كان إبراهيم الطحاوي (1919 ـ 1992) واحدا من رجال ثورة 1952 البارزين، الذين شغلوا بالعمل السياسي حين كانت الثورة لا تزال تتحسس طريقا لإدارة العملية السياسية بعقلية متحسبة لقوة الشارع السياسي .
ثم كان واحدا من الذين كلفوا بالعمل الإسلامي الاجتماعي، ووجدوا فيه ما يتوافق مع تكوينهم وعقيدتهم واهتماماتهم المبكرة.
ولد إبراهيم الطحاوي في سنة 1919، وتلقى تعليما مدنيا ، والتحق بالكلية الحربية وتخرج فيها، وكان من جيل الضباط الذين قاموا بثورة 23 يوليو 1952، وشارك فيها، وكان مع زميله أحمد طعيمة أول اثنين بدأت بهما فعاليات هيئة التحرير، التي كانت بمثابة الحزب السياسي الأول للثورة قبل الاتحاد القومي، والاتحاد الاشتراكي.
نجح إبراهيم الطحاوي وأحمد طعيمة في توظيف كثير من هذه الاتصالات المستترة لمصلحة مجموعة الرئيس جمال عبد الناصر في الانتصار على شرعية الرئيس محمد نجيب
كانت هيئة التحرير بكل وضوح هيئة سياسية رغم ما أشيع عنها مما هو هو معتاد من نفي العسكريين لنواياهم غير الخافية على المتمرسين من رجال الفكر والسياسة والتاريخ، و كانت هيئة التحرير أقرب ما تكون إلى صيغة «حزب الحاكم» الذي يعطي ويؤسس لشرعية سياسية لوجود العسكريين في السلطة، حتى و إن لم يكن العسكريون بحاجة إلى مثل هذه الشرعية.
ومن الجدير بالذكر أن هذه الهيئة ( هيئة التحرير) كانت قد تكونت في الفترة التي شهدت أوج التعاون بين عبد الناصر والإخوان المسلمين (بعد إلغاء الثورة للأحزاب)، وجاء اختيار الضابطين الشابين إبراهيم الطحاوي وأحمد طعيمة لتسيير ديناميتها إجهاضا لفكرة بازغة كانت تدعو أو تقول بجاذبية وأهمية سيطرة بعض الزعماء الفكريين الذين يمكن حسابهم على جماعة الإخوان المسلمين (وبخاصة أو بالتحديد الكاتب والمفكر الأستاذ سيد قطب)
وهكذا يمكن للمؤرخين أن يقولوا بكل ثقة أن الضابطين الشابين إبراهيم الطحاوي واحمد طعيمة كانا هما البديل الفكري العسكري الذي قدمته الثورة للمفكر والناقد سيد قطب.
ولاشك في أن هذه الهيئة قد لعبت عبر الدهاليز و الكواليس و في الأضواء دورا مهما في حسم الصراع علي السلطة في 1954 لمجموعة الرئيس جمال عبد الناصر.
وكان للضابطين الشابين إبراهيم الطحاوي وأحمد طعيمة فضل الاتصال بتنظيمات ثقافية، بل إنهما صاحبا الفضل في الاتصالات بتجمعات عمالية، كانت قابلة للعمل ضد الديمقراطية ، بل وعملت بالفعل نظير أموال تلقاها عماليون بارزون سرعان ما أذلتهم الثورة.
وقد نجح إبراهيم الطحاوي وأحمد طعيمة في توظيف كثير من هذه الاتصالات المستترة لمصلحة مجموعة الرئيس جمال عبد الناصر في الانتصار على شرعية الرئيس محمد نجيب، وفي الانتصار على الديمقراطية نفسها.
وفيما بعد فترة قصيرة بدأت الثورة في صياغة وتنفيذ فكرة الاتحاد القومي، بينما وجهت جهود إبراهيم الطحاوي إلي العمل في المؤتمر الإسلامي، الذي كان الرئيس أنور السادات بمثابة الرجل الأول فيه.
كما تولي إبراهيم الطحاوي رئاسة جمعيات الشبان المسلمين في مصر، وكان هذا أمرا متوقعا، في الوقت الذي كانت الثورة تختار فيه رؤساء جمعيات المجتمع المدني بمعرفتها، ومن بين ضباطها.
وقد عاش الطحاوي منذ ستينيات القرن العشرين حياة هادئة في الظل السياسي مع حضور معقول و من دون أن ينازع في الحكم، أو في التاريخ، ومن دون أن ينال منصب الوزارة الذي ناله زميله أحمد طعيمة.
توفي إبراهيم الطحاوي في 1992.
تم النشر نقلا عن موقع الجزيرة مباشر
لقراءة المقال من موقع الجزيرة إضغط هنا
للعودة إلى بداية المقال إضغط هنا