الأميرة فاطمة إسماعيل (1853-1920) هي إحدى بنات الخديوي إسماعيل، وهي أخت لـ3 من حكام مصر من الأسرة العلوية، فالخديوي توفيق (1852-1892) يكبرها بعام واحد، والسلطان حسين (1853-1917) مولود معها في نفس العام، والملك فؤاد (1868-1936) يصغرها بـ15 عاما.
وهي عمة اثنين من حكام مصر هما الخديوي عباس والملك فاروق، وهي ابنة عم الأميرة نازلي فاضل (1853-1913) المولودة معها في نفس العام، وصاحبة الدور البارز في الحياة العقلية والاجتماعية في ذلك الجيل، لكنها تميزت عن هؤلاء جميعا بأنها كانت أكثر عطاء وأكثر انحيازا للعلم والتنمية.
موجز ما يسجله التاريخ في وصفها
الأميرة فاطمة إسماعيل هي صاحبة الفضل الأوفى لفكرة الجامعة المصرية، فقد حولتها من فكرة نبيلة إلى فكرة ممولة على نحو غير مسبوق في المجتمع المصري الحديث، ولم تبخل على الجامعة بما كانت تملكه من أراض وجواهر، ومع أنها كانت أما أنجبت 6 من الأبناء لكن وعيها العالي وذوقها الرفيع ووطنيتها الصادقة كل ذلك دفعها إلى الإخلاص للفكرة الجامعية والثقافية خطوة بعد خطوة، فخصصت الأراضي للإنفاق على الجامعة وبنائها، وخصصت أراضي أخرى لتكون مقرا للجامعة، وتبرعت بمجوهراتها الشخصية لأجل هذا الغرض، ووظفت علاقة القرب من الخديوي عباس حلمي لتجعل من تبرعها خطوة دافعة نحو بناء الجامعة في أسرع وقت.
نشأتها وأسرتها الصغيرة
ولدت الأميرة فاطمة بنت الخديوي إسماعيل في 3 يونيو/حزيران 1853، ارتبطت بزوجها الأول الأمير محمد طوسون (1873) الذي هو والد الأمير عمر طوسون، ورزقت منه الأمير جميل، وبنتا هي الأميرة عصمت، لكنه توفي بعد زواجهما بـ3 سنوات فقط (1876)، وبعد 7 سنوات تزوجت من محمود سري باشا، ورزقت منه بنتا و3 ذكور هم: أميرة، وكمال الدين، وجمال الدين، ومحيي الدين.
تعاقب تبرعاتها
قدرت جملة تبرعاتها في دعم إنشاء أول جامعة مصرية (الجامعة المصرية، ثم جامعة فؤاد الأول، وهي جامعة القاهرة حاليا) بمبالغ تزيد على 350 ألف جنيه من عملة ذلك الزمان حين كانت قيمة الجنيه المصري تفوق قيمة الجنيه الذهب.
ووقفت الأميرة فاطمة لمشروع الجامعة 661 فدانا ضمن 3357 فدانا في مديريتي الجيزة والدقهلية خصصتها كلها لجهات البر والجمعيات الخيرية والجمعيات العلمية.
وفي خطوة تالية وهبت الأميرة فاطمة جواهرها ومصوغاتها من الذهب والماس لجامعة القاهرة، حيث بيعت في مزاد حقق 25 ألف جنيه.
الاحتفال بوضع حجر الأساس للجامعة
في 30 مارس/آذار 1914 أقيم احتفال كبير رأسه الخديوي عباس حلمي الثاني، ووضع فيه حجر الأساس للجامعة على مساحة كبيرة من الأرض (نحو 6 أفدنة تحتلها مباني وزارة الزراعة والمتحف الزراعي حاليا)، وهي قطعة من الأرض التي تبرعت بها الأميرة فاطمة إسماعيل ضمن تبرعاتها العديدة لهذا الغرض النبيل.
قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي في الاحتفال
خلد أمير الشعراء أحمد شوقي هذه المناسبة في قصيدة شهيرة قال فيها:
يا بارك الله في عباس من ملك .. وبارك الله في عمات عباس
ولا يزال بيت إسماعيل مرتفعا .. فرع أشم وأصل ثابت راس
وبارك الله في أساس جامعة .. لولا الأميرة لم تصبح بأساس
يا عمة التاج ما بالنيل من كرم .. إن قيس بحركم الطامي بمقياس
لم تكسب التبر يمناه ولا قذفت .. كرائم الدر والياقوت والماس
ولا بنى الدار بالعرفان زاهية .. زهو السماء بمصباح ونبراس
كانت على الأمس أدراسا معالمها .. واليوم تبدو قياما غير أدراس
كسوتها وهي أهل للذي لبست .. كما كسا جنبات الكعبة الكاسي
شمائل كان إسماعيل معدنها .. قد يخرج الفرع شبه الأصل للناس
ما الخيزران وما ابناها وما وهبها .. وما زبيدة بنت الجود والباس
سكينة العلم في الفردوس ضاحكة .. إليك تخطر بين الورد والآس
تقول مصر من الزهراء مشرقة .. كأن أيامها أيام أعراس
فما كصنعك صنع في محاسنه .. ولا لفضلك في الأجيال من ناس
يا باني المجد وابن المولعين به .. انشر ضياء الهدى من طي أرماس
وألق في أرض منف أس جامعة .. من نورها تهتدي الدنيا بنبراس
وانفض عن الشرق يأسا كاد يقتله .. فلا حياة لأقوام مع اليأس
ترك النفوس بلا علم ولا أدب .. ترك المريض بلا طب ولا آس
ملوك مصر كرام الدهر إن جمعوا .. رأس، وبيتكم تاج على الرأس
سبحان من تبعث الولاة قدرته .. بغداد مصر وأنتم آل عباس
وفاتها
توفيت الأميرة فاطمة في القاهرة في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 1920، فلم تشهد في حياتها افتتاح مباني الجامعة الجديدة ولا تحولها إلى جامعة حكومية.