الرئيسية / المكتبة الصحفية / قصة إضراب المعلمين في ذروة عهد عبد الناصر في 1964

قصة إضراب المعلمين في ذروة عهد عبد الناصر في 1964

عصر عبد الناصر لم يخل من الاحتجاجات الفئوية

يظن كثيرون أن عصر عبد الناصر قد خلا تماما من الاحتجاجات الفئوية، ومظاهر التعبير عن الظلم الذي كانت تتعرض له طوائف متعددة من أبناء الشعب المصري، لكن هذا في واقع الأمر ظن يشوبه كثير من التصور غير الدقيق لأحوال المصريين في ذلك العصر، وهي أحوال وصلت في بعض الأحيان إلي درجات مزرية من الفقر والظلم الاجتماعي، لكن هذا كان يُهّون ويُتحمل في سياق الشحن الإعلامي والحماسي من أجل تحقيق أهداف الثورة، وتسويق أحلام عبد الناصر في العزة والكرامة، والوحدة، والعدالة الاجتماعية

ولهذا فقد كان من الطبيعي أن تتفجر هذه الأمور في نهاية عهد عبد الناصر، لكنها وشت بهذا الانفجار منذ ما قبل أواسط الستينيات، الذي شهد مجموعة من الاحتجاجات الفئوية كان منها “ إضراب المعلمين” الذي لم يكتمل، وقد كان الأستاذ لطفي عبد السميع أبرز قادة هذا الإضراب، كما كان واحدا من أبرز الذين أوذوا بسببه، إذ عوقب بالسجن عاماً، وبالفصل أربعة أعوام، ومع أنه كان قد أعير لليمن في إعارة طبيعية، فإن النظام الحاكم استطاع أن يستدعيه أو يستدرجه إلي مصر، وأن ينفذ فيه ما كان قد انتواه من عقاب سبق إقراره دون أن يعرف هذا القائد التربوي شيئا عن نية الدولة الناصرية في عقابه على مطالبته بحق مشروع.

القصة نشرت بعد ١٨ عاما

نشرت هذه المذكرات في جريدة “ الأحرار في يناير 1983 تحت عنوان “ بعد 18 عاما من الصمت بطل قضية المعلمين يتكلم”، . وكانت الإشارة إلي فكرة هذا الإضراب عن التصحيح قد تناثرت في كتابات مختلفة، وبخاصة أن الصحفيين الذين عاصروا أحداثها كانوا قد وصلوا إلي مواقع النجومية: عبد الستار الطويلة، ومفيد فوزي، وجلال السيد وفي ذلك الوقت1983 لم يكن لطفي عبد السميع قد وصل الى المكانة الوظيفية التي يستحقها وان كان قد أصبح موجها للغة الإنجليزية في وزارة التربية والتعليم، والتقت به جريدة “ الأحرار” واستخلصت منه بعض الذكريات عن تلك الفترة .

دوافع الاضراب

تحدث لطفي عبد السميع بإيجاز عن الظروف التي دفعته هو وزملاءه إلي التفكير في الإضراب: “كانت الحكومة في سنة 1964 بصدد إصدار قانون جديد للعاملين في الدولة، ” “وكنا موظفين في الدولة، نبدي اهتماما كبيرا بقانون يمكن أن يتم بموجبه تصحيح أوضاع طالما عانينا منها كمعلمين، وكنت أنا أسمع زملائي المعلمين يشكون من سوء أحوالهم، وكان يحز في نفسي أن يدوم حال المعلمين السيء في عهد المفروض أن تسود فيه العدالة، وتتحقق المساواة، وذلك حسبما كنا نجده فيما يطلق من شعارات وما يعلنه القادة من مبادئ” “في ذلك الوقت كان إيماني بعبد الناصر ونظام الحكم عميقا، وكنت أري أن ما يقال عن توفر الجو الديمقراطي يمكن أن يسمح لنا بالسعي لتحقيق مطالبنا”

“فطلبت من زملائي المعلمين العاملين في لجان تصحيح الثانوية العامة أن يختاروا مَنْ يمثلهم لتكوين لجنة تحدد ما يشكو منه المعلمون، كما تحدد السبل التي تسلكها لنصل إلي حل مشاكلهم، واجتمعت اللجنة في نقابة المعلمين وقررت المطالبة بإصلاح أوضاع المعلمين وذلك بمساواتهم بزملائهم في الوزارات الأخرى، على أن يتم ذلك بناء على خطة يتم تنفيذها خلال عدد من السنوات”

