اللواء إبراهيم رفعت باشا (1857 ــ 1935) عسكري مصري تقليدي درس في المدرسة الحربية المصرية، ورزق طول العمر، وترقى في سلك العسكرية المصرية، وخاض عدداً من المعارك العسكرية على أرض وادي النيل، وهي معارك استهدفت في المقام الأول والأخير تأمين السيطرة المصرية على وادي النيل ومسار النهر ومنابعه، وفي سبيل تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي المرتبط بما نعرفه الآن على أنه الأمن القومي، اشتبك الجيش في هذه المعارك مع مسلمين وعرب وأفارقة وأشقاء من دون مراعاة لأية قاعدة من قواعد الولاء أو اشتراك الدين أو القومية أو الأرض، وذلك من أجل تحقيق ذلك الهدف الاستراتيجي المحدد.
وصل اللواء إبراهيم رفعت باشا قرب نهاية خدمته إلى أن أصبح عضوا بارزا في الحاشية الخديوية، وكانت تسمى المعية، واختتم حياته العسكرية برئاسة الحرس الخديوي (ما يناظر الحرس الجمهوري أو الملكي) ونوال الباشوية ونوال رتبة اللواء، بيد أن هذا كله لم يكن ليخلد ذكره بأكثر من سطر أو سطرين في كتب التاريخ والتراجم وإنما تخلد ذكره بسبب جهده الذكي في كتابة رحلاته للحج في ذلك الكتاب العظيم المكون من مجلدين والذي ظل بعيداً عن الأعين مدة طويلة، وكنت قد بدأت في الهيئة المصرية العامة للكتاب مشروعا كبيرا لنشر كنوز القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. وكان منها هذا الكتاب الذي ظل بمثابة نسيج وحده بين الكتب المشابهة له في موضوعه.
يعد كتاب “مرآة الحرمين” أول كتاب مصور ومزود بالخراط عن هذا الموضوع، وقد ضم ما يقرب الأربعمائة صورة شمسية حية التقطها المؤلف، وسماها، ووضعها في مكانها من السياق، وعلّق عليها بطريقة ذكية، فجاء نسيج هذا الكتاب الموسوعي المصور مكتملا منسقا ومتسقا وفريداً في بابه، ومن الجدير بالذكر أن الأستاذ لبيب بك البتانوني استعان بهذا الكتاب وبصوره حين كتب كتابه “الرحلة الحجازية” عن رحلة الخديو عباس حلمي الثاني المشهورة إلى الحج التي وافقت عام 1910 والتي كان من المقرر أن يصحبه فيها أمير الشعراء لكنه عاد من أول الطريق، وعوض هذا بأن نظم قصيدته العظيمة إلى عرفات الله. ومن الجدير بالذكر أيضاً أن الرجلين إبراهيم رفعت باشا ولبيب البتانوني بك سابقان بعقود على الأستاذ محمد ثابت الرائد الأكبر لأدب الرحلات في أدبنا المعاصر.
يتميز اللواء إبراهيم رفعت باشا في كتابه بكثير من المزايا التي تنم عن شخصيته المنضبطة والمحبة للعلم، فهو على سبيل المثال أكثر من وفق في وصفه للحجرة النبوية بأروع وصف، وهو يتناول القضايا التي تعرض له من خلال زوايا جادة تراعي العلوم المختلفة (جغرافية وفلكية وهندسية وبيئية) كما أنه حريص على إثبات الأرقام في المساحات والمسافات والموازين والمكاييل والنفقات والرواتب والتكلفة وهو حريص أيضا على التثبت من الوقائع التاريخية ونسبة كل فضل إلى صاحبه وعلى سبيل المثال فإنه يعلمنا أن الذي أنشأ ميناء جدة هو الخليفة عثمان بن عفان، في العام الهجري السادس والعشرين، حيث اعتمر من المدينة فطلب منه أهلها أن ينقل ساحل مكة القديم من الشعبية جنوبي جدة الآن إلى جدة لقربها من مكة، فخرج بنفسه إلى جدة ورآها، واغتسل من البحر، وقال: “إنه مبارك”، وأمر من معه بدخول البحر للاغتسال مؤتزرين، ومن يومها أصبحت جدة هي ميناء مكة. كذلك فإنه يعلمنا أن الذي أنشأ سور الميناء هو السلطان قنصوه الغوري. وأن السلطانة شجر الدر كانت أول من أرسل المحمل على طريقته المعروفة. ومما يحسب لهذا الكتاب والعصر الذي صدر فيه أنه لا يخلو من توجيه النقد للحكومة المصرية والتصرفات أو السياسات الحكومية على نحو ما سنرى.
