الرئيسية / المكتبة الصحفية / العلامة محمود فايد.. أقوى أصوات الجمعية الشرعية

العلامة محمود فايد.. أقوى أصوات الجمعية الشرعية

الأستاذ الشيخ محمود عبد الوهاب فايد (1921-1997) هو بلا شك أقوى الأصوات في تاريخ الجمعية الشرعية، وهو رئيسها الخامس، وثاني رؤسائها من غير نسل الإمام المؤسس محمود خطاب السبكي، وهو واحد من كبار العلماء العاملين الذين اشتبكوا بعلمهم بالحياة العامة وبحقل الدعوة الإسلامية من خلال الجمعية الشرعية والصحافة الإسلامية، إضافة لممارسة الأستاذية الرحبة غير المقيدة، والخطابة المواظبة المواكبة للأحداث بالنقد والتقييم.

ورغم شدته في الحق وفي النقد فقد رعته عناية الله فخرج من طغيان عهد الناصرية بأقل الخسائر، وإن كان قد فقد وظيفته، فإنه قبل هذا كان من طلائع جيل الأزهريين النوابغ الذين أغلقت في وجوههم أبواب الدراسات العليا بعد تجميدها في جامعة الأزهر، وهكذا فإنه لم يكن متاحا أمامه هو وأقرانه ما كان متاحا أمام من سبقوهم في السن بـ7 سنوات، وأكثر ممن كان النظام التعليمي لا يقف حائلا بينهم وبين نيل درجات عليا من قبيل  العالمية من درجة أستاذ أو ما قبلها من قبيل درجة قسم التخصص، ولا كان متاحا أمامهم ما أصبح متاحا أمام الجيل اللاحق ممن واكبت الصحوة الإسلامية فترة شبابهم العلمي وما أتاح عصر السادات من التوسع غير المقيد في الدراسات العليا.

 

نشأته وتكوينه العلمي

ولد الشيخ محمود عبد الوهاب فايد في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 1921 في قرية دمنكة، مركز دسوق محافظة كفر الشيخ لوالد صالح من أهل العلم، أما جده الشيخ مبروك فكان عالماً شرعياً، كان أخوه الأكبر مأذون القرية، كما كان أخوه الثاني عبد الوهاب مدرسا في كلية أصول الدين بالجامع الأزهر. وكان الأخوان محمود ثم عبد الوهاب من الذين حصلوا على الأولية عند تخرجهم في كلية أول الدين.

درس الشيخ محمود عبد الوهاب فايد في الكتاب ثم في الازهر الشريف، وبدأ تلقي العلم في معهد دسوق فحصل منه على الابتدائية، ثم حصل على الثانوية من معهد طنطا، وعلى الشهادة العالية من كلية أصول الدين 1946 وعلى الشهادة العالمية مع الإجازة في التدريس من كلية اللغة العربية 1948.

 

مقالاته الصحفية

كان الشيخ محمود عبد الوهاب فايد في مقالاته الصحفية قريبا جدا من روح العالم الذي يقوم بالدروس الدينية في المسجد وحريصا على التفصيل ملتزما بالاستشهاد بالنصوص ومبتعدا عن موازنات المجاملة، ولهذا فإنه كان يحرص على البدء بالنص على ما يشترك فيه مع من يهاجمه أو يهاجم فكرته.

 

مكانته في الجمعية الشرعية

عين الشيخ محمود عبد الوهاب فايد وكيلاً عاماً للجمعية الشرعية ثم أصبح رئيساً للجمعية الشرعية في 28 أغسطس/آب 1995 بعد وفاة الشيخ عبد اللطيف مشتهري.

 

عمله رائداً دينياً لمدينة البعوث

عُين الشيخ محمود عبد الوهاب فايد أيضاً رائداً دينياً لمدينة البعوث في الأزهر، وكان مؤثراً على الطلبة الوافدين إلى الأزهر لكنه عُزل عن هذه الوظيفة.

 

أستاذيته

عمل الشيخ محمود عبد الوهاب فايد أستاذاً في قسم التفسير في كلية الدعوة وأصول الدين، وكلية اللغة العربية في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة

 

لجنة السنة في مجمع البحوث الإسلامية

كان الشيخ محمود عبد الوهاب فايد عضوا في لجنة السنة في مجمع البحوث الإسلامية.

