الرئيسية / المكتبة الصحفية / مقالات الجزيرة / الجزيرة مباشر / إعادة ترتيب البيت الجامعي في عصر الجامعات الخاصة

إعادة ترتيب البيت الجامعي في عصر الجامعات الخاصة

يستطيع كل من مارس مهنة الاستاذية الجامعية أن يدرك أن من الصعوبة بمكان  أن تتحقق نهضة التعليم الجامعي في الوطن العربي؛ على النحو الأكثر إفادة من الموارد، إلا إذا كانت القوانين الحاكمة لهذا النمط الحيوي من التعليم واعية لهذا الهدف ، وعاملة بذكاء من أجله في حوافزها وقيودها على حد سواء .

ذلك أن سمة الحيوية الفائقة في الجامعات قادرة دوما على أن تلبي طموحات التقدم بشرط واحد هو أن تكون  فلسفة التقدم واضحة المعالم في توجه المجتمع .
وطيلة ما مضى من ربع الجامعات الخاصة الذي أوشك على ربع القرن ، فقد  كنت أعتقد أن فترة زمنية تتراوح بين 15 عاماً و20 عاماً كافية لكي تثبت الجامعات الخاصة وجودها.

ثم تبدأ في التنافس مع نظيراتها في الخارج (وفي الداخل) من أجل التفوق في أداء الوظيفة، وكانت المحاذير التي تقف أمام هذا الهدف تتمثل في ظروف النشأة التي أحاطت بالجامعات الخاصة والتي  يمكن حصرها في صراعين تقليديين.

أولهما هو الصراع بين فكرة الاقلال من سيطرة الدولة من ناحية وفكرة تقييد حرية رأس المال من ناحية أخرى.

وثانيهما هو الصراع المتمثل في فكرة استيعاب الطموحات المهنية للشباب بعيداً عن عجز الجامعات “العامة” أو القديمة عن تحقيق كل هذه الطموحات واعتمادا على عناصر التجريب المنطلق بعيدا عن تراثيات النظم الجامعية.

 
 

ومع الزمن فقد تطورت ممارسة الجامعات الخاصة لوظيفتها إلى أساليب عديدة كانت كفيلة بإتاحة نظم موازية لكنها في الحقيقة لم تصل بعد إلى أن تقدم تجارب متميزة تدفع الجامعات القديمة مثلاً أن تحتذيها وتأخذ بها.

وظني أنَ هناك على المستوى الشكلي والهيكلي، منطلقين جوهريين  في التطوير القادم للجامعات الخاصة، عندما يتم التخلص بإذن الله من الروح الشمولية التي عادت إلى السيطرة عليه لظروف نحسبها إن شاء الله طارئة مع الاعتراف بما حدث من فرضها وجودها على المجتمع الجامعي والأكاديمي.

تطورت ممارسة الجامعات الخاصة لوظيفتها إلى أساليب عديدة كانت كفيلة بإتاحة نظم موازية لكنها في الحقيقة لم تصل بعد إلى أن تقدم تجارب متميزة تدفع الجامعات القديمة

المنطلق الأول من هذين المنطلقين يتعلق بفكرة الحرص على قدر مضاعف و شبه مطلق من استقلال الجامعة بأعضاء هيئات التدريس وانفرادها بنشاطهم التعليمي و المهني ، أي أن يكون هناك من بين هيئة تدريس كل جامعة ما لا يقل عن 95% من القائمين بالوظيفة التعليمية من الذين يرتبط وجودهم الوظيفي والـمهني بالجامعة نفسها.

وذلك في مقابل الاعتماد على الإعارة والانتداب الجزئي أوالساعات أو المحاضرات والانتداب يوماً أو يومين في الأسبوع ، أو الاستعانة بالأساتذة المتقاعدين وما إلى ذلك كله، من أساليب محترمة لا نقلل أبدا من قدرها ولكننا لا بد أن نقلل من نسبة اللجوء  إليها بحيث لا يزيد هذا اللجوء على  ١0% من طاقة العمل في كل جامعة.

