نبدأ بالقول بما يبدو أنه أصبح من الحقائق التي لا خلاف عليها وهو ان اسم أحمد مخيمر ( 1914 ـ 1978) يحتل مكانة مرموقة بين الشعراء البارزين في ثلاثة مدارس مختلفة وليس في مدرسة واحدة، وهذه المدارس هي شعراء ما بعد الديوان، وشعراء أبوللو، وشعراء التفعيلة بل إنه يجمع التأثر بمدرسة شعراء المهجر مع هذه المدارس الثلاث، وهو على وجه الإجمال شاعر عبقري تغني للربيع والطبيعة والقدرة الإلهية، وللمعنويات والروحانيات والجمال، كما غني للحرية والوطنية والنضال والحكمة والفلسفة، ومثل نجماً لامعاً في سماء الشعر والشعراء على الرغم من انه عاش في عصر طغت عليه الأيدولوجيات السياسية وكثرت فيه النجوم التي كانت من صنع المنظرين ومن نواتج الفكر السياسي لكن قيمة فنه بقيت عالية على الرغم مما أصاب جوهر الفن والإبداع والتجديد .
لم يحظ اسم أحمد مخيمر بما كان قادرا بشعره على أن يحظى به، بل انه لم يحصل على كثير ولا قليل مما كان يستحقه. ويكفي لتصوير قيمته أن ننقل عن الشاعر طاهر أبو فاشا قوله أن أحمد مخيمر شاعر يذكرنا بأبي تمام في شعره، ويذكرنا بأحمد شوقي في مسرحه، أو أن ننقل عن صديق عمره الشاعر عبد العليم عيسى قوله ان شعر أحمد مخيمر يمتاز بإحكام النسج وجمال التصوير وانتقاء اللفظ الدال المعبر بأمانة عن شعوره وإحساسه يساعد هذا ملكة فنية وملكة لغوية واستعداد فطرى متميز.
كان الشاعر أحمد مخيمر عفيف النفس، كريم الخلق، وقد أجمع الشعراء والنقاد المعاصرون له على تقديره، لكن اسمه لا يزال في حاجة كما ذكرنا إلى التقدير المعبر عن الانضباط في ذاكرتنا الوطنية. ومن الانصاف ان نقول انه هو نفسه على الرغم من افتقاده لما يستحق من مجد وشهرة وتقدير، ظل يعبر في أشعاره عن إيمانه بأن الفنان الحقيقي لابد أن تكتشفه الحياة يوما ما، حتى إذا كانت تفاهة العصر وأساليب أبطالها الدنيئة قد حجبته في وقت ما، فلم تره عين، ولم يحس به قلب، وكان يجاهر بتبرمه من مستوي النقد الأدبي، حتى إنه قال (1971): إن مستوي النقد في السنوات العشرين التي خلت إلى اليوم هابط إلى درجة خطيرة، فلم يظهر ناقد واحد يوثق به في رأي أو في حكم.
كان الشاعر أحمد مخيمر بحكم النشأة والثقافة يتمتع بالجمع المتزن بين ثقافته التراثية الواسعة، ووعيه اللغوي العميق، وفطرته الإنسانية التي جعلته قريبا من عالم الناس البسطاء في همومهم
نشأته وحياته
ولد الشاعر أحمد مخيمر في ١٤ أغسطس ١٩١٤ في قرية المعالي مركز منيا القمح بمحافظة الشرقية عام 1914 واسمه الكامل: أحمد محمد سليمان مخيمر. وتلقى تعليما تقليديا بدأه في الكتاب ثم في الازهر وتخرج في دار العلوم ١٩٤٠، أي في دفعة الأستاذ طاهر أبو فاشا او الدفعة التالية لها، فعمل بالأستاذية التي كان اهلا لها، وتقبل العمل في وظائف تربوية ثم وظائف ثقافية أقل مما كان يستحق، لكنه ظل طيلة حياته مبدعاً معطاء، كانت مواقفه الوطنية معبرة عن سمو نفسي، وإيمان حقيقي دون أن يركب الموجات التي كانت كفيلة برفع اسمه.
