الرئيسية / المكتبة الصحفية / العلامة #إبراهيم_نجا الذي أحيا ذكر المدرسة البغدادية في النحو

العلامة #إبراهيم_نجا الذي أحيا ذكر المدرسة البغدادية في النحو

الدكتور إبراهيم محمد نجا (النحوي) (1913 ـ 1981) عالم ولغوي أكاديمي كبير، ومن الطريف أن اسمه الثلاثي يشتبه بل يتحد مع شاعر غنائي معروف هو الشاعر إبراهيم محمد نجا، وهو معاصر له، وهو أيضا من خريجي كلية اللغة العربية، وقد واصل دراساته العليا فيها، لكنه لم يحصل على الدكتوراه ولا الأستاذية، ولم يعمل في هيئة التدريس. كان الدكتور إبراهيم محمد نجا علما وعالما من علماء اللغة الأزهريين المحدثين، عني بعلم اللغة وبدراسة الأنساق الفكرية في التفكير النحوي العربي من منطلق المعطيات العلمية والفلسفية التي أتاحها علم فقه اللغة.

 

نشأته وتكوينه العلمي

ولد الدكتور إبراهيم نجا في أبيار بمحافظة الشرقية سنة 1913، وتلقى تعليما دينيا تقليديا بدأه في الكتاب، حيث حفظ القرآن الكريم، وبعد أن أتم حفظ القرآن الكريم درس في الأزهر، وتنقل في معاهده، وأتيح له أن يدرس في الجامع الأزهر على الطريقة القديمة، كما انتظم بعد ذلك في كلية اللغة العربية حتى حصل على الإجازة العالية منها في دفعة من أوليات دفعات كلية اللغة العربية بعد تطوير الأزهر في نظامه الجديد الذي تم استكماله في عهد الشيخين الظواهري والمراغي. واصل الدكتور إبراهيم نجا دراساته العليا حتى حصل على شهادة العالمية من درجة أستاذ في النحو.

وقد ناظر الدكتور إبراهيم نجا في هذا الكادر العلمي الأزهري الجامعي مجموعة من زملائه الأزهريين الأفذاذ يأتي في مقدمتهم الأستاذ الدكتور الشيخ محمد نايل (1909- 2011)، الذي قضى حياته هو الآخر أستاذًا للأدب في كلية اللغة العربية وعميدا للكلية وعضوا في مجمع اللغة العربية، وقد أتيح له عمر أطول بكثير من عمر الدكتور إبراهيم نجا، ومنهم زميله السابق عليه في المولد بعام واحد الدكتور محمد رفعت فتح الله (١٩١٢- ١٩٨٤) الذي وصل إلى عضوية مجمع اللغة العربية في١٩٧٩. وكان من جيل أساتذة علوم اللغة والنحو والأدب الأزهريين الذين زاملوا الدكتور ابراهيم نجا كل من الدكتور إبراهيم البسيوني (1911 – 1195)، الذي وصل أيضًا إلى عضوية مجمع اللغة العربية في ١٩٩٢، والدكتور عبد العظيم الشناوي (1911 – 1991)، والدكتور سليمان ربيع ١٩١١- ١٩٨٨، والدكتور حسن جاد ١٩١٤- ١٩٩٥.

 

وكان هذا الجيل من الحاصلين على العالمية بدرجة أستاذ قد تعرضوا لظلم الدكتور محمد البهي وتعسفه غير الواعي حين تولى منصب مدير الجامعة الأزهرية، حيث كان حريصًا على أن يؤخر مكانتهم ليُمكن لشهادات الدكتوراه الغربية وللحاصلين على شهادات الدكتوراه الغربية ؛ بحيث تسبق الدرجات الغربية هذه الدرجة الأزهرية العلمية الوطنية، التي كان الحاصلون عليها قد ناقشوا بالفعل رسائل علمية اشترك في مناقشتها أساتذة الجامعات المصرية من خارج جامعة الأزهر، وشغلوا بها المناصب العلمية  والأكاديمية في الكليات الأزهرية وقاموا بها خير قيام، وكان الدكتور إبراهيم نجا نفسه نموذجا للأداء الجامعي المتميز الذي كان يسبق به أنداده في الجامعات المصرية في الفترة التي كنا نتلقى فيها العلم ونقارن بين أساتذتنا في الجامعة ونظرائهم الأزهريين فيما يتعلق بالروح الأكاديمية والمعاملة الذكية، ولست أبالغ ولا أذيع سرا إذا قلت إن قيادات الجامعة الأزهرية كانت أكثر حرصا على  تشجيع النشاط الطلابي وعلى روح النهضة في الشباب، وقد كان هذا المعنى واضحا حتى في اتحاد طلاب الجمهورية الذي يضم طلاب الأزهر مع الجامعات المدنية الأخرى.

