الرئيسية / المكتبة الصحفية / الشيخ #على_محمود الذي جمع السلطتين إماما للمنشدين ومرجعا للملحنين

الشيخ #على_محمود الذي جمع السلطتين إماما للمنشدين ومرجعا للملحنين

كان الشيخ على محمود (1880 ـ 1946) ولا يزال يلقب بإمام المنشدين، وكان بالفعل شيخ المنشدين في عصره في مصر والشرق، ومن الطريف أنه سبق عميد المقرئين الشيخ محمد رفعت في الميلاد بسنتين وفي الوفاة بأربعة أعوام لكنه سبقه في الشهرة والمكانة المجتمعية بعقدين من الزمان حتى إنه هو الذي تنبأ للشيخ محمد رفعت بمجده حين سمعه ١٩١٨ . وقد وصل الشيخ على محمود منذ شبابه إلى مرتبة القمة في قراءة القرآن الكريم وتجويده وتنغيمه، وفي رفع الأذان بطرق مبهرة في روحانيتها وفنيتها، كما اشتهر بقراءة المولد النبوي الشريف، والتواشيح الدينية وكان معاصروه من القراء مغرمين بتصنيفه على أنه قارئ المولد والتواشيح في المقام الأول، وأن أحداً لم يصل إلى مستواه الرفيع في هذا الفن، على حين يري المنصفون أنه كان في المقام الأول قارئا للقرآن الكريم، والحق أنه لولا أن الشيخ رفعت والأفذاذ الآخرين كانوا من جيله لاستأثر هو وحده بكل الأمجاد ومع هذا فلا تزال للشيخ على محمود في الإنشاد مكانة موازية لعبقرية زميله الشيخ محمد رفعت في القراءة والتجويد.

ومن باب التأريخ المنضبط والموازي فإننا نذكر أن الشيخ على محمود كان واحدا من أربعة متعاصرين من القراء المؤدين العباقرة الذين وصلوا القمة في شهرتهم، وأدائهم مع اختلاف تجلياتهم، وقدراتهم، وآثارهم: محمد رفعت (1882 ـ 1950)، وعلي محمود (1880ـ 1946)، ودرويش الحريري (1881 ـ 1957)، وأبو العلا محمد (1878 ـ 1927). وقد واكب هؤلاء فجر النهضة المصرية الحديثة بما وصلت اليه من الذروة في ثورة ١٩١٩ ومعقباتها وبما كان مشجعا لهم على التفوق والاستاذية والريادة وتأسيس المدارس . ومن الطريف أن هؤلاء الأقطاب يوازون في عصرهم سبعة من علماء الأزهر الذين وصلوا تباعا إلى مشيخة الأزهر وهم: محمد مصطفي المراغي (1881 ـ 1945)، ومحمد الأحمدي الظواهري (1878 -1944)، ومحمد الخضر حسين ١٨٧٦- ١٩٥٨ ومأمون الشناوي (1878 ـ 1950)، وعبد المجيد سليم (1882 ـ 1954) إبراهيم حمروش (1880 – 1960)، ومصطفى عبد الرازق ١٨٨٥-١٩٤٧ .

نشأته

ولد الشيخ على محمود في حارة درب الحجازي بقسم الجمالية بالقاهرة سنة 1880، وكف بصره في صغره بسبب ما هو معروف عن تدني الرعاية الصحية في ذلك العصر. وجهه أهله لحفظ القرآن الكريم على يد الشيخ أبي هاشم النبراوي، ثم جوّد القرآن في الجامع الأزهر على الشيخ مبروك حسنين، ودرس مبادئ الفقه على الشيخ عبد القادر المازني.

