مكانته التاريخية
عبد الرحمن عزام باشا سياسي ومفكر بارز تخطي حدود مجتمعه المصري إلي آفاق عربية وإسلامية لم تتح بذات القدر لأحد من معاصريه، وقد حقق هذا النجاح من قبل أن يكون أول أمين لجامعة الدول العربية، وهي الصفة التي تلازمه الآن في تعريف شخصيته وتاريخه، والحق أن جهده في إنشاء هذه الجامعة يرقي إلى أن يعد شخصه من أبرز مؤسسيها الحقيقيين، شأنه في هذا شأن الزعماء للدول المؤسسة، وقد طبع نشاطها في فترة توليه أمانتها بفكره السياسي المنتمي الذي بلور تاريخه العروبي والإسلامي، وكفاحه الطويل من أجل قضايا العروبة والإسلام، وقد ساعده تاريخه المتألق على النجاح كما ساعده ما تميز به علي المستوي الشخصي فقد كان شخصية قيادية توافقية .و كانت له نفس سمحة، وكان يتحلى بأدب جم، وقدرة علي الاستماع والإنصات واحترام رأي الآخر، وكانت في نفسيته سكينة، وكان عطاؤه متجددا، وكان يبذل من ماله ومن نفسه، وكان علي الدوام متواضعا، رضي النفس، هادئ الأعصاب علي الرغم من الآلام والاحباطات التي صادفته .
عاش عبد الرحمن عزام باشا رمزاً للعروبة وللجامعة العربية وللجهاد الصادق في القضايا العربية، ومع أنه بقي على قيد الحياة حتى 1976 فإنه عاش طيلة الربع قرن الأخير من حياته بعيدا عن بيته الحقيقي في الجامعة العربية أو ما يشبهها من كيان عروبي الطابع، والشائع أن ثورة يوليو أقْصَته بأسرع ما يمكن عن موقعه المُتقدّم في الجامعة العربية بعد شهور من قيامها، وربما يظن كثيرون أن هذا الإقصاء كان بسبب سوء تفاهم بين الرجل وبعض قادة الثورة على نحو ما تكرر الامر بينهم وبين كثير من زعماء الحقبة الليبيرالية لكن الحقيقة التي لم تكن تُعلن عن نفسها بوضوح (الا لمن تابع أحداث العرب في السنوات الأخيرة منذ اندلاع ثورات الربيع) هي إن إقصاء هذا الرجل كان طلباً أمريكياً أو مشورة أمريكية او أمراً أمريكياً.. وأيّا ما كان خيارنا من بين هذه الخيارات الثلاثة فمن الواضح الآن أن الأمريكيين في ظل قيامهم بإعادة ترتيب الأوضاع في المنطقة من خلال قاعدتهم الأرضية في إسرائيل لم يكونوا على استعداد على أن يتعاملوا مع شخصيات تتمتّع بكثير أو قليل من مُقوّمات الزعامة التاريخية القادرة على التوفيق وإزالة الخلافات، وذلك على النقيض التام من البريطانيين الذين كانوا يتعاملون مع عزام بسببه ما كان الامريكيون يرفضونه .
كان نموذج الشخصيات التي قرر الأمريكان تنحيتهم عن الدور السياسي
كان عبد الرحمن عزام باشا أبرز نموذج الشخصيات التي قرر الأمريكان تنحيتهم عن الدور السياسي، وذلك لأنه كان يملك من المقومات السياسية والتاريخية مواقف مشرقة وواضحة صكت باسمه:
1. فقد كان هو الرجل الذي اشترك بنفسه في مقاومة الهيمنة الغربية علي ليبيا في نهاية عهد الدولة العثمانية وشارك بفاعلية في الحرب الليبية (أو الطرابلسية علي نحو ما يُسمّها الأمريكان)، وأثبت بطولة وقُدرة علي القيادة والمقاومة.
2. ثم كان هو نفسه ذلك الرجل الذي عمل مستشارا سياسيا للجمهورية الطرابلسية التي تكونت عقب هزيمة دول المحور في الحرب العالمية الأولى بزعامة الشيخ سليمان باشا الباروني نوفمبر 1918 – يونيو 1919 .
3. ثم كان هو نفسه ذلك الرجل الذي كانت علاقاته في الحرب العالمية الثانية ، رغم ما هو معروف عن صداقته للإنجليز، مثار قلق للحلفاء منذ بدأت هذه الحرب في 1939
4. ثم كان هو نفسه ذلك الرجل الذي كان أول من دعا إلى إنشاء قوات مسلحة شعبية، وأنشئت هذه القوات في اثناء عضويته في مجلس الوزراء تحت اسم “الجيش المرابط”
5. ثم كان هو نفسه الرجل الذي تولي من خلال منصب الأمين المؤسس للجامعة العربية القيام مُبكراً بالأسلوب الذي أصبح يُسمّي بالجولات المكوكية بين الأطراف المختلفة وصولا إلي الاتفاقات والقرارات (وقد مارس عزام هذه السياسة الناجحة قبل كيسنجر بأكثر من ربع قرن).
