الرئيسية / المكتبة الصحفية / مقالات الجزيرة / الجزيرة مباشر / #محمد_عبد_الغني_حسن شاعر الأهرام: حين كانت الصحافة تتباهى بشعرائها

#محمد_عبد_الغني_حسن شاعر الأهرام: حين كانت الصحافة تتباهى بشعرائها

الأستاذ محمد عبد الغني حسن (1907 – 1985) شاعر عربي بارز، لقب بشاعر الأهرام حيث كانت جريدة الأهرام (منذ 1929)، تنشر أشعاره في صفحتها الأولى، وهي مكانة لم تتكرر لغيره، حقًا وصدقًا، فضلًا عن أن شعره يستحق هذه المكانة بالفعل، ومن الطريف أن الشاعر أحمد رامي كان قد سبقه إلى تسمية مشابهة هي “شاعر الشباب” نسبة إلى مجلة قديمة كانت تنشر شعره و تعتز به ، وجاءت هاتان التسميتان بعد تسميات تاريخية مشهورة أبرزها شاعر الخديوي إسماعيل الشاعر علي الليثي وشاعر الأمير الشاعر أحمد شوقي الذي أصبح بعد ذلك أمير الشعراء ، وشاعر النيل حافظ إبراهيم ، وشاعر القطرين خليل مطران ثم جاء بعد الأستاذ محمد عبد الغني حسن مجموعة الشعراء الذين نسبوا إلى أشهر قصائدهم المغناة : شاعر الجندول علي محمود طه ، شاعر النهر الخالد محمود حسن إسماعيل ، شاعر الكرنك أحمد فتحي ، شاعر الثلاثية المقدسة صالح جودت ، شاعر الروابي الخضر أحمد خميس ، وعلى غرار هؤلاء سمي الشاعر إبراهيم ناجي بعد موته بما يقرب من عقدين بشاعر الأطلال

كان الأستاذ محمد عبد الغني حسن واحدًا من الذين شرفوني بمنحي جائزة مجمع اللغة العربية في الأدب 1978، وكان لتقديره لي ولبحثي مذاق خاص لا أزال أحس باعتماده الباعث على النشوة، رغم مضي ما يزيد عن أربعين عامًا ، وأذكر أنني ذهبت المجمع لاستعادة نسخة من نسخ بحثي الذي فاز بالجائزة (و كان منسوخا في حوالي ٦٠٠صفحة بالآلة الكاتبة في العصر الذي لم تكن الآلات الكاتبة قادرة على أن تثبت همزات الوصل والقطع) فبشرني المحرر المسئول عن لجنة الأدب بأنه سيعطيني النسخة التي كان آخر من قراها من أعضاء لجنة الأدب التسعة هو الشاعر الأستاذ محمد عبد الغني حسن ، وأنه قال له وهو يعيدها إليه : إنه لم يجد في هذا النص الضخم كله إلا خطأ واحدا و قد أشار إليه بالقلم الرصاص ، و فتحنا النص ، و كنت متلهفا لمعرفة ذلك الخطأ ومن الطريف أنني لا أزال أخطئ فيه فقد قلت و كانت هذه المستشفى (مستشفى الهلال الأحمر لجراحة العظام) بينما المستشفى مذكر ، لكني بالطبع متأثر باستعمالنا الطبي الذي يؤنث المستشفى ، لا باعتبار جمعها ملحقا بجمع المؤنث السالم وإنما باعتبارها محبوبة نتردد عليها .

كان الأستاذ محمد عبد الغني حسن من أبرز أعلام الشعر العمودي في العصر الحديث، وبالإضافة إلى هذا كان موسوعي الثقافة والتأليف، من طبقة الموسوعيين المتاحة في ذلك الجيل، وهي موسوعية اقتصرت على علوم العربية التقليدية التي نشأت في رحاب الأزهر الشريف أو تطورت منها، مع تحديث يتصل بالمنهج الذي تتخذه المقاربة متأثرة بالترتيبات أو التنسيقات الاستشرافية وما تطور عنها من فكر أخذت به المدارس العليا في اتصالها بالمجتمعات الغربية. ومن هذه المدارس دار العلوم، التي كان لها مبعوثوها إلى إنجلترا وغيرها. وقد كان هذا الأستاذ الجليل واحدًا من هؤلاء البارزين في جيله، وكانت له كتابات متميزة في الأدب والتاريخ والاجتماع والتراجم والنقد.

كان الأستاذ محمد عبد الغني حسن واعيا لقيمة الإبداع وضرورة الحرية للإبداع، وقد جاهد في حياته من أجل استيفاء قدرته على الإنشاد وعلى النظم والشعر، وإن كان قد شٌغل بكثير من النشاطات الفكرية في التحقيق والتأليف والترجمة والنشر، وقد أداها أيضًا على درجة عالية من الكفاءة.

نشأته وتكوينه العلمي:

يعود أصل عائلة الأستاذ محمد عبد الغني حسن إلى بني سويف، لكنه ولد في مدينة المنصورة (19 أغسطس 1907)، وأتم تعليمه العام بمدارس المنصورة، ثم التحق بتجهيزية دار العلوم، ثم بدار العلوم، وتخرج فيها بتفوق (1932)، في الدفعة التي ضمت الأستاذين الكبيرين عبد السلام هارون، وعمر الدسوقي، موازيًا بهذا من تخرجوا في رابع دفعات كلية الآداب (وكليات الجامعة)، بيد أن شهرة ومكانة هؤلاء الدراعمة الثلاثة في الأدب واللغة والمجتمع، كانت أعلى من شهرة خريجي الدفعة المناظرة لهم في كلية الآداب، وإن كان قد تخرج فيها الأستاذ خليل عساكر.