 

عمل الدكتور إبراهيم نجا في كلية اللغة العربية جامعة الأزهر، وترقى في هيئة التدريس بها مدرسا، ثم أستاذا مساعدا، ثم أستاذا ثم صار عميدًا للكلية، فنائبا لرئيس جامعة الأزهر، وكان ثاني نحوي يصل إلى مثل هذا المنصب الأكاديمي الرفيع في جامعة الأزهر؛ حيث كان الشيخ محمد الفحام أستاذ النحو في الجيل السابق عليه قد وصل إلى منصب شيخ الأزهر.

 

تعريفه بالمدرسة البغدادية

أشهر مؤلفات الدكتور إبراهيم نجا هو كتابه المدرسة البغدادية في النحو العربي، وهو كتاب في تاريخ العلم اللغوي وفلسفته نال القبول والتقريظ، ومن الطريف أن عالما نحويا مبرزا من أساتذة دار العلوم هو الدكتور عبد الرحمن السيد (1918 ـ 1999) وكيل كلية دار العلوم وعضو مجمع اللغة العربية (فيما بعد) أنجز جهدا موازيا عن «مدرسة البصرة النحوية». وقد كان من ذكاء الدكتور إبراهيم نجا أن قدم هذه المدرسة للمعاصرين وبخاصة في ظل ما نعرفه عن سيطرة هذه المدرسة منذ بداية القرن الرابع الهجري، وحلولها محل المدرستين الكوفية والبصرية، وأن كان التراث النحوي لا يزال يذكر آراء المدرستين والخلاف بينهما، وقد أحصى العلماء أكثر من مائة خلاف نحوي بين المدرستين.

 

من الجدير بالذكر أن بغداد كانت ساحة للنحاة الكوفيين في أيام الخليفة المهدي، وفي عهد الرشيد، ثم أصبحت ميدانا للتنافس بين الكوفيين والبصريين خلال عهدي الواثق وأخيه المتوكل، وقد تكفلت المدرسة البغدادية بالوفاق النحوي حتى لم تعد هنالك هيمنة لأحد على أحدٍ في علوم النحو وقضاياه التي تظلل كثيرا من رؤى الشاعر والفيلسوف والفقيه والعالم والأديب، وتمثل النسيج الحاكم في كلِّ مؤلف ومصنف. ومما يروى أن العلامة الزجاج ترك أستاذه وشيخه ثعلب في حياته عندما سحره المبرد رأس المدرسة البغدادية في النحو بمنطقه وتحليلاته، ولمّا لاموه على تركه ثعلب إلى رجل مجهول غير معروف لدى البغداديين وقالوا له: تأخذ عن مجهول لا تعرف اسمه وتدع من انتشر في الأفاق ذكره؟ فأجابهم: لست أقول بالذكر والخمول ولكني أقول بالعلم والنظر! وقد تولى الزجّاج رئاسة النحو في بغداد بعد المبرد، وأصبح يدرس المذهبين، وكذلك كان أبو الحسن محمد بن أحمد بن كيسان (ت 911م) الذي وصف بأنه كان بصرياً كوفيأً يحفظ القولين، ويعرف المذهبين، وذلك لأنه أخذ عن المبرد وثعلب آثاره:

 

 – المدرسة البغدادية في النحو العربي.

 – فقه اللغة العربية.

 – اللهجات العربية.

 – التجويد والأصوات.

– المعاجم.

 

وفاته

توفي الدكتور إبراهيم نجا سنة 1981 وترك من الذرية الصالحة ابنه الدكتور مازن نجا أكبر أساتذة طب الجهاز الهضمي والمناظير.

 

 

 

 

 

 
 

تم النشر نقلا عن موقع مدونات الجزيرة

 
ض

لقراءة المقال من مدونات الجزيرة إضغط هنا

 
 

للعودة إلى بداية المقال إضغط هنا

شارك هذا المحتوى مع أصدقائك عبر :
x

‎قد يُعجبك أيضاً

حماس على طريق النصر

لما ظهرت حركة حماس إلى الوجود دارت مناقشات متعددة حول جدواها ومستقبلها، ...

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com