بدأ النشر بثلث ديوان «أنفاس الظلام»
من الطريف أن نقول أن أحمد مخيمر بدأ النشر بثلث ديوان «أنفاس الظلام» فقد كان أول شعره المنشور في كتاب هو ما ضمه ديوان «أنفاس الظلام» الذي نشره بالاشتراك مع الشاعرين العوضي الوكيل والحملاوي، وقدمه ثلاثتهم في الاهداء المطبوع بحوف المطبعة إلى الاستاذ عباس العقاد، ثم نشر مخيمر قصائده في ديوان وحده هو «ظلال القمر» (1933).
حياته الشعرية
كان الشاعر أحمد مخيمر بحكم النشأة والثقافة يتمتع بالجمع المتزن بين ثقافته التراثية الواسعة، ووعيه اللغوي العميق، وفطرته الإنسانية التي جعلته قريبا من عالم الناس البسطاء في همومهم، ومشكلاتهم اليومية، وكان في شبابه طاقة عارمة خلاقة، ووطنيا شريفا غيورا، ومناضلا تعرض للعسف والتنكيل بسبب آرائه ومواقفه الوطنية المعلنة. كان شعره بسيطا في مظهره، عميقا في جوهره، سهل التناول لكنه صعب المحاكاة والتقليد، ميسورا لمن يوده ويحبه، صعبا على من لا يفهمه ولا يقدره. وعلى الرغم من ابتعاد الشاعر أحمد مخيمر عن أوساط الصحافة الفنية فإن بعض شعره لقي الذيوع من خلال غناء المطربين، ومن أشهر أعماله المغناة قصيدته «وطني وصباي وأحلامي» وقصيدته المشهورة «لا تودعني حبيبي» التي غنتها وردة فوصلت بها ذروة عالية في عالم الأداء، وكان قد ألفها في ابنه كُثير.
قصة أغنيته التي غناها عبد الحليم من دون معرفة مؤلفها
كان الشاعر أحمد مخيمر قد ألف ونشر أغنية «يا مالكا قلبي.. يا آسرا حبي.. أخاف أن أمضي في غربتي وحدي» والتي كانت بمثابة العمل الذي توج عودة الموسيقار محمد الموجي إلى عبد الحليم حافظ في حفل غنائي كبير أقيم في قاعة الاحتفالات الكبرى في جامعة القاهرة. ومن المذهل أن هذه الأغنية نسبت عند غنائها إلى الأمير عبد الله الفيصل، مما اضطر الشاعر أحمد مخيمر إلى أن يرفع دعوي قضائية مشيرا إلى أن الأغنية موجودة بالفعل في ديوانه وأن الفنانة نجاح سلام قد غنتها من قبل. وقد رد الموجي بأن الأمير عبد الله الفيصل كتب ربعها الأخير، على حين تورط الفنان عبد الحليم حافظ في القول بأنها من التراث القديم، وأنها موجودة في كتاب الأغاني! وهو قول صحيح فيما يخص المطلع فقط لأن عبد الحليم نفسه كان يعلم بان مخيمر نظم له ما نظمه ليغنيه !!، وعلى الرغم من ذيوع هذه الأغنية ونجاحها فإن عبد الحليم لم يكن يغنيها كثيرا لأنها كانت بمثابة الأغنية التي عرضته للملامة والسخرية.
معارضته لابي العلاء
في ديوانه «لزوميات مخيمر» يقدم الشاعر عددا كبيرا من «لزومياته» التي عارض بها لزوميات أبي العلاء المعري، متحديا سطوته الموسيقية واللغوية والفكرية في ديوانه «اللزوميات» أو «لزوم ما لا يلزم»، وقد لاحظ فاروق شوشة أن أحمد مخيمر هو أول مَنْ عارض المعري، ولم يجرؤ شاعر عربي قبله على معارضة المعري، بالرغم من افتتانه به وإعجابه الشديد بشعره وفلسفته وتأملاته وموقفه من الحياة والناس.
بعض لزوميات مخيمر التي نشرها في مجلة الرسالة في ١٩٤٥
ليلى
أتعلم ليلى بحبي لها وماذا فؤاديَ منهُ خَبأْ
تشّيعني بالخطوب الكبا ر، وتقتلني قتلة لم تُبَأْ
وتُظْمئني، وتُواري الميا هَ، وتلحَظَ ظِمْئِيَ بالمرْتَبَأْ
وتذهبُ أنباء حبّي لها وما جاء من هواها نبأْ
وما حفلتْ سرايا الحني نِ فؤادي لها من قديمٍ عَبَأْ
أرأْريءُ في شغفٍ للمزا ر، فيا ليتني كنتُ فيه الحَبأْ
سنَعْبدُها بذلت بحْضَهَا لتُكْرِمَنَا، أم سقتْنا الكّبَأْ.. .