ولد اللواء ابراهيم رفعت باشا في 14 ديسمبر 1857 في أسيوط، في عائلة ينتهي لقبها بالمليجي، وهو لقب لم يُعرف به، كعادة من كان ينتسب إلى طبقة رجال الدولة والعسكريين في ذلك الجيل، أما اسم والده فهو سويفي بن عبد الجواد بن مصطفى المليجي وقد توفي والده وهو في الثالثة من عمره، فتولت والدته المسئولية عنه وتولى خليل بك سري من أعيان أسيوط كفالته، وفيما بعد فقد تزوج إبراهيم رفعت من ابنة أخ خليل بك سري.
بدأ اللواء ابراهيم رفعت باشا تعليمه في الكتاب حيث حفظ القرآن، ثم التحق بمدرسة أسيوط الأميرية وبعد أن اجتازها في ثلاث سنوات انتقل عام 1880 إلى المدرسة التجهيزية بالقاهرة، ومنها إلى المدرسة الحربية، ومكث بها ثلاث سنوات حتى تخرجه برتبة الملازم الثاني في عهد الخديو توفيق، وإن كانت المصادر التاريخية المتاحة لترجمته تنقل عن بعضها البعض من باب الخطأ أنه تخرج في عهد الخديو إسماعيل.
في بداية عهد الخديو عباس حلمي الثاني، كان ابراهيم رفعت باشا قد ترقي إلى رتبة الصاغ وبعد ذلك عُيِّن قائدا للكتيبة الرابعة، ثم رقّي إلى رتبة البكباشي وتولى منصب أركان حرب قسم سواكن في السودان. وفى إبريل 1899م نقل إلى المعينة السنية بوظيفة ياور، ثم إلى رتبة قائممقام، وعيّن قائدا لحرس المحمل (موكب الحج) وبعدها رقّي إلى رتبة أميرالاي وعين قائدا لعموم الحرس الخديوي وبقي في هذه الوظيفة إلى أن أحيل إلى المعاش في 16 أكتوبر 1902. وقبل خروجه على المعاش بعام انتدب اللواء ابراهيم رفعت باشا في مأمورية ليمهّد الطريق للخديو في جولته في مرسي مطروح والسلوم وواحة سيوة، وقضى في هذه المأمورية 42 يومًا، ثم رافق الخديو عباس حلمي الثاني في رحلته إلى السلوم.
قضى اللواء إبراهيم رفعت باشا ١١ عاما من حياته في السودان، إذ قضى في السودان الغربي ست سنوات وفي السودان الشرقي خمس سنوات. وشهد المعارك التالية:
– معارك سواكن سنة 1884م وسنة 1885م
– معركة صرحي التي قتل فيها القائد النوركنزي
– معركة ابن النجومي سنة 1889
– معركة طوكر سنة 1891م المعروفة بواقعة عثمان دقنة
– ميدالية سواكن سنة 1884 و1885م
– النجمة المصرية
– النيشان المجيدي الرابع
– النيشان العثماني الرابع
– ميدالية استرجاع السودان
– الميدالية الإنجليزية
– النيشان العثماني الثالث
أما علاقته برحلات الحج فيلخصها أنه كان قائد حرس المحمل (1318 هـ/ 1901م) ثم أميراً لركب الحج المصري في 1320 هـ/ 1903م و1321 هـ/ 1904م و1325 هـ/ 1908م. مع اختلاف في بعض الروايات من قبيل أن صورته المشهورة تسجل أنه أمير الحج في ١٩٠٧.