وأوفد الأستاذ محمد عبد الغني حسن في بعثة إلى إنجلترا لدراسة التربية وعلم النفس واللغة الإنجليزية بجامعة إكستر، كما تلقى دراسة صيفية للغة الفرنسية وآدابها، بجامعتي تور وبوانسون الفرنسيتين. وهكذا تهيأ له تكوين مثالي في جيله، أهله لكل ما وصل إليه، ولو أن عهد الليبرالية كان قد تواصل دون الانقطاع الذي حدث بثورة 1952 لصار للأستاذ محمد عبد الغني حسن شأن مختلف في توجيه الرأي العام وقيادة الصحافة والثقافة، لكنه في جميع الأحوال ظل صاحب فضل بارز وتأثير متصل، ولم يخل الأمر من تقديره والتأثر به.

وظائفه وأنشطته الثقافية:

عُين الأستاذ محمد عبد الغني حسن بعد عودته من البعثة مدرسًا بمدرسة المنصورة الثانوية (1944)، ثم مدرسة الخديو إسماعيل الثانوية، ثم اختير مدرسًا للترجمة بكلية فيكتوريا (1944) وهي مدرسة إنجليزية متميزة مما سمي بعد ذلك بمدارس اللغات، ثم مديرًا للإذاعة المدرسية (1946)، ثم مشرفًا على الشعبة الأدبية في الجامعة الشعبية (1947 ـ 1948).

انتقل الأستاذ محمد عبد الغني حسن بعد ذلك للعمل بالأستاذية في المعاهد العليا، حيث اختير أستاذا للأدب العربي والنقد بالمعهد العالي للتمثيل، ثم أستاذا بكلية الشرطة (حتى 1954)، ثم مديرًا مساعدًا للشئون العامة في وزارة التربية (1954)، فمفتشا عامًا بالتعليم الثانوي الأجنبي (1955).

وإلى جانب عمله الحكومي، عمل الأستاذ محمد عبد الغني حسن مديرًا للنشر والدعاية بدار المعارف لفترات طويلة، ثم استقال من العمل الحكومي ليتفرغ لإدارة مؤسسة المطبوعات الحديثة، وبعد التأميم عاد إلى تولى الوظائف الحكومية، المستحدثة في مؤسسات القطاع العام العاملة في مجال الثقافة، وعُين مديرًا للنشر بالدار القومية (1963)، ثم عين عضو مجلس الإدارة المنتدب لدار القلم ومديرا للنشر بها (1967).

كتب الأستاذ محمد عبد الغني حسن في عدد كبير من المجلات الأدبية والثقافية.. فكتب في مجلة «الثقافة»، كما كتب في «الرسالة»، و«المقتطف»، وتولى رياسة تحرير مجلة «الناشر المصري»، التي كان اتحاد الناشرين يصدرها.

كما كان له شأن في المؤسسات القومية المختلفة، فعمل في كثير من اللجان الثقافية التي عنيت بالنهضة الثقافية في الحقبة التي عاش فيها.

اختير الأستاذ محمد عبد الغني حسن عضوًا في لجنتي الدراسات الأدبية، ولجنة الشعر بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب منذ 1964، كما اختير عضوًا في لجنة الشعر بالمجلس القومي للثقافة والإعلام (1980). كما كان عضوًا بلجان فحص الإنتاج المقدم لجوائز الدولة التشجيعية للشعر، وللتراجم، ولأدب الأطفال.

اختير الأستاذ محمد عبد الغني حسن عضوًا مراسلا لمجمع اللغة العربية بدمشق (1972)، وانتخب عضوًا بمجمع اللغة العربية بالقاهرة (1978)، وقد انتخب ليشغل الكرسي المجمعي العاشر، الذي خلا بوفاة الأستاذ محمد رفعت المؤرخ.

كما كان من أوائل الذين فازوا بجائزة الدولة التشجيعية في السير والتراجم (1966)، وقد فاز بها عن كتاب عن أحمد فارس الشدياق.

نشاطه الأدبي قبل البعثة

 بدأ الأستاذ محمد عبد الغني حسن نشاطه الأدبي منذ كان صبيا في المنصورة، حيث كان يمارس أثناء دراسته بها هوايته في الخطابة وقرض الشعر وإنشاده، ونشر مئات القصائد والمقالات في «الثقافة» و«الرسالة» و«الكتاب» و«الأديب» و«الهلال» و«الضاد» و«الثقافة».. وغيرها.

كتب الأستاذ محمد عبد الغني حسن في «البلاغ الأسبوعي»، وفي «السياسة الأسبوعية» وهو دون العشرين من عمره ونُشرت قصائده في مطلع شبابه بصحيفة الأهرام، ولُقب، كما ذكرنا من قبل، بشاعر الأهرام، ونشر قصائده في «المقتطف» وهو في الثانية والعشرين من عمره، كما نشر في تلك الفترة العديد من المقالات والقصائد وقصائد المناسبات.