خلود ليلى
أتطمعني في الخلد وحدي! وإنما خلودي بلا ليلى خلودٌ مضلَّلُ
إذا أشرقتْ بين الجوانح شمْسُها مضى القلبُ خفّاق المنى يَتهلَّلُ
وخف به شوقان: شوق معَللٌ يُحَسُّ، وشوق دونه لا يعلَّلُ
وأي بقاءٍ بعد ليلى أريده وليلى خلودٌ بالنعيم مكلّلُ
أنازُع قلبي عند أبياتها الخطا فأمضي، ويمضي وحده يتسللُ.!
الدليل
إذا رمضَت أقدام روحي تفيأت ظلال حبيب، أو فُيوَء خليلِ
وقد سرتُ في وادٍ بحسنك عاطرٍ وعشتُ بأيكٍ من هواك ظليل
وما خفتُ يوماً أن تضلَّ مسالكي وأنتِ بصحراء الوجود د
وكيف يخاف الفقر من كنت عونه وما بذلت عيناك غير قليل
طلعت فبدّدتِ الظلام بلامعٍ مهيبٍ، ومعشوقٍ أغرَّ جليل
وكنتِ على الأيام راحةَ مُجهدٍ، ونعمةَ محرومٍ، وبرَء عليلِ
وينبوعَ حب، كم أتَحْتِ لظامئ ملَّذة وِرْدٍ، أو شفاَء غليلِ
ألا كلّ ليلى طاولتْكٍ بحسنها هوتْ بجناح للتراب ذليل.. .!
قمم النور
يا فرحةَ الحبّ قد صعدنا إلى ذرا النور، وارتقينا
وقرّبنا لها الليالي في جيرةِ الخْلد فالتقيْنا
وهيَأت ظلّها فنمنا، ومدَّتِ النَّبَع فاستقيْنا
أيّ سرورٍ نريد منها وأي حزن قد اتقينا.. .!
قد عرضَتْ ذخرها فنلنا ما شاءت الروح، وانتقينا
وحدة الخلود
ستخلد بي ليلى، ويزخر قلبها بآباده، ملآنَ بالنشواتِ
وما لحظات الأرض، وهي قصيرة سوى زبدٍ طافٍ على السنواتِ
فيا أسفا إن رحتُ وحديَ خالدا وطال اعتساف الروح في الفلواتِ
وألقيت طرفي في الوجود، فلم أجد وراء الدجى ليلايَ والغدواتِ
وطال حنين القلب في قبضة الأسى وفاضت دموع العين في الخلواتِ
ستمسي حنايا النفس مغلقةَ الصدى، مخوفَ الجُذَا، مطوّيةَ النزواتِ
تدلَّى إلى مهوًى سحيقٍ قراره بعيد الحوافي، مظلم الفجواتِ. .
فلا تتركيني ليلَ وحدي، فإنما لحسنك ما غنيت من صلواتِ
إذا فرقتنا بعد حين يد النوى فإن رحيلي عنك من هفواتي.!
وهذه مجموعة أخرى من لزوميات مخيمر نشرها في مجلة الرسالة ديسمبر١٩٤٦
غنوة.. .
سألتكِ هل تدرين أنكِ غنوةٌ تغنّت بها الآزالُ، فالتفت الدهر
وعشتِ زماناً في ذَراها صغيرةً ومهدكِ ينمو حوله العشب والزهرُ
وقد كان مثواكِ المغاورُ والربا ومعلبكِ الغاب المظلل، والنهرُ
فلم تعلمي إذ ذاكِ أنك رغبةٌ وأشواق روح في جوانحها بهرُ
وأنَّ الليالي أسرعت بكِ دونها فكم صرعت شهراً ليتبعه شهرُ
فمن أجلكِ انسابت على الأفق شمسها ورفَّتْ على الظلماءِ أنجمها الزهرُ.. .
منارة الحب.. .
