الأستاذ إبراهيم رمزي (1884 ـ 1949) واحد من رواد المسرح المصري الأوائل، يعد أبرز كتاب المسرح المصري بين الحربين بفضل الطيف الواسع من المسرحيات الناجحة التي ألفها وترجمها، كما أنه قاص وشاعر ومترجم، وكاتب اجتماعي، ومؤلف سينمائي. وينبغي الانتباه إلى الخطأ الشائع في الخلط بينه وبين رائد من رواد الرواية التاريخية في الأدب العربي هو الأستاذ إبراهيم رمزي أغا الذي هو أكبر منه سنا ولمع قبله، وتوفي قبله أيضا.
ومن الجدير بالذكر أن هناك مماثلا معاصرا له يحمل نفس الاسم وهو إبراهيم رمزي (1905 ـ 1987) بيد أن التمايز الذهني بين التأليف والتمثيل يجعل الخلط بينهما نادرا، إذا ما قورن بالخلط بينه وبين الأستاذ إبراهيم رمزي أغا. الأستاذ إبراهيم رمزي هو أخ غير شقيق لمحمد رمزي بك المؤرخ (1871 ـ 1945)، ولأخوين وزيرين أحدهما ينتمي للحزب الوطني، ومن زملاء مصطفى كامل باشا وهو هما أحمد بك رمزي وثانيهما هو الوزير الوفدي إسماعيل باشا رمزي. أما والدهم عثمان بك رمزي، فكان من رجال الخديو إسماعيل الذين استفادوا من سياسته في إقطاع كبار موظفيه مساحات من الأراضي لاستصلاحها، وقد أقطعه 300 فدان في أرض المقاطعة وكفر سعد مركز السبنلاوين، وأنشأ فيها عزبتين وقفهما فيما بعد، أما جده فهو مصطفي أغا كسْكسه من رجال المدفعية الذين انتقاهم الكولونيل سيف (سليمان باشا الفرنساوي) من الضباط الأتراك لتعليم المصريين فنون الحرب عندما قرر محمد علي إنشاء الجيش المصري علي النظام الحديث.
ولد الأستاذ إبراهيم رمزي بالمنصورة، وكان له تاريخ طريف مع الوظائف حيث عمل بالابتدائية، ثم حصل على شهادة البكالوريا وعمل بها، ثم تخرج في مدرسة المعلمين العليا وعمل بدبلومها أيضا، وفي أثناء ذلك كله حصل على شهادة في علم الاجتماع، كما حاول دراسة الطب. ويروى أنه بعد أن نال الشهادة الابتدائية من مدارس القاهرة (1901)، سافر إلي السودان (1903) وعمل مترجما بالمحاكم، ثم عاد إلي القاهرة، حيث نال شهادة البكالوريا (1906)، ثم سافر إلي بيروت ليدرس الطب، ومنها إلي لندن، حيث نال شهادة في علم الاجتماع، وأتاحت له إقامته بإنجلترا معرفة واسعة بالمسرح الإنجليزي، ثم عمل بعد عودته إلي مصر (1910) موظفا بوزارة المالية، ونال دبلوم مدرسة المعلمين العليا (1921)، وانتقل للعمل مترجما بوزارة الزراعة، ثم بوزارة المعارف، حيث شغل عدة مناصب فيها، حتي أصبح مراقباً عاما للبعثات.
بدأ الأستاذ إبراهيم رمزي تجربته الثرية والممتدة بكتابة مسرحيات تاريخية استمد أحداثها من التاريخ الإسلامي والعصر الفاطمي، وقد وجه إليه محمد تيمور اتهاما واضحا ومتبلورا في أن سرعته في التأليف والكتابة على عجل أدت إلى تدهور مزعج في مستوي كتاباته في محاكمته الخيالية لكتاب المسرح، وقد وضع تيمور هذا الاتهام على لسان أدمون روستان. تعتبر مسرحية الأستاذ إبراهيم رمزي «أبطال المنصورة» أنجح أعماله في ميدان المسرحية التاريخية، وفيها تميزت لغة الحوار الفصحى بأسلوب مركز وحافل المعاني المبتكرة، نابض بالحركة، مع الخلاص من نمط بلاغة القرن التاسع عشر، المثقلة بالزخارف اللفظية، ومع التقليل من النزعة الخطابية والمقاربات المباشرة التي كانت الطابع المسيطر على معظم إنتاج تلك الفترة، ومن الطريف أن الرقابة لم تسمح بعرض هذه المسرحية إلا في 1918 من خلال فرقة عبد الرحمن رشدي، ثم مثلت هذه المسرحية بعد ذلك بفرق عديدة.
لإبراهيم رمزي مجموعة من المسرحيات التاريخية مثل: «الحاكم بأمر الله» (1915)، و«الدرة اليتيمة» (1915) و«أبطال المنصورة» (1915)، و«البدوية» (1915)، و«بنت الاخشيد» (1916)، و«الهواري» (1918)، و«إسماعيل الفاتح» (1937)، و«شاور بن مجير» (1938). كانت «إسماعيل الفاتح» آخر مسرحيات إبراهيم رمزي، وفيها تناول فتح محمد علي للسودان علي يد ابنه إسماعيل، وقد قدمتها الفرقة القومية المصرية (1938) من إخراج عمر جميعي. ومن مسرحيات الأستاذ إبراهيم رمزي الاجتماعية والفكاهية: «حنجل بوبو» (1915)، و«دخول الحمام مش زي خروجه» (1916)، و«عقبال الحبايب» (1918)، و«صرخة الطفل» (1923)، و«بنت اليوم» (1931)، ومثلتها فرقة اتحاد الممثلين (1934)، و«أبو خوندة» (1937).
كما ترجم الأستاذ إبراهيم رمزي عدة مسرحيات: «قيصر وكليوباترا» لجورج برنارد شو (1914)، و«ريشيليو» (1918)، و«بيزارو» لشيريدان (1927)، و«أسير كرومويل» لإدوارد هرز (1928)، و«عدو الشعب» للابيش (1932)، و«ترويض النمرة» لشكسبير (1933)، و«الملك لير» لشكسبير (1938)، و«تيمور لنك» لجريجوري لويز، و«شارل السابع» لالكسندر دوما الأب. وللأستاذ إبراهيم رمزي عدة مسرحيات مقتبسة: «عزة بنت الخليفة»، و«سياحة حمروش بك»، و«الأمير سليم». كان الأستاذ إبراهيم رمزي واسع الاطلاع، رحب الأفق، تعددت اهتماماته الأدبية والفنية، وقد كون في الأربعينيات شركة للإنتاج السينمائي مع المنتج المشهور حسن رمزي ابن أخيه اسماعيل رمزي باشا. كتب عنه كل من الأديب محمد تيمور والدكتور علي الراعي في “المسرح في الوطن العربي”، والأستاذان أحمد ضياء الدين في “رواد المسرح المصري” وسمير عوض في “قاموس المسرح”.
تم النشر نقلا عن موقع مدونات الجزيرة
لقراءة المقال من مدونات الجزيرة إضغط هنا
للعودة إلى بداية المقال إضغط هنا