ثم اشتغل بتلاوة القرآن على ملأ من الناس في مسجد سيدنا الحسين حتى اشتهر، وكانت التلاوة في مسجد الحسين مدرسة للإبداع في أداء القواعد الفنية على أعلي مستوي من الدقة. وقد صورت كتب التاريخ ما وصل إليه فن القراءة والأذان والتواشيح في ذلك العصر تصويرا دقيقا مبهرا، وذكرت هذه الكتب أن الأذان وما يتبعه من التسابيح والاستغاثات التي تتلي قبيل الفجر في الحرم الحسيني كانت على نهج خاص، فنغمة يوم السبت عشاق، ويوم الأحد حجاز، ونغمة يوم الثلاثاء سيكا، والأربعاء جهاركاه، والخميس راست، والجمعة بياتي. أما يوم الاثنين فنغمته سيكا إذا كان أول اثنين في الشهر أي كأنه يوم الثلاثاء، وبياتي إذا كان ثاني اثنين أي كأنه يوم الجمعة، وحجاز إذا كان ثالث اثنين في الشهر أي كأنه يوم الأحد، وشوري على الجهاركاه إذا كان رابع اثنين أو خامس اثنين أي كأنه يوم الأربعاء.

وفي هذا المحيط العامر بالفن، والحافل بالتنافس الفني درس الشيخ على محمود الموسيقي وضروب التلحين والموشحات على الشيخ إبراهيم المغربي أحد علماء الأزهر، وكانت أستاذية الشيخ المغربي أستاذية أكاديمية بمعناها الدقيق، إذ كانت تخضع علوم الموسيقي والتلحين لأصولها العلمية والفنية، وهو ما ساعد على ارتقاء معرفة الشيخ على محمود وذوقه، وعلي يد الشيخ المغربي تلقي الشيخان على محمود ودرويش الحريري علم النغمات، ومعرفة المقامات، وأصول الفن، كذلك فقد أدرك الشيخ على محمود التلمذة على الشيخ محمد عبد الرحيم المسلوب، والشيخ عثمان الموصلي وغيرهما من أساطين ذلك العصر الذين عاشوا بفنهم قبل مكبرات الصوت، وأجهزة التأثير الصوتي. وكان الشيخ على محمود حريصا أيضا على أن يحفظ أغاني عدد من أشهر المغنين من طبقة الفنان عبده الحامولي واللاحقين به، وقد امتاز الشيخ على محمود بأخلاق رفيعة، واجمعت أدبيات عصره على أنه كان إنسانا نبيلا رائعا، متسامياً كريم الأخلاق، محسنا للفقراء.

وصف الأستاذ محمد فهمي عبد اللطيف

وصف الأستاذ محمد فهمي عبد اللطيف أداء الشيخ على محمود بعبارات بليغة قال فيها: «كان الشيخ على محمود رحمه الله سيد المنشدين على الذكر، والمغنين للموالد والمدائح النبوية وكان يجمع في أوتار صوته كل آلات الطرب، فإذا شاء جري به في نغمة العود أو الكمان، أو شدا به كما يشدو الكروان، وقد حباه الله لينا في صوته، وامتدادا في النفس، وبهذا كان يمسك بزمام النغم على هواه، وما يزال به صعودا أو هبوطا وانخفاضا وارتفاعا حتى يستوفي كل ما رسم أصحاب الفن من مقامات ونهايات لأصول النغم». «وكان الرجل إلى جانب هذا صاحب ذوق فني مرهف، فرغم أنه عاش لينشد ويغني على الطريقة القديمة المعروفة بطريقة (أولاد الليالي)، فإنه استحدث كثيرا من النغمات والأصوات الرائعة، ولقد ترك من هذه ثروة ممتعة يمكن أن تكون معينا لأصحاب الأجيال الجديدة من أصل الفن، وكثيرا ما أخذ عنه الموسيقار محمد عبد الوهاب واقتبس من نغماته في أغانيه».

