشا : فكرت في ذلك لأنه الأمر أدهشني كل الدهشة واستنكرت وقوعه فأردت التثبت من صحة التاريخ فوجدته مكتوبا في المحضر بالعربي وبالأفرنجي 15 يونيو  1925الموافق 23 ذي القعدة سنة 1343هـ ورجعت إلى النتيجة فوجدت التاريخ العربي مطابقا للتاريخ الأفرنجي كذلك ذكر حضرة سيد بك مصطفى هذا التقرير بجلسه المعارضة التي انعقد في 18 يونيو  1925
  • حضرة القاضي : ألا يكون هناك تقريران؟
  • النحاس باشا: كلا إن الذي ورد ذكره هو تقرير واحد وهو تقرير 18 يونيو  1925 الذي لم يرسل إلى سعادة النائب العمومي إلا في 20 يونيو 
  • النيابة (حضرة سيد بك مصطفى): أنا لا أعرف شيئا بخصوص هذا التقرير

شفيق منصور كان يكتب ما يملى عليه

  • النحاس باشا : إذاً علام يدل ذلك؟ لا استرسل في التعليق فالأمر يفسر نفسه وإنما اقتصر على ذكر الدلالة التي لا تقبل جدلا وهي أن شفيق منصور إنما كان آلة في أيدي غيره يكتب ما يملى عليه بعد أن يرتبوه فيما بينهم ويقروا عليه.

النحاس يجيد وصف حالة شفيق منصور بعد اكتشافه أنه خدع

(28) فلما يئس شفيق منصور من تحقيق ما وعد به أفاض في يوم 31 يوليو سنة 1925 بما عنده فكان وهو في سجنه ينادي محمود إسماعيل ويدعوه ليعترف ويقول الحق وهو أن سعد والسعديين أبرياء من قتل السردار وأن نشأت باشا وغيره هم الذين دبروها لمصلحة شخصية … إلخ ، وطلب في النهاية ضابطا إنجليزيا ليعترف له ويكشف السر فحرر سليم أفندي زكي وأحمد أفندي طلعت وانجرام بك محضرا بذلك.

ودخل إليه الضابط الإنجليزي المستر نوبل وكيل المفتش بالبوليس وأخذ أقواله وحرر بها تقريرا في التاريخ نفسه وهي تبرئ السعديين من حادثة السردار وأنهم ليسوا مسئولين عنها بل نشأت باشا وغيره الذي دبروها لإسقاط سعد والبرلمان وكان المنفذ لأغراضهم محمود إسماعيل لأنه يظن أن نشأت باشا سيسعى لدى الملك ليفرج عنه بعد أن يمضي سنتين أو ثلاثا بالسجن يخرج بعدها ويتقلد الوظيفة التي أعدها له نشأت باشا ….إلخ

(29) ومن الغريب أن هذا المحضر وهذا التقرير لم يقدما إلى النائب العمومي إلا بعد نحو أربعة أشهر من تاريخ تحريرهما ، وبعد إعدام شفيق منصور فقد أرسل سعادة الحكمدار المحضر إلى سعادة النائب العمومي بخطاب مؤرخ في 19 نوفمبر 1925 وفي أثناء اطلاعه عليه عرض عليه المستر هيوز تقرير الضباط الإنجليزي المستر نوبل المحرر في 31يوليو 1925 بالأقوال التي أفضى بها إليه شفيق منصور في اليوم ذاته.

(30) ومع هذا يقولون إن ماهر والنقراشي أعضاء في جمعية الاغتيال وأنا أقول بعد هذا للنيابة أنه لم يكن لماهر والنقراشي أي اتصال بجمعية الاغتيال وإنما هناك جماعة متآمرون على اتهام ماهر والنقراشي بالباطل ولا ينقذهما إلا عدل القضاء.