وإلا فإن الجامعة  تفقد أهم طابع في شخصيتها وتصبح أقرب ما تكون إلى المراكز التعليمية الخاصة وليس إلى المدرسة ، ولا شك أن عنصر الشخصية يمثل أهم العناصر في الجامعة بمفهومها الأسري والعائلي والجماعي…

ويقتضي هذا بالطبع اللجوء إلى نظريات تمويلية عادلة تضمن تمويل تأمينات العاملين في الجامعة سواء في إطار المؤسسة الجامعية نفسها، أو في إطار مؤسسة التأمين الوطنية في هيئة التأمينات والمعاشات والتأمينات الاجتماعية، وطبقا لوضوح في الرؤية وحتى رسائل التمويل.

المنطق الثاني هو الخروج في شغل الوظائف القيادية الجامعية بدءا من منصب رئيس الجامعة إلى مبدأ استقلال المؤسسة الجامعية  حتى وإن أختلف هذا مع المبدأ الذي كان قد اقترحه الدكتور سليمان حزين عند توليه تأسيس جامعة أسيوط؛  في ترقيات أعضاء هيئات التدريس، وما نشأ عنه استقلال كل جامعة بنفسها في اختياراتها لقياداتها في الكليات بعيدا عن الأخريات.

وهي فكرة مهمة طرحتها من قبل واستهدفت بها ألا تعاني الجامعات الحكومية نفسها من العجز عن تقديم قيادات جامعية جانبية متوازية مع بعضها في القيمة والأهمية، بحيث تكون كلية ما في جامعة ما  مضطرة إلى إسناد وظيفة العمادة إلى من هو تالٍ لعمداء الكليات أو الجامعات الأخرى بعشرين عاماً في الأقدمية العلمية أو المكانة العلمية.

لابد من وجود نص صريح يضمن الوازي في الرءوس، و يتيح اللجوء إلى اختيار القيادات الجامعية من المؤسسة الجامعية مجتمعة بكل كياناتها وليس من الجامعة نفسها..

ومن ثم فلا بد من وجود نص صريح يضمن الوازي في الرءوس و يتيح اللجوء إلى اختيار القيادات الجامعية من المؤسسة الجامعية مجتمعة بكل كياناتها وليس من الجامعة نفسها.

وأجدني اليوم من باب التمثيل ( والتأريخ في الوقت نفسه ) مضطراً إلى إعادة طرح الفكرة بعد أن تفاوتت المستويات المتاحة لرؤساء الجامعات في الجامعات الخاصة (بل وفي الجامعات الحكومية أيضا).

وسأكتفي لرسم ملامح هذه الفكرة بأن ألخص ماضي الجامعات المصرية في هذه الجزئية في عهد  ثورة 1952 ، ففي  1954 حين قررت الثورة التخلص من رئاسة العالم الجليل الدكتور أحمد زكي لجامعة القاهرة وجدت الحكومة أن أنسب حل لشغل هذا المنصب هو العودة إلى واحد من الرؤساء السابقين للجامعة على الرغم من تقاعده.

وهكذا أعادت الحكومة تعيين رئيس الجامعة الرابع الدكتور محمد كامل مرسي (1889 ــ 1957) ليخلف الرئيسين  الخامس والسادس اللذين كانا يصغرانه في السن وهما علمان من أعلام العلم والفكر الدكتور مورو ١٨٩٢ – ١٩٧٩ والدكتور أحمد زكي ١٨٩٤ – ١٩٧٥ .

ومارست حكومات 23 يوليو هذه السياسات أربع مرات بعد ذلك في 1958 و 1961 و 1964 و1967 .

 

 

 

 

 

تم النشر نقلا عن موقع الجزيرة مباشر

لقراءة المقال من موقع الجزيرة إضغط هنا

للعودة إلى بداية المقال إضغط هنا

شارك هذا المحتوى مع أصدقائك عبر :
x

‎قد يُعجبك أيضاً

حماس على طريق النصر

لما ظهرت حركة حماس إلى الوجود دارت مناقشات متعددة حول جدواها ومستقبلها، ...

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com