كان يحضر للعقاد ندوة أدبية وشعرية مبكرة في مقر جريدة «البلاغ الأسبوعي» بميدان الأزهار، وفي هذه الندوة التقى عددًا من زملائه الطلاب الشعراء، من أمثال محمود غنيم، وعبد العزيز عتيق، وفايد العمروس، وسيد قطب، وأحمد يوسف بدر.

ثم انتقل الأستاذ محمد عبد الغني حسن إلى ندوة المقتطف التي كان يديرها الأستاذ فؤاد صروف، وفيها التقى العديد من أعلام الفكر والأدب والعلم في مصر آنذاك، ومنهم الدكتور محمد شرف، والدكتور أحمد عيسى، ومصطفى صادق الرافعي، وكامل كيلاني وإسماعيل مظهر وإدوار فارس، وهو نفسه بشر فارس، والدكتور أحمد زكي أبو شادي، والشيخ طنطاوي جوهري، والدكتور عبد الرحمن الشهبندر، وأمين المعلوف، والدكتور محمد أسعد طلس، وأحمد عارف الزين صاحب مجلة العرفان، وعيسى إسكندر المعلوف، والشيخ أحمد محمد شاكر.

وقد ظل الأستاذ محمد عبد الغني حسن مواظبًا على حضور تلك الندوة حتى سافر للدراسة في إنجلترا، ولم يلبث عقب عودته أن عاود التردد على ندوة المقتطف، حتى توقفها مع قيام الحرب العالمية الثانية سنة 1939.

أصداء البواكير من شعره

قلنا إن ملامح نبوغ الأستاذ محمد عبد الغني حسن الشعرية بدأت في الظهور للمجتمع العام وهو لا يزال طالبا في مدرسة تجهيزية دار العلوم، ثم تأكدت موهبته وهو طالب في دار العلوم، وعرف في هذه الفترة الأستاذ أحمد حافظ عوض بك صاحب «كوكب الشرق»، كما عرف رئيس تحرير الأهرام أنطون باشا الجميل، وقد أعجب هذان الرجلان به وبشعره.

وقد كتب الأستاذ أنطون الجميل مقدمة ديوانه الأول «من وراء الأفق»، كذلك فقد لفت الناقد الأستاذ مصطفى السحرتي النظر مبكرًا إلى قدرته الفائقة على مواءمة صياغته الشعرية لموضوع القصيدة.

كان شعر محمد عبد الغني حسن، منذ بداياته، معبرًا عن طبائع الشباب الواعد البريء المفعم بالثورة من أجل الحق والحقيقة، كما كان شعره بمثابة صورة وثيقة إنسانية حافلة بالتفاصيل الدقيقة والموحية للأحداث الوطنية التي مرت بوطنه في الحقبة التي عاشها.

وقد سجل بأمانة وفنية عالية مشاعره تجاه الأحداث التي مرت بوطنه وبالأوطان المجاورة، ولم تقف إسهاماته عند أوطان العروبة، وإنما امتدت لتشمل، على سبيل المثال، إعجابه بابنة القائد الحبشي الرأس كاسا التي تولت قيادة الحرب مع إيطاليا عند وفاة والدها بينما كانت حاملا في طفلها (1942).

ولم تقف إبداعات الأستاذ محمد عبد الغني حسن الشعرية عند حدود وطنه، وإنما نظم الشعر كذلك في وصف الحياة الأوروبية وأصحابها.

وقد عبر الأستاذ محمد عبد الغني حسن في شعره باقتدار عن كثير من المواقف الوجدانية الذاتية، سواء فيما يتعلق بأبنائه وفرحته بهم وجزعه لهجرة أحدهم، أو فيما يتعلق بنفسه حين اطلع في شبابه على حضارة الغرب وصادف تقلبات الطبيعة في البحر والبر، وهو الذي لم يخبرها قبل ذلك.

وعرف شاعرنا بأنه برع في الإنشاد، وكان في إلقائه شعره أكثر تعبيرًا عن المعاني والشعر.

وهكذا اجتمعت له عناصر كثيرة جعلته في مقدمة شعراء جيله بلا منازع.

وقد أجاد الأستاذ محمد عبد الغني حسن تقديم نفسه بالتعبير عن حالته الوجدانية التي تبدلت حين اغترب عن أولاده، وقد جعل هذا التعريف في صدر ديوانه «سائر على الدرب»:

لـم أحـــــاول تقـديـــم نفســـي                   أنـــا مستشفــع ليومـي بأمسـي

يـــوم ودعـــت مــن بنـيّ ثلاثــا                مـن وراء البحــار ودعت أنسي

ليت شعـري أفي الكؤوس بقايا بعد   أن حطمت يـدُ الدهــر كـأسـي

خطــــــرات الأصيـــل منــــها                  خير كفـــارة لمغــرب شمسي

مطارحاته الشعرية مع شعراء المهجر

انعقدت أواصر المحبة بين الأستاذ محمد عبد الغني حسن وبين شعراء البلاد العربية وشعراء المهجر، وكان من أكثر الأدباء معرفة بشخصياتهم وإنتاجهم، وقد يَّسرت عليه هذه المعارف الشخصية إتمام دراسته المهمة والرائدة عن شعر المهجر.

يذكر تاريخه الأدبي أنه تبادل مطارحات شعرية مع كثير من أعلام عصره: عادل الغضبان، ومحمد وحيد الأيوبي، ومحمد الأسمر، وصديقه في المهجر إلياس فرحات، وموسى كريم.