6. وكان هو نفسه الرجل الذي شارك بأكبر قدر من التنسيق بين الجبهات العربية في حرب 1948 على الرغم من ضُعف إمكانات التنسيق وغياب جهاز التنسيق بل وغياب مؤسسة حقيقية تتولّي هذا التنسيق، وإنما كان الأمر يعتمد عليه هو نفسه بإقدامه وشجاعته ولحمه ودمه.
7. وربما هو السبب القاطع فقد كان هو نفسه الرجل الذي كان يمثل البوابة التي شارك من خلالها متطوعو الاخوان في حرب فلسطين وما حققوه من اعمال مجيدة وانتصارات ساحقة
8. وكلن هو نفسه واحدا من الذين فكر الإخوان في أن يسندوا إليهم منصب المرشد العام خلفا للإمام الشهيد
وهكذا لم يكن من الوارد في سياسة الأمريكيين ولا تصوراتهم أن يسمحوا لأنفسهم بأن يتركوا سياسيا مصريا من طبقة عبد الرحمن عزام باشا على رأس الجامعة العربية لتكون النتيجة الحتمية هي ازدياد القوة الناعمة لمصر في المحيط العربي وفي الجوار الفلسطيني المباشر، على حين كان غياب عبد الرحمن عزام باشا عن هذا الموقع يمثل ضمانا لإنهاء كثير من مسارات التعاون الجاد أو بالأحرى المجاهدة الفاعلة ضد هذا الوجود الإسرائيلي في استيلائه بالقوة علي أراضي الآخرين ووطنهم بدون أي وجه من وجوه الحق معتمدا على منطق غطرسة القوة الذي كانت أمريكا تنكر أنها تستعمله في ذلك الوقت مع أنها ظلّت تستعمله مُغلّفا منذ بداية تدخلاتها وحتي2013 حين كشفت عن جوهر سياستها الذي لم يعد من الممكن أن يختفي خلف البيانات المطاطية والعبارات الغامضة والوعود البراقة والأكاذيب المُمنهجة والانحياز غير المُبرّر لا بالقانون ولا بالجغرافيا ولا بأيّ حق عرفي أو غير عرفي (بما في ذلك التعاون العسكري مهما كانت نتائجه)
نشأته وتكوينه الثوري
ولد عبد الرحمن عزام باشا في قرية الشوبك الغربي التابعة لمركز العياط، في 8 مارس عام 1893. في عائلة عزام، وهي من كبريات العائلات، وجده هو الشيخ سالم عزام الذي كان ناظر الجيزة في عهد الخديو إسماعيل، وكان يفتح بيته للجمهور علي النظام العربي القديم، أما والده حسن عزام فكان عضوا في الجمعية التشريعية، وقد جاهد وكافح في المجال السياسي حتى نفي إلي السودان وهناك مات مغتربا. من الشائع أنه شقيق الدكتور عبد الوهاب عزام أستاذ اللغات الشرقية وعميد كلية الآداب وعضو مجمع اللغة العربية، لكن الحقيقة أنه عمه، وقد توفي الدكتور عبد الوهاب عزام قبل عمه عبد الرحمن عزام باشا الذي رزق طول العمر. تلقي عبد الرحمن عزام باشا تعليمه العام في مصر، وانتقل مع أسرته إلي حلوان، ودرس في مدرستي حلوان الابتدائية والسعيدية الثانوية، وحصل علي الثانوية العامة (1912)، ثم انتقل إلي لندن لدراسة الطب لكنه آثر أن يترك دراسته لينضم إلي الجيوش العثمانية التي اشتركت في حروب البلقان (1913).
دوره في حروب البلقان
أبلي عبد الرحمن عزام في جيوش الدولة العثمانية بلاء حسنا، وانضم بعد هذا إلي القوات التي حاربت الإيطاليين في ليبيا، واكتسب سمعة خارقة بأعماله البطولية في هذه الحرب، وظل مشاركا في الحركات العربية ذات النشاط الدولي متعدي الجنسيات في تلك الفترة (وإن لم يكن هذا الوصف الاصطلاحي قد عرف آنذاك)، بعد أن حارب مع قوات الأتراك العثمانيين في البلقان ضد الصرب وروسيا، وانضم إلى الليبيين وقوات الدولة العثمانية في محاربة الإيطاليين.
