محمد شريف باشا ١٨٢٣- ١٨٨٧ هو ثاني أفضل رؤساء وزراء مصر فيما قبل 1919 بعد محمود سامي البارودي باشا ١٨٣٩- ١٩٠٤ الذي يسبقه بالطبع لا بإنجازاته ولا بسياساته وإنما بفضل مكانته الوطنية والثورية والفكرية والأدبية مع أنه لم يعمر في منصبه كرئيس للوزراء كثيرا، فإذا كان الأمر بالإنجازات والسياسة والحكمة فإن شريف باشا يسبق البارودي باشا بمراحل لكننا كعرب لا نستطيع أن نقدم أحدا على الشاعر الذي أحيا الشعر العربي وبعثه من مرقده.
ويلي شريف باشا في هذه المكانة المتقدمة بين رؤساء الوزارة والساسة رجل الدولة العتيد مصطفى رياض باشا ١٨٣٤- ١٩١١، وقد كان هذان الرجلان مع اختلاف صورتيهما في كتب التاريخ مخلصين لمصر وللمصريين حتى مع احتكاكهما بالثوريين المتحمسين والوطنيين المدعين الذين لا يسلم منهم الوطنيون المخلصون، ومع أن الاستبداد ينسب الى رياض باشا فإننا نجد على سبيل المثال إشارات منقولة عن بعضها البعض تتضمن النبرة القائلة بأن شريف باشا كان يحتقر المصريين، وقد شاعت هذه النبرة في كتابات المصريين الذين يستسلمون للنقل عن الأجانب الذين يقتنصون الأخطاء التعبيرية العابرة وغير المقصودة، ويوظفونها للوقيعة والعنصرية بين المسلمين الذين كانوا ينصهرون معا تحت مظلة الدولة العثمانية .
ومن الجدير بالذكر أن شريف باشا كان يصور العروبة والإسلام في صورهما المتعددة بين مصر والحجاز والأتراك والشركس وغيرهم، وبالطبع فإنه لم يكن يحتقر إلا من يجلب الاحتقار لنفسه وخاصة إذا ما كان من يحكم عليه بالاحتقار من طبقة شريف باشا الرفيعة فهو ابن عالم دين تركي رفيع الشأن والمقام وقد وصل الى اعلى درجات القضاء، كما أنه تزوج من ابنة قائد الجيش الكولونيل سليمان باشا الفرنساوي، كما أنه تربى مع أولاد محمد علي وسافر معهم في بعثتهم إلى فرنسا كما أنه درس في مدرستين عسكريتين فرنسيتين كأنهما الكلية الحربية والفنية العسكرية (سان سير ومدرسة التطبيقات العسكرية) بل إنه عمل في الجيش الفرنسي في رتبة متقدمة لشاب مثله.
لقبه واسمه
لا نفوت إشارة لا ينبغي تأخيرها وهي أن هذا الجيل من الساسة المصريين يضم اثنين لقبا في أدبيات التاريخ بلقبي الابوة: على مبارك أبو التعليم، وشريف أبو الدستور، ولا نفوت إشارة أخرى وهي أنه من الطريف أن شريف باشا كان يحمل اسم والده: محمد شريف وكذلك كان ابن شريف باشا يحمل اسم والده وهكذا فإننا امام الاب والابن والحفيد يحملون اسما واحدا فالأب قاضي الفضالة والابن رئيس الوزراء والحفيد الأول وكيل وزارة الخارجية.
نشأته
صادف حظ محمد شريف باشا أنه ولد في القاهرة فقد كان والده محمد شريف أفندي حين ولد قاضيا للقضاة في مصر وكان منصبه القضائي يقتضي التنقل، فلما كان في القاهرة رزق بابنه شريف باشا في 26 نوفمبر 1826 (نذكر القارئ بأن رياض باشا ولد في 1834 أما نوبار باشا فولد في 4 يناير 1825 بما يعني انه أكبر من شريف باشا بما يقرب من عامين. وأما علي باشا مبارك الوزير الرابع الموازي لهؤلاء الرؤساء الثلاثة والذي هو أعظم منهم قدراً فقد ولد في 1823 أي قبل نوبار بعامين، وهكذا تمضي المتوالية: علي باشا مبارك 1823، نوبار باشا بداية ١٨٢٥، شريف باشا نهاية 1826، رياض باشا 1834.
