كان أول أطباء العيون الذين تولوا منصب العمادة في كلية الطب هو الدكتور محمد بك محفوظ الذي كان أيضا أول عميد لطب الإسكندرية بل إنه هو عميدها المؤسس ، وذلك على الرغم من أنه لم يعمل في سلك هيئة التدريس قبل توليه العمادة.
لكن القلوب الشجاعة للنحاس باشا زعيم الأمة وأحمد نجيب الهلالي وزير المعارف ، والدكتور طه حسين مدير الجامعة كانت تدرك متطلبات التأسيس في مثل هذا الكيان وفي مثل هذا المكان.
ومن الجدير بالذكر أن الدكتور محمد بك محفوظ كان صاحب الدعوة المبكرة لهذا الإنشاء الذي لم ينجح فيه إلا من خلال وزارات الوفد برياسة النحاس باشا.
كما أنه فيما بعد سنوات كان محل رعاية وزير المعارف الوفدي الدكتور طه حسين الذي أعاد اليه حقه و اكثر من حقه وهو وزير ١٩٥٠- ١٩٥٢ ، ، وقد أشرت في مدونتين سابقتين إلى أن العميد المؤسس لكلية العلوم في جامعة الإسكندرية كان أيضا طبيبا للعيون و هو الدكتور حسين فوزي ١٩٠٠-١٩٨٨ رحمة الله عليهم جميعا.
ولد الدكتور محمد محفوظ بالإسكندرية في 12 مارس 1893 و كان والده المستشار محمد محفوظ بك من رجال القضاء، وتلقى تعليما متميزا حتى حصل على دبلوم الطب عام 1914.
وعُين طبيبا للرمد بوزارة الصحة عام 1915 ثم أُوفد في بعثة للتدريب على طب العيون بمستشفى مورفيلد بلندن؛ وعاد فعمل طبيبا بمستشفى الرمد المتنقل في 1916فطبيبا اول بمستشفى الرمد بالإسكندرية ثم عين كبيرا لأطباء الرمد بالمستشفى الأميري في مارس 1920 .
وسرعان ما مكنه نجاحه المهني من أن ينشئ اول مستشفى خاص لأمراض العيون في مصر كلها، وكان قد أصبح ذا مكانة مجتمعية عالية في الثغر وفي القاهرة أيضا.
كان أمله كبيرا في أن تتبنى وزارة الشعب التي رأسها سعد زغلول باشا في ١٩٢٤ أمله في أن تكون هناك مدرسة عليا للطب في الإسكندرية فألح على محمد سعيد باشا وزير المعارف في تلك الوزارة بالعمل من أجل هذا الهدف لكن الوقت كان لايزال مبكرا فلم تكن مدرسة الطب الأولى في القاهرة قد تحولت الى كلية كما لم تكن الجامعة قد افتتحت وانضمت إليها مدرسة الطب.
انتخب الدكتور محفوظ رئيسا للجمعية الطبية بالإسكندرية ، ونال البكوية من الدرجة الأولى في عهد وزارة الوفد (مارس ) 1937 وأسهم في إنجاح مؤتمر الجمعية الطبية المصرية الذي انعقد في الإسكندرية عام 1938 برئاسة الدكتور على باشا ابراهيم.
عين الدكتور محمد محفوظ مديرا للمستشفى الأميري في الإسكندرية في نوفمبر 1940 في أثناء تولي الدكتور على باشا إبراهيم لوزارة الصحة ونجح في تشغيل غرف عمليات للطوارئ لإنقاذ المصابين من الجيش العربي السنوسي ومصابي الغارات ووافق له رئيس الوزراء حسين سري على أن يتسلم مدرسة العباسية والتي كانت وقتئذ خالية من الطلبة لتكون مستشفى للطوارئ.
وجاءته الفكرة بصلاحية المدرسة العباسية لإنشاء كلية للعلوم والسنة الإعدادية لكلية الطب لكن وزارة المالية اعترضت لعدم توفر الميزانية اللازمة فلما تولى الوفد الحكم وتشكلت الوزارة برئاسة مصطفى النحاس باشا تبنى الوفد الفكرة وبخاصة مع صدور القانون بإنشاء جامعة فاروق الأول بالإسكندرية في اغسطس 1942 واختار الدكتور طه حسين مدير الجامعة الدكتور محمد محفوظ بك ليكون اول عميد لكلية الطب جامعة فاروق الأول في 15 ديسمبر 1942.
كان مكرم عبيد باشا في الكتاب الأسود حريصا على الإكثار من مهاجمة الدكتور محمد محفوظ وزملائه الذين تأسست على أيديهم كلية طب الإسكندرية ، ومن الإنصاف أن نشيد بالوفد ووزارته التي بذلت الإغراءات والتشجيعات لهؤلاء الدكاترة حتى تأسست كلية طب الإسكندرية ناضجة مكتملة.
ظل الدكتور محفوظ عميدا لكلية طب الإسكندرية حتى جاء عهد وزارات السعديين والمتحالفين معهم الذين خلفوا الوفد في الحكم فقدم الدكتور محمد محفوظ استقالته من العمادة في 6 أغسطس 1945.
وفى عام 1950 عندما عاد الوفد للحكم وتولى طه حسين وزارة المعارف فإنه أعاد للدكتور محمد محفوظ حقه وصدر مرسوم ملكي بتعيين الدكتور محمد محفوظ وكيلا لجامعة فؤاد الأول (القاهرة ) التي لم يعمل بها من قبل.
وتسلم العمل في 18 أبريل 1950 وفى 21 أكتوبر 1950 نُقل لجامعة فاروق الاول ليشغل منصب وكيل الجامعة وظل في منصبه حتى بلوغ سن التقاعد في 11 مارس 1953
توفى الدكتور محمد محفوظ عام 1963 وتبرع ورثته بعيادته ومستشفاه للهيئة العامة للتأمين الصحي، ولا تزال تحمل اسمه : عيادة محفوظ للنظارات.
ومن الطريف أن المكسيك فيما يرويه الدكتور علاء الانجباوي الأستاذ بطب الإسكندرية منحت الدكتور محمد محفوظ لقب المواطن الفخري المكسيكي اثناء فترة وكالته لجامعة الاسكندرية عام 1953.
تم النشر نقلا عن موقع الجزيرة مباشر
لقراءة المقال من موقع الجزيرة إضغط هنا
للعودة إلى بداية المقال إضغط هنا