الجمهورية الطرابلسية
عمل عبد الرحمن عزام باشا مستشارا سياسيا للجمهورية الطرابلسية التي تكونت عقب هزيمة دول المحور في الحرب العالمية الأولى وتوقف الدعم التركي الألماني للمقاومة الليبية ضد الاحتلال الإيطالي. وكانت هذه الجمهورية قد تأسست بزعامة الشيخ سليمان باشا الباروني ودامت هذه الجمهورية ستة شهور ونصف الشهر من 16 نوفمبر 1918 إلى 1 يونيو 1919، وكان الباروني قد وصل مصراتة في 16 أبريل 1916 من الآستانة على ظهر غواصة ألمانية يحمل فرمانا من السلطان محمد رشاد الخامس بتعيينه واليًـا على طرابلس. في الوقت الذي عين فيه السيد أحمد الشريف السنوسي واليا على برقة. وكان عبد الرحمن عزام باشا هو أول مستشار للجمهورية الليبية الأولى، ويسجل له التاريخ أنه عمل كثيرًا على التوفيق بين الزعماء الليبيين.
في خضم السياسة
كان عبد الرحمن عزام باشا قد أنشأ منذ 1908 الرابطة الإسلامية على مبادئ الزعيم مصطفي كامل باشا، وكان من ابرز الشبان القادرين على ممارسة العمل الوطني والسياسي، فلما قامت الحركة الوطنية واندلعت ثورة ١٩١٩ بقيادة سعد زغلول انضم إليها بكل قوة، كما انضم إلي سعد زغلول في مفاوضات الوفد مع الإنجليز، وانتخب عضوا في أول مجلس نواب مصري ١٩٢٣، وكان أصغر أعضاء مجلس النواب سنًا . وفي البرلمان ظهرت توجهاته الإسلامية والعربية بصفة لافتة للنظر، وكان قادرا علي مجادلة سعد باشا زغلول بمهابته وزعامته، وظل عبد الرحمن عزام يمارس السياسة رغم تقلباتها، واعيد انتخابه للبرلمان عام 1936.
عمله الدبلوماسي
في 1936 عين عبد الرحمن عزام باشا وزيرا مفوضا وممثلا فوق العادة للمملكة المصرية عمل وزير مفوض، حيث اصبح بمثابة السفير المصري ففي عدة دول عربية وإسلامية : العراق وإيران وأفغانستان والسعودية. وشارك في مؤتمر فلسطين المزمع في لندن عام 1939، مع الوفد المصري، وكان أحد أعضاء الوفد المصري لوضع ميثاق جامعة الدول العربية. وعقب توقيع ميثاق الجامعة في 22 مارس عام 1945، وقع الاختيار عليه وبالإجماع، من قبل سبع دول عربية آنذاك، ليكون بذلك أول أمين عام لجامعة الدول العربية.
توليه الوزارة
اختير عبد الرحمن عزام باشا وزيرا في وزارة علي ماهر باشا الثانية في 1939، وهي الوزارة التي استمرت في الحكم مابين 18 أغسطس 1939 و27 يونيو 1940 وفي تلك الوزارة الوحيدة التي اشترك فيها عبد الرحمن عزام باشا (وزارة علي ماهر الثانية) تولي عزام وزارتي الأوقاف (سبتمبر 1939)، والشئون الاجتماعية (ديسمبر 1939) علي التعاقب، وبالتبادل، وكان بمثابة ثاني وزير للشئون الاجتماعية في تاريخ مصر،ينسب الى عبد الرحمن عزام باشا ،كعضو في مجلس الوزراء المصري في بداية الحرب العالمية الثانية، الفضل في تفعيل الاقتراح الخاص بتأجيل الموافقة علي إعلان مصر الحرب علي دول المحور بناء علي طلب بريطانيا التي كانت ترتبط مع مصر بمعاهدة 1936، وقد تعهد لزملائه في مجلس الوزراء بأن يقنع البريطانيين بوجهة نظره بأن عدم إعلان الحرب يصب في مصلحة كل من مصر وبريطانيا والحلفاء، وقد نجح بالفعل في إقناع الأطراف المختلفة بالموقف الذي عرف بعد هذا بسياسة تجنيب مصر ويلات الحرب، ولم ينجح أحد من الساسة المصريين في نقض هذا القرار طيلة فترة الحرب الثانية كلها وحتي أوشكت الحرب علي النهاية، فوافق البرلمان (ليلة اغتيال رئيس الوزراء أحمد ماهر في فبراير 1945) علي طلب رئيس الوزراء إعلان الحرب شكليا علي دول المحور تمهيدا لاكتساب عضوية الهيئة الدولية التي ستؤسس بعد الحرب.