التقى والد محمد شريف باشا بالوالي محمد علي وهو في إحدى رحلاته الوظيفية (حيث كان متوجها الى الحجاز ليتولى القضاء فيها) وكان ابنه بصحبته فأعجب الوالي محمد علي باشا بذكائه، واقترح على والده أن يتركه في معيته ليضمه لأولاده في مدرستهم وتربيتهم وهكذا تربى شريف باشا مع أولاد محمد على وابتعث معهم الى باريس حيث درس العلوم العسكرية وانتظم في خدمة الجيش الفرنسي من باب التدريب كما هي العادة في خريجي المدارس العسمرية الفرنسية في ذلك الوقت، ومن المفهوم بالطبع أنه زامل بعض من وصلوا إلى مواقع فرنسية متقدمة في ذلك العصر الذي كان يتسم بالاضطراب المتحكم فيه أما من مصر فقد كان أهم زملائه الخديو إسماعيل الذي يصغره بثلاث سنوات وشهر، وعلى باشا مبارك الذي كان يكبره بثلاث سنوات .
مناصبه العليا
فيما قبل وصوله للمناصب الوزارية العليا سار تدرج محمد شريف باشا في الوظائف العسكرية والمدنية على النحو التالي:
– 1844 ـ 1846 في مدرسة سان سير العسكرية
– 1846 نقيبا لكتيبة فرنسية
– 1849 نقيبا في الجيش المصري
– 1853 كاتبا للأمير محمد عبد الحليم زميله في باريس وابن محمد علي باشا الكبير
– 1854 أميرالاي في عهد الوالي محمد سعيد وقائد كتيبة مشاة.
مناصبه الوزارية
بدأ شريف باشا تولي المناصب الوزارية قبل تأسيس النظام الوزاري المصري في 1878 شأنه شأن رياض باشا ونوبار باشا وعلي باشا مبارك بل إن كلاً منهم قد تقلد كثيرا من الوزارات تقريبا وبدون ترتيب متصور وعلى سبيل المثال فإن شريف باشا تولى الوزارات التالية:
– 1857 الخارجية (في عهد محمد سعيد)
– 1861 ـ 1863 رأس مجلس الأحكام
– 1863 الداخلية والخارجية (في أول عهد إسماعيل)
– 1863 تولى إدارة شؤون المعارف لفترة قصيرة
– 1866 الداخلية وأضاف إليها الأشغال العمومية
– 1867 عاد لرئاسة مجلس الأحكام
وصوله للمكانة الأولى بين رجال الدولة
وصل شريف باشا إلى المنصب الذي يوازي رئيس الوزراء منذ ١٨٦٨ أي قبل نشأة النظام الوزاري المصري بعشر سنوات:
– 1868 رئيسا للمجلس الخصوصي (الذي يناظر مجلس الوزراء)
– 1872 ـ 1875 الحقانية
– 1874 التجارة
– 1876 التجارة
– 1878 وزيراً للحقانية والخارجية
– 1879 شكل نظارته الأولى التي هي ثالث النظارات، وآخر نظارات عهد إسماعيل
– 1879 شكل نظارته الثانية التي هي رابع النظارات وأولى وزارات عهد توفيق.
– 1881 ـ 1882 رئيسا للنظارة للمرة الثالثة
– 1882 ـ 1884 رئيسا للنظارة للمرة الرابعة والأخيرة
أهمية محمد شريف باشا السياسية
على وجه العموم فقد عُرف محمد شريف باشا بنزاهته وإخلاصه لمصالح وطنه مصر وبمقاومته إلى حد كبير للنفوذ الأجنبي والاستعمار البريطاني، وعلى وجه الخضوص وقبل أن نتناول تاريخه في المراحل المتعاقبة فإنه يمكننا القول بأن أهمية شريف باشا بل سمعته الجيدة تكمن في ثلاثة مواقف سياسية مفصلية لم تتح لمثله على هذا النحو المشرف له :
أولها: فهو أول من أعد مسودة إقامة مجلس نيابي في 1866 وهو المجلس الذي عرف باسم مجلس شورى القوانين.
