الرئيسية / المكتبة الصحفية / رئيسان للوزارة لا يعترف المؤرخون المدققون برئاستهما للوزارة

رئيسان للوزارة لا يعترف المؤرخون المدققون برئاستهما للوزارة

 

أدخل إلى الموضوع مباشرة فأذكر أن هذين الرجلين هما الدكتور نور الدين طراف وكمال الدين حسين، وقد تولى كلّ منهما رئاسة المجلس التنفيذي للإقليم المصري في أثناء الوحدة مع سوريا، تولى نور الدين طراف هذا المنصب ما بين أكتوبر 1958 وسبتمبر 1960 (موازيا لما اعتبرته أنا في كتبي وزارة الرئيس جمال عبد الناصر الخامسة وهي ثاني وزارات الوحدة) وأقرني معظم المؤرخين، وكل الرسميين على هذا، وكمال الدين حسين الذي تولى هذا المنصب ما بين سبتمبر 1960 وأغسطس 1961 (موازيا لما اعتبرته في كتبي وزارة الرئيس جمال عبد الناصر والسادسة، وثالث وزارات الوحدة، وقد أقرني معظم المؤرخين على هذا، وكذلك كل الرسميين).

بعد هذا المدخل الواضح أحب أن أذكر أن غلاف كتابي “التشكيلات الوزارية في عهد الثورة” الذي صدر في الثمانينات لم يتضمّن صورة هذين الرئيسين على حين أن غلاف كتابي “الوزراء” بطبعاته المتعددة قد تضمن صورتيهما، بالتحليل العلمي الظاهري يُمكن لأيّ متصفّح لأغلفة الكتب أن يفسر هذا بأحد أمرين، الأمر الأول: أنني لم أكن حين نشرت الكتاب الأول مقتنعاً برئاسة كليهما للوزارة وأنهما رئيسان فقط لمجلس تنفيذي على نحو ما يقول أي عالم نصوصي أو حرفي. والأمر الثاني: وهو الصواب يتعلّق بمنطلبات الأغلفة من الفن الذي لم يكن في ذلك الوقت قادراً على أن يجد أي صورة للدكتور نور الدين طراف على الرغم من أنه كان ملء السمع والبصر، ومن الجدير بالذكر في هذا المقام أن أشير إلى تجربة مريرة كنا نمر بها في كثير من الأعمال الموسوعية حين نلجأ إلى أقارب شخصية معروفة لنحصل على صورة شخصية له فنجد الاعتذار، حتى مع وجود الصورة في الصالون، فإذا كان لا بد من الاعتذار المهذب فإنهم يشيرون إلى إطار الصورة التي تُزين الصالون بأنه يصعب فكها وإعادتها للأصل..


أقول هذا لأذكر الشباب من أبنائنا بأن ما هو متاح لهم اليوم من التقاط صورة لأيّ شيء بجهاز محمول كان في شبابنا (منذ ثلاثين عاماً) معجزة لا نكاد نتصورها. عندما أعددت الطبعة الأحدث من كتابي استطعت الحصول على صور رؤساء الوزراء بمن فيهم رئيسا المجلس التنفيذي لكن الفنان الأستاذ فؤاد هنو مُصمم الأغلفة أخبرني أن جودة الصورة متقادمة إلى حد بعيد، وأنه من الأفضل أن الجأ إلى الكاريكاتير ليكون مستوى الفن والوضوح والجودة في الصور جميعا متقاربا إن لم يكن متطابقاً، وهكذا فعلت، بعد أن لجأت إلى صديقي الفنان فرج حسين رسام الأهرام اللامع.

