كان الدكتور خليل عساكر (1906 ـ 1993) نموذجا بارزا للأستاذ الجامعي التي تتبلور موهبته الأكبر فيما يشرف عليه من رسائل جامعية متكاملة مع بعضها، وهو طراز من الأستاذية لا يجد بيئته المواتية إلا في مراكز البحث العلمي التي لا تنشغل بالمتابعة اليومية للمحاضرات والامتحانات، وتضمن تهيئة دائبة لأدوات البحث العلمي، وتيسر الاتصال بالمكتبة وأوعية المعلومات، وتحفظ للأستاذية حقوقها من دون الإكثار من الأعباء التقليدية، وهو مناخ نجحت بعض الجامعات العربية في تشجيعه بهدوء ومن دون ضجيج، وكان سببا فيما أضافه الدكتور خليل عساكر للدراسات اللغوية.
كان الدكتور خليل عساكر قبل ذلك واحدا من أوائل الأساتذة الذين انشغلوا بعلوم اللهجات، وكانت له جهود مهمة في علوم متن اللغة، ومن أبرز أعماله دراسته المبكرة عن الأطلس اللغوي، كما أنه كان واحدا من الأساتذة الجامعيين المصريين الرواد الذين أسهموا في ازدهار التعليم الجامعي في السودان في رافديه المهمين: في فرع جامعة القاهرة بالخرطوم، وجامعة أم درمان الإسلامية.
نشأته وتكوينه العلمي
ولد الدكتور خليل عساكر في إمبابة بمحافظة الجيزة عام 1906، واسمه الثلاثي خليل محمود عساكر، تلقى الدكتور خليل عساكر تعليما مدنيا وتخرج في قسم اللغة العربية كلية الآداب جامعة القاهرة (1932)، وهو بهذا سابق في التخرج على الدكاترة شوقي ضيف وسهير القلماوي وعائشة عبد الرحمن والأهواني والقط والشكعة ومن تلوهم، وإن كان تاليا للدكاترة محمد كامل حسين وعبد اللطيف حمزة ومحمد مندور. ودفعته هي رابع دفعات كلية الآداب، وهي الدفعة التي تخرج فيها الدكتور محمد متولي موسى أستاذ الجغرافيا، الذي عمل محافظا وسكرتيرا للمجلس الأعلى للجامعات، كما تخرج فيها أربعة من المؤرخين الأكاديميين البارزين: الدكتور السيد الباز العريني، وحسن عثمان المؤرخ ومترجم دانتي، والمؤرخ الدكتور محمد زكي علي مؤرخ الحقبة اليونانية، والدكتور زاهر رياض مؤرخ الحقبة القبطية.
أتيح للدكتور خليل عساكر بعد تخرجه في جامعة القاهرة أن يدرس في ألمانيا بالرغم من ظروف الحرب العالمية وحصل على درجة الدكتوراه (1942) من جامعة الملك كارل الألمانية، وكان من ضمن مؤهلات حصوله على الدرجة تحقيقه لكتاب «العشرات» لأبي عمر الزاهد وهو معجم لغوي مع ترجمته إلى اللغة الألمانية، ومن الجدير بالذكر أن الدكتور يحيى عبد الرؤوف خير حقق كتاب العشرات ونشره بعنوان “العشرات في غريب اللغة” وقد طبعته المطبعة الوطنية في عمان الأردن 1984.
عمله في السودان والسعودية
قضى الأستاذ خليل عساكر معظم حياة الاستاذية في الخرطوم حيث عمل في فرع جامعة القاهرة في الخرطوم ( الذي تحول إلى جامعة النيلين الآن) وأصبح من كبار أساتذة الكلية وتولى عمادة الكلية، كما تولى عمادة كلية البنات بجامعة أم درمان الإسلامية بالخرطوم، وتولى بتكليف من الحكومة السودانية رئاسة مشروع التعريب في جنوب البلاد. وكذلك عمل الدكتور خليل عساكر أيضا خبيرًا بمجمع اللغة العربية بالقاهرة في نهاية الأربعينيات.