ثانيها: هو أنه السياسي الوطني البارز الذي أيد الحركة الدستورية التي بدأ الحزب العسكري أو بعض قيادات الضباط (بزعامة أحمد عرابي) في المطالبة بها قبل ما عُرف وتبلور على أنه ثورة عرابي، ولهذا فإن التاريخ المصري الحديث المكتوب بطريقة مدرسية يختصر أحد مطالب ثورة عرابي (على مستوى طلاب المدارس الابتدائية وما يليها) في القول بإقالة وزارة رياض باشا وتعيين شريف باشا (أبو الدستور) رئيسا للوزراء. ومع هذا فإن التاريخ المكتوب يقصر في الاشارى الى ان تعيين شريف باشا رئيسا للوزراء لم يتكفل بتلبية مطالب الثورة العرابية بل باشتعال اوارها حتى أسندت رئاسة الوزارة نفسها إلى البارودي باشا.
ثالثها: هو الموقف الأعلى الذي يُخلد فيه في التاريخ وهو استقالته المشرفة من وزارته الرابعة في 1884 احتجاجا على تدخل بريطانيا في السودان وحرصاً منه على تأكيد وحدة وادي النيل، ولهذا فإنه لم يتردد في الاستقالة والثبات عليها.
ولهذا كله فقد كان دائما محط آمال التطلعات والتوجهات الوطنية المصرية كرئيس وزراء وطني معروف بوطنيته التي تعلو فوق الشبهات.
شريف باشا ومعاصروه
كان شريف باشا في عصره رجل الدولة الوحيد الذي ارتضى معاصروه العمل تحت رئاسته، وعلى الرغم مما كان بينه وبين نوبار باشا من جهة، ورياض باشا من جهة أخرى، من التنافس فإنهما رضيا أن يعملا تحت لوائه فقد كان رئيساً للمجلس الخصوصي العالي (مجلس الوزراء) سنة 1869 حين كان نوبار يتولى وزارة الخارجية.
وكان رئيساً للوزارة سنة 1879 ومن أعضائها إسماعيل راغب باشا وشاهين باشا وذو الفقار باشا .
ولما ألف وزارته الثانية كان من أعضائها محمود باشا سامي البارودي ومصطفي فهمي باشا .
ولما ألف وزارته الثالثة سنة 1881 كان من أعضائها البارودي ومصطفي فهمي وقدري باشا،
ولما ألف وزارته الرابعة كان من أعضائها رياض باشا وعلى باشا مبارك.
إنجازاته التنفيذية
فيما قبل نشأة النظام الوزاري الحديث كان شريف باشا كما ذكرنا يتولى ديوان المعارف، وفي ذلك العهد أدخل الكتاتيب في الهيكل التعليمي للوزارة، وجعل معرفة القراءة والكتابة شرطاً أساسيا لتعيين أعضاء مجلس شورى النواب، وشكل “مجلس المعارف” لإعداد المشورة في أمور التعليم ووضع له لائحة خاصة. وهو الذي أنشئت في عهده مدرسة المهندسخانة (الهندسة) 1866، والمدرسة التجهيزية بالقاهرة (المدرسة الخديوية) عام 1868، ومدرسة الحقوق في ١٨٦٨، وفي عهد وزارته الثالثة عام 1881 صدرت القوانين العسكرية التي تهدف إلى تحسين حال الضباط والجنود وكفالة حقوقهم في الترقيات والمرتبات والمعاش، كما نظم التعليم في المدارس الحربية. وفي عهد وزارته الرابعة عام 1883 وتم افتتاح المحاكم الأهلية. وبالإضافة لهذا كله فانه كرجل تنفيذي يعتبر مؤسس مجلس النواب المصري والنظام الدستوري النيابي الحديث.
