الرئيسية / المكتبة الصحفية / تحية الشيخ محمود شاكر للبابا يوساب على موقفه من الصهيونية

تحية الشيخ محمود شاكر للبابا يوساب على موقفه من الصهيونية

فيما قبل حرب فلسطين كان للأستاذ الشيخ محمود شاكر شأنه في هذا، شأن المفكرين الوطنيين الأصلاء في كل أمة وكل أزمة، دور كبير في بيان الحق من الضلال والصواب من الباطل والعدو من الصديق، وعلى نحو ما كان حاسما في خطابه المهذب والصارم للحاخام حايم ناحوم الحاخام الأكبر لليهود (وقد أوردناه في مدونة سابقة) فإنه كان سباقا إلى إبداء الشكر والتقدير والامتنان للبابا كريستوفورس بابا الروم الأرثوذكس.

واليوم نقرأ فقرات من ثناء الأستاذ الشيخ محمود شاكر على البابا يوساب ١٨٧٥- ١٩٥٦ بابا الأقباط الأرثوذكس في السنوات العشر الأخيرة من حياته ١٩٤٦- ١٩٥٦، ومن الجدير بالذكر أن هذا البابا كان رجلا متعلما عالما حكيما لكن مواقفه الوطنية ضد الصهيونية جلبت عليه المؤامرات حتى صورته ضعيفا متخاذلا ولم يكن في يد هذا الرجل أية قدرة على نفي أي شيء يقال عنه، في ظل تنامي حكم دولة شمولية لم تكن ترغب في وجود أية قيادة دينية حقيقية، وفي ظل روح انتقام صهيونية تبنتها ومولتها أمريكا بكل الوسائل ضد كل من قاوم المشروع الصهيوني من القيادات العربية أيا كان موقعها..

حبه لنصارى مصر استكمال لحبه نصارى الشرق في الشام والعراق
ونحن نحمد الله إذ جعل في إخواننا القبط رجلاً كهذا الرجل الجليل، يقف حارساً يقظاً على أمته وأمنا، يرد عنها كل مكيدة. وما دام في الأقباط هذا الرجل وأمثاله، فالمسلمون والعرب جميعاً لا يبالون بعد اليوم أن يبذلوا مهجهم في الذود عن إخوانهم


قال الأستاذ الشيخ محمود شاكر ضمن حديثه: ” …….. كنت أرى أن نصارى الشام والعراق قد بذلوا من الجهود في قضايا العرب ما صرح عن مكنون أنفسهم وعن إخلاصهم الذي لا يدفع، وأنهم جزء لا يتجزأ من العالم العربي ومن العالم الإسلامي، وكنت أتخوف أن يقف قبط مصر مترددين عن المشاركة الصريحة في جهاد العرب والمسلمين في مسألة فلسطين، ولكني أشهد الله اليوم أن قبط مصر قد ملئوا قلوب العرب والمسلمين غبطة بهم وإكباراً لهم، وحرصاً على مودتهم حرصاً لن يعمل فيه بعد اليوم دس ولا كيد ولا وقيعة. إنه لا يحل لأمرئ مسلم أو عربي بعد اليوم أن يرتاب أو يتشكك في نبل هؤلاء الإخوان الذين نصرونا في ساعة العسرة لا تدفعهم إلى هذه النصرة رغبة ولا رهبة”.

“وسأسجل … مآثر لرجلين (يقصد البابا كريستوفورس والبابا يوساب) من أجل النصارى شأناً، لأنهما وقفا في الجهاد موقفاً يوجب علينا أن نخلد ذكرهما في تأريخ العرب وتأريخ المسلمين، ولا سبيل إلى جزاء هذين الرجلين إلا بأن نرفع ذكرهما في هذه الساعة والى أبد الدهر، لأنهما قطعاً السبيل على كل خبيث من شياطين السياسة القذرة التي انبعثت في أوربة وأمريكا، وعلى شياطين اللؤم الصهيوني الدنيء”.

ثناؤه على الأنبا يوساب بطريرك الأقباط الأرثوذكس
يروي الأستاذ الشيخ محمود شاكر أسباب ثنائه على البابا يوساب هذا “الشيخ الجليل الصادق” حسب وصفه فيقول: “اجتمع المسلمون والعرب في المسجد الجامع الأزهر في يوم الجمعة 22 المحرم سنة 1367، فإذا الناس يفاجئون بمقدم القمص مثياس الأنطوني سكرتير غبطته مندوباً من قبله، ومعه إخوانه من رؤساء الأقباط في مصر، القمص جرجس إبراهيم رئيس الكنيسة القبطية الكبرى، والقمص عبد المسيح سعد، والقمص مرقص غالي. ودخول هؤلاء الأربعة الكرام إلى المسجد الجامع في ساعة الجمعة، ونيابتهم عن غبطة البطريك الأعظم في شهود هذا اليوم المشهود، وخطبتهم الناس في هذا المسجد، ومشاركتهم في أكبر مؤتمر إسلامي في مصر، قد دلّ دلالة صريحة على أن الأنبا يوساب البطريك الأعظم، هو رجل قد نوّر الله قلبه بالحق، وآتاه من الفطنة والصدق والأمانة في دينه وخلقة ما يجعل عمل هذا أمانة في عنق كل مسلم عربي، يحميها ويدفع عنها ويعتز بها ويكرم أصحابها في عامة أمورنا وخاصتها. وقد فعل ذلك من تلقاء نفسه غير متردد، فدل ذلك على أنه رجل سياسي مخلص، وعلى أنه يدرك تمام الإدراك كل ما يحيط بهذا الفجور الصهيوني من الخبائث، وعلى أنه يأبى أن يدخل بين أقباط مصر ومسلميها مفسد يبغي الوقيعة”.

الشيخ شاكر يقدم نماذج لمواقف الأنبا يوساب الذكية
” ….. وقف هذا البطريك الأعظم موقفاً رد كيد البريطانيين في نحورهم، وذلك في حادثة الزقازيق التي دبرتها بريطانيا لإفساد ما بين المسلمين والأقباط، فلولا حكمة هذا الرجل النبيل، لكان هذا الحادث البغيض سبباً في اشتعال نار الفتنة التي أشعلت بريطانيا مثلها من قبل لتفرق كلمة الأمة تفريقاً يجعل بعضنا لبعض عدواً.”


“ونحن نحمد الله إذ جعل في إخواننا القبط رجلاً كهذا الرجل الجليل، يقف حارساً يقظاً على أمته وأمنا، يرد عنها كل مكيدة. وما دام في الأقباط هذا الرجل وأمثاله، فالمسلمون والعرب جميعاً لا يبالون بعد اليوم أن يبذلوا مهجهم في الذود عن إخوانهم، وفي حمايتهم، وفي الدفع عن كل شيء يسوئهم، ما بقي على ظهر هذه الأرض مسلم يؤمن بالله وملائكته ورسله واليوم الآخر. إنه دين في أعناقنا للقبط، نسأل الله أن يهبنا القدرة على أدائه وإن أبوا هم أن يقبلوا عن هذه المأثرة جزاء.

 

 

 

 

 


تم النشر نقلا عن موقع مدونات الجزيرة
لقراءة المقال من مدونات الجزيرة إضغط هنا
للعودة إلى بداية المقال إضغط هنا

 

شارك هذا المحتوى مع أصدقائك عبر :
x

‎قد يُعجبك أيضاً

حماس على طريق النصر

لما ظهرت حركة حماس إلى الوجود دارت مناقشات متعددة حول جدواها ومستقبلها، ...

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com