وصف الشاعر عبد الرحمن صدقي

وصف الشاعر عبد الرحمن صدقي الشيخ على محمود وأداءه فقال فيما نقله عنه الدكتور محمد رجب البيومي: «… إن نوابغ المقرئين لعهده كثيرون، وهم يختلفون بعضهم عن بعض أشد الاختلاف في جوهر الصوت، وطبقته، وطريقة القراءة، وموضع الإجادة، وسر التأثير، فمنهم مَنْ كان إلى التضخيم أميل، ومنهم مَنْ كان إلى الترقيق، ومنهم مَنْ لم يُرزق حلاوة الصوت لكنه أوتي مقدرة على التصوير، ومنهم مَنْ يعمد إلى التطريب، ومنهم مَنْ يظهر في تلاوته شجي التخشع، وبحّة البكاء، وما إلى ذلك من الألوان». «… أصبح (أي الشيخ على محمود) بعد قليل إمام طريقة في القراءة لا ينافسه فيها منافس، ذلك أن الشيخ على محمود يجمع في فنه معظم محاسن هؤلاء القراء المحسنين، فهو إذا رفع بالقراءة صوته رائع الجهارة والتفخيم، وإذا رققه كاد يذوب من فرط النعومة واللين، ويخافت به فإذا هو همس المتناجين، ثم يغاير فيه على مقتضي المعني، فيبلغ ما لا يبلغه أحد في قوة الأداء، وصدق التصوير».

التسجيلات القرانية

الأنفال

يوسف

الكهف

مريم

الأنبياء

القيامة وقصار السور

الموجودة في مكتبة الإذاعة المصرية والتي تذاع منها.

أشهر ألحانه

ومن أشهر الألحان المنسوبة إلى الشيخ على محمود: نسب شريف»، و«تجلي مولد الهادي». ومن أجمل تلك الألحان التي شدا بها الشيخ على محمود وأصعبها أداء لحن «يا نسيم الصبح تحمل سلامي» من ألحان تلميذه الشيخ زكريا أحمد، الذي كان يعمل ضمن بطانته الشيخ على محمود، وقد أشرك الشيخ على بجرأته الموسيقية في تسجيل هذا اللحن الفنان سامي الشوا على آلة الكمان، وكان الفنان سامي الشوا يلقب بأستاذ الكمان.

آثاره اللحنية

قام الشيخ على محمود بتسجيل بعض الألحان الدينية الأخرى على أسطوانات، نذكر منها بعض الموشحات مثل:

-لي من هواك.

ـ السعد أقبل بابتسام.

ـ أدر ذكر من أهوي.

ـ كم أطال الوداد.

ـ لياني ولوعتي.

ـ سل يا البدر.

ـ جدد الوصل.

أشهر القصائد التي لحنها الشيخ على محمود وغناها:

ـ يا من هواه يقتل مضناه حكم (مقام صبا).

ـ فيا جيرة الشعب اليماني (مقام هزام).

ـ أنا منك ذو وله (مقام بياتي).

ـ خطرت وقد خطرت (مقام حجاز).

ـ ماسي كالغصن (مقام راست).

ـ أنعم بوصلك لي لتقي الدين السروجي (مقام بياتي).

ـ شكوت لخاله (مقام بياتي).

ـ حتام ياساجي اللواحظ (مقام نهاوند).

ـ أنا في الحب صاحب المعجزات (مقام كرد).

ـ ته دلالا لعمر بن الفارض (مقام هزام).

أشهر أعضاء بطانته الذين خلفوه في الانشاد

· الشيخ طه الفشني .

· الشيخ كامل يوسف البهتيمي.

· الشيخ محمد الفيومي.

· الشيخ عبد السميع بيومي.

تلامذته في التلحين والغناء
– إمام الملحنين الشيخ زكريا أحمد الذي كان عضواً في بطانته، وتنبأ له الشيخ على بمستقبل باهر في عالم الموسيقى وقد مد الله في عمر الشيخ على محمود حتى شاهد مجد تلميذه الشيخ زكريا أحمد .

– الموسيقار محمد عبد الوهاب وقد تعلم على ه الكثير من فنون الموسيقى.

– سيدة الغناء العربي أم كلثوم

– المطربة أسمهان

وفاته

توفي الشيخ على محمود يوم 20 من شهر ديسمبر عام 1946.

تم النشر نقلا عن موقع مدونات الجزيرة

لقراءة المقال من مدونات الجزيرة إضغط هنا

للعودة إلى بداية المقال إضغط هنا

شارك هذا المحتوى مع أصدقائك عبر :
x

‎قد يُعجبك أيضاً

حماس على طريق النصر

لما ظهرت حركة حماس إلى الوجود دارت مناقشات متعددة حول جدواها ومستقبلها، ...

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com