العلامة الشيخ علي محمد حسب الله (1895 ـ 1978) أستاذ بارز ومجيد من أساتذة الشريعة الإسلامية، الذين أجادوا الكتابة فيها على النحو المنهجى الحديث، ووجد فى عصر النوابغ فكان أقل لمعانا من زملائه، المتخرجين معه على نحو ما ذكرنا.
وكان فى أستاذية الشريعة بدار العلوم مناظرا لأستاذية الشريعة في كلية الحقوق التي تولاها الأساتذة عبد الوهاب خلاف، وعلي الخفيف ومحمد أبو زهرة .
تمثل سيرة حياة هذا الشيخ العظيم صورة من أبدع صور مسيرة الانسان مع الوظيفة والمناصب، وهي صورة تختلف عن الصورة التي نعرفها الآن في الجامعات وكليات الطب على وجه الخصوص حين يكون من حظ الأول أن يبقى في كليته ويتدرج في وظائفها حتى يصل إلى الأستاذية ثم إلى رئاسة القسم أو الوكالة والعمادة أن صادفه الحظ بخلو أي من هذه المناصب التي لا تعتبر ترقية لأنها لا تتطلب أكثر من الأستاذية.
ومن الطريف أن هذا الشيخ الجليل تخرج في مدرسة دار العلوم العليا (كلية دار العلوم فيما بعد) في دفعة ضمت عدداً من المشاهير والناجحين والمؤثرين سنذكر منهم أربعة هو أحدهم، ومع أنه هو الذي نال حظ العمل في الكلية حتى وصل إلى الأستاذية فيها ووكالتها فإنه يعتبر أقل الأربعة المشاهير حظاً مع الحياة والمجد.
فأول هذه الدفعة هو الامام الشهيد حسن البنا (1906 ـ 1949) الذي لم يكن من الدارسين في الأزهر لكنه تمكن من الالتحاق بدار العلوم بعد تخرجه في مدرسة المعلمين المتوسطة في تقليد استحدث في فترة من فترات زهو الحقبة الليبيرالية التي أعقبت ثورة 1919 والتي تأثرت بفكر سعد زغلول المشجع للخصوية والتفوق والمسارات المتوازية والبعد عن الجمود في المدارس التقليدية.
تخرج الشيخ علي حسب الله من مدرسة دار العلوم العليا (كلية دار العلوم فيما بعد) في دفعة ضمت عدداً من المشاهير والناجحين والمؤثرين منهم حسن البنا وإبراهيم بيومي مدكور والشيخ محمد أبو زهرة
وثاني هذه الدفعة هو الدكتور إبراهيم بيومي مدكور (1902 ـ 1996) الذي آلت إليه عمادة علوم الفلسفة والعلوم الاجتماعية في عصره ، والذي أصبح أيضا رئيسا لمجمع اللغة العربية.
وفي هذه الدفعة تخرج أستاذ الشريعة الأشهر الشيخ محمد أبو زهرة (1898 ـ 1974) الذي بدأ حياته الوظيفية بالتوظف بدبلوم دار العلوم على الرغم من أنه كان قد أتم دراسة عالمية القضاء الشرعي بعد إلغاء المدرسة (في استثناء محسوب أتاح لمن أراد أن يستكمل الدراسة أن يستكملها ) .
لكنه حصل على وظيفة التدريس متسلحا بشهادة دار العلوم التي حصل عليها مع الشيخ علي حسب الله في دفعة واحدة ، ثم انتقل بها مدرسا للخطابة في الأزهر .
ثم انتقل لنفس الوظيفة إلى مدرسة الحقوق إلى أن تمكن الأستاذ العظيم الشيخ أحمد إبراهيم بك من إلحاقه بهيئة التدريس في قسم الشريعة ، وارتقى في هذا القسم حتى أصبح رئيسا للقسم ووكيلا لكلية الحقوق جامعة القاهرة على نحو ما ارتقى الشيخ علي حسب الله وأصبح رئيسا لقسم الشريعة في دار العلوم ووكيلا لها.
لكن عمل الشيخ أبو زهرة في كلية الحقوق واتصاله بفروع القانون المختلفة نقله إلى مجال آخر في الدراسات القانونية نعرفه جميعا على حين ظل الشيخ علي حسب الله أستاذا كلاسيكيا تماما للشريعة الإسلامية، ربما يفوق أسلوبه في الكتابة والشرح والتثقيف أساليب أنداده لكنه لم يصر ( ولا نقول : لم يصل ) إلى مجد العالم المعني بغزارة الإنتاج ولا بكثرته مثل الأساتذة أحمد إبراهيم و عبد الوهاب خلاف و على الخفيف و محمد أبو زهرة .
كان بمثابة الأب الروحى لأسرة «المقاولون العرب»، إذ كان زوج الأخت الكبرى لمؤسسها المهندس عثمان أحمد عثمان، وأشقائه ، وقد عمل أبناؤه فى مجالى الهندسة والطب، فكان ابنه الدكتور عبد المنعم حسب الله أستاذ الطب ومديرا للمركز الطبى للمقاولون العرب، ووكيلا لكلية طب القاهرة؛ كما كان ابنه المهندس محمد صلاح الدين حسب الله رئيسا لمجلس إدارة المقاولون العرب ووزيرا للإسكان.
ويختلط اسمه فى بعض الكتابات الصحفية بـعبد الرحمن حسب الله الذى كان من مؤسسى حركة الإخوان المسلمين الستة الأوائل (1928)، وكان آخر من توفى منهم، وكان سائقا.
نشأته
ولد الشيخ علي محمد حسب الله فى مدينة الإسماعيلية سنة 1895، وتلقى تعليما مدنيا تقليديا والتحق بالأزهر، ثم بمدرسة القضاء الشرعى، ثم بمدرسة دار العلوم.
وبعد تخرجه عمل مدرسا فى المدارس الحكومية، ثم اختير ليكون مدرسا فى دار العلوم، وترقى فى وظائف هيئة التدريس حتى صار أستاذا للشريعة الإسلامية ، ووكيلا للكلية.
عمل علي حسب الله بعد إحالته إلى المعاش أستاذا بجامعة الخرطوم، ثم بجامعة الكويت، كما عمل مستشارا إداريا لشركة المقاولون العرب.
مؤلفاته
«أصول التشريع الإسلامى، وقد طبع طبعات متعددة منذ 1951.
الرسول (صلى الله عليه وسلم) يعلم الناس مناسكهم فى حجة الوداع، ط 2، القاهرة، دار المثقف العربى، 1979.
الفرقة بين الزوجين وما يتعلق بها من عدة ونسب، وهو بحث يتضمن ما يمكن أن يجرى فى هذا الموضوع من إصلاح فى حدود الفقه الإسلامى، القاهرة، دار الفكر العربى، 1967.
وفاته
توفى علي محمد حسب الله سنة 1978.