الرئيسية / المكتبة الصحفية / محمود الطناحي النموذج المُشرق لعلماء التراث العربي

محمود الطناحي النموذج المُشرق لعلماء التراث العربي

كان الدكتور محمود الطناحي ١٩٣٥ – ١٩٩٩ نموذجا حيا مُتجسّدا لإخلاص أهل العلم الذين يُحبون العلم والعلماء والكتب والكتاب والتراث وأعلامه والتحقيق ومُنجزيه، وكان يأخذ نفسه بالحرص الشديد على أن يكون متسلحا ومُتخلّقا بأفضل الشمائل الخلقية والعلمية على حد سواء، فكان يلتزم الصدق والمودة كما كان يلتزم الجد والإنجاز، وكان يحترم النصوص وأصحاب النصوص كما كان يحترم الحقيقة وقوانين العلم، وكان هذا كلّه يُكلّفُه جُهداً جهيداً من أعصابه ووقته وحياته لكنّ جدّيته وحُبّه للكمال كانا يدفعانه إلى أن يحتفظ بهذه المكانة الرفيعة من الالتزامين العلمي والخلقي مع حلاوة في اللفظ الذي يتحدّثُ به أو يكتُبه، ومع بشاشة في اللقاء، وسعي في الخير ومحافظة على كل ما تنبغي المحافظة عليه من السجايا الحميدة، وعلى سبيل الإجمال فإنه كان إنساناً مُتأنّسناً وعالماً متحضرا ومُحققاً مُلتزماً ومُؤلفا مضيئاً ووالدا نموذجياً.

عاش الدكتور محمود الطناحي حياته العلمية في التحقيق في مدرسة الأستاذ محمود شاكر وكان قريبا إلى قلبه وعقله، كما ورث منه كلّ ما يرثه العلماء الأذكياء من أساتذتهم من براعة المُقاربة، وذكاء التناول، وقُدرة الفهم، وتبصّر النص، وقوة الحقيقة، والانحياز للحق. وقد رُزق بأكثر من غيره من أبناء جيله كل مسببات الوجود المُتّصل في البيئات العلمية المعنية بالتراث والعمل الدؤوب عليه وأُتيح له ما لم يُتح لغيره من إنجاز رفيع المستوى. وقد جمع الدكتور محمود الطناحي بين التفوّق في دراسة النحو وتحقيق أصوله (وكان هذا عمله في رسالة للماجستير والدكتوراه) وبين نظرة واسعة إلى علوم العربية وتراثها.


عاش الدكتور محمود الطناحي حياته العلمية الأولى على النمط التقليدي فبدأ تعليمه الديني في الكُتّاب وأتمّ حفظ القرآن الكريم وهو في الثالثة عشرة من عمره، والتحق بالأزهر فكلية دار العلوم، وتخرّج وهو في السابعة والعشرين من عمره من كلية دار العلوم جامعة القاهرة (1962) فأُتيحت له وظيفة معيد في معهد الدراسات العربية الذي كان تابعا للجامعة الأمريكية في القاهرة، وسرعان ما انتقل 1965 إلى معهد المخطوطات العربية التابع لجامعة الدول العربية وذلك قبل أن ينضم هذا المعهد إلى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم عند نشأتها، وقد عاصر الطناحي هذا المعهد منذ عمل به وحتى وفاته، وإن كان قد ترك العمل الوظيفي به عام 1978 حيث انتدب أستاذاً مُشاركاً في كلية الشريعة في جامعة الملك عبد العزيز في مكة المكرمة (وهي التي تحولّت الآن إلى جامعة أم القرى) وقد بقي الدكتور محمود الطناحي يعمل في مكة حتى 1989.

