الرئيس العقيد جميل الألشي 1883-1951 هو أبرز الضباط المتقاعدين من الجيوش العثمانية علاقة بالحكم في سوريا، وهو قبل هذا من أبرز الضباط العثمانيين الذين عملوا في جيش المملكة السورية عند تكوينه إذ إنه انضم للجيش السوري واختير ليكون المفوض العسكري باسم المملكة في بيروت، ولما وقعت موقعة ميسلون التي استشهد فيها وزير الدفاع البطل يوسف العظمة ودخل الفرنسيون دمشق كلّفوا الرئيس علاء الدين الدروبي بتشكيل وزارته وكان من الطبيعي أن يكون الرئيس جميل الألشي هو وزير الدفاع فيها نظرا لعلاقاته مع الفرنسيين التي نشأت في بيروت.
سرعان ما اغتيل رئيس الوزراء علاء الدوربي هو ورئيس مجلس الشورى في 19 أغسطس في محطة قطار على طريق درعا، حيث ذهبا لتهدئة الثائرين، وهكذا قرر الوزراء أن يتولى الرئيس جميل الألشي رئاسة الوزراء على سبيل النيابة، وبقي في هذا الوضع أسبوعين حتى 6 سبتمبر حيث كّلف الرئيس جميل الألشي بتشكيل وزارة جديدة هي وزارته الأولى 6/9/1920 – 30/11/1920 جمع مع رئاستها وزارة الحربية، ومن الجدير بالذكر أن كل وزراء هذه الوزارة (وزارة الرئيس الألشي الأولى) كانوا دمشقيين، فقد كان القائد الفرنسي جورو قد فصل حلب واللاذقية والسويداء وفلسطين ولبنان والأردن عما كان قد تكوّن باسم المملكة السورية.
وبعد أقل من ثلاثة أشهر قرّر القائد الفرنسي إلغاء وزارة الحربية لكن الرئيس جميل الألشي لم يُوافق، وكانت النتيجة أنه استقال من رئاسة الوزارة أيضا، وهكذا ظل الرئيس جميل الألشي بعيدا عن السياسة في عهد الرئيسين صبحي بركات وأحمد نامي أي منذ 1922 وحتى 1928 حين عاد في 15 فبراير 1928 ليكون وزيرا للمالية في وزارة صديقه الشيخ الرئيس تاج الدين الحسني الأولى الذي كان على علاقة جيدة بمدير المخابرات الفرنسي في دمشق القومندان كولييه، وقد احتفظ الرئيس جميل الألشي بوزارة المالية في وزارة الشيخ الرئيس تاج الدين الحسني الثانية (أغسطس 1930) ثم واجهت الوزارة حملة اتهامات بالفساد المالي قادتها مجموعة حزب الكتلة الصاعدة منذ 1928 لكن القضاء لم يُدن الحسني ولا الألشي. وإلى هذه الحكومة يعود الفضل في إنشاء الهلال الأحمر في دمشق.
بقي الشيخ الرئيس الحسني في الحكم حتى 16 نوفمبر 1931، حيث تولى محمد علي العابد رئاسة الجمهورية، وتشكّلت وزارات بائتلاف بين الكتلة الوطنية والمعتدلين أو بين مُعتدلي الجنوب والشمال (1932 ـ 1934). بعد أن قام المفوض الفرنسي شارل دي مارتيل بحل البرلمان عاد الشيخ الرئيس تاج الدين الحسني للحكم في 17 مايو 1934 فشكّل وزارته، واختار الرئيس جميل الألشي وزيرا للأشغال العامة.. لكن هذه الحكومة استقالت بعد الإضراب الستيني والانتخابات البرلمانية التي أوصلت الكتلة الوطنية للحكم والأتاسي لرئاسة الجمهورية.
في 12 سبتمبر 1941 عاد الشيخ الرئيس الحسني للحكم رئيسا للجمهورية وأعيد العمل بالدستور ونودي بسوريا المستقلة وكلّف الشيخ الرئيس تاج الدين الحسني زميله الرئيس حسن الحكيم برئاسة وزارة لم يُشارك فيها الرئيس جميل الألشي، ثم كلّف حسن البرازي بتشكيل الوزارة واندلع النزاع بين بريطانيا (التي كانت تؤيد البرازي) وفرنسا، وانتهى النزاع بإقالة البرازي بعد تخلي بريطانيا عن تأييده، وهكذا كلّف الشيخ الحسني رئيس الجمهورية صديقة الرئيس جميل الألشي بتشكيل وزارته الثانية في 8 يناير 1943 من وزراء مستقلين، وتصادف أن توفي الشيخ الحسني في 17 يناير بعد أيام قليلة من تشكيل وزارة الرئيس جميل الألشي الذي أصبح رئيسا للجمهورية بالنيابة بمُقتضى حكم الدستور.
هكذا فإن الرئيس جميل الألشي تولى رئاسة الوزارة للمرة الثانية في 8 يناير 1943 بعد 22 عاما من رياسته الأولى، ثم جمع بين الرياستين رياسة الجمهورية ورياسة الوزارة ما بين 17 يناير 1943 و25 مارس 1943، وسرعان ما اختلف الرئيس جميل الألشي مع الفرنسيين الذين كانوا يريدون منه تمويل عمليات الجيش الفرنسي في الحرب العالمية الثانية بخمسة عشر مليون ليرة ‘ إلا أنه رفض مُتمسّكا ببرنامج توزيع الخبز على الفقراء مجانا وهكذا أُقيل الرئيس جميل الألشي في 25 مارس 1943 وشُكّلت حكومة مؤقتة برئاسة عطا الله الأيوبي وأُجريت الانتخابات المعروفة بانتخاب 1943 التي جاءت بشُكري القوتلي لرئاسة الجمهورية. وهكذا ختم الرئيس جميل الألشي برئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية بخلاف وطني مشرف مع فرنسا.
تم النشر نقلا عن موقع مدونات الجزيرة
لقراءة المقال من مدونات الجزيرة إضغط هنا
للعودة إلى بداية المقال إضغط هنا