يصف اللواء إبراهيم رفعت باشا الوقوف بعرفة ومنظر جبل الرحمة وقد ملأه الحجاج حتى لم يبق منه موضع لقدم، ويذكر ما لاحظه من أغلب هؤلاء من السودانيين واليمنيين والمغاربة، وأنهم يتخذون الجبل مسكناً لهم.
تحدث اللواء إبراهيم رفعت باشا عن فكاهات الحجاج عند رمي الجمرات ذاكراً أن بعضهم كان يرمي الحصيات السبع دفعة واحدة، وأن اليوزباشى عبد الوهاب حبيب أفندي لما جاء وقت رمي جمرة العقبة أخذ عساكر الحرس ورجموا إبليس دفعة واحدة بهيئة هجوم على عدو وانتقام منه.
كان ثمن الشاة من ريالين ونصف إلى ثلاثة ونصف، وكان يؤخذ لشريف مكة على كل رأس من الغنم تباع للحجاج خمسة قروش من البائع·
وصف اللواء إبراهيم رفعت باشا جدة بأنها ميناء مكة العظيمة وتضم بيوتا رائعة يسكنها الأكابر من الأشراف وكبار التجار والقناصل وتزدان بواجهات ومشربيات مصنوعة من الخشب الهندي الأحمر المخروط ونشر صورة لبيت أعجبه هو بيت السيد عمر السقاف الشريف· أما سكان جدة فخليط من أجناس شتى من مكيين ويمنيين وحضرميين وهنود وترك وشوام ومصريين، وعدد سكانها حوالي 25 ألف نسمة ويبلغ عدد السكان بها خلال موسم الحج خمسين إلى ستين ألفاً، ويمر بها من الحجاج كل عام نحو 120 ألفاً، وبها حوالي 3300 منزل مبنية من الحجر الأبيض المستخرج من البحر، يتكون المنزل من طابقين إلى خمسة، وبالساحل مبني الجمرك، وبها خمسة جوامع وثلاثون مسجدًا مفروشة بالحصر الناعمة الجميلة، إلا أنها تكون مبللة عند رطوبة الجو، وهي مرتفعة عن مستوي الشارع بثلاثة أمتار، وليس بها بيوت خلاء، ولا ميضات، وبها حمام واحد وفندقان، وأربعون قهوة، وصيدلية، ومكتب تعليم راق، ومستشفى، ويوجد بمقابرها مقبرة “حواء” المزعومة، وبها 800 صهريج لتجميع مياه المطر لبيعها للحجاج، ولكنها معطلة، ولهذا اضطر المحمل أن يجلب مياه الشرب من أعذب الآبار بواسطة سقائيين بأجر، ولاحظ اللواء إبراهيم رفعت باشا أن جميع أهالي جدة مغرمون بشرب التبغ.
تم هذا الغسل في اليوم الخامس من ذي الحجة، وكانت الكعبة بعد غسلها تفتح لمن يريد الزيارة بعد أن يدفع ريالاً قيمته عشرة قروش مصرية لمن يتولى فتح الباب من قبل السيد محمد صالح الشيبي أمين المفتاح وإذا كان الزائر غنياً أخذوا منه بضعة جنيهات· وقد دعي إبراهيم (باشا) رفعت أمير الحج، هو وأمين الصرة لغسل الكعبة، فلما دخل إليها صلّي في كل جهة من جهاتها الأربع ركعتين، ثم أخذ مع الجميع في غسيل أرضية الكعبة من الداخل بماء زمزم، وكان ذلك بمقشات صغيرة صنعت من خوص النخيل، ثم وزعت عليهم، ثم وزعت خرق بيضاء مبللة بماء الورد، والروائح العطرية، وأخذ يمسح جدار الكعبة، وكان الزحام بالخارج قد اشتد لأخذ مياه الغسيل للتبرك بها، والمطوفون يأخذونها ويضعونها في قوارير يهادون بها أتباعهم من الحجاج، وكذلك يتخطف الناس مقشات الغسل، بل يتصارعون عليها، وهو يذكر أنه عند نزوله من الكعبة احتفظ بالمقشة التي كانت معه في بشكير كبير.