تجمع المعلمين في تصحيح الثانوية

هكذا يتضح لنا أن جهود لطفي عبد السميع بدأت من خلال استغلال تجمع المعلمين الموسمي في لحان تصحيح الثانوية العامة، أي بعيدا عن الموقع الرسمي للتجمع وهو المدارس، أو الموقع التمثيلي وهو النقابة. وعندي كثير من المعرفة بقصص مشابهة لكني لم أجد من أصحابها من سجلها .ومن الجدير بالذكر أن لطفي عبد السميع في حواره سرعان ما صرح بأهم دوافعه، وهو فقدانه الثقة في النقابة وقدرتها على الحركة بسبب استيلاء الحكومة عليها من خلال تولي الوزير نفسه منصب النقيب، ومن الطريف أن هذا الوزير النقيب كان أيضا الصهر العديل، لأنه كان عديلا لجمال عبد الناصر .ومن الإنصاف أن نذكر أن السيد يوسف “ الوزير النقيب العديل” لم يكن أول وزير للتربية التعليم يتولي منصب نقيب المعلمين بالإضافة إلي منصبه، وإنما سبقه إلي هذا كمال الدين حسين عضو مجلس قيادة الثورة الذي جمع بين المنصبين.

وها نحن نري صاحب هذه المذكرات يشير بكل وضوح إلي أن “ النقيب الوزير” هددهم وتوعدهم مع أن وظيفة النقيب أن يتبني مطالب رجال نقابته، لكنه بالطبع كان يؤدي دور الوزير والسلطة في المقام الأول، حتى إنه كان استقبلهم بالطبع في مكتب الوزير، فضلا عما عرف به هذا الرجل من قسوة الطابع . “ بدأت اللجنة عملها فأعدت المذكرات اللازمة بمطالبها، وقامت بدراسات مقارنة بين أوضاع المعلمين وأوضاع غيرهم في الوزارات الأخرى لإبراز التفاوت الصارخ، كما قررت اللجنة أن يصل صوت المعلمين إلي الرئيس جمال عبد الناصر واضحا، وذلك من خلال القنوات المشروعة التي تتوفر عادة في مجتمع ديمقراطي”

“وكنا في ذلك الوقت يائسين من أن يكون لنقابة المعلمين أي دور إيجابي حيال مطالبنا، فطريقة تشكيلها وتدخل السلطة في تكوينها ووضع وزير تلو وزير فوق قمتها، كل هذا جعلنا نشك في قدرتها على التحرك في الاتجاه السليم “” ومع ذلك لجأنا لأعضاء مجلس النقابة لعلهم يتحركون، لكنهم كانوا عند ظننا بهم، وقفوا منا موقف الخصم منذ البداية، ولم يكن موقفهم هذا يبحث على الدهشة، فنقيب المعلمين في ذلك الوقت لم يكن إلا وزير التربية رحمه الله، وهو الذي اتهمنا منذ اللقاء الأول معنا بأننا نثير طائفة المعلمين، وحاول في ثورته علينا أن يعطي قضيتنا صيغة سياسية ووجه إلينا في مكتبه التهديد والوعيد، ورغم ذلك ازددنا إصرارا وتصميما على المضي في طريقنا”

تغلغل الأمن في النشاط النقابي

ثم يورد لطفي عبد السميع واقعة طريفة وكاشفة تنبئ عن مدي تغلغل رجال الأمن في النشاط النقابي، إذ أظهر له أحد رجال الأمن الذي كان يتابع الاجتماعات بطاقة تثبت أنه معلم في إدارة شبين الكوم، وقد استخرجها رجل الأمن كي يسهل على نفسه حضور ومراقبة هذا النشاط الذي كان القائمون به يعرفون أو يتوقعون أنهم مراقبون في عصر كان أسلوب الرقابة الكثيفة فيه أمرا مفروغا منه :اتجهنا بعد ذلك لعقد اجتماعات للمعلمين بمبني النقابة، وذلك لكي نعمل في العلن، وكي يقال يوما إننا شكلنا تنظيما سريا، كانت اجتماعاتنا مفتوحة لكل مَنْ يريد أن يحضرها، فجاء إليها الكثير من المعلمين وبعض مَنْ كان يهمهم ما يفعله المعلمون، أقصد بعض الصحفيين ورجال الأمن .”ذكر لي أحدهم أنه كان يحضر اجتماعاتنا بانتظام، وأطلعني على بطاقة شخصية باسمه بها ما يفيد أنه يعمل مدرسا في منطقة شبين الكوم التعليمية، وقال لي إنه استخرج تلك البطاقة من النقابة ليتيسر له التواجد بين المعلمين لأداء مهمته،  وعلي ما أذكر كان اسم رجل الأمن هو النقيب عبد التواب درويش رحمه الله”

