في بعض تعبيراتنا السياسية والتاريخية الدارجة نتحدث عن الجيل الذي ضاعت عليه فرص الزعامة على أنه الجيل المسحور، يحدث هذا حين يستبقي الزمن الجيل السابق عليه مناصب السلطة، ثم تأتي الأحداث بالجيل اللاحق به. يطلق تعبير استعاري مستمد من الطابق المسحور على طابق الميزانين في المباني متعددة الأدوار وهو بين الطابق الأرضي والطابق الأول، وفيما مضى لم يكن لهذا الطابق موضع لوقوف المصعد الكهربائي أما الآن فقد حُلّت المشكلة وأصبح له موقف غالبا ما يأخذ الحرف M.
في حياة الأزهر في العصر الحديث جيل مسحور بين جيل الشيخ محمد عبده وجيل الشيخ محمد مصطفى المراغي، تولى ستة من جيل الشيخ محمد عبده المشيخة طيلة ثلث قرن ما بين ١٨٩٥ و١٩٢٧ (هم المشايخ حسونة النواوي وعبد الرحمن النواوي وسليم البشري وعبد الرحمن الشربيني وعلى الببلاوي ومحمد أبو الفضل الجيزاوي وقد ولد هؤلاء الستة على أرجح الأقوال مدى ١٥ عاما ما بين ١٨٣٢ و١٨٤٧) وتولى سبعة من جيل المراغي مشيخة الأزهر على مدى ربع قرن ١٩٢٩- ١٩٥٤ (هم المشايخ محمد مصطفى المراغي ومحمد الأحمدي الظواهري ومصطفى عبد الرازق ومأمون الشناوي وعبد المجيد سليم وإبراهيم حمروش ومحمد الخضر حسين، وقد ولد هؤلاء السبعة جميعا في مدى ٨ سنوات ما بين ١٨٧٧ و١٨٨٥).
كان جيل الشيخ محمد عبده ومن يكبرونه من المشايخ قد استمروا في المناصب بما فيها مشيخة الأزهر حتى تولاها جيل الشيخ المراغي، كان أخر جيل الشيخ محمد عبده هو الشيخ محمد أبو الفضل الجيزاوي (1847 -1927) الذي كان السلف المباشر للشيخ المراغي في مشيخة الأزهر، وهو أكبر من الشيخ محمد عبده بعامين لكنه ظل فاعلاً في الحياة العامة حتى 1927 أما السلف الأسبق أي سلف الشيخ الجيزاوي فهو الشيخ سليم البشري (1832 ــ 1916) في مشيخته الثانية، وأما السلف الأسبق من الأسبق للمراغي في المشيخة فهو الشيخ حسونة النواوي (1840 ــ 1924) في مشيخته الثانية أيضاً، وقد عمّر هذان الشيخان البشري والنواوي على أرجح الأقوال 84 عاماً لكلّ منهما، وتولى كلاهما المشيخة مرتين، فتولاها النواوي ما بين 1895 ــ 1899 (وهو في الخامسة والخمسين من عمره) وما بين (1907و 1909) أما الشيخ سليم البشري فتولاها ما بين (1899 و1903) حين كان في السابعة والستين من عمره وتولاها للمرة الثانية ما بين 1909 وحتى وفاته في 1916 وهو شيخ للأزهر بينما بقي الشيخ حسونة النواوي على قيد الحياة 15 عاما ما بين تركه المشيخة الثانية ووفاته.
نعود إلى التعريف بالجيل الوسيط بين جيلي محمد عبده والمراغي، يمثل هذا الجيل من العلماء المشهورين 15 عالما لم يصل أحد منهم للمشيخة مع أن أحدهم أو ألمعهم وهو الشيخ محمد شاكر تولاها بالنيابة في أثناء مرض أحد المشايخ، لكنهم بالطبع وصلوا إلى مناصب علمية عليا ويجمعهم أنهم ولدوا ما بين 18٥9 و1872 (أي في مدى١3 عاما) وتوفوا ما بين 1924 و1946 (أي في مدى ٢٢عاما) وبينهم أربعة من المؤرخين الكبار منهم ثلاثة من أساتذة التاريخ فضلا عن الشيخ محمد رشيد رضا، ومنهم أكثر من وكيل للأزهر، وعميد لكلية أصول الدين وأساتذة في مدارس القضاء الشرعي ودار العلوم وكلية الشريعة والحقوق . وقد كان أطولهم عمرا هو الشيخ عبد الوهاب النجار (٧٩ عاما) والشيخ أحمد أبو الفتح (٧٩ عاما) وهو آخرهم وفاة والشيخ أحمد رافع الطهطاوي (77 عاما) والشيخ يوسف الدجوي (76 عاماً) وكان أقصرهم عمراً هو الشيخ محمد الخضري (55 عاما).
وأبرز علماء هذا الجيل تبعا للمشهور من تاريخ مولدهم:
- الشيخ أحمد رافع الطهطاوي (١٨٥٩ ـ 1936)
- الشيخ محمد حسنين مخلوف الأب وكيل الأزهر (1861 ـ 1936)
- الشيخ عبد الرحمن قراعة المفتي الخامس (1862 ـ 1939)
- الشيخ عبد الوهاب النجار المؤرخ (١٨٦٢- ١٩٤١)
- الشيخ محمد عبد الرحمن المحلاوي صاحب كتاب الأصول الأشهر (١٨٦٣- ١٩٢٠)
- الشيخ محمد رشيد رضا صاحب المنار (1865 ـ 1935)
- الشيخ محمد شاكر وكيل الأزهر وشيخ علماء الإسكندرية (1866 ـ 1939)
- الشيخ محمد المهدي المؤرخ (١٨٦٨-١٩٢٤
- الشيخ طنطاوي جوهري الموسوعي العظيم (1870-1940)
- الشيخ يوسف الدجوي (١٨٧٠-١٩٤٦)
- الشيخ أحمد أبو الفتح الأب أستاذ الشريعة بكلية الحقوق (١٨٧٠-١٩٤٩)
- الشيخ حسن منصور وكيل مدرسة القضاء الشرعي (١٨٧٠- ١٩٣٢)
- الشيخ عبد المجيد اللبان عميد كلية أصول الدين (1871 ـ 1942)
- الشيخ محمد هارون عبد الرازق قاضي قضاة السودان
- الشيخ أحمد هارون عبد الرازق (1872 ـ 1930)
- الشيخ محمد الخضري المؤرخ (١٨٧٢- ١٩٢٧)
تم النشر نقلا عن موقع مدونات الجزيرة
لقراءة المقال من مدونات الجزيرة إضغط هنا
للعودة إلى بداية المقال إضغط هنا