وفي 1991 عُيّن الدكتور محمود الطناحي أستاذا مُساعداً في كلية الدراسة العربية الإسلامية في فرع الفيوم من جامعة القاهرة (وهي الكلية التي أصبحت، فيما بعد، كلية دار العلوم جامعة الفيوم) ونال فيها درجة الأستاذية في مايو 1995 ثم انتقل إلى العمل في كلية الآداب جامعة حلوان في أغسطس 1996 وبهذا كان معاصراً لهاتين الكليتين الناشئتين اللتين انتفعتا بمجموعة متميزة من الكوادر المنجزة التي كانت مؤهلة للعمل بها، وللارتقاء بمستواهما، وكان الطناحي واحداً من الذين أضافوا لهاتين الكليتين قيمة وسُمعة في المُجتمع العلمي القاهري. وبالموازاة لهذا عمل الدكتور محمود الطناحي في عدد من مراكز تحقيق التراث، ولجانه في مجمع اللغة العربية في دار الكتب المصرية وفي المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.

كان الدكتور محمود الطناحي من القلائل في تخصّصه الذين عنوا بأن يرثهم ابنهم في مجدهم العلمي وهكذا بدأ نجله محمد تخليداً لذكرى والده فنشر في عام وفاته (1999) كتاب عن هذا الوالد بعنوان محمود الطناحي ذكرى لن تغيب، كذلك كتب الأستاذ أحمد العلاونة عنه كتاباً جميلا، وقد كان الأستاذ العلاونة معجبا به إلى درجة أنه قال: لقد قرأت كتاب الشعر لأبى على الفارسي مخطوطا أما بعد تحقيق الطناحي له فكأني ما قرأته قبل.

الكتب التي حققها
– النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير (خمسة أجزاء: الثلاثة الأولى بالاشتراك، والرابع والخامس بالانفراد) 1963.
– طبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (عشرة أجزاء بالاشتراك) 1964.
– العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين (مكة المكرمة) لتقي الدين الفاسي 1969.
– كتاب الغريبين -غريب القرآن والحديث- لأبى عبيدة (الجزء الأول) 1970.
– الفصول الخمسون -في النحو- لابن معطي المتوفى 1976.
– تاج العروس، شرح القاموس للمرتضى الزبيدي (الجزء السادس عشر) وزارة الإعلام بالكويت 1976.
– الجزء الثامن والعشرون من تاج العروس الكويت 1993.
– منال الطالب في شرح طوال الغرائب لمجد الدين بن الأثير (حصل هذا الكتاب على الجائزة الأولى في تحقيق التراث من مجمع اللغة العربية بالقاهرة).
– أرجوزة قديمة في النحو لليشكري.
– كتاب الشعر، أو شرح الأبيات المشكلة الإعراب، لأبى على الفارسي المتوفى (جزءان).
– أمالى ابن الشجرى ثلاثة أجزاء.
– ذكر النسوة المتعبدات الصوفيات لأبى عبد الرحمن السلمى.
– أعمار الأعيان لابن الجوزي.

مؤلفاته ومقدماته وفهارسه
– مدخل إلى تاريخ نشر التراث العربي، مكتبة الخانجى، القاهرة 1985.

– عن التصحيف والتحريف، محاضرة نشرت بآخر الكتاب السابق.
– الموجز في مراجع التراجم والبلدان والمصنفات وتعريفات العلوم، مكتبة الخانجى، القاهرة 1985.
– نبذة في تاريخ الطب العربي، مقدمة لكتاب الطب النبوي لابن قيم الجوزية في طبعة عيسى البابى الحلبى 1979.
– التنبيه على خطأ “الغريبين” للحافظ أبى الفضل بن ناصر، مجلة البحث العلمي والتراث الإسلامي، مكة المكرمة، 1979.
– فهارس كتاب غريب الحديث لأبى عبيد القاسم بن سلام، مجلة البحث العلمي والتراث الإسلامي، مكة المكرمة، 1980.
– فهارس كتاب الأصول في النحو لابن السراج، مكتبة الخانجي، 1986.
– فهرس الأشعار لكتاب ديوان المعاني لأبى هلال العسكري، مجلة معهد المخطوطات بالقاهرة (المجلدان 37، 38 )1993، 1994.
– ديوان المعاني لأبى هلال العسكري وشيء من التحليل والدراسة العروضية المجلد 66، مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق 1991.
– مجد الدين بن الأثير وجهوده في علم غريب الحديث، بحوث ندوة أبناء الأثير، جامعة الموصل بالعراق 1983.
– تقديم لكتاب المتنبي، للأستاذ محمود محمد شاكر، موسوعة عصر التنوير (أهم مائة كتاب في مائة عام) دار الهلال، القاهرة 1992.
– تقديم تحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر لكتاب الرسالة للإمام شافعي، موسوعة عصر التنوير الجزء الثاني القاهرة 1993.

