الرئيسية / المكتبة الصحفية / المفتي العظيم الشيخ علام نصار أفضل من تولى تأهيل القضاة الشرعيين

المفتي العظيم الشيخ علام نصار أفضل من تولى تأهيل القضاة الشرعيين

نبدأ بمقدمة تاريخية مهمة، وهي أن الزعيم مصطفى النحاس باشا حين تولى الحكم في 1928 عمد إلى توجه واضح وصريح من دون ضجيج وهو شغل وظيفتي شيخ الأزهر ومفتي الديار الخاليتين يومها بشخصيات من الجيل الجديد الذي ينتمي هو نفسه إليه، فقد ولد النحاس باشا 1879، وولد الشيخان اللذان رشحهما النحاس باشا للمنصبين في عامي 1881 و1882 بل إن الشيوخ السبعة الذين تولوا المشيخة من 1928 وحتى 1954 ولدوا جميعا ما بين 1876 و1885، وقد كان هؤلاء كما أثبتنا في تراجمنا لهم قريبين جدا في العلم والموضوعية والوطنية والاخلاص والانضباط والرقي، والسبب الواضح أن كلا منهم على حده قد وصل القمة.

نأتي الى الجزئية الثانية في هذه المقدمة التاريخية وهي أنه على حين كانت هناك موافقة ملكية ( من الملك فؤاد )على اختيار النحاس باشا للشيخ عبد المجيد سليم مفتيا فإن اختيار الشيخ المراغي لمنصب شيخ الأزهر صادف بعض العقبات والاعتراض من الملك حتى تدخل الإنجليز فأيدوا اختياره لهذا المنصب الديني الكبير، وذلك لأنهم كانوا يعرفون ذكاءه وفضله في السودان حين كان يشغل منصب قاضي قضاة السودان.

ظل الشيخ عبد المجيد سليم يتولى منصب الإفتاء حتى توفي الشيخ المراغي في ١٩٤٥ وقررت حكومة النقراشي باشا تعيين الشيخ مصطفى عبد الرازق شيخا للأزهر فاحتج الأزهريون لأنه لم يكن عضوا في جماعة كبار العلماء، ووصلت الأمور إلى مرحلة من تشبث النقراشي باشا برأيه مما دفع أكبر ثلاثة علماء أزهريين للاستقالة وكانوا هم وكيل الأزهرالشيخ مأمون الشناوي والمفتي الشيخ عبد المجيد سليم وعميد كلية الشريعة الشيخ إبراهيم حمروش وقد أشرت في أكثر من موضع على ان ثلاثتهم قد خلفوا الشيخ مصطفى عبد الرازق في منصبه.

هكذا اختير الشيخ حسنين مخلوف ١٨٩٠ – ١٩٩٠ ليخلف الشيخ عبد المجيد سليم في منصب المفتي 1946 وحتى جاءت وزارة الوفد في 1950 فأقرت وجوده في منصبه حتى بلغ سن التقاعد في ٩ مايو ١٩٥٠ فقررت أن تسند المنصب إلى الشيخ علام نصار في 21 مايو 1950، وبهذا أصبح الشيخ علام نصار بمثابة ثاني من تولى الإفتاء من خريجي مدرسة القضاء الشرعي، وقد بقي الشيخ علام نصار في هذا المنصب حتى 23 فبراير 1952 حيث بلغ الحادية والستين من عمره ورأى رئيس الوزراء الجديد (علي ماهر باشا الذي خلف وزارة الوفد بعد حريق القاهرة) أن يعيد صديقه الشيخ حسين مخلوف فاستدعاه من المعاش ليصبح مفتيا للمرة الثانية منذ ١٩٥٢ وحتى 1954.

ظل الشيخ علام نصار يمارس عمله بالقضاء والتدريس بقسم القضاء الشرعي إلى أن تم اختياره مُفتيًا للديار المصرية في 12 مايو سنة 1950 عقب بلوغ سلفه الشيخ حسنين مخلوف سن الستيناعلان

نشأته ومناصبه

ولد الشيخ علام نصار بقرية ميت العز مركز قوسينا محافظة المنوفية في 20 فبراير 1891 وهو العام الذي ولد فيه علمان من خريجي مدرسة القضاء الشرعي هما الوزير الشيخ محمد أحمد فرج السنهوري الذي تخرج مع الشيخ علام نصار أيضا في دفعة 1917 والذي أصبح وزيرا للأوقاف بعد تقاعد الشيخ علام نصار من منصب الإفتاء بأقل من شهرين، والأستاذ الشيخ على الخفيف الذي تخرج قبلهما بدفعتين في دفعة 1915 وتفرغ لأستاذية الشريعة في جامعة القاهرة. تلقى الشيخ علام نصار تعليما دينيا تقليديا بدأه بالالتحاق بكتّاب القرية فتعلم القراءة والكتابة، ثم حفظ القرآن الكريم، والتحق بالجامع الأحمدي في طنطا حيث تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي، واتجه إلى مدرسة القضاء الشرعي وواصل دراسته بها حتى تخرج فيها كما ذكرنا.