خبَّ بنا يا ليلَ ركبُ الهوى في جسد من شوقه ناحلِ
لغايةٍ لم يدر ما سرها من لم يكنْ يا ليلَ بالراحل
منارةٌ أنتِ ليمّ الهوى أقامها الشوق على الساحل
كأنما في خلدي نورها غمامةٌ في بلدٍ قاحل.. .
لقيا.. .
سروري بلقياك سلوانيهْ فلا تبعدي الخطو يا غانيهْ
لئن صح ما زعم الزاعمون فويلٌ لأيامنا العانيه
ويا أسفا إن طوتكِ المنونْ فرحتِ، ويا طول أحزانيه
سيخرس بعدكِ هذا اللسان، وتُطْبَقُ بعدكِ أجفانيه
فما أبتغي نعمةً لا تدوم، وما أشتهي لذةً فانيه
وكيف؟ وهذا المحيا الجميل وقد رفَّ مبعث إيمانيه
أرى في سناء الوجود الرحيب وأكشف أعماق وجدانيه
وأوقن أن رحاب السماء إذا ما دنا أصبحت دانيه
ويبعث بي فرحة بالبقاء تبدّد شكّي وأشجانيه
فيا قبسَ الخالد لا تبعدي فأنتِ على الأرض سلوانيه
ظمئتُ لينبوع تلك الشفاه فهاتيَ لي القبلة الثانية
كأني بها قطرة من ندى ترفّ على وردة قانيه
إذا نلتها خلتُ أني إله أصرّف بالعزم أكوانيه
ويا ملكا غادياً بالحنان تمرَّدَ في الصدر شيطانيه
أنازعه جاهداً أن يقرّ ويستمرئ الدهر عصيانيه
تعاليْ إلى روضتي في الخيال فأسقيك من دماء غدرانيه
وأطمعكِ الثمر المشتهى تدلَّى بأطراف أغصانيه
نما، وحلا، وغدا في الغصو ن يرتقب الأيدي الجانيه
تخالينه في حوافي الظلال كواكب مشرقةً دانيه
ويا فرحاً في ضمير الزمان بدا بعد لأي فأغرانبيه
وكنتُ ذكرتُ شقاء الوجود فلما بدا ليَ أنسانيه
وزين لي كل شيء أراه، وجمَّل بالنور أزمانيه
وأفعم بالحب رحب الفضاء فقد خلته مهجة حانيه
لأمرٍ أنرتِ ظلام الحياة فأبصرت الأعين الرانيه
وجَلَّيْت لي خطرات الوجود وما كنَّ قبلكِ من شانيه
شعره في الطبيعة
ربطت الآراء والدراسات النقدية بين أحمد مخيمر والتعبير الجيد عن الطبيعة الحية الذي وصل في بعض الأحيان إلى درجة من الحلول الصوفي الذي هو أقصي درجات الالتحام والاتصال والفناء بين العاشق والمعشوق. وقد أجاد الشاعر عبد العليم عيسي التعبير عن قيمة هذا الملمح من ملامح شاعرية أحمد مخيمر، مشيراً إلى أن الطبيعة في شعر مخيمر أفق إنساني، ووقع شديد النفاذ في النفس، وألوان وأصوات وعطور تتلون بألوان وجدان الشاعر، وهواتف نفسه، وطبقات أشواقه، ومستويات انفعاله.
وقبل أن نتامل فيما نظمه الشاعر أحمد مخيمر من شعر الطبيعة لابد لنا من أن نلتفت إلى حقيقة مهمة وهي أنه هو نفسه كان في عطائه كالطبيعة، وقد عاش حياته معطاء جزل العطاء، وهو قد عبر عن هذا المعني في قصيدة «أمنية»:
ألا ليت أني كنت كالدوح واقفا طــوال حيــاتي لا أمــل وقوفي
تمــر على الطير وهي صــوادح يبــث ألـــيف شجـــوه لألــيف
ويأخذ مني الناس حين يرونني ظــلال ربيــع أو ثمــار خريـف
وتأتي إلى الريح من كل وجهة وتمضي بأوراقي وهمـس حفيفي
.. إلى أن يقول:
فيغدو موتي مثل عيشي قبله ضيـاء عيـون.. أو عبير أنـوف
وفيما يبدو مما لاحظه بذكائهما الاستاذان الشاعران عبد العليم عيسى وفاروق شوشة فقد كانت بين مخيمر وبين الطبيعة صلة نفسية حميمة، وتعاطف مستمر، وقد عاش شعره مندمجا في الطبيعة، متحداً بها، مصغيا إلى أسرارها.وكان يجيد استخدام «تراسل الحواس» والتعبير عن التجاوب بين الألوان والأصوات والعطور. كان يري الحواس كلها قادرة على إدراك صنوف الجمال التي تدركها الحواس الأخري، فالأذن تسمع ما تراه العين من نضارة، والروح تبصر النغم الوردي الفائق الألوان.
