كان الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار (1918 ـ 1991) مثلا بارزا على القدرة الكامنة في الأدب الحجازي المعاصر على الوصول إلى مرحلة الموسوعية، وعلى قدرة مبدعي جزيرة العرب وكتّابها على الدرس اللغوي العميق. وهو كاتب غزير الإنتاج، كما أنه في رأيي أفضل من عبر عن الرؤية السعودية الرسمية في الفكر والثقافة والتاريخ، ومع أنه لم يتول هذا الدور بصفة رسمية ولا اعتبارية، فإنه قد تصدى لقضايا العصر من المنظور السعودي بإخلاص شديد لذلك المنظور، وما هو معروف من علاقاته الفكرية غير الودية في الظاهر مع الماسونية والشيوعية والصهيونية واليهود، كما أنه كان يدخل إلى مجال الأديان بمذهبه هو لا بمقاربة الموازنات والقراءة والتحليل، ولهذا فإنه كان على سبيل المثال يجاهر بلا مبرر بأن توحيد اخناتون وثنية وكفر، وذلك في مقابل الآراء التي كانت ترى غير هذا. بدأ الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار بالإبداع وانتهي إلى الدراسات، وحقق في المجالين نجاحا مذكورا، وقد كانت له إسهامات في الشعر، والقصة، والمسرحية المترجمة، والبحث التاريخي، واللغوي، والدراسات الإسلامية.
هو أحمد عبد الغفور بن محمد نور عطار، ولد في مكة المكرمة وفيها نشأ، وكان والده عطارا حنفي المذهب محبا للثقافة مرتحلا بحكم التجارة. تلقي الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار تعليمه الأولي في السعودية، وتخرج في مدرسة المعهد العلمي السعودي، وهي نمط من المدارس الجامعة بين الدراسات الدينية والعلمية نشأت في ظل اهتمام الملك عبد العزيز بإلحاق أبناء وطنه بالعصر، وكان الخريجون فيها هم و خريجو مدرسة تحضير البعثات يختارون بعناية ويبعثون لاستكمال دراساتهم العالية في القاهرة وغيرها، ومن هؤلاء الخريجين الأوائل تشكلت النخبتان العلمية والوزارية في السعودية في الجيل الثاني.
أما الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار فقد أضاف إلى هذا المجد مجد العلم والفكر، وتفرغ له، وقد عاد إلى بلده من دون أن يتم شهاداته الدراسية في كليتي الآداب ودار العلوم، لكنه كان قد تكون تكوينا جيدا، وشغل بعض الوظائف الحكومية قبل أن يتفرغ للتأليف والبحث، وقد مارس الإنتاج الصحفي أيضا وإصدار الصحف، وأنشأ جريدة «عكاظ» (1960)، وصدرت برئاسة تحريره وكتب الملك فيصل مقالها الافتتاحي وظلت تصدر حتى تحولت الصحافة السعودية إلى نظام المؤسسات، كما أصدر مجلة «الوعد الحق» (1967)، فتوقفت أيضا بعد مدة. ومن الطريف أنه بإصداره عكاظ أحيا ذكر سوق عكاظ القديمة بما لم يكن ليتحقق من دون هذه الخطوة.
أعلن الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار عن قدراته الأدبية مبكرا. فأصدر، وهو لا يزال طالبا في المعهد العلمي السعودي «كتابي» (1936)، وهو مجموعة مقالات أدبية كان قد نشرها في صحيفتي «أم القري» و«الحجاز»، وفيه كذلك نماذج من الشعر المنثور الذي كان قد بدأ يحظى بالقبول في أوساط المثقفين آنذاك، تأثرا بشعر المهجر. واتجه عطار أيضا إلى الإنتاج القصصي والمسرحي فأصدر مجموعته القصصية «أريد أن أري الله» (1947)، ومسرحيته «الهجرة» (1947).
في عام 1949 أصدر الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار ديوانه الشعري الوحيد «الهوى والشباب»، وكان أثر مدرسة العقاد ومذهبه الشعري واضحا في هذا الديوان بشدة، ويبدو أنه كان قد بدأ يتمثل أيضا العقاد في موسوعيته، وفي جرأته على خوض المعارك الأدبية، وقد اشتهر هو نفسه كواحد من أتباع العقاد المدافعين له، واشتهر بصحبته له.
وقد كتب الدكتور طه حسين مقدمة ديوانه، وكان قد بدأ يكتب مقدمات أعمال الشباب العرب الواعدين، وقد حيا الشعر الحديث في المملكة السعودية من خلاله، وأشاد فيه بمعاني الديوان وعذوبة ألفاظه، وجمال موسيقاه، وكونه صدي لشعر الجزيرة العربية في عهوده القديمة الزاهرة، التي هي قوام الحياة الأدبية لكل أديب عربي. ولشعر الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار، في رأي النقاد على سبيل الإجمال، طابع رومانسي ظهر في التغني بالطبيعة، والتعبير عن خوالج النفس، كما أن فيه متانة الأسلوب، وشدة الأسر، ووضوح الموسيقي.
