لا يخلو الحديث عن الملك فاروق في حياته العائلية والاجتماعية، من كثير من المفارقات والطرائف لكننا في هذه التدوينة سنكتفي بذكر بعض الخطوط العريضة الكفيلة بالفهم والتعريف والتذكر مع الإشارة إلى إحدى الطرائف التي أبرزها عنوان التدوينة.
أربع شقيقات وأخت
كانت للملك فاروق أخت تكبره بعشرين عامًا هي السيدة فوقية ابنة الأميرة شويكار الزوجة الأولى لأبيه، وكان هو الأخ الأكبر لأربع شقيقات صار هو مبكرا بمثابة ولي أمرهن ووالدهن، الشقيقات هن فوزية وفايزة وفايقة وفتحية، أما هو أي الملك فاروق فقد أنجب من زوجته الأولى الملكة فريدة ثلاث بنات:
– فريال، وقد سميت على اسم جدته والدة الملك فؤاد.
– فوزية، وهي الوحيدة من بناته الثلاث التي سميت باسم عمة لها.
– فادية .
ومن باب المصادفة فإن أعمار بنات فاروق تناسبت مع ترتيب مولدهن أن كبراهن هي أطولهن عمرا إذ عاشت واحدا وسبعين عاما وصغراهن هي أصغرهن عمرا إذ عاشت تسعة وخمسين عاما فقط، ووُسطاهن هي أوسطهن عمرا إذ عاشت ثمانية وستين عاما، ومن العجيب أن هذا كان هو الحال مع شقيقاته الأربع فإن أعمار أخواته الشقيقات تناسبت مع ترتيب مولدهن أن كبراهن هي أطولهن عمرا، وما من مرة ذكرت هذا الاستنتاج الطريف لأحد إلا وحاول نفيه ثم تعجب من أن يجده بعد التحقق من جزئياته صائبا تماما.
الزواج الأول
نعرف أن الملك فاروق تزوج للمرة الأولى في سن الثامنة عشرة عقب توليه العرش، وكان اختيار الملكة فريدة زوجة له خطوة موفقة من حيث الطبقة والتحضر ومن حيث الشخصية، فقد كان أبوها يوسف باشا ذو الفقار ١٨٨٦-١٩٥٢ مستشارًا في القضاء أما جدها لوالدتها فهو محمد سعيد باشا رئيس الوزراء ١٨٦٣- ١٩٢٨في عهد الخديو عباس ثم في عهد الملك فؤاد، وزوج خالتها هو حسين سري وزير الأشغال الذي صار رئيسا للوزراء. الأهم من هذا كله أن خالها هو الفنان الكبير محمود سعيد. وقد رزق الملك فاروق حظا آخر من التوفيق حين توافق ارتباطه بزوجته الأولى مع ارتباط شاه إيران بشقيقته، وهكذا تزوج الرجلان الملكان في وقت واحد. ومن الجدير بالذكر والـتأمل أن الملك حين قرر نهائيا إعلان طلاقه من الملكة فريدة؛ فإنه أصدر قرار إعلان الطلاق مصحوبًا بإعلان طلاق الإمبراطورة فوزية في نفس الوقت، على الرغم من أنه لم تكن هناك علاقة بين الطلاقين.
من الروايات الشائعة أن الملك فاروق طلب من الشيخ المراغي فتوى بحظر زواج الملكة فريدة من أي أحد بعده، فواجهه الشيخ المراغي بأن هذا أمر لا يملكه أحد لمخالفته للدين، هذه الرواية شائعة إلى حد يتصورها الناس أنها الحقيقة، وهي في مضمونها السيكولوجي تعبير عن حب الملك فاروق الشديد للملكة، وهي متداولة في النصوص المكتوبة، كما أنها متداولة في الروايات المعهودة، لكنني دائمًا ما أصححها بذكر حقيقة مهمة وهي أن الشيخ المراغي توفي في ١٩٤٥ بينما تم إشهار الطلاق في ١٩٤٨، ومع هذا فإني لا أستطيع أن أنفي صدق موضوع مثل هذه المناقشة؛ لاحتمال أن تكون قد دارت في مرحلة مبكرة من استقرار الملك على قرار الطلاق. من الجدير بالذكر أن الملكة فريدة لم تقبل بفكرة الزواج بعد الملك فاروق على الإطلاق، أما الملكة ناريمان التي طلبت الطلاق من فاروق بعد سنوات من الغربة معه في إيطاليا فإنها تزوجت بعده مرتين.
الزواج الثاني
أعلن الملك فاروق خطوبة الملكة ناريمان في عيد ميلاده الحادي والثلاثين في الحادي عشر من فبراير ١٩٥١، ومن الجدير بالذكر أن الملكة ناريمان قد تزوجت بعد الملك فاروق مرتين:
– من زوجها الثاني الأستاذ أدهم النقيب ابن الدكتور أحمد النقيب مدير مستشفى المواساة بالإسكندرية، وأنجبت منه ابنهما الأستاذ أكرم أدهم أحمد النقيب وتم طلاقها منه في 1964
– من زوجها الثالث اللواء طيب إسماعيل فهمي في 1967 وظلت على ذمته إلى أن توفيت في ٢٦ فبراير ٢٠٠٥ ولم تنجب منه.
وهنا تأتي طرفة من طرفات التاريخ، فقد أنجبت الملكة ناريمان من الملك فاروق ابنًا واحدًا هو الملك أحمد فؤاد الثاني، وأنجبت من زوجها الثاني أدهم النقيب ابنًا واحدًا هو أكرم أدهم أحمد النقيب، فهذان إذأ أخوان غير شقيقين. لكن ابن الملكة ناريمان تزوج سيدة، ثم انفصلا بالطلاق ‘ وتزوجت هذه السيدة من بعده من المهندس جمال السادات (بعد زواجه من السيدتين دينا عرفان وابنة الدكتور محمد شعلان)، وبهذا أصبحت هذه السيدة التي تزوجت المهندس جمال السادات تجمع في حياتها حماتين:
– حماتها الأولى هي الملكة ناريمان
– حماتها الثانية هي السيدة جيهان السادات.
تمت فصول هذه القصة الهامشية في عهد الرئيس مبارك الذي هو أقرب عهود العسكريين في طباعه إلى عهد الملك فاروق، وفي ذلك العهد أي عهد الرئيس مبارك توفيت الملكتان فريدة وناريمان، أما الإمبراطورة فوزية فإنها وحدها هي التي عاشت إلى ما بعد وقوع الانقلاب العسكري في 2013.
تم النشر نقلا عن موقع مدونات الجزيرة
لقراءة المقال من مدونات الجزيرة إضغط هنا
للعودة إلى بداية المقال إضغط هنا