كما رثا عددا كبيرا من الشعراء والعلماء بقصائد محلقة في معانيها وفنيتها، فقد رثا أحمد شوقي، وحافظ إبراهيم، وخليل مطران، وأنطون الجميل، ومحمد إقبال، وعلي الجارم، وعلي محمود طه، وعلي الجندي، وإسعاف النشاشيبي، وأحمد الإسكندري، ومصطفى عبد الرازق، وأحمد تيمور.. وغيرهم.

وقد خصص لرثاء محمد إقبال وحده خمس قصائد في ديوانه: «ماض من العمر»، أما مرثيته في أحمد محرم فقد ارتجاها يوم وفاته.

دواوينه ومؤلفاته

توالت دواوين الأستاذ محمد عبد الغني حسن الشعرية على مدى حياته الممتدة:

 –   من وراء الأفق.

 –   من نبع الحياة.

 –   من وحي النبوة.

 –    ماض من العمر.

 –   سائر على الدرب.

 –   من وحي الأكباد النازحة.

وللأستاذ محمد عبد الغني حسن مجموعة من المؤلفات القيمة في مجال السير والتراجم لا تقل أهمية عن دواوين شعره.

وله في تراجم المحدثين أعمال مرجعية:

 –   حياة مي (1942).

 –   مي أديبة الشرق والعروبة.

 –   عبد الله فكري: حياته وعصره.

 –   أحمد فارس الشدياق.

 –  جرجي زيدان.

 –  حسن العطار.

وله تراجم جيدة لشخصيات عربية من العصور الإسلامية المتعاقبة:

 –   المقري صاحب نفح الطيب.

 –   ابن الرومي.

 –   الشريف الرضيّ.

 –    الشريف الإدريسي.

 –    أبو مسلم الخراساني.

 –    موسى بن نصير.

 –    بطل السند محمد بن القاسم.

 –    تميم بن المعز: الأمير الشاعر.

وقد نشر في مجمع اللغة العربية بحثا تاريخيًا وافيًا ومبدعًا عن المجمعيين الشعراء من المصريين والعرب.

وقد أضاف إلى مهارته في أدب التراجم المنثور مهارة في الترجمة بالشعر من خلال المرثيات.

وضع الأستاذ محمد عبد الغني حسن للناشئة مؤلفات عديدة عن النساء الشهيرات، وعن قصص الرحالة والمكتشفين، وأيام العرب، ومشاهير العرب.

وله في ميدان الترجمة عن الإنجليزية:

 –   المرأة والدولة في فجر الإسلام، للباحثة نابية أبوت.

 –   رواية «مون فليت»، سلسلة أولادنا، دار المعارف.

وله في مجال الدراسات الأدبية والنقد:

 –    «الشعر العربي في المهجر»، وهي دراسة رائدة ومرجعية أفادت من علاقاته وشاعريته وفهمه.

 –   في صحبة الشعر والشعراء.

 –   معرض الأدب والتاريخ الإسلامي.

 –   الفلاح في الأدب العربي.

 –   جوانب مضيئة من الشعر العربي.

 –   مشاركات في النقد الحديث.

 –   من أمثال العرب، بالاشتراك مع الأستاذ عبد السلام العشري.

 –   تاريخ مجلة «روضة المدارس»، بالاشتراك مع الدكتور عبد العزيز الدسوقي.

فضلًا عن هذا، فقد نشر عددًا من الدراسات أقرب إلى الكتب المرجعية في فنون الأدب:

 –    التراجم والسير.

 –    الخطب والمواعظ.

 –    علم التاريخ عند العرب.

 –   فن الترجمة في الأدب العربي: دراسات في الأدب العربي والتاريخ (الدار المصرية للنشر والتأليف، 1966).

 –   بين السطور: جوانب مضيئة من الشعر العربي

 –   خمسة من شعراء الوطنية (بالاشتراك).

وقد حقق من كتب التراث:

–  تلخيص البيان في مجازات القرآن للشريف الرضي، وقد وصل في تحقيقه لهذا الكتاب إلى ذروة عالية من الأمانة والدقة بشهادة الأستاذ عبد السلام هارون.

 –   حلية الفرسان وشعار الشجعان، لأبي هذيل الأندلسي، وقد صدر في سلسلة «ذخائر العرب» التي أصدرتها دار المعارف، وقدم له بمقدمة ضافية، كما وضع له سبعة عشر فهرسا.

 –   الشيخ محمد عياد الطنطاوي، للمستشرق أغناطيوس كرتشكوفسكي.

كما كانت له دراسات جيدة في نقد وتقيم بعض تحقيقات الكتب التي صدرت في حياته، وقد نشر عشرا من هذه الدراسات في مجلة مجمع اللغة العربية وغيرها.

في مجال الدراسات الإسلامية:

 –   القرآن بين الحقيقة والمجاز والإعجاز.

 –   الإسلام بين الإنصاف والجحود.

وفي التاريخ:

 –   العرب: صراع خلال العصور.

 –  علم التأريخ عند العرب.

 –   المعاهدات والمهادنات في تاريخ العرب.

 –   تيجان تهاوت.

 –   ملامح من المجتمع العربي.

 –   غرائب من الرحلات.