رواية إبراهيم عبد الهادي باشا عن موقف عزام من اعلان الحرب
كان الوزراء السعديون في وزارة على ماهر باشا ومنهم ابراهيم عبد الهادي باشا يطالبون بإعلان الحرب على دول المحور استجابة لطلب بريطانيا، لكن عبد الرحمن عزام كان ضد هذا، وكان كما ذكرنا يطالب بالتريث، وسنورد فيما يلي أجزاء من روايات ابراهيم عبد الهادي باشا عن طبيعة الموقف المشرف لعزام باشا وهو موقف سجل إبراهيم عبد الهادي احترامه له رغم اختلافه معه . يقول ابراهيم عبد الهادي باشا: “وفي مجلس الوزراء تكلم عزام باشا، وعارض فكرة اشتراك مصر في الحرب، وانضم إليه مصطفي الشوربجي بك، وصالح حرب باشا، والفريق ياور الملك حيدر باشا”. “وليسمح لي القارئ أن أقول كلمة عن الفريق حيدر هنا: فالرجل لم يكن له رأي أبدا يضعه الإنسان في اعتباره، ولذلك لم يكن في العير ولا في النفير، إنما الموجة كده ، وأصبحت زفة ،ومولاه قد تغير فلابد من أن يتغير، أما عبد الرحمن عزام باشا فهو رجل له منطقه، وله ملاحة في تكييف رأيه، فلما عارض الفكرة قال له علي ماهر باشا: طيب وما العمل في موقفنا مع الإنجليز؟”. “فرد علي رئيس الوزراء بقوله: أنا كفيل بإقناع الإنجليز بوجهة نظري، لأنه ليس من مصلحتهم أن تدخل مصر الحرب فتصبح الموانئ والمطارات تحت رحمة غارات المحور”.
إهانة عبد الرحمن عزام لحسين سري باشا
ثم يروي إبراهيم عبد الهادي واقعة قاتلة يوجه فيها سهام نقده لحسين سري باشا وسلوكه المزرى في أثناء مناقشة عابرة في مجلس الوزراء مما جعل عبد الرحمن عزام لا يجد حرجاً في أن يقول لسري باشا بازدراء إنه خدام للإنجليز:
“… وأصرت الوزارة علي عدم إعلانها الحرب علي ألمانيا، وإن كان علي ماهر وحسين سري بالذات علي غير هذا الرأي”. “وفي حديث جري حول هذا الموضوع وكان أكثر المتحدثين فيه بعدم إعلان الحرب عبد الرحمن بك عزام وزير الشئون الاجتماعية، فانبري له حسين سري باشا قائلا: “كيف تقول بهذا وأنت صديق الإنجليز؟”، فالتفت إليه عزام باشا ورد عليه بغضب: »نعم أنا صديق الإنجليز عندما يستشيروني في أمر أنا به خبير أقوله لهم بصراحة كصديق، أما أنت فخدام للإنجليز كما كان أبوك خدامهم من قبلك، اسكت ولا تتكلم!”.
“فسكت حسين سري ولم ينطق بكلمة واحدة ووجم الوزراء وكان موقف حسين سري مزرياً للغاية!”.
فكرة الجيش المرابط
كان عبد الرحمن عزام باشا (فيما قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية) أول من دعا إلى إنشاء قوات مسلحة شعبية، وكان القائد المصري العظيم محمد صالح حرب باشا وزير الحربية في وزارة على ماهر باشا متوافقا مع هذه الفكرة، وأقنع عزام باشا علي ماهر باشا عندما كان رئيسا للوزارة وأنشئت هذه القوات تحت اسم “الجيش المرابط” وقد أبدى الإنجليز انزعاجهم من هذا التوجه، وسعوا إلى إلغائه لكنهم لم ينجحوا في مسعاهم الا بعد إقالة علي ماهر من الوزارة، ومن الناحية الفكرية فقد كان الجيش المرابط في رؤية عبد الرحمن عزام باشا إحياء لفكرة الجهاد الشعبي الإسلامي التطوعي ضد الجيوش الاستعمارية .
رؤيته الاجتماعية
كانت وجهة نظر عبد الرحمن عزام باشا فيما يتعلق بعمل وزارة الشئون الاجتماعية أن تولي الوزارة قضية الفقر عنايتها الكبرى، وكان يعتبر الفقر هو الأصل الجذري لكل مشكلات مصر الاجتماعية، وكان يقول إن المريض إذا كان غنيا أمكنه أن يتداوى ويعالج دون إرهاق، وكذلك الجاهل، إذا كان أميا فإنه لا يعدم مَنْ يعلمه ويثقفه ويأخذ أجر تعليمه إذا كان كبير السن، أو أن يلتحق بالمدرسة إذا كان من الناشئة، أما علة العلل وحدها فهي الفقر! وعلي الوزارة أن تهتم برفع المستوي المعيشي للفقراء، فتصل إلي النجاح من أقرب طريق. وقد ظل عبد الرحمن عزام باشا علي اعتقاده بأن الفقر آفة البشر وأن الإسلام عالج الفقر “والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم”، فصان بذلك كرامته الإنسانية، أما الذي يعجز لفقد الوسيلة إلي العمل، فقد أوجب الإسلام علي الدولة إيجاد الوسيلة لتكسبه.
