كان الدكتور إبراهيم عبد الرازق البسيوني (1911 ـ 1995) من أبرز أساتذة النحو والصرف وعلوم اللغة بالأزهر، اتصل جهده التعليمي والأكاديمي بجهد أساتذة الأزهر المحدثين الذين يبدأون بالأستاذ محمد عرفة (1890 ـ 1973)، ومنهم الأساتذة محمد محمد الفحام (1894 ـ 1980)، ومحمد علي النجار (1895 ـ 1965)، ومحمد محيي الدين عبد الحميد (1900 ـ 1973)، ومحمد عبد الخالق عضيمة (١٩١٠- ١٩٨٤ ) وعبد العظيم الشناوي (1911 ـ 1991)، ومحمد رفعت فتح الله (1912 ـ 1984)، وإبراهيم محمد نجا (1913 ـ 1987)، وقد شاركوا جميعًا بأساليب مختلفة وهادئة في تطوير تدريس النحو والصرف في معقله القديم بالأزهر الشريف على نحو يتوافق مع الدراسات الجامعية الحديثة.
ولد الدكتور إبراهيم عبد الرازق البسيوني في الثامن من ديسمبر عام 1911، بمدينة المحمودية في محافظة البحيرة، وبعد أن تلقَّى تعليمه الأوَّلي انتظم في التعليم الديني التقليدي، حيث حفظ القرآن الكريم، والتحق بالأزهر الشريف، وقد تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في معهد الإسكندرية، وحصل على الثانوية الأزهرية عام 1935، ثم انتقل إلى القاهرة فالتحق بكلية اللغة العربية التي كانت حديثة الإنشاء في ظل تطوير الأزهر الجديد ونشأة الكليات، وتخرّج فيها حاصلا على الشهادة العالية، فكان واحدًا من خريجي الدفعات الأولى في هذه الكلية. ثم واصل بعدها الدراسة في قسم الدراسات العليا، واختار تخصص المادة في شعبة النحو والصرف، فحصل على الشهادة العالمية من درجة أستاذ (التي تعادل درجة الدكتوراه).
عين الدكتور إبراهيم البسيوني مدرسًا في معهد شبين الكوم الديني، وبعد سبع سنوات عاد إلى كلية اللغة العربية مدرسًا، ثم ترقَّى في سُلَّم هيئة التدريس بها، حتى حصل على درجة أستاذ اللغويات. وفي الستينيات، أعير الدكتور إبراهيم البسيوني إلى الجامعة الإسلامية بليبيا، وعمل بها ست سنوات متواصلة، عاد بعدها إلى وطنه فعمل أستاذًا بكلية اللغة العربية، ثم اختير وكيلًا للكلية عام 1973، وبعد ثلاث سنوات وصل إلى الخامسة والستين وأحيل إلى التقاعد، ليصبح أستاذًا متفرغًا بالكلية ورئيسًا لقسم اللغويات.
وصفه أحد أقرانه بأنه «سادن جليل من سدنة النحو والصرف بالأزهر ومن أوتادها الرواسي، عكف عليهما باحثًا دارسًا، يُنقِّي وردهما المورود من شوائب تراكمت فيه على مدى العصور؛ ليعود به إلى نهجه العربي الأصيل، بعد أن غُمَّ هذا النهج على الدارسين في تعريفات وتعقيدات، وتاهت معالمه في تعليلات زادته علة، وتأويلات زادته ضَلَّة، وافتراضات سقيمة عقيمة»؛ ولهذا نهض الدكتور إبراهيم البسيوني برسالة إحياء الدراسات النحوية في الأزهر مع صفوة من علمائه وإعادتها إلى شريعتها في نهج علمي قويم. كان الأستاذ البسيوني من المنادين بشدة بضرورة تطوير أساليب تدريس النحو وقواعده في التعليم الجامعي والتعليم العام، وكان يجاهر بقوله أننا تحجَّرنا على ما وَصَلَنا من علوم النحاة الأقدمين وتضاءلنا أمام عقولهم الجبارة وجهودهم الرائعة، وارتضينا الاتباع، وجنحنا إلى اجترار ما قرروه.
– رحلة مع القياس والسماع.
– النفي ومداخله في كلام العرب، وقد وصف أنداده هذه الدراسة بأنها دراسة متأنية جامعة لخصائص الأساليب التي تدخل عليها أدوات النفي، وما تحمل من معانٍ وأغراض.
– المنهج الصرفي في الإبدال والإعلال والتعويض والتقاء الساكنين والإدغام، وهو كتاب يناقش كثيرًا من التعقيدات التي أرهقت الدارسين، ويهدف إلى تنقية المألوف في دراسة الإبدال والإعلال.
– الهادي إلى تصريف الأفعال، وهو كتاب يتناول تصريف الأفعال، ألَّفه مشاركةً مع الدكتور صبحي عبد الحميد.
وقد حظي علم العروض بالتفاتات من الدكتور إبراهيم البسيوني في بعض الدراسات التي عالج فيها بعض قضاياه، وله بحوث كثيرة معظمها غير مطبوع.
اختير الدكتور إبراهيم عبد الرازق البسيوني عضوا بمجمع اللغة العربية في سنة 1992، في الكرسي السابع والعشرين، الذي خلا باستقالة الدكتور تمام حسان، فكان رابع من شغل كرسيًا لا يزال شاغله على قيد الحياة، وذلك بعد الأستاذ حسن القاياتي (في كرسي الأستاذ المراغي)، والأستاذ حامد عبد القادر (في كرسي الأستاذ عيسى إسكندر المعلوف)، والأستاذ أمين علي السيد (في كرسي الأستاذ توفيق الحكيم).
وقد ألقى الأستاذ إبراهيم الترزي كلمة المجمع في استقباله، وسرعان ما أدركته الوفاة، فلم تطل علاقة الأستاذ البسيوني بالمجمع بسب مرضه، فقد توفي في عام 1995، وكانت عضويته في قصرها شبيهة بعضوية الدكتور احمد البطراوي والأساتذة علي السباعي، ومصطفى أمين، والدكتور محمد عبد الفتاح القصاص، والدكتور عبد اللطيف عبد الحليم. وقد تولى الدكتور أحمد علم الدين الجندي ـ الذي خلفه في كرسيه ـ تأبينه والحديث عن شخصيته، فكانت سابقة مجتمعية أن اجتمع التأبين مع حديث الخلف عن السلف في كلمة واحدة.