الرئيسية / المكتبة الصحفية / عبد الغفار مكاوي.. أستاذ الفلسفة الذي عاش في اللغة مثل أستاذه هايدجر

عبد الغفار مكاوي.. أستاذ الفلسفة الذي عاش في اللغة مثل أستاذه هايدجر

عبر الفيلسوف الألماني مارتِن هَايِدجر عن نفسه بعبارة شهيرة، تكاد تنطبق على أستاذنا الدكتور عبد الغفار مكاوي فقال: “إِن لُغتِي هِي مسكنِيٌّ، وَهِي موطِنِيّ ومُستقِرِّيٌّ، وهِي حُدود عالمِيّ الحمِيمِ ومعَالِمِهِ وتَضَارِيسِه، ومِن نوافذِها ومِن خِلال عُيُونِهَا أَنظر إِلَى بقِّيَّة أَرجاء الكونِ الواسِع”. نعم فقد كان الدكتور عبد الغفار مكاوي (يناير 1930 ـ ديسمبر 2012) نموذجا للمثقف واسع الأفق الذي يفتح الآفاق للقارئ العربي على نوافذ المعرفة الغربية المتجددة لا القديمة أو المستقرة فحسب، وقد كان من حسن حظي أنني نلت جائزة الدولة القديرية في الآداب معه في نفس العام.

كان من حظ الثقافة العربية أن الدكتور عبد الغفار مكاوي أنهى دراسته الجامعية الأولى في قسم الفلسفة ثم ابتعث إلى ألمانيا فدرس الأدب وأنتج فيه بقدر ما أنتج في الفلسفة بل كان إنتاجه في الأدب يبدو عن حق أكثر فائدة للقارئ العربي من إنتاج كثير من أساتذة الأدب. كان الدكتور عبد الغفار مكاوي واحدا من جيل المترجمين المجيدين عن الألمانية الذين نقلوا كثيرا من الأعمال الأدبية المهمة من الألمانية مباشرة، وقد كان العهد بكثير من الترجمات عن الألمانية أن تنقل عن ترجماتها إلى الفرنسية أو الإنجليزية كما حدث في بعض الأعمال في تراث جوته.

كان الدكتور عبد الغفار مكاوي ثاني أستاذ من أساتذة الفلسفة الجامعيين يحصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب بعد الدكتور زكي نجيب محمود (1975)


ليس معنى هذا أن نغمط الدكتور عبد الغفار مكاوي حقه بين أساتذة الفلسفة فإنه يتفوق عليهم بترجماته العظيمة لأعمال كانت وهايدجر. وقد كان محل تقدير دائم من الأوساط الثقافية على الرغم من تواضعه وهدوء طبعه وانصرافه للعمل الجاد. وعلى سبيل المثال فإنه حصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1983 بعد أن كان زميلا دفعته قد حصلا عليها بزمن طويل فقد حصل عليها الأستاذ صلاح عبد الصبور عام 1981 وحصل عليها الدكتور عز الدين إسماعيل عام 1985 وحصل زميلهما السابق عليهما بسنة فاروق خورشيد 1989، وكان هؤلاء الأربعة من جيل جديد في كلية الآداب ارتبط بالأستاذ أمين الخولي وارتبط بالأستاذ محمد فريد أبو حديد.

قدر لعبد الغفار مكاوي وزملائه أن يبشروا بثورة محسوبة في مفاهيم الأدب والنقد والفن والحياة كانت نتيجة طبيعية لما تكرس من الحياة الليبرالية لكنها توافقت في توقيتها مع ثورة 1952 والتقت معها في كثير من الزوايا والنقاط والإنجازات والخطابات الاجتماعية لكنها بالطبع لم تجد الحظ في الاستمرار أو الانتعاش بسبب الميول الشمولية للعسكريين وطبائع الأشياء. ولد الدكتور عبد الغفار مكاوي في 11 يناير 1930 في محافظة الدقهلية وتلقى تعليمه المدني في وعاء التعليم المتاح في ذلك الوقت حتى تخرج في كلية آداب القاهرة 1951 ثم نال درجة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة فرايبورج عام 1962 وهي جامعة أستاذه الفيلسوف مارتن هايدجر 1889- 1976 وعاد إلى وطنه فتولى التدريس في قسم الفلسفة وفي قسم اللغة الألمانية لكن البيروقراطية المصرية الصارمة جعلت الفلسفة مجال تدريسه الوحيد لأنه لم يحصل على الدرجة الجامعية الأولى في اللغة الألمانية ، وقد فعلت هذا مع عدد آخر من زملائه النوابغ .