وظائفه

عيِّن الشيخ علام نصار فور تخرجه موظفا قضائيًّا بالمحاكم الشرعية، وهي الوظيفة المناظرة لوكيل النيابة في القضاء ثم قاضيا شرعيًّا، وقد عرف وسط أقرانه بأنه المثل الأعلى في النزاهة والعفة والعدالة، وظل يترقى في سلك القضاء الشرعي مرورا بمعظم المناصب القضائية، وفي سنة 1947 عُيِّن رئيسًا للتفتيش القضائي الشرعي، ثم عُيِّن عضوًا في المحكمة الشرعية العليا،.

أستاذيته

جمع الشيخ علام نصار بين وظائف القضاء وتدريس مواد التنظيم القضائي الشرعي والسياسة الشرعية لقسم تخصص القضاء الشرعي بكلية الشريعة في جامعة الأزهر، وقد أجمع معاصروه على أنه كان أفضل من درس مواد التعليم في القضاء الشرعي. وقد ترك الشيخ علام نصار آثاراً كثيرة غير مطبوعة لكن بعضها متاح في مكتبة الأزهر، وكانت له أبحاث عدة في بعض المجالات الفقهية إلا أنها لم تطبع حتى الآن.

محاضراته

طبعت محاضراته التي ألقاها في قسم تخصص القضاء الشرعي بكلية الشريعة؛ ووزعت على الطلبة الدارسين

اختياره للإفتاء

ظل الشيخ علام نصار يمارس عمله بالقضاء والتدريس بقسم القضاء الشرعي إلى أن تم اختياره مُفتيًا للديار المصرية في 12 مايو سنة 1950 عقب بلوغ سلفه الشيخ حسنين مخلوف سن الستين وظل هو كما ذكرنا من قبل يشعل منصبه حتى بلوغه الحادية والستين في فبراير سنة 1952. ومن المتداول خطأ في كثير من المراجع أن الذي خلفه هو الشيخ حسن مأمون. وهو خطأ متكرر باطراد غريب (حتى أصبح كأنه الحقيقة) ذلك أن الذي خلفه هو من كان سلفا له وهو الشيخ حسنين مخلوف وذلك في فترته الثانية بناء على توجه على ماهر باشا رئيس الوزراء وصديق الشيخ مخلوف.

فتاواه التي تكرر الصحافة الإشارة اليها

من طرائف التاريخ أن أشهر الفتاوى المنسوبة إلى الشيخ علام نصار جاءت بسبب قدوم رمضان في شدة الحر على نحو ما كان هذا الشهر قد سمي عند العرب القدامى، وهكذا ظلت الفتوى المشهورة تتناقل من دون الإشارة الى سببها وهو ان شهر رمضان صادف موسم الصيف في الفترة التي تولى فيها جمع الشيخ علام نصار مسند الإفتاء ولهذا سئل الشيخ في عصر الوعي الديني والصحافة الحية عن حكم الإفطار لمن يعمل عملًا فيه مشقة شديدة، فقال، بأنه يجوز أن يفطر كل من يعمل عملًا شاقًا كالبنَّائين والحمَّالين وعمَّال المناجم والمزارعين والخبازين، ممن يعملون فى الحر الشديد لساعات طويلة، إن كان لا يستطيعون تأجيل العمل لما بعد رمضان؛ أو تأجيله للّيل، وعليهم القضاء في أيام أُخر، تذكر للشيخ علام نصار أيضا الفتوى الخاصة بحكم الزواج بابنة الخالة التي رضعت من الأم مع الأخ الأصغر، فقد أفتى بأنه برضاع بنت خالة السائل من أمه في مدة الرضاع (وهي سنتان على الأصح المفتى به) صارت أمُّه أمًّا لها من الرضاع، وأولادها، ومنهم السائل، إخوة لها من الرضاع، فلا يَحِلُّ له أن يتزوج بها؛ لأنها أخته رضاعًا.

وفاته

توفي الشيخ علام نصار في أكتوبر سنة 1966.

تم النشر نقلا عن موقع الجزيرة مباشر

لقراءة المقال من موقع الجزيرة إضغط هنا

للعودة إلى بداية المقال إضغط هنا

شارك هذا المحتوى مع أصدقائك عبر :
x

‎قد يُعجبك أيضاً

حماس على طريق النصر

لما ظهرت حركة حماس إلى الوجود دارت مناقشات متعددة حول جدواها ومستقبلها، ...

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com