وقد أورد اللواء إبراهيم رفعت باشا نص الإشهاد الشرعي الخاص بكسوة الكعبة المشرفة متضمنا أنواع المنسوجات ومقاديرها، مثل الحرير الأسود والأطلسي وذكر أن محرر الإشهاد الذي ينتدبه قاضي قضاة مصر. ولخص مظاهر الاحتفال بموكب الكسوة ومروره بشوارع القاهرة ورحلة الباخرة “النجيلة” المخصصة لحمل الكسوة بالإضافة إلى بعض الحجاج ووصف ارتداء جميع الركاب ملابس الإحرام قبيل بلوغها إلى مرفأ جدة·
أرخ اللواء إبراهيم رفعت باشا لرحلة حجّه الأولي والتي كان قائدا للمحمل بها في العام 1901 بدءًا من يوم 16 فبراير 1901، وهو يوم بدء الاحتفالات بكسوة الكعبة المشرفة، حيث أتي المحمل من مقر وزارة المالية، ونقل داخل صناديق على عجل إلى «وكالة الست» بالجمالية، حسب المعتاد، ونقل جزء من الكسوة مع أحزمتها الحريرية المزركشة بالقصب من مصنعها بالخرنفش، إلى المصطبة بميدان صلاح الدين المعروف بميدان القلعة، وفي عصر ذلك اليوم احتفل أيضًا بنقل كسوة مقام “الخليل إبراهيم عليه السلام”، والجزء الباقي من كسوة الكعبة من مصنعها إلى الميدان المذكور.
وكان نقل الكسوة على أكتاف الحمالين، يحيط بهم رجال الشرطة، ويتقدمهم قسم من الجيش، ومعهم الموسيقي، وأرباب المزمار البلدي المعينون للسفر بصحبة المحمل، ويتقدم الكسوة مدير مصنعها عبد الله فائق بك مأمور الكسوة ممتطيًا جواده، مرتديًا بدلة التشريفة الكبرى، وعلى يديه المبسوطتين كيس مفتاح الكعبة، ويتلو الكسوة كسوة المقام محمولة على الأكتاف.
ووصل الموكب إلى سبيل كتخدا القريب من النحاسين حيث التقي المحمل ببقية الكسوة القادمة من “وكالة الست” بالجمالية، على ظهر جمل، فدخل الموكب من النحاسين إلى الغورية فباب زويلة فالدرب الأحمر، فالتبانة، فالمحجر فميدان صلاح الدين، حيث أقيمت الاحتفالات بالكسوة بحضور الخديوي، والوزراء، والعلماء، والأعيان، ثم تحرك الموكب إلى العباسية للسفر بالسكة الحديد مصحوبًا بأرباب الطرق الصوفية، والروائح العطرية، والخرق الجديدة لزوم غسل الكعبة المشرفة، وبلغ جملة ما أنفق على هذا الاحتفال مبلغ 100 جنيه مصري.
وفي جدة سار موكب المحمل مصحوبا بالموسيقى العسكرية بين صفين من العساكر العثمانيين قدرهم إبراهيم رفعت بأربعمئة من العساكر النظاميين ومئتين من غير النظاميين.
يذكر اللواء إبراهيم رفعت باشا أن المحمل عبارة عن أعواد من الخشب على شكل الهودج مربع، ذي سقف متدرج في الارتفاع إلى الوسط ينتهي بهلال، وفي العادة يسدل على الهيكل الخشبي كسوة من الحرير، ويوضع أثناء السفر على ظهر جمل، و هو يشير إلى أن كتاب “الكنز المدفون” للسيوطي ذكر أن أول من أحدث المحمل في طريق مكة هو “الحجاج بن يوسف الثقفي”، والمحامل ترد من الأقاليم من الجهات الأربع: العراقي، والمصري، والشامي، واليمني، ويرجع تاريخ المحمل المصري إلى “شجر الدر” سنة 1250، وأنه كان هودجها حين حجّت، والمحمل المصري تصحبه كسوة الكعبة، والصدقات اللازمة للحرمين التي توزع على فقرائهما.