قصة اندساس مرشد المباحث

ويشير لطفي عبد السميع إلي أسلوب زملائه المعلمين في تكوين اللجنة التي تتولي مناقشة الأمور مع الحكومة،، كما يشير بكل أسف إلي اندساس أحد مرشدي المباحث بينهم، وكيف تم اكتشاف أمره: ” تكونت اللجنة كما قلت باختيار المعلمين أنفسهم، بل كنا نرحب بكل مَنْ كان يتحمس للانضمام إليها، فزيادة عدد أعضائها يعني زيادة ما يمكن أن يبذل من جهد لتحقيق الهدف الذي نسعي إليه، وقد اندس بيننا مرشد للمباحث، وكان للأسف الشديد مدرسا في ذلك الوقت، وأظنه الآن قد أصبح أحد المديرين في وزارة التربية والتعليم” “ وكان هذا العضو يبدي حماسا شديدا غير أن بعض تصرفاته أثارت الشكوك حياله فأفضيت بإحساسي هذا إلي بعض الزملاء في اللجنة، غير أنهم استنكروا ظنوني في الزميل والعميل وآثرت أنا ألا ينفرط العقد، أو يصيب لجنتنا تصدع، طمأنت نفسي فنحن أصحاب قضية عادلة، ونظام الحكم الذي نعتبر أنفسنا من مؤيديه ينادي بالعدالة”

أملهم انحصر في لقاء الرئيس عبد الناصر

ذكر لطفي عبد السميع أن آليات لجنتهم هذه لم تخرج عن الأساليب “ المهذبة” المعتادة في مثل هذه المواقف من المذكرات، والبرقيات، ومراسلة الإعلام، وتوظيف اجتماعات مجالس الإدارة والمعلمين .وقد لخص أملهم في تلك الفترة بأنه انحصر في لقاء الرئيس عبد الناصر، فكأن هذا اللقاء بالرجل الأكبر كان كفيلا بحل المشكلات جميعا فقد كانت جماهير شعبنا الطيب تتصور الرئيس وكأنه لا يعرف عن الظلم شيئا، وأنه متي عرف فإنه سرعان يصلح كل ما في الأمور من خطأ . هكذا كان شعبنا المغلوب على أمره يتصور صدق صواب كل ما يزين له عدالة غائبة، وظلما حاضرا .

“ استمرت اللجنة في عقد اجتماعاتها المنتظمة، ولقاءاتها الدورية مع المعلمين، وكان كل هذا يتم في مبني النقابة بالجزيرة”

“ أرسلنا البرقيات للمسئولين نبث شكوانا، ونقترح الحل لها، كما تقدمنا بمذكرات مكتوبة بإسهاب وإفاضة، ونشطنا إعلاميا من خلال الصحافة والإذاعة والتليفزيون فاستجاب الكثيرون وتعاطفوا معنا وتناولوا قضيتنا في جرائدهم وبرامجهم.”

” وكذلك تحركنا من خلال مجالس الآباء والمعلمين لنحصل على توصيات بإنصافنا ونشطنا داخل لجان الاتحاد الاشتراكي في مدارسنا، وقابلنا الكثيرين من المسئولين من أجهزة الدولة وواصلنا السعي كي تتاح لنا فرصة عرض مطلبنا واضحا على الرئيس عبد الناصر نفسه”

الحكومة تحاول استباق الحدث

ويشير لطفي عبد السميع إلي أن الحكومة حاولت أن تظهر اهتمامها بقضية المعلمين من خلال وضع فقرة عابرة في بيان رئيس الوزراء على صبري، كي تستبق بها الحكومة عرض الأمر على حقيقته على نحو ما تفعل الحكومات البيروقراطية التي تذر الرماد في العيون ثم تتحدث عن الإنجاز الذي شمل كل شيء، بيد أن الأمر في هذا البيان لم يتعد مبلغا رمزيا لا يكاد يفي بشيء ومع هذا فإن لطفي عبد السميع وأقرانه كانوا لا يزالون يؤملون في النظام خيرا !!