محاولته تأريخ  فن التراجم في الأدب العربي

نجح الأستاذ محمد عبد الغني حسن في كتابه «التراجم والسير»، الذي نشر ضمن سلسلة «فنون الأدب العربي» التي كانت تُصدرُها دار المعارف في تقديم مادة موسوعية موسعة عن تطور فن التراجم والسير في الأدب العربي، وقد كان أول من كتب مثل هذه المادة بهذه الطريقة البسيطة.

وكعادة جيله، فإنه أشار إلى أن سبب اهتمامه بهذا الجانب الأدبي أنه: لم يُكتب ـ فيما نعلم ـ كتابٌ يعالجُ موضوع التراجم والسير في الأدب العربي، على الرغم من جلال (بمعنى أهمية) هذا الموضوع وخطره، وشدة اتصاله بتطور تدوين التاريخ الإسلامي، من المغازي والسير، إلى السيرة النبوية، فكُتُب الطبقات لم تدَع صاحب علمٍ أو فن أو صناعةٍ إلا عُنيت بالترجمة له، حتى كان التراث العربي في هذا الباب أغنى وأوسع من مذخور التراث عند الغربيين.

وقد تعرض الأستاذ محمد عبد الغني حسن في مؤلفه لما رأى أنه تاريخ علم التراجم وكتب الطبقات منذ بدايتها وحتى عصرنا الحديث، مناقشًا المنهج الذي أخذت به هذه الكتب فيما يتعلق بتناولها الحقيقة التاريخية، في صياغة تقترب بها من الدقة في الصورة الأدبية من الكتاب.

وقد شمل كتابه مقدمةً وأربعة فصول مطولةً:

ـ الفصل الأول: التراجم ونشأتها.

ـ الفصل الثاني: السير.

ـ الفصل الثالث: أنواع كتُب التراجم.

ـ الفصل الرابع: حول كتابة التراجم.

وهو، كما نرى، منهج تقريبي يحاول أن يقسم ما لا يقسم، أو يفصل ما لا يفصل.

وقد أشار الأستاذ محمد عبد الغني حسن إلى تأثر كتَّابُ التراجم والسير المُحدَثين بأسلوب أقرانهم من الغربيين، وطريقتهم في التحليل النفسي والسيكُولوجي لشخصياتهم، فيما يُعرفُ بـ«مفتاح الشخصية»، وربطها بظروف العصر التي عاشت فيه، ومدى تأثرها وتأثيرها فيه من الناحية الأخرى.

وظل الأستاذ محمد عبد الغني حسن يؤكد رؤيته القائلة بضرورة المواءمة بين الحقائق التاريخية والصورة الأدبية التي يعرضُ خلالها الكاتب المترجمُ صورة المترجم له، بحيث لا تطغى الصورةُ الأدبية على الحقيقة والواقع الذي تهدفُ له الترجمةُ أو السيرةُ.

وكان يذكرُ في هذا الشأن قول الأديب الإنجليزي المشهور «جونسون»: «إن حياة الرجُل حين يكتبُها بقلمه هي أحسنُ ما يُكتبُ عنه!».

ويعود للأستاذ محمد عبد الغني حسن الفضل في وضع المصطلح الخاص بالتراجم وضبطه على نحو ما وجده فيما بحثه من تراث الأولين، وقد كان يرى أن العُرف عند المؤرخين أن يسموا الترجمة بهذا الاسم؛ حتى لا يطول نفسُ الكاتب فيها، فإذا ما طال النفس واتسعت الترجمةُ سُميت سيرةً، أي أن الفرق كمي لا نوعي.

وقد تحدث عن أهم كتب السيرة النبوية التي كانت من أقدم ما دوَّنه المؤرخون في الأدب العربي، اعتمادًا على روايات الصحابة والتابعين.

وذكر أستاذنا أن من أهم السير الشعرية للرسول ﷺ ما وضعه شمس الدين الباعوني في كتابه المسمى: «منحة اللبيب في سيرة الحبيب»، وكما فعل زين الدين بن الشحنة في أُرجوزةٍ له في سيرة الرسول، عددُ أبياتها تسعةٌ وتسعون بيتًا، وكما فعل ابن سيد الناس في كتابه بشرى اللبيب في ذكرى الحبيب وقصيدتُه أقربُ للمديح منها للسير.

كما تحدث عن السير الشعرية؛ حيث ارتبط الشعر بفن التراجم في بعض مراحله، وأثبت علو شأنه في تسجيل بعض تراجم وسير رجالات التاريخ؛ لسهولة حفظها وتلقيها، وهو يرى أن من أقدم هذه السير الشعرية ما صنعه عبد الله بن المعتز في قصيدته التاريخية في أشعار الخلفاء والملوك، وفي أرجوزته في الخليفة المعتضد العباسي.

وصف الأستاذ محمد عبد الغني حسن ما عُرف على أنه مؤلفات التراجم العامة الجامعة، والتي كانت تستغرق عدة مجلدات كبيرةٍ في ترجمة عددٍ كبيرٍ من الرجال يختلفون صناعةً وطبقةً وعصرًا ومكانًا، ثم سرعان ما انتقل إلى إثبات حقيقة أن كتب التراجم تخصصت من باب التوسع وأصبحت تُترجمُ للرجال حسب العصور والقرون، ثم حسب السنين؛ أي: تراجم سنة فسنة، ثم بعد ذلك تخصصت أكثر، وصارت حسب الطبقات: تراجم لطبقات المحدثين، والقراء، والفقهاء، والأدباء، والنحاة، والشعراء، والأطباء، والصوفية، والفلاسفة والحكماء، والقضاة، والوزراء، والأمراء… وهلُم جرًّا.