إسماعيل صدقي نفسه ذكر أن شفيق منصور كان كثير التردد في أقواله

(31) وهنا ألفت نظر حضرة القاضي إلى ما قرره سليم أفندي زكي أمام سعادة النائب العمومي في تحقيق 22 نوفمبر سنة 1925 إذ قال: “وأتذكر أن شفيق أخبرني بأنه كلما كان يريد أن يعترف لسعادتكم عن أثنين ذكر اسميهما وهما غير ماهر والنقراشي ما كنتم تريدون سماع أقواله” .

وقد علق سعادته على ذلك بالملحوظة التي سبق ذكرها وهي: نذكر أن شفيق منصور كان يلح علينا في إعادة مناقشته في قضية السردار ولم يذكر لنا أسماء في كلامه الشفهي فأفهمناه أن القضية حكم فيها وأن اضطراب أقواله لا يجعل محلا لإطالة المناقشة معه في هذا الموضوع بعد الحكم نهائيا وقد أفهمناه بذلك فاكتفى. وهذا يدل على أقل تقدير على أن النائب العمومي لم يكن ليعول على أقوال شفيق منصور لاضطرابه فها ولذلك لم يرد أن يسمع أقواله.

الحكومة أعدمته

وهذا رأي الحكومة ذاتها فإنها أعدمته ولم تستبق أقواله على سبيل الاستدلال ضد المتهمين . وقد طلعت جريدة السياسة العدد 1014 الصادر بتاريخ اليوم 31 يناير 1926 ببيان من إسماعيل صدقي جاء فيه إن شفيق منصور كان كثير التردد في أقواله يعترف حينا بأمور ينقضها فيما بعد ولما آنس المدافعون عنه أنه شديد الفزع للإعدام رأوا أن يعرضوا أمره علينا لاحتمال النظر في معاملته ببعض الشفقة خصوصا أنه أبدى الرغبة في الإفضاء بأقوال جديدة فأبلغت إذ ذاك شفيق منصور أنه إذا قرر الحقيقة كلها وقام البرهان على صحة قوله وترتب على إقامة البرهان إدانة من يرشد عنهم من المجرمين والحكم عليهم فإذ ذاك يلتمس له عفو يخفف عقوبة الإعدام ولم يصرح إذ ذاك شفيق بأكثر مما قاله من قبل ولم يقم عليه دليل فكانت النتيجة تنفيذ حكم الإعدام.

إذاً تعترف الحكومة بلسان من كان وزير داخليتها حين ذاك:

  • أولا: بأن شفيق كان كثير التردد في أقواله.
  • وثانيا: بأنه كان شديد الفزع للإعدام.
  • وثالثا: بأن الحكومة أبلغته بأن تلتمس له العفو بتخفيف عقوبة الإعدام إذا قام البرهان على صحة قوله وترتب على إقامة البرهان إدانة من يرشد عنهم من المجرمين والحكم عليهم.
  • ورابعا: بأنه لم يصرح بأكثر مما قاله من قبل ولم يقم عليه دليل فكانت النتيجة تنفيذ حكم الإعدام. فكيف يسوغ للنائب العمومي أن يستند على أقواله بعد ذلك؟

ما يترتب على الكذب

ويدل ذلك أيضا على أنه إذا كان شفيق منصور قد كذب على سليم أفندي زكي فيما يختص بذكر الأسماء فيكون ذلك دليلا قاطعا على كذب شفيق منصور حتى في أقواله التي قررها . فما كان يصح لسعادته أن يستند على شيء من أقواله أما إذا كان سليم أفندي زكي هو الذي كذب في النقل عن شفيق منصور فيما يختص بذكر الأسماء فيكون ذلك مؤيدا لما قلناه عن شهادة نجيب الهلباوي وعلي حنفي ناجي من عدم صحة الأخذ بشهادة شهود السماع.

من كتاب “المقامر والمغامر والمكابر” الطبعة الأولى – دار الروضة للطباعة والنشر والتوزيع – 1441 ھ – 2020 م

شارك هذا المحتوى مع أصدقائك عبر :
x

‎قد يُعجبك أيضاً

حماس على طريق النصر

لما ظهرت حركة حماس إلى الوجود دارت مناقشات متعددة حول جدواها ومستقبلها، ...

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com