“ وفي أحد الأيام فوجئنا بالجرائد اليومية تبشر المعلمين ببيان سيذيعه السيد على صبري، وكان رئيسا للوزراء في ذلك الوقت، وقالت الصحف إن في هذا البيان ما يسعد المعلمين”

“ انتظرنا البيان الذي لم نجد فيه ما يحقق مطلبنا واعتبر المعلمون المجتمعون في النقابة ساعة إذاعة هذا البيان، اعتبروا المبلغ الذي حدده على صبري لتحسين أوضاع المعلمين قرشا في قضية تعويض، وذلك لضآلته بالنسبة لحجم القضية، فقد كان تسعمائة ألف جنيه”

“اعتبرنا ذلك المبلغ اعترافا بسوء حال المعلمين، لكنه ليس علاجا للمشكلة من جذورها، وجددنا مطالبنا بوضع خطة على سنوات يتم بموجبها العلاج المنشود، وبدأنا على الفور في الاتصال بأعضاء مجلس الشعب تمهيدا للجوء إليه”

“ كنا على يقين تام من أن تحقيق هدفنا كان أمرا أكيدا، وذلك عن طريق الوسائل التي ذكرتها، لذا فإن فكرة الإضراب كانت مستبعدة تماما، فضلا عن أننا كنا من المؤيدين للنظام القائم، ولسنا من معارضيه، ويعرف هذا جيدا كل مَنْ كان يحضر اجتماعاتنا من رجال المباحث وأعوانهم، كما أنهم يعرفون أيضا أننا كنا ضد الإضراب لعدم جدواه في ذلك الوقت الإضراب

تحدث لطفي عبد السميع عن يوم الإضراب باختصار يتناسب مع ما تركته الذكريات المريرة في نفسه: “ أما عن ساعة الصفر لبدء إضراب المعلمين وما قيل عن إنها كانت ساعة ظهور السيد يوسف وزير التربية والتعليم على شاشة التليفزيون في أحد البرامج الخاصة بأعياد الثورة، فهذا أمر يدعو للدهشة، إذ أن كلمة الوزير هذه كانت في شهر يوليو، وكان موعدها في المساء، وكان المعلمون في العطلة الصيفية بينما كان البعض منهم مازال يقوم بتصحيح الثانوية العامة صباحا، وكنا نحث هؤلاء الزملاء دائما على الإحساس بالمسئولية وإنجاز العمل على خير وجه، ولم يحدث ما عطل لجان المناسب” “ وظهر الوزير على شاشة التليفزيون، وانتهي التصحيح في الموعد “

” ولم يحدث أي توقف عن العمل في التصحيح في اليوم التالي، كما انتظمت الدراسة في أول العام الدراسي، وكنا نؤدي عملنا في مواقعنا سواء في التصحيح أو عند بدء الدراسة”

“ ورغم ما كنا عليه من وضوح وما أبديناه من حساسية وإخلاص حلت بنا الضربة وفصل أعضاء اللجنة باستثناء ذلك المدرس الذي اندس بينهم، ولم يكن أمينا فيما نقل وفصل ثلاثة من غير أعضاء التصحيح، اللجنة لتصرفات شخصية قاموا بها، وتم اعتقالي عاما دراسيا كاملا”

مأزق حسن الظن

ونحن نرى لطفي عبد السميع فيما يرويه بعد 15 عاما وكأنه لا يزال يحسن الظن برأس السلطة الغاشمة باحثا للسلطة عما يبرر ظلمها: “ أما لماذا حدث الفصل والاعتقال؟

” فربما كان هذا بعد أن أمكن إيهام المسئولين أن المعلمين يتحركون بإيعاز من الشخصيات المعارضة أو من بعض التنظيمات السياسية المحظورة، وكأن ما كنا نفعله تآمر على مصلحة الوطن “

” وربما كان القصد من ذلك الفصل والاعتقال هو تلقين درس لفئات أخري قد تفكر في مطالب خاصة بها يوما ما “

اعتقاله في اليمن والعودة به

وتقفز بنا صحيفة “ الأحرار” فيما ترويه على لسان لطفي عبد السميع ليتحدث عن تجربة اعتقاله في اليمن والعودة به إلي مصر كي يلقي ما يستحق من الجزاء المقيد للحرية، لأنه تجرأ وأظهر حقاً لم يكن المسئولون الكبار يرتاحون إلي ظهوره .هكذا اختصر لطفي عبد السميع بنبله قصة ما حدث معه من تأديب في فقرة لخصت للبيب قصة أربع سنوات متصلة من المعاناة: “ سافر الرائد مصطفي كامل من ضباط المباحث العامة من القاهرة إلي اليمن بعد أسبوع من انتقالي إليها، وذلك ليصطحبني في طريق العودة إلي مصر حيث يتم اعتقالي عاما، وفصلي من عملي لمدة أربع أعوام “