وفي منتصف السبعينات من القرن العشرين استقر الدكتور خليل عساكر في قسم الدراسات العليا بجامعة الملك عبد العزيز فرع مكة (جامعة أم القرى الآن).وفي منتصف الثمانينات من القرن العشرين انتقل الدكتور خليل عساكر للعمل في مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي التابع لجامعة أم القرى، وتولى المساعدة في إنجاز وتحرير موسوعة الملك فهد للشعر العربي، لكن الأجل لم يمهله ليراها وقد طبعت بعض أجزائها بعد وفاته. وقد أشرف الدكتور خليل عساكر على العديد من الرسائل الجامعية في مصر والسودان والسعودية.
آثاره وبحوثه
– الأطلس اللغوي، بحث ألقاه في مؤتمر المجمع اللغوي بالقاهرة، 1949. وقد نشر الدكتور خليل عساكر مقاله عن الأطلس اللغوي في مجلة الثقافة 1949 ثم نشرته مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة 1955 وكان النشر متأخراً بحكم ظروف الحرب وتأخر نشر بحوث ونشاط المجمع .
– ترجمة بحث المستشرق الألماني فرنز عن الإعراب في اللغة العربية، ونشره في مجلة كلية مجمع اللغة بجامعة أم القرى
– ترجمة كتاب إيميل أتو قواعد اللغة الألمانية إلى اللغة العربية
– بحثه عن أرقام حديثة، وقد لخص هذا البحث في مقدمة تحقيقه لكتاب أبي بكر الصولي (أخبار أبي تمام)
– رسالة في الكتابة المنسوبة 1955
– الكتابة العربية بين نموها الرأسي ونمو أفقي مقترح، مجلة الفيصل 1980
– رأي في أصل الضمير نحن
– طريقة كتابة نصوص اللهجات العربية الحديثة بحروف عربية
– مذكرة بخصوص نقل الحروف العربية إلى الحروف اللاتينية.
– طريقة لضبط النصوص العربية المطبوعة بشكل مخفف .
– كتابة اللغات الجنوبية في السودان بالحرف العربي
من تحقيقاته
– أخبار أبي تمام للصولي، بالمشاركة مع الدكتور محمد عبده عزام ونظير الإسلام الهندي، 1937 وهو أشهر الكتب التي حققها الدكتور خليل عساكر.
– تشحيذ الأذهان بسيرة بلاد العرب والسودان تأليف محمد عمر التونسي وقد حققه ووضع هوامشه بالاشتراك مع الدكتور مصطفى محمد مسعد
هو الذي أشرف على
ـ رسالة الدكتور أحمد مكي الأنصاري عن الفراء ومذهبه في النحو واللغة (نوقشت 1960)،
ـ رسالة الباحث محمد رشدي حسن عن تطور فن المقامة العربية (نوقشت 1965)
ـ رسالة الدكتور محمد أحمد العمري للماجستيرعن لغة تميم
ـ رسالة الدكتور محمد أحمد العمري للدكتوراه عن لغات قيس
– رسالة الدكتور محمد يعقوب تركستاني للدكتوراه عن لغات طي
– رسالة الدكتور عبد الرحمن العتيبي للدكتوراه شرح المفصل في صفة الإعراب
– رسالة لدكتور عثمان الصيني للدكتوراه عن قصد السبيل فيما في اللغة العربية من الدخيل
– رسالة الدكتور جمعان السلمي للدكتوراه عن إصلاح الإغفال من كتاب المنخل
تكريمه
كان من حظ الدكتور خليل عساكر أن قيض الله أحد تلاميذه وهو الدكتور غنيم الينبعاويّ ( من كلية اللغة العربية في جامعة أم القرى بمكة المكرمة) لكتابة بحث بعنوان “جهود خليل محمود عساكر في الدرس اللغوي” (2003).
تم النشر نقلا عن موقع مدونات الجزيرة
لقراءة المقال من مدونات الجزيرة إضغط هنا
للعودة إلى بداية المقال إضغط هنا