وقد زار اللواء إبراهيم رفعت باشا شريف مكة الذي كان يلقب بسيد الجميع تمييزاً له عن بقية الأشراف، وهو الحاكم الذي لا ينازع في أمر ولا يرد له قول ينفي ما شاء، ويحبس من شاء، ويعاقب من شاء، وبيده عقد الأمور وحلها، وكل الحكام بمكة طوع إشارته. والتقى اللواء إبراهيم رفعت باشا أيضا عدداً من إشراف المدينة وطلبوا منه أن تكون رواتب الأشراف بالريال المصري واشتكوا له من قيام بعض نظار التكية المصرية بمكة بعمل غير لائق وهو تحويل نوافذها إلى أبواب لحوانيت اقتطعت من مساحة التكية.
تحدث اللواء إبراهيم رفعت باشا عن مصارف الخيرات من المرتبات التي خصصتها مصر لأهل الحرمين ولعربان الطرق، وما تقوم به تكايا مكة، والمدينة من إطعام الفقراء، والمساكين، وهاتان التكيتان من آثار محمد علي (باشا) رأس الأسرة المالكة بمصر، وقد بلغ مقدار نفقات التكيتين في سنة 1321هـ / 1903م مبلغ 3550 جنيهًا مصريًا، وقد أورد كشفًا بما تنفقه يوميًا تكية مكة، من مسلي، وأرز هندي، ودقيق، وملح، وحمص، وحطب، ومقررات اللحم الجملي والضأن اليومية، ومرتبات تصرف من الأوقاف المصرية بالحرمين للمشايخ، والعلماء والأرامل والأيتام بالاسم، وقد وجد أن الفقراء قد تضاعفوا ثلاثة أمثال عما هو مقرر لهم، فصعد إلى سطح التكية والتقط صورًا للفقراء وهم يتضرعون بإنزال سحائب الرحمة على محمد علي (باشا)، ولما عاد إلى مصر رفع تقريرًا مصورًا للخديوي الذي أمر بزيادة مقررات التكيتين المصريتين بالحرمين.
بلغت ميزانية موكب الحج في عام 1318هـ 18,893 جنيهاً مصرياً هي مرتبات رجال المحمل جميعهم مدة ثلاثة أشهر ومرتب أمير مكة والمبالغ المقدرة لإشرافها وللعربان ولـلتكيتين المصريتين في مكة والمدينة وجميع النفقات الأخرى من أجرة جمال وثمن علف دواب الخ.
روى اللواء إبراهيم رفعت باشا أنه في العام 1901 أبلغه ناظر الداخلية مصطفي باشا فهمي أنه بناءً على اجتماع مجلس النظار فقد تقرر أن يكون الحج جماعيًا وإلغاء الحج الفردي لأول مرة في تاريخ مصر، وأنه على جميع الأشخاص الذين يودّون أداء فريضة الحج أن يرافقوا قافلة المحمل ليكونوا تحت رعاية أميره، وملاحظة حراسه، حتي إذا مرض أحدهم وجد في الحال الطبيب، والدواء، حتي يتقي الوباء الذي نقل الحجاج جراثيمه في العام السابق إلى القطر المصري ففتك بالناس فتكًا ذريعًا، وتكلفت الحكومة بنفقات الحجاج البالغ عددهم حوالي 600 حاج، وذلك بالبر والبحر من السويس إلى العودة، وقررت الحكومة أن يدفع كل حاج في الدرجة الأولي 70 جنيهًا مصريًا، وأن يصطحب معه على الأكثر 5 جمال، وأن يدفع حاج الدرجة الثانية مبلغ 50 جنيهًا، وله صحبة جملين فقط، واعتبرت الحكومة هذه المبالغ ضمانًا عندها تحتسب منه نفقات الحجر الصحي والسفر، وتعهدت الحكومة برد الباقي لمن دفع، ولم يخف اللواء إبراهيم رفعت باشا رأيه القائل بأن هذه المبالغ كانت مثبطة للناس عن الحج، فلم يحج إلا العدد القليل، وهذا ما كانت ترمي إليه الحكومة من رفع القيمة.
توفي اللواء ابراهيم باشا رفعت عام 1935، ودفن بالقاهرة.