الرئيسية / المكتبة الصحفية / مقالات الجزيرة / الجزيرة مباشر / شيخ القضاة الذي اختاره السادات ليحاكم 15 مايو

شيخ القضاة الذي اختاره السادات ليحاكم 15 مايو

كان المستشار بدوي حمودة (1903 ـ 1991) واحدا من أكثر رجال القضاء حظوة في عهد  ثورة  1952، إن لم يكن هو أكثرهم حظا،  وقد نال طيلة حياته الاحترام الفائق واللائق بأمثاله من رجال القضاء الملتزمين ، وقد وصل إلي منصب وزير العدل  بيسر شديد .

كما كان أول مَنْ اختير ليعين رئيسا للمحكمة العليا، لكنه كان أيضا رجل القضاء الكبير الذي وقع عليه اختيار الرئيس السادات ليكون عضوا في المحكمة الخاصة التي حاكمت المتهمين في قضية  15 مايو، وذلك باعتباره أول رئيس للمحكمة الدستورية التي أوجدها القانون في 1969.

وتولى هو منصب  رئاستها في 7  فبراير 1970 أي قبل بدء عهد السادات بعدة أشهر ، وقد ظل طيلة أكثر من ثمانية أعوام في  هذا المنصب الذي أصبح الآن بروتوكوليا أعظم المناصب القضائية (على خلاف ما كان متعارفا عليه  من أن رئيس محكمة النقض  هو صاحب هذه المكانة )، وقد بقي في هذا المنصب حتي خلفه وزير العدل المستشار أحمد ممدوح عطية  في أكتوبر 1978.

ومع هذه الأهمية التاريخية فإن سيرة حياة هذا الرجل لم تكتب إلا فيما أوردته في كتاباتي عن تلك الحقبة ، وليس هو وحده من هذا المستوى منْ تعرض لهذا الغياب عن تاريخنا المكتوب ، فإن القاعدة في تلك الفترة تقول بأكثر من هذا ولولا أنه شارك في الحياة العامة و انتخابات الاتحاد الاشتراكي ما وجدت له صورة  فوتوغرافية مؤرشفة.

 
 
تكوينه وتدرجه الوظيفي

ولد المستشار بدوي حمودة بقرية بدواي الواقعة الى الشمال من مدينة المنصورة في السابع من نوفمبر (1903)، ودرس بالمدرسة الإسلامية بالقاهرة (بنبا قادن فيما بعد)، والتحق بكلية الحقوق وتخرج فيها (1925) وفيها زامل الأديبين الكبيرين الاستاذين توفيق الحكيم، ويحيي حقي، و محافظ البنك المركزي الدكتور عبد الحكيم الرفاعي، و اثنين ممن سبقوه لتولي المناصب الوزارية وهما إبراهيم فرج باشا وحلمي بهجت بدوي.

عمل المستشار بدوي حمودة معاونا بالنيابة (1926)، فمساعدا للنيابة (1927)، فوكيلا للنيابة (1929)، ثم عمل بالقضاء (1934)، ثم رقي مفتشا للنيابة (1942)، فرئيسا لها (1945)، فوكيل محكمة، ثم وكيلا لإدارة التشريع بوزارة العدل.

 في مارس 1964 عين المستشار بدوي حمودة وزيرا للعدل؛ ومن الغريب أنه أصبح وزيرا في وزارة علي صبري الثانية، ثم كان عليه بعدها بسبع سنوات أن يحاكم رئيسه في مجلس الوزراء في قضية 15 مايو!!ولم يشغل بدوي حمودة منصب الوزير إلا في هذه الوزارة فقط.

وفي أبريل 1949 كان بدوي حمودة من القضاة الذين اختيروا للعمل في مجلس الدولة حديث الإنشاء، وكان هؤلاء من خيرة رجال القضاء، وقد عين مديرا عاما لإدارة التشريع ومستشارا بمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، ثم رأس هيئة المفوضين في هذا المجلس، ثم أصبح عضوا في المحكمة الإدارية العليا.