وقد لخص الأستاذ محمد عبد الغني حسن بعض الخصائص والآداب التي امتاز بها فن التراجم في الأدب العربي، ومن أبرزها العنايةُ بتواريخ الميلاد والوفاة، ومدى اهتمام المؤرخين ببيان ما نسميه بالمراجع أو مصادر الترجمة عن طريق الأسانيد والرواية، وأيضًا اهتمامُهم بترتيب الأعلام المترجمة، أبجديًّا أو حسب سني الوفاة، أو الميلاد، أو حسب الألقاب التي اشتهروا بها، كما استغرق بدقة في مدى التطور الذي حدث في ترتيب مؤلفي التراجم لأسماء من تُرجم لهم داخل مؤلفاتهم.

وناقش أستاذنا عدة قضايا تقليدية تتعلق بمنهج التراجم العربية بين خصيصتي الإنصاف والتحامل، وتنوعها ما بين الطول والإيجاز، ومدى اهتمامهم بضبط الأعلام لُغويًّا، وتحقيق الأنساب؛ حيث وضعوا مؤلفاتٍ خصيصَا لهذا؛ لضبط الأسماء المتشابهة والكُنى الملتبسة على النساخ، كما أشار إلى اهتمامهم بتلخيص كتب التراجم المطولة ووضع ذيولٍ وتتماتٍ لها؛ لاستيفائها تاريخيًّا. ثم ختم هذا الفصل ببيان المعاصرة وأثرها في كتابة التراجم العربية في وقتنا الحاضر.

وقد ذكر الأستاذ محمد عبد الغني حسن ما يستغربه بعض القراء من أن إنجلترا ـ على رسوخ قدمها في فن التراجم حاليًّا ـ كانت لا تعرف فن التراجم قبل ظهور يوميات ومذكرات: صمويل بيبيس (1633 – 1703)، التي تُعد أول خطوةٍ في كتابة التراجم الذاتية.

كما ذكر أن فرنسا لم تعرف التراجم إلا عندما ظهرت مذكرات المؤرخ «ريتز» سنة 1672، في الوقت الذي كانت فيه المؤلفاتُ العربية تتنوعُ في أقسامها وأنواعها ومصنفاتها في فني التراجم والسير، وبلغت قمتها في العصور السابقة.

علاقة كتب التراجم بما سمي علوم الرجال

ولفت الأستاذ محمد عبد الغني حسن نظرنا إلى علاقة كتب التراجم بما سمي في علوم الحديث علوم الرجال، وإلى أن من أقدم كتب تراجم الرجال تاريخُ البخاري (المتوفى سنة 256هـ)، وقد جعله في ثلاثة كتب: كبيرٍ مرتبٍ على الحروف، وأوسط مرتبٍ على السنين، وصغيرٍ.

وفي نفس العصر ظهرت طبقاتُ ابن سعدٍ (المتوفى سنة 207هـ) في تراجم الصحابة والتابعين.

وأيضًا ابنُ سلامٍ الجُمحي (المتوفى سنة 231هـ) وتراجمه لطائفة من شعراء الجاهلية والإسلام في كتابه «طبقات الشعراء».

أما في مجال التراجم الذاتية واليوميات:

 –   فمن أقدمها ما كتبه الأميرُ: عبد الله بن بلقين آخرُ ملوك بني زيري بغرناطة، والمتوفى سنة 483هـ تحت عنوان: التبيان عن الحادثة الكائنة بدولة بني زيري في غرناطة.

 –   مذكرات الأمير العربي: أسامة بن مُنقذ المتوفى سنة 584هـ، التي أودعها كتابه الاعتبار.

 –   سيرة المؤيد داعي الدعاة في منتصف القرن الخامس.

 –    ترجمة الشاعر عمارة اليمني لنفسه، والذي كان مواليًا للفاطميين في أُخريات دولتهم في القرن السادس الهجري، والتي أودعها ترجمته الذاتية «النكت العصرية».

السير العربية

استعرض الأستاذ محمد عبد الغني حسن أقدم السير ـ دون السيرة النبوية ـ وهي:

–  سيرة أحمد بن طولون التي وضعها أحمد بن يوسف الداية في أواخر القرن الثالث الهجري، واستفزت طريقتُها مؤرخًا آخر هو عبد الله البلوي، فوضع سيرةً لأحمد بن طولون على مذهبه هو في أوائل القرن الرابع الهجري.

 –   وضع أبو النصر العتبي سيرة السلطان محمود الغزنوي الذي كان يلقبُ بيمين الدولة في كتابه اليميني في القرن الخامس الهجري.

–  مجموعة التراجم التي وضعها المؤرخُ المترجم ابن الجوزي لعمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز والإمام أحمد بن حنبل في القرن السادس الهجري.

 –    وظهرت سيرة الإمام الشافعي لفخر الدين الرازي، وسيرة ابن شداد في القائد صلاح الدين الأيوبي والتي عُنوانها: «النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية»، في القرن السابع الهجري.

