الرئيسية / المكتبة الصحفية / هل كان التعليم هو المشروع القومي الأول في عهد الملك فاروق

هل كان التعليم هو المشروع القومي الأول في عهد الملك فاروق

نبدأ بالتنبيه على أن مصر في عهد الملك فاروق كانت تأخذ بالنظام البرلماني مع خليط معقول أو فوق المفروض من أوتوقراطية الملك، وهكذا يمكن من دون تجاوز أن نتحدث عن دور للملك في سياسة قطاعية في عهده على نحو ما نفعل في مقامنا هذا، وليس من قبيل المبالغة القول بأن الإنجاز الأكبر في عهد الملك فاروق (وحكوماته المتعاقبة من أغلبية وأقليات) قد تعلّق بالتعليم من أكثر من زاوية، فقد عُني هذا العهد أو فلنقل عُني عهد هذا الملك أو عُني هذا الملك نفسه بأن يكون منشئا للكثير من المؤسسات التعليمية التي وجدت في عهده كما ظهرت بوضوح عنايته الشخصية بالتعليم وامتداده والتوسع فيه ورُقيّه ورفع مستوى مؤسساته، وتُسجّلُ الموازنات أن مُخصّصات التعليم دوناً عن غيرها من المخصصات قد تضاعفت في عهد الملك فاروق 6 مرات وهو ما لم يحدث لغيرها في عهده، ولا للتعليم في أي عهد آخر.

وربما يندر أن تجد في تاريخ الحضارة أن يتوالى على منصب وزير المعارف مثل هذه المجموعة النادرة التي توالت عليه في عهد الملك فاروق وشملت كلا من الأساتذة والدكاترة (مع حفظ الألقاب) أحمد لطفي السيد ومحمد حسين هيكل ومحمود فهمي النقراشي وأحمد نجيب الهلالي وعبد الرزاق السنهوري ومحمد بهي الدين بركات ومحمد حسن العشماوي وطه حسين ومحمد رفعت وعلي أيوب، ولنذكر أنه في عهده هو وحده تأسست 3 جامعات بعد الجامعة الأم، فقد تأسست جامعة الإسكندرية في 1942 (بعد أن بدأت كفروع للكليات في ١٩٣٨) ثم جامعتا إبراهيم (عين شمس) ومحمد على (أسيوط) في 1950 وكانت جامعة طنطا قد بدأت مسارها نحو الإنشاء حتى إنه خصصت ميزانية لكلية طب طنطا وقبل طلاب على ذمتها (أو قوتها وموازنتها) للدراسة في قصر العيني إلى أن تفتح الكلية.

كان الملك فاروق يُشرك نفسه في العناية المصرية المتوارثة بمسلمي العالم، وكان يمول بعثات تعليمية باسمه لطلاب المناطق الإسلامية البعيدة، كما كان يُمول استقدام الطلبة العرب والأفارقة للدراسة في الأزهر

وكان من مظاهر انتعاش التعليم في عهده أن شهد ذلك العهد اهتمامه الشخصي بالتفوق والأوائل في مراحل التعليم المختلفة حتى إنه كان يحتفل بالأوائل على مائدته هو كل عام، بل ربما بدأت معرفة الأوائل ببعضهم البعض من خلال اللقاء عللى مأدبة الملك، وأذكر من هؤلاء كثيرين رووا هذا لي، والملك فاروق هو في حقيقة الأمر الذي أسس جوائز الدولة التقديرية والتشجيعية وكان اسمها جوائز فؤاد الأول وفاروق الأول (منذ 1944) والمدينة الجامعية الشهيرة التي افتتحت في مطلع ١٩٤٦ (150 وقد تكلف إنشاؤها ١٥٠ ألف جنيه كانت تبرعا من الملك نفسه). وفي عهده تأسست مؤسسات تعليمية وثقافية كثيرة كانت جديدة في نشأتها وطابعها من قبيل معهد الدراسات الإسلامية في العاصمة الإسبانية مدريد ومعهد الدراسات الإسلامية في الجزائر ومكتبة الأميرة فريال في مصر الجديدة (1944) وهي أول مكتبة عامة في حي من الأحياء بهذا النمط الرائد المُتحضر، وهي نفسها المكتبة التي أصبحت الآن بعد تقلبات متتالية: مكتبة مصر الجديدة.