 

أبرز مواقفه: مطالبته بمحاكمة عبد الناصر على هزيمة 1967

طالب الشيخ محمود عبد الوهاب فايد بمحاكمة الرئيس جمال عبد الناصر بعد هزيمة 1967، فعزله من منصبه بقرار جمهوري، وحاول بعض العلماء التدخل لدى الرئيس فأجابهم بشرط أن يحضروا منه التماساً بذلك، وذهب إليه الشيخ عبد الحليم محمود ليعرض عليه هذا الأمر فرفض الشيخ بإباء، وقال “أنا طالبت بمحاكمته ولم أطالب بإدانته، وفي المحكمة تنكشف الحقائق”.

 

روايته عن حفل الملك فاروق

في الحفل الذي أقامه الملك فاروق لأوائل الخريجين، كان الشيخ محمود عبد الوهاب فايد حريصا على أن يصافح الملك وهو منتصب القامة مرفوع الرأس، وكان يروي أنه بسبب هذا الموقف عين في سوهاج خلافاً لما جرى عليه العرف من تعيين الأوائل في القاهرة.

 

فصله من معهد طنطا بسبب قصيدته

اعترض الطلاب على كتاب يدرس في كلية الآداب فيه مساس برسول الله فثاروا وأضربوا عن الحضور إلى المعهد، فبادر شيخ المعهد بفصل نفر منهم، فقام الشيخ محمود فايد بإلقاء قصيدة يعترض فيها على فصل الطلبة، فعوقب بالفصل والسجن.

 

مهاجمته الشيخ عبد الرحمن تاج

تصدى الشيخ محمود عبد الوهاب فايد للهجوم على شيخ الأزهر الدكتور عبد الرحمن تاج واتهمه بممالأته للثوريين الناصريين وتقصيره في شأن الأزهر والأزهريين بل الإسلام والمسلمين، وكتب مقالا “بسم الله والله أكبر فليستقل شيخ الأزهر”، فنقل الشيخ محمود نقلاً تأديبياً من معهد منوف إلى معهد قنا، ثم أوقف راتبه وأحيل إلى مجلس تأديبي، لكن المجلس أعاده إلى معهده.

 

مهاجمته الدكتور البهي

وهاجم الشيخ محمود فايد الدكتور محمد البهي حين كان وزيراً لشؤون الأزهر، ولم يمنعه ذلك الرد القوي من الثناء عليه وبيان محاسنه، فيما بعد.

 

مهاجمته الرئيس عبد الناصر حين اتهم العلماء ببيع فتاواهم

كتب الشيخ محمود فايد مقالاً في مجلة الاعتصام (عدد ربيع الأول سنة 1381/1961):  “… هل يجوز يا سيادة الرئيس أن يذاع على العالم وبجميع اللغات ومن رئيس الجمهورية العربية نفسه مثل هذا الكلام؟ لقد فاتك أن تعقب بأن كثيراً من ذوي العمائم كان لهم مواقف كريمة وغيرة مشكورة، وإحساس مرهف، وإنك لتعرف بعضهم، ولبعضهم عليك فضل، ومن فضل الله أن شعبنا فاضل واع ذكي أريب، يعرف مقاييس الرجال، ويميز الخبيث من الطيب. وختاماً: يكفي العلماء العاملين شرفاً وفخراً أن أحكم الحاكمين زكاهم ورفع قدرهم وخلد ذكرهم فقال سبحانه “يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات” ويكفيهم في المدح والثناء قول أفضل البشر “العلماء ورثة الأنبياء”.

 

من مقال له في عهد الملك فاروق:

“ملوكهم وحكامهم معنيون بمناصبهم، همهم أن تَسْلم لهم.. يسالمون عِداهم، ويذلون رعاياهم، يجمعون المال من دم الفلاحين وعرق الكادحين لينفقوه على ملذاتهم، ويبعثروه على شهواتهم، طوراً ينثرونه على موائد القمار ودور اللهو وكؤوس الشراب، وحيناً يبذلونه في مخاصرة النساء وسماع الغناء وما تتطلبه الليالي الحمراء، والويل شر الويل لمن تسول له نفسه أن ينكر عليهم أو يزجي النصح لهم فجزاؤه السجن وإن شئت فقل الإعدام”.