دوره مع بداية عهد الخديو توفيق
كان شريف باشا قد أصبح رئيسا للوزراء في نهاية عهد الخديو إسماعيل، وفي 26 يونيو سنة 1879 خلع الخديو إسماعيل، وتولى حكم مصر بعده ابنه الخديو محمد توفيق باشا . وسرعان ما نفذ الخديو الجديد نصيحة القنصل البريطاني بإبعاد أخويه الأميرين حسن وحسين المعروفين بحماسهما لوالدهما وقرر نفيهما على الفور، وكان هذا أول قرار يتخذه الخديو الجديد، بدأ عهد توفيق باستقالة شريف باشا من رئاسة النظارة اتباعا للمألوف عند تغيير رأس الدولة، وعهد إليه الخديو توفيق بتأليف الوزارة على المبادئ المعهودة، وجاء في خطاب تكليفه له: “ولعلمي أن الحكومة الخديوية يلزم أن تكون شورية ونظارها مسئولين فإني اتخذت هذه القاعدة للحكومة مسلكاً لا أتحول عنه، فعلينا تأييد مجلس شورى النواب وتوسيع قوانينه لكي يكون له الاقتدار في تنقيح القوانين وتصحيح الموازين وغيرها من الأمور المتعلقة بها” .
شريف باشا يطالب بإصدار الدستور وقانون الانتخاب
كانت القوى الوطنية ومنها شريف باشا نفسه تظن أن الخديو الجديد سوف يحقق لها وللوطن ما بدأ من الديموقراطية في أخريات أيام والده، كانت الحركة الوطنية مستبشرة بالخديو توفيق الذي كان وثيق الصلة بكل أقطاب هذه الحركة، كما كان معروفا بأنه شديد الولاء لأستاذه جمال الدين الأفغاني، حتة انه في عهد والده استقال من رئاسة النظارة ليتولى شريف باشا مكانه استجابة لمطالب الدوائر الوطنية، لكن هذه القوى لم تكن تدرك أن النفوذ البريطاني سيجبر الخديو الجديد على المضي بسرعة في مسار مناقض ومعاد للحركة الوطنية، كان مشروع الدستور ومشروع قانون الانتخاب اللذان أنجزتهما وزارة شريف باشا قد تمت مناقشتهما في مجلس شورى النواب، وصادق المجلس عليهما مع بعض التعديلات، ثم توقفت الأمور عند هذا الحد مع بدء وقائع خلع الخديو إسماعيل. فلما تم تكليف شريف باشا برئاسة الوزارة بادر برفع المشروعين إلى الديوان مع هذه الديباجة: “لما كانت الشورى هي الأساس الأول لكل حكومة متمدينة لما يترتب عليها من المزايا الجمة للبلاد، و[ لما ] كان مجلس النواب الذي تأسس بهذه الغاية منذ عدة سنوات مضت لم تحصل منه الفائدة المطلوبة لعدم حصوله على كل الامتيازات المتحصلة عليها النواب في البلاد الأخرى، ولعدم وجود قاعدة للانتخاب بطريقة مستقلة، وبما أن مسئولية النظار تستوجب وجود هيئة حرة تكون تلك المسئولية لديها بالمعنى الحقيقي، لهذا اشتعل مجلس النظار بهذه المسألة المهمة ووضع لائحة أساسية تشتمل على حقوق النواب وواجباتهم ولائحة أخرى للانتخاب وأرسلهما لمجلس النواب مدة انعقاده وتصدق عليهما بعد أن أجرى عليهما بعض التعديلات، وحيث إنه بالاطلاع على هاتين اللائحتين وجدتا مطابقتين لأفكار الحضرة العلية الخديوية التي جل أمانيها هي تأييد الشورى وإعلاء مقدارها حسبما اقتضته الإرادة السنية، فاقتضى تحرير هذا لسعادتكم ومعه اللائحة الأساسية ولائحة الانتخاب اللتين استقر عليهما الرأي أخيرا بأمل عرضهما على الأعتاب، ومتى وافق يصدر الأمر بذلك بالتصديق عليهما لأجل طبعهما ونشرهما وإجراء العمل على مقتضاها”.
رئيس مجلس النظار
محمد شريف
الإيحاء بفض البرلمان
كان مجلس شورى النواب قد اجتمع بجلسة 16 رجب سنة 1296 هـ الموافق 6 يوليو سنة 1879 وتليت إفادة من وزارة الداخلية، مضمونها أن النظر في اللائحتين (الدستور وقانون الانتخاب) يقتضي زمناً طويلاً، ولذلك ترى الترخيص لحضرات الأعضاء بالتوجه إلى بلادهم، وبعد تاريخه ينظر فيما يلزم، وهو ما يعني إجراء شبيها بالفض، وكانت تلك آخر جلسة تعقد في الدور الثالث من الهيئة النيابية الثالثة.