“جلس الرائد مصطفي كامل بجواري في الطائرة لمدة ست ساعات كاملة تجاذبنا فيها أطراف الحديث، وحدثته طويلا عن أهدافنا ونشاطنا وإيماننا بما كان يعلنه عبد الناصر من شعارات، بل حدثته عن فرحتي بالعودة إلي مصر بعد أسبوع مرّ على إبعادي عنها، وقلت له إن فرحتي لم تكن من أجل نفسي فحسب، بل من أجل تصحيح خطأ تورطت فيه أجهزة الدولة والنظام الذي نؤمن به، ونشيد بعدالته، ولم أكن أتوقع أن يكون جاري في مقعد الطائرة ورفيق الرحلة هو أحد ضباط مباحث أمن الدولة جاء لليمن لأمر يتعلق بي ولم أعرف تلك الحقيقة إلا يوم أن استقبلني في محطة مصر عند عودتي من سجن قنا ليتم الإفراج عني في القاهرة “

تأديب الصحفيين

وكان لابد للعقاب والتأديب أن يمتد ليشمل الصحفيين اللذين وفرا لهذا “ النقابي” أو “ الزعيم” التربوي الفرصة لكي يجأر يشكواه من الظلم الذي يتعرض له هو وزملاؤه: “ وفيما يتعلق بعبد الستار الطويلة وجلال السيد، وهما صديقان لي، فضلا عن صلة القرابة التي تجمعهما فقد قابلهما ممثلو المعلمين وأنا منهم ضمن مَنْ قابلوهم من صحفيين في مواقع عملهم ليشرحوا لهم القضية لعلهم يجدون العون في أقلامهم” “ وبالفعل كتب جلال السيد في الجمهورية أكثر من مرة، كما كتب كثيرون غيره مؤكدين حقنا وضرورة العمل على إنصافنا”

” وقد كان أمرا غريبا أن يعتقل عبد الستار ويتم فصله هو وجلال السيد، وكذلك الصحفي مفيد فوزي الذي لم يفعل شيئا سوي حضوره إلي بيتي يوم عيد ميلاد عبد الستار وعيد ميلادي” . “وكنت أفضل استغلال كل دقيقة في مناقشة قضيتنا حتى لو كان ذلك في حفل عيد ميلاد، دعوت بعض الزملاء من المعلمين فالتقوا بعبدالستار ومفيد اللذان أبديا تعاطفا ووعدا بالمساعدة عن طريق الصحافة”

التغيير الذي منع مفيد فوزي من القيام بدوره

“وكان المفروض أن يكون مفيد فوزي أحد الصحفيين الذين سيلتقون بالوزير في البرنامج التليفزيوني كما سبق أن قلت، غير أنه في آخر لحظة حدث تغيير لا ندري سببه، فلم تتم إذاعة البرنامج على الهواء مباشرة كما حدث مع الوزراء الآخرين، بل تم تسجيله لإذاعته وعرضه مسجلا، ولم نر على شاشة التليفزيون تلك الوجوه التي توقعنا أن تلتقي بالوزير”

” ومع ذلك فقد استطاع حمدي قنديل مقدم البرنامج وأحمد على الصحفي في جريدة الجمهورية عندئذ أن يثيرا قضيتنا ولم يكن مفيد فوزي هناك وظهر الوزير على شاشة التليفزيون ولم يكن ظهوره هو ساعة الصفر لإضراب المعلمين كما أشاع بعض المغرضين، ورغم ذلك فصل مفيد فوزي من روز اليوسف”

“وانتهي صيف سنة 1964 وبدأ العام الدراسي منتظما وانتظم أعضاء اللجنة في عملهم في مدارسهم وواصلوا اللقاء بالمعلمين في مؤتمرات عقدوها مساء في النقابة، وواصلوا أيضا الإعداد لعرض قضيتهم على مجلس الشعب، غير أن قرارات الفصل والاعتقال لم تمهلهم، ومع ذلك لم يراودهم الإحساس بل ازداد شعورهم بالرضا، فقد ازداد وعيهم وفهموا أمورا تعذر عليهم فهمها يوما ما وفهموا المعني الحقيقي للديمقراطية”

شارك هذا المحتوى مع أصدقائك عبر :
x

‎قد يُعجبك أيضاً

حماس على طريق النصر

لما ظهرت حركة حماس إلى الوجود دارت مناقشات متعددة حول جدواها ومستقبلها، ...

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com