وعلى صعيد البحث العلمي: فمن المؤسسات العلمية التي تأسست في عهده على سبيل المثال: المركز القومي للبحوث الذي تأسس أولاً باسم مجلس فؤاد الأول للبحوث العلمية وتم بناء مبناه الضخم العظيم في 1952. قبل أن تُطلق الثورة الاسم الجديد على المبنى في 1956، وكذلك تأسس في عهده معهد فؤاد الأول لبحوث الصحراء في 1950، في عهد وزارة الوفد، واختير له مقرا قصر الخديو عباس حلمي الذي سمى بقصر الصحراء، وعرف القصر والشارع الذي يقع فيه لفترة من الزمن باسم معهد الصحراء وشارع معهد الصحراء لكن ثورة يوليو ١٩٥٢ استولت عليه وتعاقبت عليه إدارات عسكرية حتى أصبح الآن مقراً للمخابرات الحربية، بينما نقل معهد الصحراء إلى قصر الأمير يوسف كمال في المطرية، وعلى صعيد الفنون والثقافة تأسست مؤسسات ومعاهد كثيرة منها المعهد العالي للفنون المسرحية، وفي نهاية عهد الملك فاروق بدأ إنشاء مدينة البعوث الإسلامية، التي لا يستحي الناصريون من نسبتها زورا لزعيمهم.

على صعيد آخر فقد كان الملك فاروق يُشرك نفسه في العناية المصرية المتوارثة بمسلمي العالم، وكان يمول بعثات تعليمية باسمه لطلاب المناطق الإسلامية البعيدة، كما كان يُمول استقدام الطلبة العرب والأفارقة للدراسة في الأزهر على نفقته الخاصة، وعلى سبيل المثال فإنه أهدى مسلمي الصين مئات الكتب من المكتبة الملكية، وموّل نفقات تعليم عشرين صينيا في مصر، كما أنه كان يمول بعثات كثير من السودانيين والأفارقة للتعلم في الخارج حتى إنك تجد بعضا من أبرز السودانيين ممن تولوا المناصب الكبرى في السودان وخارجها يثبتون في سيرة تاريخ حياتهم أنهم نالوا بعثة الملك فاروق للتعليم في الخارج.

وشهد عهده إنشاء عدد من المستشفيات الجامعية والخاصة والعامة، وفي نهاية عهده تأسس مستشفى لجراحة العظام في اسكندرية باسم زوجته الثانية ناريمان (1952) ومن أبرز المستشفيات العمالية التي تأسست في عهده مستشفى صيدناوى (1941) وعلى مستوى الكليات العسكرية فإن مدرسة الطيران العالي في ألماظة بدأت في عهده 1937 ثم تحولت إلى كلية الطيران الملكية في 1948 أما الكلية البحرية فنشأت في (1945). وفي 1952 وحدها وقبل قيام الثورة تم إنشاء مدرسة المهندسين العسكريين (نواة الفنية العسكرية والمعهد الفني فيما بعد) ومدرسة أركان الحرب، ومدرسة ضباط الصف.

تم النشر نقلا عن موقع مدونات الجزيرة
لقراءة المقال من مدونات الجزيرة إضغط هنا
للعودة إلى بداية المقال إضغط هنا

شارك هذا المحتوى مع أصدقائك عبر :
x

‎قد يُعجبك أيضاً

حماس على طريق النصر

لما ظهرت حركة حماس إلى الوجود دارت مناقشات متعددة حول جدواها ومستقبلها، ...

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com