 –    أما أولُ كتاب في التراجم العامة ـ في رأي أستاذنا ـ فهو كتابُ نزهة الألباء في طبقات الأدباء لكمال الدين الأنباري المتوفى عام 577هـ، وثانيها معجم الأدباء أو إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب لياقوت الحموي، والذي ألفه عام 626هـ، وثالثُها هو كتاب وفيَات الأعيان لابن خلكان المتوفى سنة 681هـ.

الترجمة حسب القرون الهجرية والسنوات

ويذهب الأستاذ محمد عبد الغني حسن إلى القول بأن فكرة الترجمة حسب العصور أو القرون تعود إلى «الثعالبي» عندما ترجم لأعلام الشعراء في القرن الرابع في كتابه «يتيمة الدهر».

أما أعلامُ القرن السابع الهجري، فوضع فيه كتاب «مختصر المائة السابعة» للمؤرخ: «علم الدين البرزاني»، وكتاب الأدفوي المصري «البدر السافر وتحفة المسافر».

أما في القرن الثامن الهجري، فظهر كتاب ابن حجرٍ العسقلاني «الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة»، وبعدها توالت كتبُ التراجم للقرون الإسلامية التالية.

وتحدث الأستاذ محمد عبد الغني حسن عن أن العرب عرفوا مبكرًا تراجم الأعلام سنةً فسنة، وأن من أقدمها كتاب «عيون التواريخ» لابن شاكر الكتبي المتوفى سنة 764هـ، وفعل مثله ابنُ الجوزي في «المنتظم»، وابنُ كثير في «البداية والنهاية»، وابنُ العماد الحنبلي في كتابه «شذرات الذهب»، والذي يذكر وفيات الأعلام من السنة الأُولى للهجرة إلى السنة الألف، وإن كانت بعضُ ترجماته وجيزةً جدًّا.

كما يشير أستاذنا الأستاذ محمد عبد الغني حسن إلى أن من أهم كتب تراجم الخطط والأمصار: خططُ «المقريزي» المسماة «المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والأمصار»، والتي صنفها في القرن التاسع الهجري، وكتاب «الخطط التوفيقية» بأجزائه العشرين للأستاذ «علي مبارك باشا»، والتي طُبعت بعد قيام الثورة العُرابية ببضع سنوات.

معاجم الصحابة

وقد استعرض الأستاذ محمد عبد الغني حسن معاجم طبقات الصحابة:

ـ كتاب «الاستيعاب في معرفة الأصحاب» لابن عبد البر النمري في القرن الخامس الهجري.

ـ كتاب «الكامل في التاريخ» لابن الأثير في القرن السابع الهجري.

ـ  كتابُ ابن حجرٍ العسقلاني بعنوان «الإصابة في تمييز الصحابة» مرتبًا على حروف المعجم، الذي ظهر في القرن التاسع الهجري.

طبقات المفسرين وعلماء الإسلام واللغة

يشير الأستاذ محمد عبد الغني حسن إلى أن أقدمُ ما كُتب في طبقات المفسرين كتاب «طبقات المفسرين» للإمام السيوطي، ثم جاء من بعده تلميذُه «الداودي المالكي» فألف معجمًا أبجديًّا في تراجم المفسرين.

ـ ومن أقدم ما كُتب في طبقات القراء كتاب «طبقات القراء» لأبي عمرٍو عثمان الداني المتوفى سنة 444هـ، وكتاب «غاية النهاية في رجال القراءات أُولي الرواية والدراية» لشمس الدين بن الجزري المتوفى سنة 833هـ.

ـ وهو يذكر أن الإمامُ «الذهبي» ألف كتابًا في طبقات القراء اختصره من تاريخه الكبير.

ويشير الأستاذ محمد عبد الغني حسن إلى أن أول كتابٍ في تراجم النحاة ألف في القرن الثالث الهجري لأبي العباس المبرد النحوي، واقتصر فيه على رجال مدرسة البصرة.

أما في القرن الرابع، فظهر كتابان أحدُهما لأبي سعيدٍ السيرافي، وهو كتابُ «أخبار النحويين البصريين»، أما الكتاب الثاني، فهو «طبقات النحويين واللغويين» الذي ألفه أبو بكر بن الحسن الزبيدي.

وفي القرن السابع الهجري ظهر كتابُ: «إنباه الرواة على أنباه النحاة» للوزير جمال الدين القفطي.

وانتهت الكتابةُ في تراجم النحاة إلى الإمام «السيوطي» في كتابه «بُغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة» (911هـ).

وهناك كتاب ضخمٌ لتاج الدين بن مكتومٍ المتوفى سنة 749هـ اسمُه: «الجمعُ المتناه في أخبار اللغويين والنحاة»، والذي أشار إليه «السخاوي»، وتُوجد منه نسخةٌ خطية في دار الكتب المصرية.

تراجم النساء

لم يُغفل كتَّابُ التراجم المرأةَ المسلمة في تراجمهم وسيرهم، بل إنهم أفردوا بعض النساء بالترجمة في كتبٍ خاصةٍ، هكذا يقرر أستاذنا محمد عبد الغني حسن و هو يقول إن  من أقدم تلك المؤلفات في تراجم النساء كتابُ «بلاغات النساء وطرائفُ كلامهن ومُلحُ نوادرهن وأخبارُ ذوات الرأي منهن وأشعارُهن في الجاهلية وصدر الإسلام» لأحمد بن طاهر طيفور الخُراساني المتوفى سنة 280هـ.