خلافه مع الخديو توفيق واستقالته
لم يتوافق الخديو توفيق مع نزعة شريف باشا الدستورية، إذ كان الانجليز من خلال قنصلهم القوي قد تمكنوا من التحكم في توجهات الخديو، وهكذا ظهر الخلاف مبكراً على نظام الحكم، وتأخر رد السراي على مذكرة شريف باشا، وحينما استعجل الأمر لم يتلق جوابا، وحين عاود الاستعجال جاءه الرد بأن الخديو يرى تأجيل التصديق على اللائحتين، وأدرك شريف باشا أن القنصل البريطاني الذي كان دائم التردد على الخديو قد نصحه أو أمره برفض التصديق على الوثائق الديموقراطية وأنه امتثل للأمر. ولهذا فقد قدم شريف باشا استقالة وزارته في أغسطس سنة 1879، بموافقة زملائه من الوزراء الذين تعاهدوا مع رئيسهم على أنه إذا لم يجب طلبهم ألا يقبل أعضاؤها الاشتراك في وزارة أخرى تتألف على غير هذا الأساس.
تشكيل وزارة الخديو توفيق الثانية
فوجئ الرأي العام باستقالة شريف باشا في ذلك الوقت المبكر من حكم الخديو توفيق، وبخاصة حين عرف الرأي العام أن الخديو توفيق سيتولى بنفسه رئاسة النظارة، وهو ما يعني تعيين وزراء لا تتألف منهم هيئة مستقلة بل يكونون كأنهم بمثابة سكرتيرين خصوصيين له، ولم يتحدث أحد في ذلك الوقت عما عرف على أنه النظام الرئاسي الأمريكي فقد كانت المرجعية السياسية في ذلك الوقت أوربية بنسبة ١٠٠٪. ومن العجيب أن وزراء شريف باشا قد أوفوا بعهدهم في عدم الاشتراك في وزارة جديدة ما عدا اثنين هما محمود سامي باشا البارودي ومصطفى فهمي باشا، فقد رضيا بالاشتراك في الوزارة التي تولى الخديو رئاستها، ثم في وزارة رياض باشا.
ظهور استبداد الخديو توفيق
أصيب الرأي العام بالدهشة حين صدر في اليوم التالي ليوم فض البرلمان قرار بطرد جمال الدين الأفغاني من مصر على أن يتم ذلك خلال أربع وعشرين ساعة، وشنت الصحف الحكومية حملة ضارية على «الأفغاني الأفاق» وسمته “ضلال الدين “.
وزارة رياض باشا
لم تستمر وزارة الخديو توفيق باشا طويلا، ففي سبتمبر سنة 1879 استدعى الخديو رياض باشا من أوروبا لكي يتولى رئاسة “مجلس النظار”، وبدأت هذه الوزارة تنفيذ الحلول القاسية من أجل انقاذ الحالة المالية للبلاد وهي نفسها الحلول التي يصنفها المؤرخون الذين ينقلون عن الفرنسيين على أنها مظاهر استبدادية أوحى بها الانجليز . وبقيت مصر في عهد وزارة رياض محرومة من الحياة النيابية مدة سنتين متواليتين، لم يجتمع خلالها مجلس جديد يمثل الأمة، ولا مجلس شورى النواب القديم الذي كان موجوداً من قبل، إلى أن قامت الثورة العرابية.
مواجهة عرابي للخديو
تحرك عرابي باشا على رأس الجند، وساروا إلى ميدان عابدين يوم الجمعة 9 سبتمبر سنة 1881 وكان أشهر مطلب لعرابي في ذلك اليوم المشهود هو عزل وزارة رياض باشا، وتشكيل مجلس النواب، وزيادة عدد الجيش، فاستقال رياض نزولاً على إرادة العرابيين، ونادى زعماء الثورة بتكليف محمد شريف باشا بتأليف الوزارة فاستجاب لهم الخديو توفيق.