دفاعه عن عروبة مصر
كان عبد الرحمن عزام باشا حريصا علي تقوية الإيمان بالذات، وكان يقول إن أهم ما يتطلبه العرب من أجل البعث الجديد هو الإيمان بأنفسهم «فقد افتتنوا بعظمة من سواهم حتى أصبحوا يعيشون علي هامش الأحياء». وقد خاض عبد الرحمن عزام باشا من أجل إيمانه بفكرته العروبية معارك فكرية متعددة، كان من أشهرها معركته مع الدكتور طه حسين (1933) حين كان مفتونا بفكرة إخراج مصر من انتمائه العربي، وف هذه المواجهة ألقي عزام باشا على طه حسين سؤاله: هل له أن يذكر بعض الحوادث التي تدخل العرب المسلمين في زمرة المعتدين علي المصريين؟ وقد انضم الأستاذ إبراهيم عبد القادر المازني إلي عبد الرحمن عزام في التصدي لآراء الدكتور طه حسين، وقد كسب عزام معركته مع طه حسين، وقيل وقتها: إن طه حسين تراجع بعض الشيء لأنه عزّ عليه أن يعترف بالخطأ.
إيمانه المبكر بالوحدة العربية
من الجدير بالتأمل أن عبد الرحمن عزام باشا كان منتبها منذ مرحلة مبكرة إلي قدوم عصر الكيانات والتكتلات الكبيرة قبل أن تظهر المصطلحات التي تحدثت عن هذا المعني بستين سنة، وقد استخدم لهذا المعني تعبيره الجميل «عصر التجمع». كان الاهتمام السياسي الأكبر الذي سيطر علي تفكير عزام هو مبدأ الوحدة العربية، وكان عزام باشا قد كتب مقالات رائعة عن الوحدة العربية منذ مرحلة مبكرة، في «الهلال» وفي «كوكب الشرق» و«البلاغ». وقد أوضح آماله في الجامعة العربية في ختام مقاله «الإمبراطورية العربية» (الهلال، 1934) حيث قال: «لست أقصد بكلمة الإمبراطورية العربية غير الوحدة علي أي مظهر حُققت، وليس الغرض تغلب قبيلة علي قبائل، أو أمير علي أمراء، أو استئثار إقليم علي إقليم، إنما أول القصد وغايته التعاون بين الشعوب العربية، لتكون جبهة واحدة تسير علي ضوء المثل الأعلى الذي يخرجه مزاجها المشترك!».
ولما تطورت دعوة عبد الرحمن عزام باشا أصبح هو نفسه من أبرز الذين كثفوا الجهود من أجل إقامة الجامعة العربية مع نهاية الحرب العالمية الثانية، ونجحت جهوده، وقد تحمست لوجهة نظره الحكومة المصرية الوفدية برئاسة الزعيم مصطفى النحاس باشا في ذلك الوقت، ولأن الحكومات العربية كانت تثق فيه وتقدر جهاده فقد انتخب ليكون أول أمين عام للجامعة.
العمل للعروبة والعمل للإسلام
لم يكن عبد الرحمن عزام باشا يفرق بين العمل للعروبة والعمل للإسلام كما أنه لم يكن يفرق بين العمل السياسي والجهاد في ميادين القتال.
أداؤه في الجامعة العربية
وعلى وجه العموم فقد كان نشاط عبد الرحمن عزام باشا في منصبه يخرج عن حدود العمل السياسي البيروقراطي الذي رُسم للجامعة والأمانة العامة. ومع هذا فقد كان عبد الرحمن عزام باشا من أنصار التوافق مع الرأي القائل بأن الجامعة ليست لها سياسة خاصة بها لأنها ليست دولة فوق الدول وإنما هي نظام بيروقراطي لتنفيذ سياسة الدول الأعضاء فلا يمكن أن يكون لها نشاط إلا عن طريق حكومات الدول الأعضاء وكان يعرف أن كثيرا منهم لم يكن يخفي معارضته لمواقفه وتصريحاته ومواقفه الجريئة الصريحة وخاصة بالنسبة لشمال أفريقيا. وكان عبد الرحمن عزام باشا كما اشرنا من قبل أول مَنْ مارس دبلوماسية المكوك حيث كان يتردد في أثناء وضعه لميثاق الجامعة علي عدة دول في أسبوع واحد، ثم يرجع ليواصل التنقيح، والمحو والإثبات، حتى أتيح لميثاق الجامعة العربية أن يظهر علي وجهه النهائي..
