كان علي الشمسي باشا ١٨٨٥- ١٩٦٢ في رأيي ثالث أفضل وزراء المعارف فيما قبل ثورة يوليو، بعد أفضلهم وهو سعد زغلول باشا وثانيهم وهو أحمد حشمت باشا، وقد كان من حظه أنه عمل وزيراً للمعارف العمومية ثلاث مرات متتالية طيلة عامين كاملين (يونيو 1926 ـ يونيو 1928) وهي فترة الائتلاف الوزاري بين الوفد والأحرار الدستوريين، وقد شغل هذا المنصب في وزارات عدلي يكن باشا الثانية، وعبد الخالق ثروت باشا الثانية ومصطفى النحاس باشا الأولي، ولم يتول أيا من المناصب الوزارية بعد هذا، فقد كان رئيس الوزراء الذي خلف النحاس باشا وهو محمد محمود باشا تاليا له في الوزارة. وقد كانت للشمسي إصلاحات واسعة في وزارة المعارف:
أول الوزراء اهتماما مؤسسيا بالرياضة والفنون الجميلة
يذكر لعلي الشمسي في أثناء توليه وزارة المعارف اهتمامه بتعليم الفنون الجميلة، وإنشاء المتاحف، وإقامة المعارض، وإرسال البعثات المختلفة للفنون، وقد أنشأت في عهده أول مدرسة للفنون الطرزية بمعناها المفهوم (1927)، وكانت الدراسة بها مجانية ومدتها ثلاث سنوات، وكان القبول بها ممكنا بمجرد الحصول على شهادة إتمام الدراسة الأولية. كما شكل لجنة الرياضة البدنية استهدف بها ترقية الرياضة، وإقامة الحفلات والمسابقات الرياضية، وتنظيم الرحلات الخاصة بها، وكانت بإشراف وزيري الداخلية والمعارف معا.
تنظيم المناهج والكتب والتفتيش الفني
في عهد علي الشمسي باشا تقرر تعديل كثير من مناهج التعليم ونظمه، وفي عهده أعادت وزارة المعارف النظر في المؤلفات والكتب المدرسية. وفي عهده وضعت الشروط الواجب توافرها للنجاح في الكشف الطبي بالمدارس. وعلي الشمسي باشا بصفة شخصية عناية بالغة بإقرار سياسة التفتيش الفني والإداري، وقد تقرر في عهده وضع نظام للتفتيش على المدارس فنيا، كما تم تحديد اختصاص التفتيش الإداري، وتحديد ما يتبع عند تعيين أو نقل الموظفين لتحقيق العدالة بين الجميع.
تنظيم قوانين السلم التعليمي
في عهد علي الشمسي باشا تم تعديل تركيبة السلم التعليمي كله بصورة متكاملة تقترب في نهجها من السلم الأزهري والفرنسي وتبتعد عن السلم البريطاني: ففي عهده صدر قانون التعليم الثانوي المعروف بقانون سنة 1928، وبمقتضاه قسمت سنوات الدراسة الخمس بالمدارس الثانوية إلي مرحلتين: ثلاث سنوات عامة، وسنتين تخصص (أدبي أو علمي)، وحددت شروط الالتحاق، والمصروفات، ومواد الدراسة، واللغة المستعملة، وأحكام المواظبة، والعقوبات. وفي عهد علي الشمسي باشا أصبحت الامتحانات تعقد علي دورين أول وثان (الذي هو الملحق)، بحيث ولا يصرح للتلاميذ بدخول الدور الثاني إلا إذا توفرت فيهم شروط معينة، ولهذا فإنه يعرف في الذاكرة المصرية بأنه الوزير الذي إليه ينسب القرار الخاص بإقرار الملحق، ومما يذكره له التاريخ أنه عقدت في عهده (1926) امتحانات ملحق استثنائية للدبلومات والشهادات الدراسية، أي أن الملحق لم يتوقف على ما نعرفه من سنوات النقل، ومن الطريف أن خلفه في وزارة المعارف كان هو أستاذ الجيل أحمد لطفي السيد باشا وكان هو من ألغى الملحق.
وفي عهد علي الشمسي باشا أيضا صدر القانون الخاص بتنظيم المدارس الابتدائية للبنين وهو النظام الذي أقر شهادة إتمام الدراسة الابتدائية، وحددت نظم المدارس الابتدائية للبنات ومدارس البنين ابتداء من سنة 1928، وأصبحت مدة الدراسة بالتعليم الابتدائي أربع سنوات، ووضع نظام للمدارس الابتدائية من حيث مدة الدراسة، وشروط الالتحاق، والمصروفات، وشروط المجانية، والمواد الدراسية، والامتحانات. وفي عهده أيضاً صدر قانون رياض الأطفال المعروف بقانون 1928، وأصبح من حق الناجحين في الفرقة الثالثة من هذه المدارس أن يلتحقوا بالفرقة الأولي الابتدائية بدون امتحان قبول، وحدد هذا القانون سن الالتحاق برياض الأطفال بسن الرابعة والخامسة علي ألا يبقي فيها من زاد سنه علي الثامنة، وقد وصل عدد هذه المدارس إلى 20 مدرسة سنة 1927. وفي مقابل هذا كله تقرر إلغاء إدارة التعليم الأولي (1927)، وتقرر ارتباط مراحل التعليم بعضها ببعض، بعدما كانت تسير في خطوط متوازية بطريقة قربة من النهج البريطاني.
تنظيم إعداد المعلمين
كان علي الشمسي باشا حريصاً علي توفير الكوادر البشرية اللازمة للعملية التعليمية، ولما وجد أن مدارس المعلمين الأولية لن تتمكن من سد النقص في عدد المعلمين اللازمين للتعليم الأولي والإلزامي، فقد لجأ إلي فتح أقسام مسائية في هذه المدارس (1927/ 1928) مدة الدراسة بها سنة واحدة. أنشئت في عهده مدرسة للمعلمات الثانوية بحلوان (1926)، وفي السنة الدراسية 1927/ 1928 تم إنشاء مدرستين للتجارة المتوسطة، إحداهما بالقاهرة، والثانية بالإسكندرية.
تنظيم الجامعة والمدارس العليا
وفي عهده أيضا تقررت كثير من القواعد الخاصة بتنظيم جامعة القاهرة، وتشكلت مجالس إدارة لأربع مدارس عليا موازية للجامعة هي مدارس: القضاء الشرعي، والمعلمين العليا، ودار العلوم، والهندسة الملكية. كما تقرر إعادة المدرسة التجهيزية لكل من دار العلوم والقضاء الشرعي، وكانت قد ألغيت في فترة سابقة. وفي مقابل كل هذه الإصلاحات الإنشائية فقد أغلقت مدرسة المعلمين العليا (1928) وبالطبع فقد استمرت في تخريج من كانوا لا يزالون طلابا فيها، وقد حل محلها فيما بعد معهد التربية. وهكذا فإن علي الشمسي دعم مدرستي دار العلوم والقضاء الشرعي، على حين ألغي مدرسة المعلمين العليا.
تم النشر نقلا عن موقع مدونات الجزيرة
لقراءة المقال من مدونات الجزيرة إضغط هنا
للعودة إلى بداية المقال إضغط هنا