 

من مقال له في عهد الرئيس عبد الناصر

“يا سيادة الرئيس: هذه الأموال الباهظة التي تنفق في غير موضعها، هذه المكافآت السخية التي تصرف من مال الدولة على الممثلين والممثلات، والراقصين والراقصات، والمغنين والمغنيات. قلت يا سيادة الرئيس إنك تريد أن تطهر المجتمع من عوامل الحقد والأنانية والفساد والبغضاء، ومقتضى هذا المنطق أن تُقلم أظافر أولئك المترفين”.

 

هجومه على الاستاذ أحمد حسن الزيات

كتب أحمد حسن الزيات مقالاً افتتاحياً في مجلة الأزهر الذي كان يرأس تحريرها، وكان في المقال كُفر واضح ظاهر ألا وهو تفضيل الوحدة الناصرية على الوحدة المحمدية، فثار الصالحون في العالم الإسلامي ومنهم الأستاذ أبو الحسن الندوي، وثار الشيخ محمود فايد وكتب مقالاً شديداً رد فيه على الزيات.

 

حسين الشافعي يستجيب له و يوقف حفلا راقصا في ميدان الحسين

في رمضان سنة 1387 هـ، انتهز الشيخ محمود فرصة حفل الجمعية الشرعية في ذكرى غزوة بدر:

“أخزى الله هؤلاء السفهاء، لقد بلغ بهم السخف أن يحيوا رمضان بالمنكرات، وفي أي مكان؟ في ميدان الحسين بين مسجده وبين إدارة الأزهر ومشيخة الطرق الصوفية، يا لها من إهانة متعمدة توجه لعمّار هذه المؤسسات الإسلامية، يا لها من إهانة توجه إلى شهر القرآن”.

 

مهاجمته الدكتور طنطاوي

هاجم الشيخ محمود فايد الشيخ محمد سيد طنطاوي حين كان يتولى منصب المفتي فيما ذهب إليه من تحليل أنواع من الربا.

 

كتابه الشهير: صيحة الحق

جُمعت مقالات الشيخ محمود فايد التي تنطق بمعارضته للسياسة في كتابه وفي هذه المقالات كان يسمي ثورة يوليو بالثورة المشؤومة، وقد شن حملة هائلة على عبد الناصر ووصف سلبياته على وجه مفصل.

ويتضمن الكتاب أيضا مقالاته التي  طالب فيها بتطبيق الشريعة الإسلامية وعدم التلكؤ،  وتعليقاته على قول الرئيس أنور السادات “لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين” ومنها مقالاته في نقد معاهدة السلام، ورده على العلماء الذين أيدوها، ودعوته لعدم ترخيص الحزب الشيوعي. ومقالاته المهاجمة للعلمانيين الذين ينادون بفصل الدين عن الدولة، ويهمزون الشريعة ويلمزونها كعادتهم، ومِن أبرز تلك المقالات ردوده على محمد أحمد خلف الله.

 

آثاره

  • الرسالة المحمدية وشواهدها
  • المنطق الواضح” في علم المنطق، في جزأين.
  • التربية في كتاب الله.
  • الإسلام والصحة.
  • الإسلام وأثره في نهضة الشعوب
  • صيحة الحق.

 

تحقيقاته وشعره

حقق الشيخ محمود عبد الوهاب فايد مجموعة من كتب التراث.

وللشيخ شعر منشور في بعض الكتب والمقالات.

 

وفاته

توفي الشيخ محمود عبد الوهاب فايد في 11 في يونيو/حزيران 1997.

شارك هذا المحتوى مع أصدقائك عبر :
x

‎قد يُعجبك أيضاً

حماس على طريق النصر

لما ظهرت حركة حماس إلى الوجود دارت مناقشات متعددة حول جدواها ومستقبلها، ...

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com