الدكتور زكي بدوي بالنسبة للمصريين اسم و وجه غير معروف بما فيه الكفاية ، لكنه بالنسبة للبريطانيين المستنيرين أهم شخص مسلم بين العلماء المعاصرين .
وهو الذي أسهم في إعداد أوراق الأمير تشارلز ولي العهد عن الإسلام التي تتداولها الجامعات البريطانية، وهو الذي نظم زيارة ولي العهد البريطاني لمصر.
وقد بلغت أهمية الدكتور زكي بدوي وتقديره عند البريطانيين وحكومتهم والأسرة المالكة أنه نال لقب سير، وكان البريطانيون يودون لو أنهم منحوه لقب لورد أيضا لكنه أبدى رغبته في التمسك بالجنسية المصرية ، ومن ثم بقي بلقب السير الذي ناله أيضا مصريون كثيرون منهم الدكتور علي باشا إبراهيم ومنهم بعض مشايخ الطرق الصوفية في مصر وممن هم على قيد الحياة الدكتور مجدي يعقوب.
ولد الدكتور زكي بدوي في 14 يناير 1922 وتلقى تعليما دينيا في مصر حتى تخرج في الأزهر الشريف ١٩٤٧ ، ثم درس الدكتور زكي بدوي في جامعة لندن منذ 1951 و حتى حصل منها على الدكتوراه في الفكر الإسلامي الحديث .
وعاد فعمل بالتدريس في جامعة الأزهر ثم بدا سلسلة متواصلة من العمل في الخارج فأسس الدكتور زكي بدوي الكلية الإسلامية في ماليزيا وتولى تدريس اللغة العربية والدراسة الإسلامية في جامعات ماليزيا وسنغافورة.
وفي 1964 انتقل الدكتور زكي بدوي ليمارس للأستاذية في نيجيريا.
منذ 1978 أصبح الدكتور زكي بدوي مديراً للمركز الثقافي الإسلامي في لندن وإماماً لمسجد لندن .
و اشترك الدكتور زكي بدوي في تأسيس ما سمي “مجلس الشريعة” الذي استهدف حل الخلافات التي تنشأ بسبب تعارض مواد القوانين المدنية البريطانية مع قواعد الشريعة الإسلامية.
في 1984 انتخب الدكتور زكي بدوي رئيساً لمجلس الأئمة المسلمين والمساجد في بريطانيا.
في 1986أسس الكلية الإسلامية في لندن التي تعد الآن كلية للدراسات العليا لتدريب الأئمة والدعاة في الغرب من خلال مقررات دراسية تجمع بين الدراسات الإسلامية ودراسات الأديان والثقافات ودراسة المجتمع الغربي.
فتاواه
اشترك الدكتور زكي بدوي في تأسيس ما سمي “مجلس الشريعة” الذي استهدف حل الخلافات التي تنشأ بسبب تعارض مواد القوانين المدنية البريطانية مع قواعد الشريعة الإسلامية.
تفرد الدكتور زكي بدوي بالسماح للنساء المسلمات بعدم ارتداء الحجاب لتجنب الاعتداءات التي استهدفت مسلمين كرد فعل بعد هجمات لندن ٢٠٠٥ ، وكان مما قاله في فتواه “إن امرأة ترتدي الحجاب في الظروف الحالية قد تتعرض للاعتداء من عناصر غير مسؤولة, وبإمكانها بالتالي عدم ارتدائه”.
مسجد لندن
كان الدكتور زكي بدوي يؤم المصلين في مسجد لندن المركزي وسط العاصمة البريطانية.
توجهاته الدعوية
عاش الدكتور زكي بدوي نجما لامعاً في سماء المنافسات الصحفية والإعلامية والندوات العامة في قضايا الشريعة والتحول الاجتماعي وفي القضايا الخلافية من قبيل الختان. كما كان على الدوام من أبرز المشاركين في حوار الأديان عبر عضويته في لجنة حوار الأديان ببريطانيا. وكان عضوا في اللجنة الدائمة لحوار الأديان في الازهر الشريف ، كما كان عضوا في لجنة المائة في مؤتمر دافوس .
كان الدكتور زكي بدوي ينتقد الدعاة والأئمة الذين ترسلهم الدول العربية والإسلامية إلى بريطانيا، معتبرا أنهم يصلون حاملين مشكلات بلادهم إضافة إلى جهلهم باللغة الإنجليزية. و كان يعلن في أحاديثه الصحفية أن من حق الدول الغربية (مثل فرنسا وهولندا ) أن تتولى إعداد الدعاة على أراضيها بدلا من الاعتماد على “دعاة مستوردين”.
كذلك كان الدكتور زكي بدوي ينتقد كثيرا من المنظمات الإسلامية العاملة في الدول الغربية معتبرا أنها تتنافس “في غير مصلحة الإسلام”، و كان يطالب بضرورة إنشاء منظمات جديدة ومستقلة غير خاضعة لأي دولة.
كان الدكتور زكي بدوي يتمتع بعلاقات متميزة مع الجاليات الإسلامية في اوربا و بخاصة في فرنسا .
الاسترضاء الأمريكي
بلغت أهمية الدكتور زكي بدوي وتقديره عند البريطانيين وحكومتهم والأسرة المالكة أنه نال لقب سير، وكان البريطانيون يودون لو أنهم منحوه لقب لورد أيضا لكنه أبدى رغبته في التمسك بالجنسية المصري
بعد أسبوع على هجمات لندن ٢٠٠٥ رفضت الولايات المتحدة منح الدكتور زكي بدوي تأشيرة دخول إلى أراضيها دون تفسير، غير أنه تلقى بعد ذلك اعتذارا ووعدا بمنحه التأشيرة.
وفاته
توفي الدكتور زكي بدوي في 24 يناير 2006 بعد أن سقط على الأرض بينما كان يلقي محاضرة في لندن ونقل على الفور إلى المستشفى حيث فارق الحياة ، وشيعت جنازته يوم الجمعة التالي لوفاته .
نعي البريطانيين له
عبرت الحكومة البريطانية وقصر بيكنجهام (القصر الملكي ) والكنيسة الأنجليكانية عن حزنها لرحيل الدكتور زكي بدوي ، كما أشادوا بما كان يقوم به الداعية من أجل حوار الأديان.
وقال متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني توني بلير إن الدكتور زكي بدوي “كان علامّة ذا سمعة عالمية وركنا من أركان العلاقات بين الأديان”. أما ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز فقال إن “وفاة زكي بدوي بالشكل المفاجئ ضربة قاسية لهذا البلد ولي شخصيا”.
كما اعتبر أسقف كانتربري (زعيم الكنيسة الأنجليكانية ) أن بدوي كان “مترجما فعالا للإسلام”، وأن وفاته تشكل صدمة للذين عملوا معه على الحوار بين الأديان.