هل كان هناك رئيس مجلس تنفيذي غيرهما؟
نعود إلى موضوعنا لنسأل سؤالاً علمياً: هل كان هناك رئيس مجلس تنفيذي غير هذين الرئيسين؟
الإجابة : نعم هو الرئيس علي صبري الذي رأس المجلس التنفيذي بعد الانفصال بعام منذ سبتمبر 1962 وحتى مارس 1964 حيث شكل وزارته في مارس 1964، والمتعارف على أنها وزارته الثانية باعتبار المجلس التنفيذي في سبتمبر 1962 هو وزارته الأولى.. وإذاً فمن حق الدكتور نور الدين طراف وكمال الدين حسين أن يُعاملا معاملة رئيس الوزراء كما عومل خلف لهم فيما يتعلّق بالمجلس التنفيذي الذي رأسه فاعتبر بمثابة وزارته الأولى (سبتمبر 1962 ـ مارس 1964) لكن السؤال يظل باقيا: ما هو الفارق بين المجلس التنفيذي في عهد الوحدة وبين أيّ وزارة؟

الإجابة: الفارق هو أنه كان هناك وزارة مركزية يرأسها الرئيس جمال عبد الناصر وتضم وزراء مركزيين، يتولى بعضهم وزارة لها أيضا وزراء تنفيذيون في مصر وفي سوريا (كان اسم مصر قد حجبوأصبحت الإقليم الجنوبي واختفى اسم سوريا فأصبحت الإقليم الشمالي).. وبالطبع فإن المجلس التنفيذي لا يتضمن الوزارت السيادية فليس هناك وزيران تنفيذيان للخارجية ولا وزيران تنفيذيان للحربية. سؤال آخر: هل شملت وزارة علي صبري الأولى أو مجلسه التنفيذي وزيراً لم يتول وزارته إلا فيها ولم يشترك في وزارة قبلها ولا بعدها: نعم، وهذا الوزير هو الدكتور محمد البهي وزير الأوقاف.

الفرق بين زكريا محيي الدين وكمال الدين حسين
سؤال آخر: لماذا تحرص كثير من الوثائق الناصرية على تجاهل رئاسة كمال الدين حسين للمجالس التنفيذي رغم أن هذا استمر 11 شهراً؟ الإجابة سهلة ومفهومة لكن الطريف أن زميلاً ثانيا من أعضاء مجلس قيادة الثورة هو زكريا محيي الدين تولى الوزارة بعد ذلك في أكتوبر 1965 وحتى سبتمبر 1966 أي بما يوازي فترة كمال الدين حسين (11 شهراً).
سؤال أخير: نفهم من هذا ان هناك خمسة رأسوا الوزارة أو المجلس التنفيذي في عهد الرئيس جمال عبد الناصر فكيف كانت إنجازاتهم بلغة التنفيذيين المخضرمين و تقييمهم ؟ الإجابة التي يسهل تذكرها ويصعب نسيانها هي أن هذه الإنجازات تتناسب مع قصر المدة فأقصرهم مدة وهو محمد صدقي سليمان هو صاحب أكثر الإنجازات رغم نهاية وزارته مع هزيمة يونيو 1967 ولم يكن هناك مبرر لاستبعاده من رئاسة الوزارة إلا صداقته السطحية لجماعة المشير عبد الحكيم عامر يليه في الإنجاز كمال الدين حسين وزكريا محيي الدين ويليهما الدكتور نور الدين طراف أما الأخير في الإنجاز رغم الضجة والسمعة والنفوذ فهو علي صبري وذلك لسبب بسيط لا ينكره هو نفسه وهو أنه كان يجب تأصيل الأمور ليضعها في سياق تخطيطي أشمل من دون أن يعرف الحقيقة وهي أن الرئيس جمال عبد الناصر لن يصبر عليه.

 

 

 

 

 

 

 


تم النشر نقلا عن موقع مدونات الجزيرة
لقراءة المقال من مدونات الجزيرة إضغط هنا
للعودة إلى بداية المقال إضغط هنا 

 

شارك هذا المحتوى مع أصدقائك عبر :
x

‎قد يُعجبك أيضاً

حماس على طريق النصر

لما ظهرت حركة حماس إلى الوجود دارت مناقشات متعددة حول جدواها ومستقبلها، ...

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com