تدرج الدكتور عبد الغفار مكاوي في وظائف هيئة التدريس في قسم الفلسفة فنال درجة أستاذ مساعد 1973 وأعير لجامعة صنعاء في اليمن (1978 ـ 1982) ثم لجامعة الكويت (1985 ـ 1995) وفي تلك الفترة نشر كثيرا من الأعمال التي اكتملت فصولها بين يديه. نشر الدكتور عبد الغفار مكاوي مقالاته ودراساته بانتظام في مجلات الثقافة والأدب والأديب والآداب. وكان من أعمدة ثلاث مجلات متعاقبة: المجلة مع يحيى حقي، والفكر المعاصر مع الدكتور فؤاد زكريا والقاهرة مع زميله عبد الرحمن فهمي. كان الدكتور عبد الغفار مكاوي ثاني أستاذ من أساتذة الفلسفة الجامعيين يحصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب بعد الدكتور زكي نجيب محمود (1975) كما كان خامس من حصلوا على تلك الجائزة من بين خريجي الفلسفة في كلية الآداب بعد الأساتذة نجيب محفوظ (1968) وأنيس منصور (1981) ومحود أمين العالم (1998) ويوسف الشاروني (2000).

أهم دراساته الأدبية:
ثورة الشعر الحديث من بودلير إلى العصر الحاضر، وقد نشر لأول مرة 1970 ثم طبع طبعات عديدة بعد هذا باسم ثورة الشعر الحديث، في أعوام 1972، 1974، 1998.
المسرح التعبيري، 1984
سافو شاعرة الحب والجمال عند اليونان 1966
شعر وفكر 1997
عصور الأدب الألماني 2002

شمل نشاطه في ميدان الترجمة
ترجمة مقالات عن توفيق الحكيم.
ترجمة أشعار إليوت وبوشنر وبرشت وجوته وكثير من الشعراء الأوروبيين المعاصرين.
مراجعة كثير من الترجمات الشعرية والمسرحية عن الأدب الألماني.


مجموعاته القصصية:
ابن السلطان، ضمن سلسلة اقرأ.
الست الطاهرة.
الحصان الأخضر يموت على شوارع الإسفلت، 1981م.

المسرحيات من ذات الفصل الواحد:
من قتل الطفل، القاهرة، عام 1984.
زائر من الجنة، القاهرة، عام 1985.
دموع أوديب، القاهرة، عام 1987.
القيصر الأصفر ومسرحيات أخرى شرقية، القاهرة، عام 1989.
هو الذي طغى، القاهرة، عام 1992.
بشر الحافي يخرج من الجحيم.
محاكمة جلجاميش.
الكلاب تنبح القمر.

في الفلسفة
مدرسة الحكمة، القاهرة، عام 1967.
المنقذ، القاهرة، عام 1987.
الحكماء السبعة، القاهرة، عام 1990.
النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت، الكويت، عام 1994.
مارتن هايدجر، نظرية أفلاطون عن الحقيقة، ماهية الحقيقة أليثيا (ثلاثة نصوص من كتاب الذكر: نداء الحقيقة، القاهرة، أعوام 1997، 1998، 2002).
قصيدة وصورة، سلسلة عالم المعرفة، الكويت،
جذور الاستبداد، سلسلة عالم المعرفة، الكويت،

 

 

 

 

 

 

 

 

تم النشر نقلا عن موقع مدونات الجزيرة

لقراءة المقال من مدونات الجزيرة إضغط هنا

للعودة إلى بداية المقال إضغط هنا

شارك هذا المحتوى مع أصدقائك عبر :
x

‎قد يُعجبك أيضاً

حماس على طريق النصر

لما ظهرت حركة حماس إلى الوجود دارت مناقشات متعددة حول جدواها ومستقبلها، ...

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com