من أشعاره في المرأة
وبالإضافة إلى تفوق الشاعر أحمد مخيمر الساحق في شعر الطبيعة والوطنية، فقد أجاد تصوير المرأة والعاطفة والجمال في أشعاره، وأجاد وصف العيون وسحرها. وقد مزج ، كما قال الدكتور أحمد هيكل، بين الذهن والوجدان، لا يطفو الذهن فيسبب الجفاف، ولا يطفو الوجدان فيلغي حركة العقل أمام ارتعاش الحس.
لا تسبحي في المياه عارية فالبحر من وطأة الجمال رزح
عينــاك فيه أطلتا حــزنا وكل شيء بـه لهـا ومـــزح
شعره الفلسفي وقصة أشواق بوذا
نبدأ فننبه إلى ان بوذا الذي تدور حول أشواقه قصائد ديوان أحمد مخيمر ليس هو بوذا الهندي صاحب الديانة البوذية، لكن أحمد مخيمر يشير إلى أنه استعارها على طريقة نيتشه حين استعار من الشرق شخصية «زرداشت» الفارسي ليعبر من خلالها عن فلسفته، وربما أن الوعي الإنساني العميق والشامل الذي تميز به كان هو السبب الحقيقي وراء كتابته لقصائد «أشواق بوذا» (1945) عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية. وقد صرح هو نفسه في المقدمة التي كتبها لهذه القصيدة بأن تفكيره في أهوال الحرب وأسبابها وما خلفته من مآس وراءها كان وراء تأليفه لهذا الديوان، وبوسع القارئ أن يدرك أنه عبر عن نفسه بطموحها المعذب، وشوقها الظامئ وبراءته باسم «بوذا»، ونحن نراه في هذا الديوان يتمتع بشخصية قوية نافية السلبية والهوان والمذلة، معلنة عن التمرد في إصرار وعناد، حتى يبلغ الصاعد في المرتقي غايته البعيدة.
أصدقاؤه ووفاته
كان الشاعر أحمد مخيمر عضوا بلجنة الشعر في المجلس الأعلي للثقافة، وجمعية العقاد الأدبية، واتحاد الكتاب وكان قبل هذا صديقا لكثيرين من قادة الفكر والأدب في الأجيال التي عاصرها: الشبيبي، والزيات، والسباعي بيومي، والعقاد، وهاشم عطية: عبد الرحمن الخميسي، وعبد العليم عيسى، ومحمد العلائي.. وكانت مجلة الثقافة برئاسة تحرير الدكتور عبد العزيز الدسوقي تنشر إبداعات الشاعر أحمد مخيمر بصفة شهرية.
توفي الشاعر أحمد مخيمر في ١٣ مايو 1978 ومن الجدير بالذكر ان الشاعر مخيمر توفي في الرابعة والستين وفيما يبدو فان صلاح عبد الصبور ( فيما نقلناه عنه في كتابنا الانطباعات الذكية ) رغم ضعف ذاكرته للأرقام تذكر القرينة وهي ان مخيمر توفي قبل سنة من بلوغه سن التقاعد وهو بالنسبة له الخامسة والستين ولان صلاح عبد الصبور نفسه كان قريبا ممن كان عليهم ان ينهوا أوراق وفاة هذا الشاعر العظيم وتقاعده فقد ذكر القرينة صوابا وان ارتبك في حساب السن .
دواوينه
نشر الشاعر أحمد مخيمر من الدواوين: «أنفاس في الظلام» (بالاشتراك)، و«ظلال القمر» (1934)، و«لزوميات مخيمر» (1947)، و«الغابة المنسية» (1965)، و«أسماء الله الحسني» (1968)، و«أشواق بوذا» (1971)، و«الروح القدس» (1994).