وفي 1956 تولي المستشار بدوي حمودة منصب وكيل مجلس الدولة، وفي نوفمبر 1961 أصبح رئيسا لمجلس الدولة، وظل يشغل هذا المنصب حتي أحيل للتقاعد (نوفمبر 1963)
 وبعد بلوغه الستين  بأربعة أشهر (مارس 1964) عين المستشار بدوي حمودة وزيرا للعدل؛ في وزارة علي صبري الثانية،  خلفا للأستاذ فتحي الشرقاوي المحامي ، ومن الغريب أنه أصبح وزيرا في وزارة علي صبري الثانية، ثم كان عليه بعدها بسبع سنوات أن يحاكم رئيسه في مجلس الوزراء في قضية 15 مايو!!

ولم يشغل بدوي حمودة منصب الوزير إلا في وزارة علي صبري فقط، وقد خلفه في المنصب المستشار محمد عصام الدين حسونة عند تشكيل وزارة زكريا محيي الدين (أكتوبر 1965).

روجت كتابات الناصريين بعد اغتيال الرئيس السادات أن بدوي عارض في الحكم بالإعدام على علي صبري، وسامي شرف، وشعراوي جمعة، وفريد عبد الكريم ، و أنه كان علي وشك أن يلقي نفسه من على كوبري قصر النيل فينتحر تخلصا من أن يجبر على إقرار حكم معين (!!!)

عقب الحركة التصحيحية في  15 مايو ١٩٧١ عهد إلي بدوي حمودة بثلاثة تكليفات مهمة جدا كان أهمها و أولها عضوية المحكمة التي تولت القضية التي عرفت بقضية “مراكز القوي”، مع  الوزير حسن التهامي أحد رجال الثورة ، أما رئيس هيئة المحكمة فكان هو حافظ بدوي الذي كان قد أصبح رئيسا لمجلس الشعب، وكانت المحاكمة سرية، وكان المستشار بدوي حمودة يومها في الثامنة والستين من عمره.

وقد روجت كتابات الناصريين بعد اغتيال الرئيس السادات أنه عارض في الحكم بالإعدام على علي صبري، وسامي شرف، وشعراوي جمعة، وفريد عبد الكريم ، و أنه كان علي وشك أن يلقي نفسه من على كوبري قصر النيل فينتحر تخلصا من أن يجبر على إقرار حكم معين (!!!)

ذكر الأستاذ عبد الله إمام هذه القصة في كتابه «إنقلاب 15 مايو»، كما روي عبد الله إمام أنه ذهب إلي المستشار بدوي حمودة وسأله عن هذا: فرفض أن يجيب مشيرا الى أن هذا كله من السرية التي يلتزم القاضي بها، و هكذا استنتج عبد الله إمام أن هذا قد وقع!!

وأما المهمة الثانية التي اختاره لها الرئيس السادات فكانت عضويته في لجنة وضع الدستور الدائم، وكان من أمناء اللجان العامة  في وضع هذا الدستور.

أما المهمة الثالثة فكانت مشاركته في الإشراف على انتخابات الاتحاد الاشتراكي العربي ومن الطريف أنه تولى منصب  أمين الاتحاد الاشتراكي المؤقت لمحافظة القاهرة  وهو المنصب المعروف في الادبيات السياسية باسم أمين العاصمة!!

وتوفي المستشار بدوي حمودة في ديسمبر 1991 ولم ينجب أبناء.

 

 

تم النشر نقلا عن موقع الجزيرة مباشر

لقراءة المقال من موقع الجزيرة إضغط هنا

للعودة إلى بداية المقال إضغط هنا

 
شارك هذا المحتوى مع أصدقائك عبر :
x

‎قد يُعجبك أيضاً

حماس على طريق النصر

لما ظهرت حركة حماس إلى الوجود دارت مناقشات متعددة حول جدواها ومستقبلها، ...

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com