– من إعجاز القرآن – العلم الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن للأستاذ محمود رءوف أبو سعدة تقديم دار الهلال القاهرة 1993م.
– جموع التكسير والعرف اللغوي مجلة مجمع اللغة العربية القاهرة، المجلد 71، 1992م.
– شرح شواهد الإيضاح لأبي علي الفارسي تأليف ابن برى المصري، عرض ونقد، مجلة مجمع اللغة العربية القاهرة المجلد، 1993.
– كتاب الفرق بين صفات الإنسان وصفات الحيوان لثابت بن أبي ثابت، مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق المجلد 51، 1976.
– الفهرس الوصفي لبعض نوادر المخطوطات بالمكتبة المركزية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الرياض، 1993.
– الكتاب المطبوع بمصر في القرن التاسع عشر، كتاب الهلال، 1996.
– قضية إنقاذ المخطوطات -ما تحقق ومالم يتحقق- مجلة معهد المخطوطات بالقاهرة 1996.
– كتاب صنعة الشعر لأبى سعيد السيرافي، مجلة معهد المخطوطات بالقاهرة 1997.
– كتاب الردة والفتوح لسيف بن عمر التميمي، الكتاب التذكاري للدكتور ناصر الدين الأسد الأردن 1997.
– مراجعة كتاب أعلام النصر المبين في المفاضلة بين أهلي صفين لأبي الخطاب عمر بن الحسن بن دحية الكلبي، دار الغرب الإسلامي، 1998.
– تقديم كتاب محمود شاكر: قصة قلم، تأليف عايدة الشريف، كتاب الهلال، دار الهلال، القاهرة، 1998.

وقد صدر للدكتور محمود الطناحي بعد وفاته
– مستقبل الثقافة العربية، كتاب الهلال، دار الهلال، القاهرة، مايو 1999.
– مقالات العلامة الدكتورمحمود محمد الطناحي، صفحات في التراث والتراجم واللغة والأدب، جمعها وأعدها للنشر محمد محمود الطناحي، وراجعها عبد الحميد البسيوني، مجلدان، دار البشائر الإسلامية، بيروت، 2002.
– في اللغة والأدب: دراسات وبحوث مجلدان – جمعها الأستاذ محمد محمود الطناحي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 2002.
– النهاية في غريب الحديث والأثر، لمجد الدين بن الأثير، تحقيق بالانفراد، طبعة ثانية مزيدة ومنقحة، المكتبة المكية، مكة المكرمة.
– كتاب الغريبين، غريبي القرآن والحديث، لأبي عبيدة الهروي، سبعة مجلدات، طبعة ثانية مزيدة ومنقحة للجزء الأول وطبعة أولى لباقي الأجزاء، دبي.
– من أسرار اللغة في القرآن والسنة، دار الفتح، عمان، الأردن.
توفي الدكتور محمود الطناحي في 23 مارس 1999.

صدر عنه بعد وفاته
– محمود الطناحي ذكرى لن تغيب، أعده وقدم له الأستاذ محمد محمود الطناحي، دار المدني، القاهرة، 1999.
– محمود الطناحي عالم العربية وعاشق التراث، تأليف الأستاذ أحمد العلاونة، سلسلة علماء ومفكرون معاصرون: لمحات من حياتهم وتعريف بمؤلفاتهم، دار القلم، دمشق، 2001.

 

 

 

 

 

 

 

تم النشر نقلا عن موقع مدونات الجزيرة
لقراءة المقال من مدونات الجزيرة إضغط هنا
للعودة إلى بداية المقال إضغط هنا

شارك هذا المحتوى مع أصدقائك عبر :
x

‎قد يُعجبك أيضاً

حماس على طريق النصر

لما ظهرت حركة حماس إلى الوجود دارت مناقشات متعددة حول جدواها ومستقبلها، ...

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com