نص ميثاق الجامعة علي أن من أغراضها الأساسية التعاون المشترك في الشئون الاقتصادية والمالية، وشئون المواصلات، وشئون الثقافة، ويدخل في أغراضها تقرير وسائل التعاون مع الهيئات الدولية، التي قد تنشأ في المستقبل لكفالة الأمن والسلام، كما نص الميثاق علي أنه لا يجوز الالتجاء إلي القوة لفض المنازعات بين دولتين أو أكثر من دول الجامعة، ومجلس الجامعة هو المسئول عن فض الخلاف سلميا، ويكون قراره ملزما، أما الاعتداء الخارجي علي دولة عربية فمن حق المجلس أن يتخذ التدابير اللازمة لدفع هذا الاعتداء سلميا وحربيا. وقد أكد الميثاق على أن تحترم كل دولة من الدول المشتركة في الجامعة نظام الحكم القائم، وتعتبره حقا من حقوق كل دولة، ولمجلس الجامعة أن يعتبر أية دولة لا تقوم بواجبات هذا الميثاق منفصلة عن الجامعة. وفي جلسة الافتتاح الأول ألقي مندوبو الدول كلماتهم وضمنوها ما يؤيد الميثاق، وألقي هو باعتباره الأمين العام كلمة مهمة قال فيها: «إن الجامعة وميثاقها ليست إلا عنوانا لميثاق غير مكتوب أخذه علينا آباؤنا ورسلنا من قبل، وأخذناه علي أنفسنا اليوم، والميثاق الذي أمضيناه الآن هو عنوان الكتاب، ولكن رسالة الجامعة مطوية في ثنايا السطور، وهي المقصودة من الميثاق
قضية فلسطين علي رأس اهتمامات الجامعة
وإلى عبد الرحمن عزام باشا يرجع أكثر الفضل في وضع قضية فلسطين علي رأس اهتمامات الجامعة حتى خصصت إدارة كبيرة في الجامعة للقضية الفلسطينية، كما تولي الدفاع عن قضية فلسطين في هيئة الأمم المتحدة.
قرار التطوع في حرب فلسطين
عاد عبد الرحمن عزام باشا وهو أمين عام الجامعة العربية الى تبني فكرة إنشاء قوات مسلحة شعبية لمساعدة الفدائيين في فلسطين عام 1947/1948 وطلب من الحكومات العربية أن تسمح لضباط جيوشها بالتطوع لقيادة الكتائب الشعبية التي تمولها الجامعة العربية للانضمام إلى صفوف الفدائيين في دولة فلسطين الشقيقة، وفعلا صدر قرار عربي بهذا، وتطوع كثير من الضباط لقيادة كتائب المقاومة الشعبية التي كان يقودها الشهيد البطل أحمد عبد العزيز ما بين عامي 1947 و1948. بعد حرب فلسطين وفي غضون الحملات العربية التي خون فيها كل طرف عربي الأطراف الأخرى تناثرت في بعض الكتابات العربية أقاويل تتهم عبد الرحمن عزام بأنه لم يكن مخلصا للقضية الفلسطينية ومع أن الادبيات المتاحة عن حرب فلسطين لا تزال بحاجة الى الفحص والتحقيق والمدارسة، فإننا لا نغفل هنا أن نشير الى أن رئيس الوزراء في ذلك الوقت وهو إبراهيم عبد الهادي باشا كان حرصا في مذكراته علي تبرئة عبد الرحمن عزام وعلي ماهر باشا مما أشيع في نطاق محدود حول موقف غير كريم لهما من قضية فلسطين:
“…. وسئلت عن قصة نشرت عن فلسطين بأن اليهود اتصلوا بعلي ماهر وعبد الرحمن عزام وأنهم استطاعوا أن يؤثروا في الرجلين أو عليهما حتي سلكا طريقا غير كريم نحو قضية فلسطين، وإني أشهد بأني عشت وعرفت واتصلت بعد الرحمن عزام فما لمست فيه يوما ضعفا في وطنيته، ولا تهاونا في مصالح بلاده والأمة العربية أبدا، هذه كانت أقاويل المضللين وإشاعات المغرضين، وحرام عليّ وعلي أي إنسان أن يقول عن عبد الرحمن عزام مثل هذا . أما علي ماهر، وأنا من الناس الذين اشتغلوا معه، وكثيرا ما سخرت من بعض تصرفاته ولم تكن تعجبني تصرفاته وهو من أكبر عوامل فساد الملك، لكنه لا يمكن أن يعمل عملا غير وطني. كان يعتقد أنه لا يوجد في مصر مَنْ يفهم في السياسة إلا هو، وما كان يطيق أن يعمل مع رجل كبير الرأس في السياسة أو يعتد بنفسه، وكان دائما يختار وزراءه أقرب إلي السكرتيرين منهم إلي الوزراء، وإذا دخل وزارته أحد من غير هذا الطراز سرعان ما يضيق به ولا يحتمله، لكن علي ماهر رجل وطني”
دعم المقاومة الشعبية في قناة السويس
قدم عبد الرحمن عزام باشا أقصى ما يمكنه من دعم للمتطوعين الذين بدأوا العمل الفدائي ضد الإنجليز في منطقة القتال عام 1951 وهي الحركة التي دعمتها وزارة الوفد الأخيرة بل وشاركت فيها بقوات الشرطة كما هو معروف.