وذكر «حاجي خليفة» صاحب «كشف الظنون» أن لأبي المظفر محمد بن أحمد الأبيوردي المتوفى سنة (557) كتابًا في «تاريخ النساء».

ويذكرُ «السخاوي» أن لابن عساكر كتابًا اسمه «معجم النسوان»، وكذا لتاج الدين علي بن أنجب البغدادي كتابًا في «تاريخ نساء الخلفاء من الحرائر والإماء».

أما في العصر الحديث، فهناك كتاب «الدر المنثور في طبقات ربات الخدور» للأديبة «زينب فواز» السورية، وكتاب «أعلام النساء في عالمي العرب والإسلام» للأستاذ عمر رضا كحالة.

العوامل النفسية والشخصية

كان الأستاذ محمد عبد الغني حسن من الذكاء بحيث انتبه إلى أهمية الحديث عما سماه حزازات النفوس بين الأقران عند ترجمة بعضهم لبعض، حيث قد يظهرُ بعضُ التحامل الذي ينبغي أن ينتبه له القارئُ؛ لطبيعة حالة المؤرخ عند تحيزه في بعض ترجماته، وضرب على ذلك مثلًا بما ما وقع بين «السخاوي» و«السيوطي» حيث كانت بينهما جفوةٌ، وحدث بينهما ما يحدثُ بين أبناء الصنعة  الواحدة، وظهر هذا جليًّا في ترجمة «السخاوي» للسيوطي في كتابه «الضوء اللامع»، حيث شنع عليه بالضعف في التدريس، والكذب على الشيوخ، واختلاس المؤلفات، وهو ما لا يتناسبُ بحالٍ مع قيمة الحافظ السيوطي ـ رحمهما الله.

كما ضرب مثالًا آخر بما كتبه المؤرخ «العيني» عن «عبد الرحمن بن علي التفهني» من علماء مصر في المائة التاسعة، حيث كانت بينهما منافسةٌ شديدةٌ في القضاء والمشيخة، فكتب فيه «العيني» ما يستحق عدم النظر فيه؛ لتحامله الظاهر للعيان.

وقد أولى الأستاذ محمد عبد الغني حسن أهمية خاصة للحديث عن المؤلفات التي ركزت على ضبط الأسماء لغةً وتشكيلًا وحركة، وصارت هذه الكتبُ مرجعًا للتحقيق والضبط، ومن أقدمها:

 –   كتاب الإمام الحسن بن بشر الآمدي (370هـ)، «المؤتلف والمختلف لضبط أسماء الشعراء».

 –   كتاب «المؤتلف والمختلف» للحافظ عبد الغني بن سعيد شيخ حفاظ الحديث النبوي بمصر في عصره، المتوفي سنة 409هـ لضبط أسماء رواة الحديث.

 –    كتاب «تلخيص المتشابه في الرسم، وحكاية ما أشكل منه عن نوادر التصحيف والوهم»، الذي ألفه الخطيبُ البغدادي، لتمييز الأسماء التي تشابهت في رسمها واختلفت في نُطقها.

 –   وفي القرن الخامس ظهر كتابُ «الإكمال في رفع الارتياب، عن المؤتلف والمختلف في الأسماء والكنى والألقاب» لابن ماكولا.

 –    كتاب «تقييد المهمل وتمييز المشكل»، لأبي علي الجياني الأندلسي.

–  شمس الدين الذهبي (748هـ) كتابه «المشتبه في الأسماء والأنساب للذين تشابهت أسماؤُهم أو كُناهم أو ألقابهم.

 –   ومثلُه كتاب المحدث عبد الكريم السمعاني «الأنساب» والذي هذبه المؤرخُ «ابن الأثير» في كتابه «اللباب في تهذيب الأنساب».

وفاته و تكريمه

نال الأستاذ محمد عبد الغني حسن كثيرًا من التكريم منذ عهد الملكية وطيلة عهود الجمهورية، فنال نيشان النيل من الطبقة الخامسة (1946)، ووسام الجمهورية من الطبقة الثالثة  (1968)، ونال وسام الرواد الأوائل للمعلمين في الاحتفال بعيد العلم (1977).

توفي الأستاذ محمد عبد الغني حسن في يناير عام 1985.

وفي ظاهرة نادرة شارك في تأبينه بالشعر في مجمع اللغة العربية ثلاثة من الشعراء: إبراهيم أدهم الدمرداش، وحسن عبد الله القرشي، وعلي هاشم رشيد بثلاث قصائد. وكتب عنه زميل دفعته الأستاذ عبد السلام هارون: محمد عبد الغني حسن، مجلة مجمع اللغة العربية، 2001.

أما هو نفسه ملامح من سيرة حياته في مقدمة وافية لديوانه «سائر على الدرب».

 

تم النشر نقلا عن موقع الجزيرة مباشر

لقراءة المقال من موقع الجزيرة إضغط هنا

للعودة إلى بداية المقال إضغط هنا

شارك هذا المحتوى مع أصدقائك عبر :
x

‎قد يُعجبك أيضاً

حماس على طريق النصر

لما ظهرت حركة حماس إلى الوجود دارت مناقشات متعددة حول جدواها ومستقبلها، ...

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com