كان الدكتور محمد رضا مدور واحدا من شقيقين عبقريين درسا الطب والهندسة واشتغلا بالعلم، بعد أن عملا بمهنتي الهندسة والطب، لكنهما تحولا بعلمهما وخبرتهما إلى الجانب العلمي في الممارسة وأصبحا من أكبر علماء مصر في النصف الأول من القرن العشرين، حتى إنهما كانا معاً من العشرة المؤسسين للأكاديمية المصرية للعلوم ( وهي كيان أهلي سابق بكثير على أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا التي لم تنشأ الا في ١٩٧١ )
ومن الطريف أن الدكتور محمد رضا مدور الذي تخرج في كلية الهندسة في أدنبرة، وصل من العلم إلى الدرجة التي أصبح فيها مؤسس قسم علوم الفلك في كلية العلوم ومؤسس المراصد الفلكية على نحو ما سنرى، كما أنه أصبح من رابع من حصلوا على جائزة الدولة التقديرية في العلوم
كان الدكتور محمد رضا مدور من العشرة المؤسسين لهذه الأكاديمية والذين يمكن اعتبارهم بلا جدال أكبر عشرة علماء مصريين في النصف الأول من القرن العشرين .
و كما كان من مؤسسي الاكاديمية فقد كان من مؤسسي كثير من الجمعيات العلمية ومن أعمدة المجمع المصري للثقافة العلمية.
ويعود الفضل في تسجيل ملاحم حياته إلى الأستاذ علي أدهم رئيس تحرير مجلة الكتاب العربي حيث أفرد له باباً كان يخصصه عن مؤلف مصري وذلك باعتباره ممن فازوا بجائزة الدولة التقديرية حيث حصل عليها في عام 1966، وكان هذا المقال المخصص للتعريف بالدكتور محمد رضا مدور في عدد ابريل /نيسان 1970 من تلك المجلة.
نشأته و تكوينه
ولد الدكتور محمد رضا مدور في مدينة الاسكندرية في 27 سبتمبر 1893 ونال درجة البكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة أدنبرة بمرتبة الشرف الأولى في 1917 أي وهو في الرابعة والعشرين من عمره.
بدأ الدكتور محمد رضا مدور حياته العلمية مهندسا في شركة ليزلي بأدنبرة (1917) ثم مساعداً علميا في المعهد الملكي (البريطاني ) للطيران (1918 ــ 1919) ثم أصبح عضوا في هيئة التدريس في جامعة برمنجهام.
أما في مصر فإنه عمل مهندسا بمصلحة الري في وزارة الاشغال (1919 ــ 1922) شأن معظم إن لم يكن كل خريجي الهندسة المدنية ، ثم عمل مساعداً علميا في مصلحة الطبيعيات في وزارة الاشغال لمدة عام ثم أوفد لبعثة الدكتوراه في جامعة أدنبرة بإسكتلندا فحصل على الدكتوراه في مدة وجيزة لم تتجاوز عامين.
نال محمد رضا مدور درجة الدكتوراه في 1926 وأصبح عضواً في جمعية المهندسين المدنيين في لندن، في العام الذي حصل فيه على درجة الدكتوراه ، وفي العام التالي أصبح أيضا عضواً في الجمعية الملكية بأدنبرة (1927).
و بعد حصوله على الدكتوراه وعودته من بعثته عمل الدكتور محمد رضا مدور في مرصد حلوان (1926 ــ 1934)
نال دكتور مدور درجة الدكتوراه في 1926 وأصبح عضواً في جمعية المهندسين المدنيين في لندن في العام الذي حصل فيه على درجة الدكتوراه ، وفي العام التالي أصبح أيضا عضواً في الجمعية الملكية بأدنبرة 1927.
حيث استطاع استيعاب كل ما يتصل بتطبيقات علوم الفلك على الطبيعة ، وألم بالتراث المصري في هذا الميدان القديم/الجديد وفي هذه المهمة التي بدأ التوجه نحو توظيف علومها في آفاق جديدة مع بدايات عصر الطيران والتقدم الصناعي والتكنولوجي.
في ١٩٣٤ اختير الدكتور محمد رضا مدور ليكون مديراً لمرصد حلوان وشغل هذا المنصب طيلة الفترة من 1934 ــ 1953 وارتقى بهذا المرصد وأدائه وصلاته الدولية وأصبح هو نفسه عضواً في الاتحاد الدولي للفلك ، وعضواً في الاتحاد الدولي لعلوم الطبيعة الأرضية والجيوفيزيقية.
شغل الدكتور محمد رضا مدور أيضاً منصب الاستاذية في كلية العلوم جامعة القاهرة منذ 1948 وحتى بلوغه الستين في 1953 وطيلة هذه الفترة استطاع إعداد جيل من الفلكيين المصريين الدارسين والأكاديميين والممارسين.
وإلى الدكتور محمد رضا مدور يعود الفضل في إنشاء مرصد القطامية.
وقد كان الدكتور محمد رضا مدور هو ممثل مصر التقليدي في مؤتمرات الاتحاد الدولي للفلك لمدة مسترة ما بين 1925 و1952 وفي لجان الاتحاد الدولي لعلوم الجيوفيزيقا.
كان الدكتور محمد رضا مدور؛ في طليعة العلماء الذين اهتموا بالثقافة العلمية وبالإضافة إلى نشاطه في المجمع المصري للثقافة العلمية .
حيث اعتاد تقديم محاضرات رائعة في ميدان تخصصه فإنه شارك في التأليف الثقافي بصورة فاعلة، ومن الكتب المهمة التي كنت أحتفظ بها في مكتبتي كتاب راجع ترجمته الدكتور محمد رضا مدور؛ من كتاب الشمس وقد ترجمه الدكتوران إبراهيم حلمي عبد الرحمن وعبد الحميد سماحة وقد صدر عن دار النشر المتحدة و من الطريف أن معرفتي بقيمته العلمية والتاريخية بدأت عن طريق الدكتور عبد الحميد سماحة الذي ينتمي الى مدينتي فارسكور ، و هو الذي دلني على تراث الدكتور رضا مدور ، وكان الدكتور سماحة قد شرفني بمقال له عن الفلك عند قدماء المصريين . أما بحوثه العلمية فقد حصر منها في مسوغات ترشيحه للجائزة التقديرية 21 بحثاً .
تكريمه:
نال الدكتور محمد رضا مدور كثيرا من التكريم في عهد الملكية ونال رتبة البكوية. وحين تشكلت أولى لجان فحص جائزة فؤاد الأول للعلوم الطبيعية والرياضة والفلكية (1947) اختير عضواً فيها.كان الدكتور محمد رضا مدور هو الحادي عشر بين من فازوا بجائزة الدولة التقديرية في العلوم حيث حصل عليها في عام 1966.
و من بين خريجي الهندسة فلم يسبق إليها إلا الأستاذ عبد الرحمن الساوي (1960) والأستاذ عبد العزيز أحمد (1961) ولم يسبقه إليها من علماء العلوم الأساسية إلا الأستاذ مصطفى نظيف (1959) والدكتور أحمد رياض زكي (1961) والدكتور محمد مرسي أحمد (1965).
وفاته
توفي الدكتور محمد رضا مدور في 9 ديسمبر/ كانون أول 1973.
تم النشر نقلا عن موقع الجزيرة مباشر
لقراءة المقال من موقع الجزيرة إضغط هنا
للعودة إلى بداية المقال إضغط هنا