دعمه لقضية اندونيسيا
كان عبد الرحمن عزام باشا أول من تبنى قضية استقلال دولة إندونيسيا وساند شعبها في الكفاح ضد الهولنديين، ويذكر له انه سرعان ما عرض الأمر أمام مجلس الجامعة العربية، وكانت الجامعة أول منظمة دولية تعترف بأندونيسيا حرة مستقلة ذات سيادة على أرضها. وقد واجه عبد الرحمن عزام باشا احتجاج بعض الزعماء العرب بأن أندونيسيا ليست دولة عربية فلا شأن للجامعة العربية بقضيتها فقال اننا بحاجة إلى مساعدة جميع الحركات الوطنية وإلى التعاون مع المجموعة الآسيوية من أجل قضية فلسطين وأنهم فعلا تعاونوا معنا في قضية سوريا ولبنان ضد الحكم الفرنسي التي انتهت باعتراف فرنسا باستقلال الجمهورتين العربيتين ولا يمكن أن نتخلى عن التعاون معم ومع جميع المدافعين عن الحريات والاستقلال لجميع الشعوب وقد سار شوطا بعيدا في دفاعه عن أندونيسيا حتى استقلت كما استقلت سوريا ولبنان.
سياسة التقارب العربي مع الهند
كان عبد الرحمن عزام باشا هو اول من بدأ سياسة التقارب العربي مع الهند من خلال موقعه في الجامعة العربية وهي السياسة التي بررت وجود هذا التكتل في بدايته بالرغبة في الدفاع عن أندونيسيا حتى تنال استقلالها وذلك من خلال تكوين كتلة دولية في الأمم المتحدة تحمل اسم المجموعة العربية الآسيوية.
مساعدته شمال إفريقيا على الاستقلال
كان عبد الرحمن عزام باشا يكرر النصح لزعماء شمال أفريقيا في تونس والمغرب والجزائر بالجهاد وذلك على الرغم من أن بعض ساسة الدول العربية كانوا يفضلون أن يحتفظوا بصداقة فرنسا، ولو أدى ذلك إلى التنكر للحركة الوطنية في شمال أفريقيا. كان عبد الرحمن عزام باشا يوجه نصائحه لزعماء شمال إفريقيا في تونس والمغرب والجزائر الذين كان يلتقى بهم في القاهرة (وزملاءهم الذين التقى بهم في باريس) الى حقيقة مهمة وهي أن ” الجامعة العربية لن تحصل لكم على الاستقلال بل عليكم أن تاخذوه بجهادكم وتضحياتكم وكل ما يمكن ان تفعله الجامعة أو الدول العربية هو أن تساعكم في جهادكم “
زيارتاه لباريس
روى الأستاذ جميل عارف كاتب مذكرات عبد الرحمن عزام باشا أنه رافقه عندما زار باريس لأول مرة عام 1946 وحضر معه مؤتمره الصحفي الذي تكلم فيه عن القضايا العربية وسياسة الجامعة العربية إزاءها، ولم يقتصر كلامه على قضية فلسطين ولا قضية ليبيا كما كان الفرنسيون يتوقعون، لكنه تكلم أيضا عن قضايا تونس والمغرب والجزائر مما أثار الفرنسيين الرسميين وغير الرسميين: ” ولقد تابعت تعليقات الصحف الفرنسية على زيارة عزام وتصريحاته وكانت خلاصتها أن هذا رجل مخرف جاء لباريس ليتكلم عن شعوب خاضعة للسيادة الفرنسية والاتحاد الفرنسي وأن على الحكومة الفرنسية أن تلزم هذا الرجل حده أو تطرده من بلادها” . ” بعد خمس سنوات فقط من الزيارة الأولى ذهبت معه إلى باريس في زيارته الثانية في خريف عام 1951 م ليدافع عن قضية المغرب أمام الجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة وعادت الصحف الفرنسية تهاجمه وحاصرته الحكومة الفرنسية هو ووفد الجامعة العربية (الذي اشتركت فيه) حصار شديدا حتى لا يتصل بأحد من زعماء الحركة الوطنية في أقطار شمال أفريقيا ولكنه لم يأبه لهذا الحصار ولا لهذه الحملات الصحافية وحضرت حوار بينه وبين أحد العقلاء من الفرنسيين الذي كان ينصحه بان تقنع الجامعة العربية بقضية فلسطين ولا تشغل نفسها بقضايا شمال أفريقيا إلا عندما تنتهي من قضية فلسطين ولكن عزام قال له: وأنا أنصح فرنسا بأن تنصف شعوب شمال أفريقيا وتكسب ودهم وصداقتهم لأنهم لا يمكن أن يرضوا بالتبعية الفرنسية وإذا لم تنصفوهم سوف يلجئون للسلاح وإذا حملوا السلاح فلن يضعوه حتى ينالوا حقوقهم إنني أعرفهم أكثر منكم وتجربتي معهم تأكد لي ذلك وقد أثبتت الأيام أنه كان صادقا” .
