الرئيسية / المكتبة الصحفية / مقالات الجزيرة / الجزيرة مباشر / رؤية القيادات العسكرية للدبلوماسية المصرية

رؤية القيادات العسكرية للدبلوماسية المصرية

سُئلت ذات مرة عن موضوعات حية وغير مطروقة و مفيدة للمستقبل تصلح للتسجيل لدرجة الدكتوراه في التاريخ على أن تكون لها علاقة مباشرة بالسياسة بعهد 23 يوليو 1952.

فطلبتُ مهلة ليومين فقط وعُدت بعدها فقدمت قائمة من الموضوعات كان أول موضوع فيها هو هذا العنوان “رؤية العسكرية للدبلوماسية المصرية: وقد وضعت له عنوانا موازيا هو “رؤية العسكريين للسياسة الخارجية المصرية”.

وغني عن البيان أن العنوان الثاني أشمل لكنه يتطلب من الإثبات ما يصعب الوصول إليه في ظل غياب وثائق الاجتماعات التي تعقد على مستوى عال ينتهي إلى إقرار مثل هذه السياسات إن كانت تقر قضية جماعية، أما الدبلوماسية فأولها معروف وآخرها معروف، وليس هناك مجال كبير لتجهيل الوقائع فيها.

الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر

سُئلت عن مصادر ضابطة لحركة الايقاع في  مثل هذا الموضوع أي يمكن بها معرفة تاريخ عرض المناقشة، أو دورانها فأجبت بأن الصحافة رغم كل المآخذ عليها تبقى في المحل الأول، ثم يأتي ما يمكن أن يكون متوافراً عن اجتماع اللجان البرلمانية الخاصة بالشئون الخارجية أو بالشئون العربية أو بالأمن القومي.
أضفت أن مصادر وزارة الخارجية في الدول الأجنبية ووثائقها ربما تكون حاسمة؛  لمعرفة ما عرضناه من رؤيتنا القومية على نحو ما هو معروف من تسجيل الوثائق البريطانية لوجهات نظر كبار قادتنا على مدى عصر الاحتلال ، لكن هذا يتطلب حصر الموضوع في قضية أو قضايا محددة وليس الحديث على السياسة الخارجية على وجه العموم.

رأى الأساتذة الذين ناقشوني في الفكرة أن الأمر ربما يصبح واسعا متسعا و بلا ضفاف سواء كان بحراً أو بئراً أي سواء كان صغيراً أم كبيراً ومع هذا فإنه يستحق العناء.
بعد عودتي من هذا اللقاء سألت نفسي ماذا تفعل لو أنك دُعيت للحديث في هذا الموضوع في ندوة سريعة لا يستغرق حديثك فيها أكثر من ثلث ساعة كالعادة في عصرنا.

وبدأت أفكر بجدية في الخطوط العريضة لرؤية العسكريين إلى السياسة الخارجية، فوجدتُ بعض الأفكار المهمة و بعض الأفكار الساذجة المصاحبة لها تطفو على سطح ذاكرتي من قبيل:
نُصادق من يصادقنا ونُعادي من يعادينا، وهي جملة كان الرئيس جمال عبد الناصر يقولها بانتشاء الحكيم، وأدركت أن هذه الجملة تخرج برؤية قادتنا للسياسة الخارجية من خانة الفعل إلى خانة رد الفعل..

وأننا مهما دافعنا عن خصوصية الفكرة وعمومية الإرادة فإن الشواهد الحية من مواقعنا الخارجية ستؤيد فكرة “الانفعال” أو “رد الفعل” في سياستنا الخارجية.

من الرؤية المصرية تحويل المراسلين الصحفيين الأجانب إلى مكون ومورد من مكونات وموارد  الدولة العميقة حتى لو اقتضى هذا تزويدهم بمعلومات تجعلهم يظهرون أمام دولهم مصادرَ متفوقةً في الحصول على المعلومات.


ثنائية التقدمية والرجعية، وهي ثنائية حاسمة كانت تجعلنا نقف تلقائيا مع كل ثورة أو كل انقلاب ضد كل مَلكية أو ضد أي نظام قديم مستقر، ومن العجيب أن غرامنا بالانقلابات كان يدفعنا إلى التضحية بمصالحنا على نحو ما هو الحال في ثورة الفاتح من سبتمبر ١٩٦٩ في ليبيا.
الخجل من إظهار انتمائنا إلى الإسلام، على الرغم من حرصنا على الحديث عن العروبة والقومية العربية وما كان هذا يستتبعه من العناية بالدين الأول لهذه القومية ، وهو الإسلام ، ومع هذا فإننا كنا حريصين على الدوام على الوقوف في الصف المعادي للإسلام.
العداء الفطري للزعامات الوطنية إلا إذا كنا على خلاف مع الحكام، وفي هذا الصدد فإننا لم نتحدث بحماس عن المهدي بن بركة إلا بعد أن اختلفنا مع الملك الحسن الثاني ولم نتحدث عن صالح بن يوسف إلى بعد أن اختلفنا مع الرئيس الحبيب بورقيبة.

نُصادق من يصادقنا ونُعادي من يعادينا، وهي جملة كان الرئيس جمال عبد الناصر يقولها بانتشاء الحكيم، وأدركت أن هذه الجملة تخرج برؤية قادتنا إلى السياسة الخارجية من خانة الفعل إلى خانة رد الفعل..

الاعتماد على الأسلوب الجدلي الناجح في الفصل بين المذاهب وذلك من قبيل نعم للسوفييت ولا للشيوعية، وذلك بديلاً عن السياسة السابقة التي كانت تقول لا للشيوعية ولا للشيوعيين.
التعامل مع  مؤسسات الصحافة الدولية بالشراء (المعنوي )  لا بالإقناع.
العمل الجاد وبكل الوسائل على توظيف السفراء الأجانب لعرض رؤية الدولة المصرية والتوافق معها وبحيث يتحول السفير الماراثوني (مثلا) إلى سفير مصر لدى (ماراثونيا) وليس سفير (ماراثونيا) لدى مصر.
تحويل المراسلين الصحفيين الأجانب إلى مكون ومورد من مكونات وموارد  الدولة العميقة حتى لو اقتضى هذا تزويدهم بمعلومات تجعلهم يظهرون امام دولهم كمصادر متفوقة في الحصول على المعلومات.

شارك هذا المحتوى مع أصدقائك عبر :
x

‎قد يُعجبك أيضاً

حماس على طريق النصر

لما ظهرت حركة حماس إلى الوجود دارت مناقشات متعددة حول جدواها ومستقبلها، ...

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com