واصل الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار اتجاهه إلى الإنتاج النقدي فكتب مقالات عديدة في صحف أم القري»، و«صوت الحجاز»، و«المنهل»، و«البلاد السعودية» دافع فيها عن الشعر العربي الأصيل، وناهض حركة الشعر الحر. ونشرت مجموعات مقالاته في كتب متعددة منها: «المقالات» (1947)، و«البيان» (1949)، و«كلام في الأدب» (1964). وترجم عن البنغالية مسرحية «الزنابق الحمر» لطاغور (1951)، وسيرته الذاتية التي روي فيها قصة سجنه سنة (1937) وقد نشرها عطار في 1981. كذلك وجد الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار في التراجم ميدانا للتعبير عن آرائه في الحياة العامة، والسياسة، والتاريخ، فأصدر عدة كتب مهمة.
وفي المرحلة الأخيرة من حياته شغل الأستاذ عطار بالبحث والتحقيق في مجالات اللغة، والتاريخ، والدين، حتى ليتصور القارئ أنه شخص آخر غير ذلك المبدع القديم. وفي مجال الانحياز للفصحى وخدمتها اشترك الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار مع الأستاذ عبد السلام هارون في تحقيق «تهذيب الصحاح» للزنجاني 1952. وكذلك نشر الأستاذ عطار معجم الصحاح للجوهري وصدره بمقالة ضافية عن المعجمات العربية نشرت مستقلة (1956)، وأطراها الأستاذ العقاد معتبرا إياها رائدة في بابها. وقد ظل الأستاذ عطار حفيا بالتصدي لدعاة العامية، والدفاع عن وجوب سيادة الفصحى، والحديث عن عبقرية اللغة العربية وقدرتها، وقد جمع مقالاته في هذا الميدان في كتب.
كانت للأستاذ عطار مكتبة عظيمة أوصي بها لخزانة كتب الحرم. نال أحمد عبد الغفور عطار كثيرا من التكريم ومنح جائزة الدولة السعودية التقديرية في الآداب (1984).
ـ «المفتش»، رواية.
ـ «أريد أن أري الله»، 1947.
ـ مسرحيته «الهجرة»، 1974.
ـ ترجم عن البنغالية مسرحية «الزنابق الحمر» لطاغور، 1951.
ـ وسيرته الذاتية التي روي فيها قصة سجنه سنة 1937، 1981.
وله في الرحلات:
ـ عشرون يوما في الصين.
ـ المقالات، 1947.
ـ البيان، 1949.
كلام في الأدب، 1964.
ـ محمد بن عبد الوهاب، 1943.
ـ صقر الجزيرة عن الملك عبد العزيز، 1947.
ـ الجوهري مبتكر الصحاح.
ـ العقاد.
ـ «تهذيب الصحاح» للزنجاني، مشاركة مع عبد السلام هارون، 1952.
ـ معجم الصحاح الجوهري، 1957.
ـ ليس في كلام العرب، لابن خالويه.
ـ الصحاح ومدارس المعجمات العربية.
ـ الفصحى والعامية، 1957.
ـ آراء في اللغة، 1964.
ـ الزحف على لغة القرآن، 1966.
ـ وفاء اللغة العربية بحاجات هذا العصر وكل عصر، 1979.
ـ دفاع عن الفصحى، 1979.
ـ الكعبة والكسوة منذ أربعة آلاف سنة حتى اليوم.
ـ مقصورة ابن دريد، بحث تاريخي وديني مقارن.
ـ توحيد اخناتون وثنية وكفر.
ـ بناء الكعبة على قواعد إبراهيم.
ـ آداب المتعلمين.
ـ الفوائد المحصورة.. شرح المقصورة.
ـ إننا عرب ومسلمون.
ـ محمد رسول الله تحاربه قوي الشر والتخريب.
ـ الإسلام طريقنا إلى الحياة.
ـ ويلك آمن.
وفي الفكر الديني:
ـ قال بيدبا.
ـ الديانات والعقائد في مختلف العصور.
ـ حجة النبي وعمرته.
ـ أحكام الحج والعمرة.
ـ قاموس الحج والعمرة.
ـ أصلح الأديان للإنسانية.
ـ الشيوعية وليدة الصهيونية.
ـ مؤامرة الصهيونية على العالم.
ـ اليهود والصهيونية.
ـ الماسونية.
ـ عروبة فلسطين والقدس.
ـ الشيوعية والإسلام.