استقالته من أمانة الجامعة
ظل عبد الرحمن عزام باشا يؤدي واجبه حتى قامت الثورة في مصر (1952) ولم تشأ التعاون معه فتقدم باستقالته من منصبه بناء على طلب الوصي على العرش القائم مقام محمد رشاد مهنا بالتحديد علي حسب ما ذكر الأستاذ محمود عبد المنعم مراد في حلقة من حلقات مذكراته التي نشرتها جريدة الرأي للشعب. وقد آثر الملك فيصل بن عبد العزيز منذ أن كان وليا للعهد أن تستأثر المملكة العربية السعودية بالإفادة من عبد الرحمن عزام باشا وأن تفيد من خبراته، وعين مستشارا سياسيا للمملكة العربية السعودية، وكان هو الذي مثل المملكة في النزاع الحدودي المتعلق بواحة البوريمي. وقد تناولنا في كتابنا «مذكرات قادة الدبلوماسية المصرية» دوره في الجامعة العربية من خلال ما كتبه الأمين العام المساعد الدكتور عبد الوهاب العشماوي عن هذا الدور في مذكراته «شرخ في جدار الجامعة العربية».
فكره السياسي في مرحلة التقاعد
ظل عبد الرحمن عزام باشا مقتنعا بفكرتين أساسيتين اعتبرهما أهم خصائص الفكر الإسلامي هما فكرة الجهاد والفداء وفكرة وحدة الشعوب الإسلامية جميعا سواء كانوا عربا أو غير عرب ، وكان يجاهر بان رسالة العرب الخالدة في نظره هي الرسالة الإسلامية وأول أسس هذه الرسالة أنها لا تقر الاعتزاز بعنصر أو جنس، وأن قيمة الإنسان في عمله وفي ساحة العمل والجهاد ينعم الجميع بأخوة التضحية ووحدة المصير والتسابق للشهادة.
كتابه «الرسالة الخالدة»
وضع عبد الرحمن عزام باشا كتابا بعنوان «الرسالة الخالدة» كان له قبول عظيم في دول العالم الإسلامي، فترجمته حكومة الجمهورية الإندونيسية، ونشرته في البلاد المتكلمة بلغة الملايو، كما ترجمته رياسة الشئون الدينية في حكومة تركيا، ووضع له حمدي أفسكي شيخ الإسلام في تركيا مقدمة مسهبة، كما ترجم الكتاب إلي الفارسية والأردية والإنجليزية بإيران وباكستان وأمريكا! وعلى حد تعبيره هو نفسه فلم يكن كتابه «الرسالة الخالدة» وليد المصادفة، بل كان وليد تأمل طويل في الأحوال الدامية في أثناء الحرب العالمية الثانية، وحقيقة أسباب الاضطراب العالمي. وله أيضا في سيرة رسول الله (صلي الله عليه وسلم) كتاب «بطل الأبطال»، الذي يرسم للبشرية قدوة مثلي في حياة محمد (صلي الله عليه وسلم)، وقد قدم له شيخ الأزهر الأشهر الشيخ محمد مصطفى المراغي.
تكريمه
نال عبد الرحمن عزام باشا كثيراً من التكريم والتقدير من دول عديدة، فحصل مبكرا على النيشان العثماني المجيدي والهلال الحديدي، من قبل الدولة العثمانية، وقد منحت إندونيسيا اسمه في نوفمبر 1992 أعلي وسام تمنحه الدولة الإندونيسية تقديرا لدوره في استقلالها وإقناع الدول العربية جميعا بالإسراع بالاعتراف بهذا الاستقلال. كما نال عبد الرحمن عزام باشا أرفع الأوسمة من حكومات الدول العربية: العراق وسوريا ولبنان والأردن وكذلك من حكومات أفغانستان وإيران وتركيا ونال أيضا وساما من دولة الفاتيكان.
آثاره:
بطل الأبطال أو أبرز صفات النبي محمد، طبعات عديدة
الرسالة الخالدة ، طبعات عديدة
مذكراته
نشرت مذكرات عبد الرحمن عزام باشا في السبعينيات عن المكتب المصري الحديث، وتولي تحريرها الصحفي الكبير الأستاذ جميل عارف، 1976
وفاته
توفي عبد الرحمن عزام باشا في القاهرة في ٢ يونيو ١٩٧٦، ودفن في مسجد عزام بحلوان